اخر الاخبار

يثير التدهور في واقع الأهوار في السنوات الاخيرة، والمستمر عمليا حتى الآن، ومعه التطورات في عموم الوضع المائي في البلاد، وارتباط ذلك بالتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن تضاؤل كميات المياه المتدفقة من الجارتين تركيا وايران.. يثير الكثير من القلق والخشية مما قد تواجهه البلاد مستقبلا من شحة في الماء، ومن يباس بالتالي، واتساع لمساحة الاراضي الصحراوية.

«طريق الشعب» زارت المهندس الاستشاري والناشط البيئي المعروف جاسم الاسدي في مقره بالجبايش، وطرحت عليه بعض الاسئلة في خصوص بعض جوانب هذه القضية. وقد تجاوب الاستاذ الاسدي مشكورا مع طلبنا، وفي أدناه ننشر حصيلة اللقاء معه.

س: حاضر الأهوار ومستقبلها في محافظاتنا المختلفة، في ظل انخفاض الاطلاقات المائية من تركيا وايران، وتضاؤل حصيلة الأمطار سنة بعد أخرى (وإن كان الوضع افضل نسبيا هذه السنة)، وتزايد سخونة الأجواء صيفا، وما ينجم عن هذا مجتمعا من زحف متواصل للجفاف والتصحر في البلاد عموما..

ما العمل في مواجهة هذا الحال؟ هل يمكن وقف التطورات الخطرة المذكورة او الحد منها؟ وأية إجراءات يمكن ويتوجب اتخاذها لتحقيق ذلك؟ وهل من أمل في رؤية المياه تعود يوما تتدفق على عالم اهوارنا وتنقذها من الذبول والجفاف؟

ج: النظام الهيدرولوجي للأهوار العراقية جزء من النظام الهيدرولوجي العراقي الذي يعتمد بصورة رئيسية على الإيرادات المائية التي تتدفق اليه من خارج الحدود، عبر أنهار وروافد الفرات، دجلة، الزاب الأعلى، الزاب الاسفل، ديالى، الكرخة، الكارون الخ. 

وتعتبر شحة المياه من القضايا الأساسية التي نواجهها يومياً عبر ميادين اقتصادية واجتماعية وبيئية مختلفة، كما تشكل جزءاً مهماً من نسيج الأمن الوطني العراقي. والتحديات التي نواجهها في هذا الجانب ليست وليدة اليوم، وإنما ابتدأت منذ عقود طويلة حين وضعت الجارتان تركيا وإيران خططا طويلة الأمد للسدود ولحجز المياه وتغيير اتجاهاتها (مشروع الغاب، تغيير اتجاه نهر الكارون، السدة الحدودية في هورالحويزة، إغلاق نهر الكرخة...الخ). وتبيّن قراءة تحليلية لموارد الرافدين هذا الانحدار المستمر في كميات المياه منذ عام 1930 حتى اليوم.

فالنسبة لنهر الفرات انخفض معدل التصريف من 30.26 مليار م3 في فترة 1933-1972 الى 23.59 م3 في 1973-1989 والى 16.90 م3 في 1990- 2014. أما بالنسبة لنهر دجلة فقد انخفض معدل التصريف من  49.20 مليار م3 في فترة 1933-1972الى 32.60 م3 في 1990-2014.

ولذا «يشكّل نقص المياه أحد أكبر التحدّيات التي يواجهها العراق. وقد أصبحت هذه المشكلة أكبر بعد تفاقمها في السنوات الماضية بسبب التغيّر المناخي والجفاف، مما أدّى إلى انخفاض مخزون المياه وقدرات الري. ويؤدّي هذا النقص اليوم إلى أراض أكثر جفافاُ بمعدّلات ملوحة عالية بالإضافة إلى تآكل التربة، وبالتالي الى اتساع رقعة التصحّر مما يخلّف آثاراً كارثية على المحصول الزراعي» كما ورد في تقرير «الإدارة المتكاملة لمخاطر الجفاف – إطار عام للعراق» الذي أعده مكتب يونسكو العراق عام 2010 ضمن مشروع «إدارة مخاطر الجفاف» في البلاد. وهو برنامج مشترك  لوكالات الأمم المتحدة، بتمويل من «صندوق إطار عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية في العراق».

وعليه يمكن وصف طبيعة النظام المائي في العراق كما يلي: 

  • العراق دولة مصب و70 في المائة من مياه الرافدين تأتي من خارج الحدود.
  • رغم أن العراق طوّر شبكة سيطرة ومنشآت هيدروليكية محكمة (اكثر من 100 منشأة كبيرة) ألا إنه بحاجة الى تحديث شبكات السيطرة والتحكم.
  • الوضع المائي في العراق تغيّر منذ السبعينيات دون ان تتغير خطط ادارته واستخداماته.
  • النظام المائي هش حاليا، ولذلك فالعراق مهدد سياديا ومائيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا.
  • انحدار منحنى وفرة المياه وارتفاع منحنى الطلب على المياه منذ كانون الثاني 2015.
  • تعرض المياه للتبخر العالي نتيجة سعة المساحات السطحية للبحيرات وشبكات التوزيع.

وتشير آخر توقعات المختصين الى احتمال وصول الايرادات المائية على المدى الطويل الى عتبة (9) مليارم3/ سنة في نهر دجلة و (7) مليارم3 / سنة في نهر الفرات، ما لم نخرج باتفاقيات ثنائية مع دول المنبع. وتلك كارثة كبرى تتطلب الوقفة الجادة والمراجعة والتحرك الفاعل على كافة الأصعدة، لمعالجة الموقف.

لقد كانت اهوار الجنوب وليدة لوفرة المياه عبر تاريخنا الطويل، قبل ان تصبح السدود حاجزاً امام جريان المياه الطبيعي، وتشكل عاملاً مهماً للسياسات الجيوسياسية لدول الجوار ذات المياه.

وفي ظل هذا الوضع صارت الأهوار تعاني من جفاف حاد وغير مسبوق، ابتدأ عام 2021 وساهمت فيه قلة الإطلاقات المائية العابرة للحدود، والتغير المناخي مع ارتفاع درجات الحرارة، وسوء ادارة الموارد المائية، والتجاوزات الحاصلة على عمودي الرافدين. كما ان ثقافة تجفيف الاهوار ما زالت تعشعش في رؤوس بعض العاملين في مؤسسات الدولة وعلى وجه الخصوص في وزارة الموارد المائية، رغم التوجه الرسمي المعلن لدعم الأهوار. ويعلل ذلك بالادعاء ان الأهوار ليست إلا منخفضات لدرء الفيضان، كما جاء في إستراتيجية المياه المعتمدة منذ عام 1963 والتي جاءت مكانها إستراتيجية «سورلي» (إستراتيجية الاراضي والمياه في العراق) التي أقرت في نهاية عام 2014.

ولا يزال وضع الأهوار صعباً رغم تدفق السيول المائية من الحدود الشرقية، وزيادة إطلاقات سدة سامراء الى اكثر من 1500 م  مكعب/ ثانية، وارتفاع منسوب الفرات عند مدينة الجبايش الى 95 سم عن مستوى سطح البحر، بعد ان كان وصل الى 28 سم في 12/12/2023. حيث جفت مساحات كبيرة من الاهوار وفقدنا التنوع الاحيائي الهائل، الذي أضيفت الأهوار بفضله الى لائحة التراث العالمي، واضطرت اعداد كبيرة من مربي الجاموس الى الهجرة نحو مراكز المدن، او في اتجاه الأراضي الزراعية في وسط البلاد.

ولأن الزراعة تستهلك 75 - 85 في المائة من مجمل مياهنا، وهذا رقم خيالي في ظل محدودية الإنتاج وتملح التربة الناجم عن استخدام نظم الري التقليدية (الري سيحاً) أو الأفراط في استخدام الضخ، فسيبقى مصير الأهوار يتعكز على طبيعة التقلبات المناخية ووفرة الإيرادات المائية.

ولتجاوز ذلك لا بد من تغيير استراتيجية الزراعة، والاعتماد على البصمة المائية أي الانتقال من المحاصيل التي تتطلب مياهاً كثيرة الى التي لا تستهلك مياها كثيرة، او اعادة توزيعها وتقليص مساحتها. كما ينبغي التحول الى أنظمة الري الحديثة، واعادة النظر في منظومة الري وفي خطة الخزن، والاهتمام البالغ بحصاد المياه.

 وبشكل عام وللمحافظة على الأهوار وديمومتها فان من المهم أجراء الاتي:

أولاً: توفير الحد الأدنى من المياه لاستمرار الأنشطة الإيكولوجية في الأهوار.

ثانياً: الالتزام الصارم للمحافظات بحصصها المائية.

ثالثاً: رفع التجاوزات على الحصص المائية في عمود النهرين وتفرعاتهما.

رابعاً: وضع سيناريوهات هيدرولوجية للسنوات المائية الرطبة والمعتدلة والجافة في الأهوار، لتوعية الجميع بالمتغيرات المستقبلية مع وضع خطة تشغيلية تفصيلية للنواظم الذيلية في كرمة بني سعيد، كذلك الحال بالنسبة لنواظم البتيرة والمشرح والكحلاء.

خامساً: إعادة النظر في التوزيعات المائية بما يتناسب مع وضع الأهوار البيئي والاقتصادي، بعد ان لم تعد الأهوار سوى منخفض لدرء الفيضان حسبما ترى وتعمل وزارة الموارد المائية منذ مطلع الثمانينات.

سادساً: إدارة الأهوار والمواقع المختلفة (ممتلك التراث، رامسار، المتنزه الوطني) بشكل سليم وبما تمليه خطط إدارتها بشكل تشاركي، ورفدها بلجنة استشارية أهوارية تضم المعنيين بالموضوع من مناطق الأهوار وبعض الأكاديميين.

سابعاً: إعادة النظر في جغرافية الأهوار النوعية (أهوار مياه عذبة وأهوار مياه مالحة) تبعاً للخصائص البيئية والمجتمعية التي رافقتها خلال سنوات العشر الماضية. كذلك تحليل بيانات الأغمار وإعادة وضع هدف قابل للتحقق لأهوار مستدامة.

ثامناً: معالجة مياه المجاري التي تصب في مناطق الأهوار بشكل مباشر، وإلزام وزارة البلديات والأشغال العامة بتطبيق المعايير البيئية.

تاسعاً: تكثيف الجهود للحفاظ على التنوع الأحيائي والثروة الحيوانية والسمكية والطيور والكائنات المائية النادرة المهددة بالانقراض، والتي تعتبر مناطق الأهوار العراقية موئلها وموطنها الأكثر أهمية، مع إيلاء فصيلة الجاموس اهتماما استثنائيا كونها مصدر عيش رئيسي لقطاعات واسعة من سكان الأهوار.

عاشراً: دعم منظمات المجتمع المدني المعنية وإشراكها في خطة الإدارة، وتحديث هذه الخطة بموضوعية بعيدا عن المزاجية والشخصانية.

حادي عشر: الإسراع في إعداد وتقديم قانون المياه الى الجهات التشريعية نظرا لأهمية الأمر، على ان يكرس فيه للأهوار وأهميتها حيز مناسب.

ثاني عشر: دراسة الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي لإنشاء سدة على نهر شط العرب.

ثالث عشر: التكيف مع الجفاف من خلال كري وتوسيع القنوات المائية، التي تربط القرى ذات السكان المعتمدين على اقتصاديات المياه (تربية الجاموس، حصاد القصب والحشائش) بالأهوار.

رابع عشر: اعادة النظر في لجنة (لجان) التفاوض مع تركيا وإيران بشأن المياه، ورفدها بخبراء في القانون الدولي للمياه ومتخصصين في التوزيعات المائية والبيئة، ومنحها صلاحيات واسعة وديمومة لعملها.

خامس عشر: تحديث إستراتيجية الأراضي والمياه في العراق (سورلي) المعتمدة حتى الآن.

سادس عشر: إعادة النظر في النظام الهيدرولوجي للأهوار وإقامة المنشآت الضرورية لذلك

س: التغيّر المناخي على مستوى العالم، وما ينجم عنه من احترار متصاعد، لنا منه نحن في العراق نصيب كبير، يضعنا في الطليعة بين ضحاياه.

مرة أخرى: ماذا علينا ان نفعل؟ ما التدابير التي يمكننا في رأيك الإقدام عليها لمواجهة هذا الحال؟ وفي أي المجالات؟ أم انه قَدَرٌ لا نستطيع شيئا في مواجهته؟

ج: لم يكن التغير المناخي ليحدث لولا الاستخدام المفرط للثروات الأحفورية من فحم وبترول ومعها الغازات الدفيئة ودورة الإنتاج الضخمة على مدى عقود طويلة منذ القرن التاسع عشر. فهي جميعا وغيرها أضرّت بالطبيعة والنظم البيئية، وتعدت ذلك إلى الأضرار بالمناخ والمحيطات ودورات تكون المياه.

ولأن البيئة لا حدود لها فمن الطبيعي ان نكون نحن أيضا ضحية لهذا الضرر. لكن ليس صحيحاً ان العراق هو خامس دولة في العالم في هشاشته إزاء التغير المناخي، وتأثير هذا التغير على الوضع المائي وكونه العامل الحاسم الذي أدى الى شحة المياه عندنا وجفاف الأهوار. من المؤكد اننا لا نستطيع التغاضي عن تأثير التغير المناخي، لكن السياسات المائية لدول الجوار: تركيا وإيران، هي المؤثرة الرئيسية على الوضع المائي العراقي، ناهيك عن سوء إدارة الزراعة والري في البلاد.

ومع ذلك فنحن لسنا منعزلين عن العالم في التصدي لظاهرة التغير المناخي، بالرغم من أن اقتصادنا يعتمد على النفط استخراجاً وتصديراً، فهو يلعب الدور الرئيس في الدخل الوطني المالي. وكما يقول الاقتصاديون ان اقتصادنا ريعي. فما العمل؟

ان التغير المناخي وما يصاحبه من أضرار بيئية جسيمة واستنزاف للثروات الطبيعية بما فيها المياه، ينبغي أن يكون عاملاً أساسياً ومفتاحاً لاستثمار الفرص، على صعيد تغيير المضامين في خطط إدارة الزراعة والري، بما يضمن التحول إلى ما يراعي مقتضيات البصمة الزراعية المناسبة من جهة، وأنظمة الري الحديثة من جهة أخرى، وتأمين التكيف المجتمعي مع الجفاف وندرة المياه، بما يضمن مجابهة انعكاساتها على الصعيدين الاقتصادي والأمني.

كما يتوجب علينا تحويل التحديات إلى فرص جديدة تفيدنا في تجاوز مخاطر التغير المناخي، من خلال الطاقة البديلة المتجددة والإدارة المتكاملة للمياه، بما فيها حصاد المياه وبناء شراكات وطنية وإقليمية وعالمية لمجابهة التغير المناخي ودرء مخاطر الصراعات، واتباع الحماية والتمكين. الحماية المتمثلة في إنشاء القواعد والمؤسسات والسياسات للتدخل بشكل مناسب حيثما تدعو الحاجة والتمكين الذي هو عنصر أساسي للأمن البشري، خاصة في إجراءات تغير المناخ. فأكثر السكان تضرراً هم الأكثر عرضة للخطر، وهم بالتأكيد بحاجة إلى تمكينهم من مواجهة الخطر.

إنّ سكان الأهوار الذين هم في غالبيتهم جزء من شرائح المجتمعات الضعيفة، بحاجة إلى أن تُسمع أصواتهم وتُتفهم ظروفهم وتُحترم حقوقهم وأمنهم، سيما ان لديهم معرفة دقيقة وصحيحة ببيئتهم، وقد أثبتت الظروف التي يعيشون في ظلها وأساليبهم التقليدية في بعض الأحيان أنها أبسط، ولكنها أكثر فعالية من الأساليب التكنولوجية الجديدة.

كما ينبغي تعزيز الوشائج بين الجماعات والمجتمعات المحلية المختلفة، والتركيز على الثقافة والتماسك الاجتماعي، ورفع الوعي لمواجهة التحديات البيئية. وان على صاحب القرار ان يعي وضع التغير المناخي وصنع وصون السلام، على أن يلعب ممثلو المجتمعات المحلية الهشة دورا في تشخيص المخاطر واقتراح الحلول وإدارة التنفيذ.

البعض يرى أن «سياسات المناخ ستضر بخطط العراق الاستراتيجية، خصوصاً بعد أن نجح في جولات التراخيص النفطية والعودة إلى سوق الطاقة النفطية، واحتل فيها موقع ثالث أكبر مصدر للنفط، يسد أكثر من 8 في المائة من حجم الطلب العالمي على النفط. وبالنتيجة فإن فرض ضرائب الكربون سيؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي النامي، وبخططه المستقبلية للاستفادة من فرص النمو العالمية. كما أن هذه السياسات ستحد من حجم الطلب على النفط في الأسواق الناشئة والنامية، مثل الأسواق الآسيوية. وحينها ستكون تلك الأدوات سياسية تحد من النمو العالمي».

لكنني اعتقد ان من مصلحة العراق استثمار الفرص الماثلة، والاستفادة من أساليب وتقنيات الطاقة المتجددة خاصة الشمسية، والاستفادة ايضا من صندوق التعويضات، ونظرا لما لديه من أهوار فان بإمكانه تنميتها بيئياً كمعادل للأوكسجين الطري.

س: مياهنا الجوفية.. هل نستطيع التعويل عليها في درء شبح الجفاف والعطش، الذي يلوح في الآفاق ارتباطا بالتغير المناخي؟ والى ايّ مدى؟ وهل نتعامل اليوم بنحو سليم وصحيح مع المخزونات المائية في بواطن ارضنا العراقية؟

ج: تشكل المياه الجوفية في العراق حوالي 8 في المائة من مجمل الموارد المائية الوطنية، وهي تعتمد على الساقط المطري وتتأثر كثيرا بمواسم الجفاف. ويقدر الخبراء كمية المياه الجوفية المتجددة عندنا بخمسة مليارات متر مكعب، وقد تم التجاوز عليها بشكل غير قانوني وغير منظم وغير مدروس، واستنزفت في كل من مناطق كردستان العراق وبادية السماوة وبادية الأنبار للاستخدام الزراعي، وانخفض منسوبها في بادية السماوة بحوالي 18 مترا، ما أثر قبل سنتين على بحيرة ساوه. ذلك ان هناك اكثر من ثلاثة الاف بئر غير قانوني، ضمن نصف قطر 10 كيلومترات  من البحيرة.

كما ان التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار التي تغذي المياه الجوفية قد اثر كثيرا في تنميتها. ومع ذلك تشكل مياهنا الجوفية عنصراً مهماً للطوارئ والزراعة المستدامة، والتي لا تحتاج الى بصمة مائية كبيرة في ظل مصدات الرياح والأسيجة الخضراء، سيما وان وزارة الموارد المائية وفي ظل شحة المياه للموسم الشتوي الحالي، حددت مساحات زراعية لا بأس بها لتسقى اعتمادا على المياه الجوفية.

ولضمان ديمومة المياه الجوفية نحتاج الى إنشاء سدود تحت سطحية، ووضع ضوابط صارمة لحفر الآبار، واستخدام منظومات الري الحديثة اعتماداً على المياه الجوفية للحيلولة دون إجهادها. كما ان علينا الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية في استخدام المياه الجوفية، حيث توصلت إلى خطأ الاعتماد عليها والتفريط فيها لإنتاج الحبوب.

وفي كل الاحوال لا يمكن للمياه الجوفية ان تكون بديلاً عن المياه السطحية، لكنها يمكن ان تسد حاجات محددة للاستخدام الزراعي ومياه الشرب وبشكل عقلاني.