اخر الاخبار

الحديث عن تردي الواقع الصحي في العراق تتداوله مختلف شرائح المجتمع، بعد أن أصبح الحصول على الخدمة الصحية عبئاً اقتصاديا على الأسر نظرا لكلفتها العالية. وبالمقابل من ذلك، يشكو المواطن من رداءة هذه الخدمة وضعف جودتها إذا ما قورنت بما يقدم في دول الجوار.

الحصول على الرعاية الصحية الاساسية حق دستوري لكل مواطن، يفترض أن يُقدم له مجانا. وبهذا تكون الحكومة ملزمة بتقديم هذه الخدمة للمواطنين، وبجودة مقبولة، في مراكز الرعاية الصحية الاولية في مختلف مناطق البلاد.

ومن اجل ضمان ايفاء الدولة بالتزاماتها تجاه مواطنيها في هذا الشأن، يجب ان يكون عدد المراكز الصحية التي تقدم الرعاية الصحية الاساسية يوازي عدد السكان. كما يجب ان يتم توزيع تلك المراكز بالشكل الذي يضمن وصول الخدمة الصحية للمواطنين كافة، بصورة عادلة.

وتمثل مراكز الرعاية الصحية الاولية حجر الأساس في الانظمة الصحية في مختلف دول العالم. وعلى الدول أن تركز اهتمامها في تمكين هذه المراكز من تقديم خدمة صحية عالية الجودة، مع توفير ملاكات طبية وصحية كافية، يتم تدريبها لضمان قدرتها على تقديم الخدمات الجيدة.

أنواع الخدمات الصحية في العراق

هناك نوعان من الخدمات الصحية التي تقدم للمواطنين عبر المراكز الصحية الرئيسة في العراق، هي: الخدمات الصحية العلاجية والخدمات الصحية الوقائية. وتتضمن الأولى تقديم خدمات الفحص الطبي الأساسي، واجراء الفحوصات الطبية والمختبرية الأساسية، ومعالجة الحالات المرضية البسيطة. فيما تتم احالة الحالات المرضية المعقدة الى المستوى الثاني من المؤسسات الخدمية الصحية، والمتمثل في المستشفيات، للتعامل معها.

اما الخدمات الوقائية، فهي عبارة عن مجموعة برامج وقائية يتكفل المركز الصحي الرئيس بتنفيذها ضمن الرقعة الجغرافية التي يغطيها. ومن تلك البرامج برنامج الكشف عن الامراض الانتقالية كـ “الملاريا”، وبرامج الامومة والطفل والبرنامج التلقيحي وبرنامج الصحة الانجابية والصحة المدرسية، إلى جانب برامج الوقاية من الأمراض غير الانتقالية، كضغط الدم والسكري وغيرها.

ان اثقال كاهل مراكزنا الصحية الرئيسة بهذا الكم الكبير من البرامج، يجعلها غير قادرة على الحفاظ على جودة خدماتها المقدمة للمواطنين، ما لم تكن مجهزة بكوادر طبية وصحية كافية، مدربة بشكل جيد للتعامل مع المهام المناطة بها، إضافة إلى تجهيز هذه المراكز بوسائل الفحص الطبي والمختبري.

الفجوة بين ما موجود وما يجب ان يكون

بالرجوع الى الضوابط الصادرة عن وزارة الصحة، فإنها تذكر انه يفتتح مركز صحي رئيس لكل 100.000 من السكان. وبحساب عدد سكان العراق كحد ادنى 40 مليون نسمة، يتوجب أن يكون لدينا 4000 مركز صحي رئيس موزعة على المحافظات وحسب الكثافة السكانية، بينما نجد ان دليل المؤسسات الصحية الصادر عن وزارة الصحة عام 2021، يذكر أن مجموع المراكز الصحية الكلي في العراق هو 1044 مركزا صحيا رئيسا، اي ربع العدد المطلوب لتمكين كل المواطنين من الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.

كما ان الفجوة ليست فقط في النقص الكبير في عدد المراكز الصحية، إنما تتمثل ايضاً في النقص الحاد في عدد الكوادر الطبية التي تقدم الخدمة في هذه المراكز. إذ يعاني معظم المراكز نقصا حادا في عدد الأطباء (وجود طبيب واحد)، بينما ما مطلوب هو تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين في الرقعة الجغرافية التي يغطيها المركز الصحي، اضافة الى عدد كبير من البرامج الوقائية المدرجة ضمن واجبات المراكز الصحية الرئيسة.

كما لوحظ أن عدداً كبيراً من المراكز الصحية في بعض المحافظات، لا يحتوي على كوادر طبية، إنما يدار بكوادر صحية. وهذا يعكس حجم الفجوة بين ما يفترض ان تكون عليه مراكزنا الصحية، وما هو موجود على ارض الواقع، وما يترتب على ذلك من خلل كبير في كم ونوع الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

عرض مقالات: