اخر الاخبار

حين يرتقي مستوى الرمز الى دلالة الحياة بكل مسمياته  التي تحدد انتماء الإنسان الى كل تفاصل  رموزها ، صبح هذا الرمز شامل لكل الرموز وفق دلالتها التي تعطي قيمة الحياة بكل تفاصيلها، يصبح النص الشعري، ذو بعد تكويني  في البعد الأشارى  الى كل  المسميات التي تلامس حس الشاعر من  الداخل  ضمن  مساحات الوعي لأنها تشتغل على ثيمة الحب وضمن  الزمن الغائب  ومناجاة هذه الحبيبة  بكل معناها في الحياة  وتصبح  هذه الحبيبة هي المتمثلة  بمنهجية  الشاعر  نحو  انعكاس  همومه  الكاملة وفق  مسمياتها  الحياتية ،  وقد تكون هذه  الحبيبة هي الحياة  التي تأخذ مساحات واسعة في مناشدة غيابها  فمرة  يحتفي بها  كعنصر  الإيجابي  حين تطاوعه الحياة وتنفرج همومه ، ومرة يراه هي السبب أزمته الداخلية  ومعاناته في الحياة  من   خلال صدها وابتعادها عنه. وقد أستطاع  الشاعر  عبد السادة العلي بمجموعته  (الأعمال  الكاملة ) للشعر الشعبي ،  أن يبني جملته الشعرية  من خلال البعد التكويني  الذي حقق  له المساحة الكاملة  التأويلية ، والتي أعطته القدرة على  تحقيق  التوازن  الدلالي  من خلال الاستعارة و الانزياح من أجل تحريك المعنى الكامن  لهذه الدوال ,لكي تكتسب فيها الكلمات قوتها الشعرية من قوتها الموسيقية والإيحائية المعنوية  كما أن هذه النصوص المجموعة الكاملة  تقترب كثيرا من داخل النسيج اللغوي الشعبي الواحد من أجل إظهار  الصور الشعرية  ،وفق تراكمات في امتداد العاطفة ولحظتها في تحقيق انفعالها الذاتي بقدرة مخيلة الشاعر في البحث عن الخصوبة والنضج في النص وفق أنساق جميلة ودالة تخضع لكل ذائقة ، ولكل شاعر من  أجل الوصول بالصورة من خلال القبض على الكلمات التي تنضج هذه الصورة  الملتصقة  بالواقع ورموزه ، لأن الصورة تنضج حسب طريقة  مسك الكلمات  وإخراجها من اللاوعي وحلم الشاعر كما قال إي .س.دالاس ( أن أنتاج الصورة الشعرية يرجع بشكل عام إلى عمل العقل في عتمة اللاوعي) ، كما نجد أن هذه نصوص المجموعة الكاملة للشعر الشعبي ، تحتوي على  لغة شعرية تحتضن بقدرتها على التكثيف المفردة والاقتراب من الترميز للمعنى وليس الوصول أليه مباشرة أو الإلحاح على توصيله بل من خلال التماهي بالمعنى الشعبي ، إذ أن غالبية النصوص  تفرز شكل الكلمات بقدر اقترابها من المعنى الداخلي ، وفق سياق المنولوج الداخلي وحسب الرموز  الشعبية ،وهذا ما يجعلها أن تمسك برشاقة الدوال الجوهرية, و حديث الروح العاشقة الممتزجة بتناسق بين المفردات الخيالية والاستعارية والموسيقية والصورية  بشكل جميل وصولا إلى تحقيقي الانزياح في الاقتراب أكثر من الدوال التي تجعل النصوص مفتوحة على تصعيد الوتيرة العاطفية والاقتراب من مكاشفة الشعرية لذائقة الشاعر ، لأنه يبحث عن النموذج  أينما يراه لكي يتم بناء أحساسة الفني بشكل شعري من أجل أقناعنا بحقيقته الشعرية لأن الشاعر وجد ليشهد مبدأ الحب باعتباره الحيز الذي يمتد من خلاله إلى كل شيء،ما يجعل  الرموز  الشعبية طاقة  متماهية التي تنعكس  على حسه الشعوري وفق  هذه  الرموز ...

نص ( ابيات للطين ) ص 99

 (يل سافرت /بظنوني معضد، فرحة ايامي / مواويل وظل / وروحي /اعله ريحة زلفك الراوي عشك/ شوكت الشلب ،من يمحل عكيده روحي/  انته عجية اويه العطش /تشتهك كصيل او سنبل / وك روحي وردة رازقي / اتزت لونها اباول صبح /وانته سعف / كل خطوه بيك اتهلهل /للملكة / حسبتك نهر /وعمري أعله جرفك /شبت أسنينه عشب /وتدري العشب ، جيسة عطش ما يحمل /وظنيتها / بربحك تظل /روحي أعله نجماتك ،جنح / وتعرف ..أبلا ريح الجنح / ما يصعد ولا ينزل/ وظنيتك بجرف العمر /شجرة صبح ، لو ندت الظلمة غفل )

أرتبط  الشعر الشعبي  بالصور الشعرية المقاربة  بشكل كبير الى توصيف الواقع  ضمن  حالاته ، بدلالة  الصورة  الموحية   بتفاصيل  المقاربة الى  هذا الواقع  بشكل يحقق  الملامسة الكلية  له ، حيث حقق  من خلال النظام المتواتر  للمعاني وحسب  الانزياح  ، ما جعله يحقق  الخصائص البنيوية في الأدب الشعبي  من خلال الأليات السردية في القصيدة   الشعرية الشعبية ، ضمن مجموعة  من  الوصلات الشعورية التوظيفية  في النص  الشعري ، وقد أستطاع  الشاعر  عبد السادة  أن يحقق  هذا  من بمنطق الشعوري التراكمي للمعاني الإيحائي في قصائده  الشعرية ، و أستطاع  أن  يعطي للصورة الشعرية  التي تعطي الانطباع  المتوحد  مع امتداد الرؤيا وفق الواقع  الرؤيوي  للقصيدة الشعرية الشعبية  ، واستطاع ان يخضع اللغة الشعبية المقاربة الى الوصف الإيحائي  التكويني  لهذه اللغة ، وضمن رموز  مشتقة من شعبية المفردة اللغوية  و برؤيا  رمزية تحدث التوصيف الفني في  الرؤيا  الشعورية ،  ففي نصه هذا يعطي التوصيف  الانطباعي  الصوري  الذي يخالج نفسه وفق إرهاصاتها  الواعية التي  تقترب  من  شعوره الداخلي المتماسك  بروح  النص الشعبي ، أي أنه أستمد  من الواقع  المتأثر  بكل  اللغة  النغمية ، حيث بنى نصه على المناشدة للذي سافر ، ما يجعله  أن يشرح قيمته عنده وما يمثله عنده  من جمال  الذي يراه فيه، وكم هو بنى أمال عليه  في حياته  و، تصور أن كل شيء يفترق عنه  إلا هو ، وهنا ربط ما بين نضوج  الشلب  ( الرز)  وما تعمل  في التراث الشعبي من عكيدة  وربطها  بتوصيف الروح ، وقد حدد الفرح  كسمات  الظن في  بحثه عن العشق  الحقيقي لأنه لا يمتلك  إلا روح تشسبه الورد  الرازقي ، أي ان روحه  صافية وتملك الجمال  مثل الورد ، والشاعر بني نصه هذا على الظنون تجاه الأخر الذي كان يتصوره كل حالات الوفاء وما يجعل يتدرج  بالمناشدة الإيحائية  التي تؤدي به الى الخيبة، لأنه لا يتغير  في داخله من انتماء إليه ، لأنه يمثل له مثل النهر  الذي يروي روحه ، ودخل الى التوصيفات المتماهية  لأنه الجرف لهذا النهر الذي لا يمكن أن يفترق عنه ، كما أعتبره مثل شجرة الصبح التي تبشر  بالنور والضوء عند الفجر  (بل سافرت /بظنوني معضد، فرحة ايامي / مواويل وظل / وروحي /اعله ريحة زلفك الراوي عشك/ شوكت الشلب ،من يمحل عكيده روحي/  انته عجية اويه العطش /تشتهك كصيل او سنبل / وك روحي وردة رازقي / اتزت لونها اباول صبح /وانته سعف / كل خطوه بيك اتهلهل /للملكة / حسبتك نهر ) ، وهذا ما يجعله متمسك  به لأنه مازال غير فاقد الظن ، ما يجعله أنه بعدها  يكون مثل العشب  الذي يبقى من دون  الماء ما يؤدي الى ذبوله  من العطش ، لهذا يستمر بالمناشدة  له ، لأنه يمثل الارتقاء  مثل  الجنح ، الذي يجعله يصل الى النجوم ،  لهذا  يحاول أن يخبره  أنه بعده  يبقى  ساكن لا يصعد ولا ينزل  أي تركد  حياته  ولا يشعر بها بعده و  يستمر بظنه  نحوه  ولا  يفقد الأمل به  ، بل يشعر به كأنه شجرة الصبح تضيء  عمره  به ، وسط الظلمة حتى لو جاءت  له بغفلة  (وعمري أعله جرفك /شبت أسنينه عشب /وتدري العشب ، جيسة عطش ما يحمل /وظنيتها / بربحك تظل /روحي أعله نجماتك ،جنح / وتعرف ..أبلا ريح الجنح / ما يصعد ولا ينزل/ وظنيتك بجرف العمر /شجرة صبح ، لو ندت الظلمة غفل ) وأستطاع الشاعر أن  يحافظ على توتره الشعوري وانفعاله وفق رموزه الشعبية  ، التي تعطيه الامتداد  المعنى وفق  مدلول  الأخر ، وقد بقى يظن به خيرا  رغم سفره وابتعاده عنه ، مع كل  هذا بقى يحفظ له  بالصور الجميلة  التي تعكس  صورته الجميلة في نفسه ،  ولا يفقد الظن به  لأنه رأى  فيه الجمال  الذي ينشده في الحياة .

نص ( الرسم  الأول) ص297

( مهر../ ازلوفه غابة ريح / مأخذ من لونه ...التصبيح / لو جرح ايشك كاع ادموعه /تسرج دمعاته أعله أرموشه /أوتتعلك  ما ترضه اتطيح / صافن وبغدران أظنونه / أيشوف الدنيه / أشلون أتسيح  / أومن يفز يسبك خطواته /أويسرجطيف الذكرى أو يكسر /أبشمرة حافر / ظهر الريح )

ما يميز  الشعر الشعبي  بصورة عامة  هو الأنزياحات على  مستوى  التوصيف  الخيالي  المتماهي   في تكوين الجملة الشعرية الشعبية  ، حيث نراه  يمازج بين الخيال  و الجنوح الى  مستويات عالية  في  التوصيف  الجمالي  الذي  يجعل  الخيال الشعوري  خارج  الحدث العادي،  والذي تكون فيه العلاقات  التي تربط الرؤيا وفق أحداث  الأنزياحات  ، لكي يعطي العلاقات الإنسانية توصيفات   لا يشترك بها مع الواقع  ،الذي يموضع  القدرة البشرية خارج  حدوث انزياح الواقع  من خلال العلاقات الاستبدادية  خارج مراعات  المستوى الدلالي   حيث يتحقق الحضور و الغياب  ضمن اطار الانزياح التركيبي ،حيث يستخدم الشاعر  اللغة الإيحائية ، وتكون في هذه  الحالة اللغة رمزيا وليس إشاريا  ، والتي تعطي الرؤيا الأسطورية في ترتيب  وموضعة  المفردة اللغوية  ، كحالة أسطورية   تجعل   من واقعية الواقع كحلم  غير مرتبط  بها ،  وفي ذهنية  تحاكي الخيال المنفلت  من كل  التصور  الصورة المنعكسة من الواقع ، حيث نجد  هنا الشاعر يعطي التوصيف  الخيالي  الى المهر  (ازلوفة غابة ريح ) أي خصلات  شعره  مثل الغابة  التي تتطاير أو تتمايل  مع الريح ، ويكمل  الشاعر  الوصف  الدلالي الخيالي   لرؤياه ،  ما يجعل كل هذا  الوصف الخيالي بنسق  الأسطوري  الى  حد يجعل من دموعة تحفر في الأرض  ويجعل من رموش  عينه التي لا يهزها أي  شيء بل  ثابته ( مهر../ ازلوفه غابة ريح / مأخذ من لونه ...التصبيح / لو جرح ايشك كاع ادموعه /تسرج دمعاته أعله أرموشه /أوتتعلك  ما ترضه اتطيح )ويستمر الشاعر  بهذا التوصيف   بتواتر  لكل ما يميز هذا الشخص ، وهنا أستخدم المذكر كحالة أشارييه الى  الأنثى  لكي يستطيع  أن يوغل في الوصف  الذي يبعده عن التردد  ولكي يستمر تواتر صوره  التي تكون ضمن  الصور الخيالية  التي يحدث انقلاب في المعنى  للعلاقة الجدلية ما بين الواقع والجنوح الى الخيال التوظيفي من أجل الوصول الى الدلالة ، التي يحقق من خلالها  البعد الرمزي غير خاضع للواقع الصوري  التأويلي  بل  توصيف خيالي  يرتقي الى  الترابط الأسطوري الذي  يقلب الموازين  الواقعة الى خيال يتحكم به  من خلال هاجسه  الحلمي   الذي يربط الحالة الشعورية  مع  مميزات  هذا الشخص أي أن الشاعر يستلهم   الواقع  لكي يحدث  تغير  فيه حسب الحلم ، الذي لا يتشابك مع الواقع  إلا كحالة  توصيفيه  وتخضع  للواقع  كمرجع تصوري  لكل ما  يريد أن يصل  إليه من خلال  نصه الشعري الشعبي ، فهو يجرده من صورته لكي يحدث انقلابه على أحداث الصور لهاجسه الحلمي الذي  لا يلتزم بالواقع  إلا من خلال الوجود الحضوري  للشخص الذي يوصف حالة الجمالية في نصه الشعري (صافن وبغدران أظنونه / أيشوف الدنيه / أشلون أتسيح  / أومن يفز يسبك خطواته /أويسرجطيف الذكرى أو يكسر /أبشمرة حافر / ظهر الريح )

والشاعر عبد السادة العلي أستطاع  أن يبني نصه  الشعري الشعبي وفق  توظيف الرمز  وحسب البنيوية  الجمالية ، أي  حول اللغة الشعبية وفق بناء  نصه الشعري الى لغة جمالية من خلال  بناء  المفردة اللغوية   وفق التحسس الجمالي لهذه المفردة  وحسب  انفعاله  بحسية الجمال ضمن التصور  الجمالي  الشعبي  وهذا ما مده بالكثير من الطاقة الشعورية  للرؤيا ، ومن دون أن تفقد قصيدته الشعور  التركيبي  من توارد  وتواتر التوصيف الجمالي   لهذا المفردة اللغوية ، فهو أستطاع أن يبني نص شعري  منسجم مع  نغمية اللغة الشعبية  وهذا ما  جنب  قصيدته التبعثر والتشتت   التكويني  للنص الشعري الشعبي.a

عرض مقالات: