اخر الاخبار

شهدت اجواء البلاد، خلال الأيام الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، تراجعت معها ساعات التجهيز الوطني من الطاقة الكهربائية، الامر الذي يضع وعود الحكومة ووزارة الكهرباء بزيادة الإنتاج خلال موسم الصيف الذي يداهم العراقيين مبكرا في دائرة التشكيك.

وبعد تجديد الإدارة الأمريكية الإعفاءات للعراق لشراء الغاز الإيراني، أعلنت وزارة الكهرباء، الأسبوع الماضي، توقيعها عقدا لتوريد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات.

وعام 2017، بدأت إيران تصدير الغاز إلى العراق، وفقا لعقد يلزمها بتوريد ما متوسطه 25 مليون متر مكعب يوميا. ومع ذلك، خفضت إيران صادرات الغاز إلى العراق بشكل متقطع خلال السنوات الأخيرة، وذلك استجابة للنقص الحاد لديها في الغاز في فصل الشتاء. وفي بعض الأحيان، توقف تدفق الغاز الإيراني بشكل كامل، مما أدى إلى أزمات كهرباء في العراق.

وقال وزير الكهرباء زياد علي فاضل، «نحتاج من 3 إلى 5 سنوات للتخلي عن استيراد الغاز الإيراني».

وأضاف أن إيران تطالبنا بتسديد 9 مليارات دولار كمستحقات استيراد الغاز.

ربط كهربائي مع دول الجوار

ويجري العراق مباحثات مع دول خليجية وعلى رأسها السعودية لاستيراد الكهرباء منها عبر ربط منظمتها مع منظومة الخليج، بعد أن كان يعتمد على إيران لوحدها خلال السنوات الماضية عبر استيراد 1200 ميغاواط وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات الطاقة الكهربائية المحلية.

كما وقّع العراق والأردن في 11 شباط الماضي في العاصمة عمان، وثيقة لتزويد الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية بقدرة 40 ميغاواط في المرحلة الأولى.

ويعتبر العراق من بين تسع دول مسؤولة عن غالبية عمليات حرق الغاز، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنتاج العالمي من النفط، وتفيد بيانات البنك الدولي أن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. وفي عام 2020، بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.

وتلبي طهران 40% من احتياجات العراق للكهرباء، بتكلفة 4 مليارات دولار سنويًا، ما يعني أن أي خلل يحدث في تلك الإمدادات يتسبب بنقص كبير في تجهيز الشبكة الوطنية.

ما هي المعوقات؟

عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، باسم الغريباوي، أشّر وجود خلل في عقود استثمار الغاز، محملا الحكومات المتعاقبة مسؤولية ذلك، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية تعمل على تصحيح الأخطاء لكن بخطوات «بطيئة».

وقال الغرباوي، في حديث صحافي، ان هناك توجها حكوميا نحو استثمار الغاز المصاحب في الحقول العراقية مثل عكاز والمنصورية، بالإضافة إلى إبرام عقود جديدة مع دول أخرى، لا سيما قطر وتركمانستان.

وحذر النائب من الاعتماد على مصدر واحد للاستيراد، لأن ذلك يسبب مشاكل وأزمات كثيرة لا سيما خلال فصل الصيف، لافتا إلى ان «المشكلة تكمن في أن عقود جولات التراخيص لم تتضمن نصا يقضي باستثمار الغاز المصاحب.

الكهرباء.. أزمة صيفية دائمة

وقال زميل الغرباوي في اللجنة البرلمانية النائب صباح صبحي، إن البلد ما زال بحاجة إلى خطوات اقوى، لأن البنية التحتية للكهرباء لا تكفي لسد حاجة نصف البلد لمدة 24 ساعة في اليوم، لذلك فإن الانقطاع خلال فصل الصيف سوف يبقى «لكنه سيكون بنسبة اقل».

وأضاف صبحي، ان «من أبرز مشاكل القطاع الكهربائي هي التجاوزات على الخطوط الرئيسة من بعض الجهات والمواطنين وكذلك المشاريع المتلكئة التي تحتاج إلى دفعات، وبدون شك هذه المشكلة تحتاج إلى تعديل ومصادقة على الجداول المخصصة لقطاع الكهرباء. فنحن نواجه مشكلة فنية متمثلة بالتلكؤ ومشكلة قانونية تشريعية، وتنفيذية في وزارة المالية متمثلة بإطلاق الأموال»، مردفا أن هناك ديوناً للغاز الإيراني تبلغ عشرة مليارات دولار لا تزال متراكمة إلى الآن.

دعوة لتنويع مصادر الاستيراد

من جانبها، دعت لجنة الطاقة والكهرباء النيابية، وزارة الكهرباء إلى تنويع مصادر استيراد الغاز لضمان تشغيل المحطات الكهربائية، مع اقتراب حلول فصل الصيف. 

وقال عضو اللجنة كامل عنيد لمراسل «طريق الشعب»، إنّ لجنته طالبت في وقت سابق وزارة الكهرباء بتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني، والعمل على تنويع مصادر استيراد الغاز، لتجنب أزمة انقطاع الكهرباء.

وأضاف بالقول، أن «العراق يعتمد على الغاز المستورد من إيران في تشغيل بعض محطات توليد الكهرباء، وفي حال توقفت تلك الإمدادات فإن ارتباكا كبيرا سيحصل في عملية التجهيز.

..وتنويع المنافذ

المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، قال ان «تهيئة البنية التحتية تتصدر أولويات عمل الوزارة في هذا الصدد»، موضحا ان «عملية نقل الغاز تحتاج لناقلات خاصة، والى مرافئ، وهو ما نعمل عليه حاليا، لاستقبال هكذا نوع من الناقلات التي تنقل الغاز المسيل، قبل ضخه عبر الأنابيب».

وأضاف في تصريح لـ»طريق الشعب»، ان «الحكومة والوزارات المعنية ماضية في هذا العمل لتعزيز المنافذ والمصادر التي تزود العراق بالغاز»، وفيما يخص الاعتماد على الغاز الإيراني قال ان «ايران تعتبر اقرب مصدر للغاز، وبالتالي تقوم بتغطية جزء من حاجة العراق، لكن في بعض الاحيان يتعذر على الجانب الإيراني الإيفاء بالتزاماته تجاه وزارة الكهرباء».

ونوه الى ان «الغاز الذي سنستورده عن طريق الدول يكلفنا من ناحية النقل وغيرها، على عكس الغاز الذي ينقل بواسطة الانابيب حيث يعتبر افضل وارخص وسيلة»، لافتا الى ان هناك مباحثات مستمرة مع دول اذربيجان وقطر وتركمانستان، والعمل جارٍ على تهيئة الموانئ.

يشار الى ان العراق أنشأ أول منصة لاستيراد الغاز المسيل في ميناء الفاو، لتنويع إمدادات الوقود ولتأمين احتياجات محطات الكهرباء، في ظل تراجع ضخ الغاز الإيراني من وقت لآخر؛ حيث ستكون المنصة هي الأولى من نوعها في القطاع الوطني للنفط والغاز والبنى التحتية المتعلقة به.

وكان وزير النفط، حيان عبدالغني، أعلن في 18 حزيران 2023، إطلاق جولة التراخيص السادسة في 11 رقعة استكشافية غازية واعدة.

وقال عبدالغني، إن وزارته حريصة على الاستثمار الأمثل للثروة الهيدروكربونية في العراق، انسجاماً مع البرنامج الحكومي، وتوجيهات رئيس الوزراء بزيادة الاحتياطيات من خلال التنقيب عن النفط والغاز، وإدامة وزيادة إنتاج النفط الخام والغاز الحر.

كما تأتي الخطوة ضمن حرص الوزارة على معالجة الغاز المصاحب للعمليات النفطية، وتحويله إلى ثروة وطاقة منتجة ومفيدة، لتغطية الاحتياجات المحلية، خاصة لمحطات توليد الكهرباء، وصناعة البتروكيمياويات والأسمدة وغيرها.

ويستعد العراق لزيادة إنتاجه من الهيدروكربونات، من خلال طرح جولة التراخيص السادسة للتنقيب عن النفط والغاز، إذ يستهدف تصدير إنتاجه إلى الأسواق العالمية، للنهوض باقتصاد الدولة، وتوفير فرص عمل لأبنائها.

وأضاف عبدالغني، أن وزارته أكملت استعداداتها للتهيؤ والإعداد لإطلاق جولة التراخيص السادسة، الخاصة بالرقع الاستكشافية الواعدة بالغاز، والتي يبلغ عددها 11 رقعة.

ودعا وزير النفط الشركات العالمية المتخصصة الراغبة في المشاركة بأنشطة التنقيب عن النفط والغاز والتطوير والإنتاج إلى التقديم في هذه الجولة، للتنافس والحصول على فرصة أو أكثر من فرص استكشاف وتطوير المشروعات المذكورة، من خلال التقدم بصورة رسمية للوزارة.

وكانت شركة سيمنز للطاقة في العراق، أعلنت مؤخرا، أنها تخوض مفاوضات مع وزارتي النفط والكهرباء لاستثمار الغاز المصاحب، فيما أعلنت عن توجهها لاستثمار الغاز المصاحب في جنوب العراق.

وقال المدير التنفيذي للشركة، مهند الصفار، إن «الشركة تعمل مع الحكومة العراقية على استثمار الغاز المصاحب، ليس فقط لأغراض البيئة وإنما لتقليل المصاريف الحكومية التي تقدر بمبالغ كبيرة، فضلاً عن أمان الطاقة، الذي هو جزء مهم من قطاع الطاقة داخل العراق».