اخر الاخبار

العراق بعد 21 عاماً من الاحتلال

بمناسبة الذكرى 21 للحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق، والتي اسقطت فيها نظام الدكتاتور صدام حسين، نشر العديد من الصحف والمواقع مقالات وتقارير تضمنت تحليلات تاريخية وسياسية للحدث وتجلياته الراهنة، حيث اعتبرتها أغلبية الآراء، حرباً غير مشروعة، قامت على تبريرات كاذبة، وأسفرت عن مجموعة من النتائج الجانبية الكارثية، كتدمير الدولة وإذكاء الاستقطاب الطائفي والعرقي، وحل الجيش ونهب الثروات والآثار وتحويل البلاد إلى ساحة للصراعات والتدخلات الإقليمية والدولية، فيما اعتبرتها بعض الآراء مسعى لنشر الديمقراطية وشبهتها آراء مقابلة بالغزو المغولي للعراق في 1258 م.

الهدف الحقيقي للحرب

ففي موقع (ريدديت) تساءل بيرناند تراميل عن الأهداف الحقيقية للولايات المتحدة من غزو العراق، والذي اعتبره ثاني أكبر عامل، بعد الحادي عشر من أيلول في تشكيل الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط والصراع على النفوذ بين روسيا والغرب فيه. وأضاف الكاتب بأنه قد يستطيع أن يتفهم أسباب قيام واشنطن، المجروحة من أحداث نيويورك، بغزو افغانستان كرد اعتبار لكرامتها التي مُرغت بالوحل، لكنه لا يستطيع أن يفهم كيف تجاهل صانع قرار غزو العراق، التداعيات التي يمكن أن تترتب على فعلته.

وخلص الكاتب إلى تعداد بعض تلك التداعيات كتدمير الدولة العراقية وصعود داعش واتساع التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة كما هو الحال مع إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتدخلاتها ليس في العراق فحسب، بل وايضاً في اليمن والسودان وسوريا وليبيا ومصر. ولم يعتبر الكاتب اهتمام واشنطن باحتياطيات النفط العراقي، سبباً وحيداً مقنعاً، بل لعل السبب الأهم برأيه، أعادة صياغة وجود الشرق الاوسط والعالم بأسره، في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة.

 

فشل مريع

ولصحيفة (وور أون روك) كتبت أيما ساليسبرغ مقالاً اشارت فيه إلى أن بعض ضباط وكالة المخابرات الأمريكية قد حذروا قادتهم من مغبة خطة لاجتثاث البعث، لأنها ستدفع بثلاثين إلى خمسين الفاً من البعثيين للعمل السري، رافضين مقارنة الخطة بما تم تنفيذه في المانيا عقب انتهاء الحرب الثانية، وما تحقق من نجاح هناك في تحطيم الحزب النازي، الذي تجمعه بحزب صدام حسين بعض السمات العامة.

وذكرت الكاتبة بأن سبب الفشل لم يكمن في وضع الخطة بدون دراسة مسبقة بل في تجاهل البيت الأبيض والبنتاغون لتوصيات تلك الدراسة وأهمها إن إقالة كل عضو في الحزب سيضر بعمل مؤسسات الدولة الجديدة، حيث لم تكن ثقة واشنطن بخبرائها الإقليميين كافية لجعل نصائحهم مسموعة. ويبدو حسب الكاتبة، إن عملية الاجتثاث كانت أحد أسباب الانقسامات العرقية والدينية والسياسية التي حصلت وهزت العراق.

 

هل كان القرار عفوياً؟

وذكرت الكاتبة بأن قرار التطهير الشامل على أساس الرتبة الحزبية وليس الأفعال الفردية، قد جرد المؤسسات العامة في العراق من بعض الموظفين ذوي الخبرة، حيث ساد الاعتقاد بأن النخبة الحزبية لا يمكن أن تصل إلى مرتبتها العالية دون أن تكون فاسدة أو ترتكب أعمالاً منافية لحقوق الإنسان. وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن الاجتثاث قد ابعد بعض ذوي الخبرة من الموظفين، ممن كانوا مجبرين على الانضمام للبعث للحفاظ على وظائفهم أو الحصول على ترقيات، الأمر الذي سبب فعليًا في اضعاف المؤسسات العامة. وينطبق الأمر ـ حسب ساليسبرغ ـ على حل الجيش والتخلص منه بالكامل، مما أهدر فرصة كبيرة للمساعدة في استعادة النظام وتسهيل عملية الانتقال إلى حكومة ما بعد صدام.

واختتمت الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة مضت قدماً في إعادة تشكيل العراق دون الاستفادة من الدروس المستقاة من قضية إزالة النازية، رغم انها كانت سعيدة باستخدام التاريخ لتبرير تبسيطي وتجميلي لسياساتها.