اخر الاخبار

تكتسب عملية إعادة الإعمار أهمية سياسية كبيرة في الظروف الراهنة، بسبب الحاجة الملحة لغذ السير في هذه العملية بهدف تصفية تركة الدمار والخراب اللذين خلفتهما نتائج الحروب الموروثة من الأنظمة السابقة والإهمال الذي وسم السياسات الاقتصادية بعد الاحتلال، وظل هذا الأمر موقوفا على التصريحات المجردة من الإرادة الحقيقية للحكومات التالية للاحتلال بهدف إنقاذ شعبنا من المعاناة والمصاعب التي يعيشها وانتشاله من براثن البطالة الواسعة والفقر الذي تعيشه العديد من المحافظات، ووضع العراق على سكة التطور.

إن هذه العملية تكتنفها الكثير من الإشكاليات والتناقضات يمكن إرجاعها إلى الأسباب التالية، أولها التناقضات من تعدد مراكز القرار، وثانيها ضعف وغياب التنسيق بين الوزارات العراقية، وثالثها تردد الجهات الدولية ولاسيما الأمم المتحدة  والبنك الدولي  والدول المانحة التي تعهدت بتقديم الدعم المالي والخبرات في خلال العديد من المؤتمرات التي عقدت لهذا الغرض في مدريد والكويت والعراق في التحرك السريع والمطلوب لوضع امكانياتها ومواردها المقررة قيد التنفيذ بصورة مباشرة داخل العراقي، ورابعها الترهل في تنفيذ الخطط الاستراتيجية الخمس التي وضعتها وزارة التخطيط  .

بعد عام 2003 أعلنت الحكومات المتعاقبة عن نشر خمسة خطط وبرامج تشمل الفترات 2005-2007 ،2007- 2010 ،2010 -2014 ،2013-2017 ،وآخرها خطة 2023- 2028، وبغض النظر عن فشل الخطط السابقة ومبرراتها فكان مقررا أن تشرع وزارة، وفقا للناطق الرسمي في الوزارة وقت ذاك،  لوضع خطة قصيرة المدى لمدة سنتين هما 2022-2023 تتكون محاورها من  دعم الاقتصاد بمختلف قطاعاته ودعم الاستثمار والقطاع الخاص، والمحور الاجتماعي يتعلق بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية، والمحور الثالث يختص بردم الفجوات التنموية في المحافظات. وليس معروفا عما انتجته تلك الخطة،  ومهما يكن من أمر هذه الخطة فإنها كانت معلقة على اعداد موازنة 2023--2025 بكل تعقيداتها شأنها   شأن الموازنات السابقة واللاحقة وطبيعة الصراعات المرافقة لعملية دراستها وإقرارها،  ومن أمثلة هذه التعقيدات  عجز الحكومة عن تقديم جداول موازنة 2025 ما يترتب عليها عدم القدرة على انجاز المشاريع المخططة  المرتبطة بالموازنة الرأسمالية مما ستضاف هذه المشاريع إلى المشاريع السابقة المتلكئة ويتراكم عديدها وينتج عنها  تراجع في عملية التنمية وخاصة المشاريع التي تدخل في  إطار عملية الإعمار بأبعاده الخدمية والاجتماعية.

 وارتباطا بما تقدم في أعلاه فإن المعطل من هذه المشاريع زاد على ستة آلاف مشروع ولحد الآن، وليس من المنطقي التعويل على الإيرادات النفطية في قادم السنين  لكون الطاقة المتجددة ستقلل في المستقبل المنظور من الاعتماد على المصادر الأحفورية،  فمن المهم هنا التفكير بالطريقة الأمثل لتوظيف الفوائض النقدية المتأتية من النفط في رسم سياسات اقتصادية جديدة تركز على قطاعات الانتاج الحقيقي بغية الاستدامة في عملية الإعمار  وفي المقدمة الصناعة التحويلية والقطاع الزراعي الذي يؤمن ليس فقط الأمن الغذائي للسكان الآخذ بالزيادة وإنما مصدرا ماليا مهما في تدعيم خزينة الدولة  .

 وبينما كانت الدراسات تنصب على مشروع الورقة البيضاء والذي استغرق سنوات عدة بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة الدول السبع G7)) وكان الهدف منه مراجعة وتقييم مستقبل الاقتصاد العراقي وإعادة التفكير بالاستدامة الاقتصادية والمالية فان المشاكل الاقتصادية والسياسية والازمة الصحية لعام 2019 قد كشفت عن هشاشة الاقتصاد العراقي والحاجة الماسة لإصلاحات قصيرة ومتوسطة المدى لكن ما تحقق من هذا المشروع لا يبشر بالتفاؤل.

ووفقا للظروف الراهنة وخيبات عملية الإعمار في السنوات السابقة نرى ما يلي:

1.البحث في أساليب وآليات جديدة لتنفيذ مشاريع الإعمار وتفعيل التعهدات المالية وتبني الحكومة العراقية تنفيذ المشاريع من خلال الوزارات وشركات القطاع الخاص المحلي او الأجنبي ومنظمات المجتمع المدني.

2. توفير البيانات المحدثة ونشرها تكريسا للموثوقية والاستنارة بالحقائق واعتماد التكنولوجيا لاستحضار المعايير الدولية وإصلاح شامل للجهاز المركزي للإحصاء في كيفية نشر البيانات في المجال العام والحكومي تحت مسمى (مسوحات إحصائية دقيقة).