قد لا يعنى زائر العراق بجمال وأناقة شارع المطار مثلا أو رفاهية فنادق الخمس نجوم ، بقدر اهتمامه البحث عن هوية العراق وتحديد ملامحها التاريخية والاجتماعية والثقافية ، كزيارته للمتاحف وللمعالم السياحية الثقافية كشارعي المتنبي والرشيد وغيرها..
كذا الأمر بالنسبة للشباب اليافعين ممن يعنون التعرف وتثبيت هويتهم الوطنية إذ لابد لهم من التوجه نحو المتاحف والمراكز الثقافية للتزود بمعلومات يسيرة تفتح لهم آفاقا واسعة نحو التفكير بتجذر وطنيتهم والانتماء لها.
وتحمل عادة الصور والوثائق التاريخية مصداقية راسخة إلى جانب محتويات المتاحف التاريخية كالمتحف العراقي ومتحف الموصل الآثاري وغيرها، فضلا عن توفر الوثائق بوسائل التقنية الحديثة بالصوت والصورة عبر الأفلام و الفيديوهات ، وطبعا كل هذا بحاجة لمكان رسمي مُعرَّف يوفر كافة تلك المستلزمات المعرفية.
يؤكد الباحث التراثي والفنان كفاح الأمين ضرورة الانتباه لتوفير مثل هذا المكان الثابت الممثل للهوية العراقية ، لكونه يبقى قائما دائم الإفادة منه بدلا أو إلى جانب الاهتمام بإقامة الفعاليات والمهرجانات الفنية والثقافية على أهميتها وبذل الأموال الطائلة لها مقابل حدوثها وانتهائها بوقت قصير وبأماكن غير ثابتة.
ويقترح الأمين حلا يتعلق بالجهات الرسمية عبر توفر قطعة ارض يمكن إنشاء متحف متواضع مؤلف من عشرة إلى عشرين قاعة في أماكن لائقة بمركز بغداد و مراكز المحافظات. مشيرا إلى توفر مثل هكذا متاحف متخصصة في أغلب القرى ألأوربية وليس في المدن حسب.
وحول إمكانية استغلال البيوت التراثية لهذا الغرض يذكر الأمين ، بأنها غالبا ما تحتوي غرفا صغيرة لا تتوفر على الشروط الجيدة للعروض بما يعيق عرض التنوع الأثيني والاجتماعي لجميع فئات الشعب ، مشددا على أن الأمر بحاجة لقرار سياسي حازم يوفر تلك الإمكانات فضلا عن وجوب الاستعانة بذوي الاختصاص بشؤون المتاحف والمكتبات لتنفيذ هذه المشاريع.
ويدعو الأمين في الوقت نفسه لمشاركة القطاع الخاص بمثل هذه المتاحف المتخصصة خدمة للذاكرة وللثقافة العراقية مع وضع هوامش بسيطة للأرباح .
من جانبه دعا الدكتور هاشم حسن عميد كلية الأعلام سابقا في ندوة في بيتنا الثقافي بمناسبة الذكرى التسعين للصحافة الشيوعية ، إلى ضرورة توفير متحف متخصص بالصحافة العراقية ، يحفظ تاريخها واهم كتَّابها بدلا من تشتت تلك الصحف على أرصفة شارع المتنبي عرضة للغبار والتلف.
وبيَّن توفر بعض صيغ تلك المتاحف في أقسام الأعلام في الجامعات لكنها محدودة وقاصرة الإمكانات. مؤكدا ضرورة وضع نسخا وصورا تؤرخ الصحافة العراقية بدءا من صحيفة الزوراء لعام 1869 العثمانية ، ثم صحافة الاحتلال البريطاني، والعهد الملكي، ثم الجمهوري الأول وعهد العارفيين ، وفترة صدام ، إلى عام 2003 ومابعدها. وكذا الأمر بالنسبة للمجلات . ويذكر الدكتور حسن معلومة ظريفة تذكر أن عنوان صحيفة الزوراء كان " زوراء" فقط في البدء دون أل التعريف ، وتتوفر لديه نسخا تاريخية منها .
مشددا ضرورة توفر متحف حديث متخصص بالإعلام كما في الدول المتطورة كمتحف الأخبار في واشنطن الذي تزين جدرانه الخارجية لوحات ضوئية تعرض الصفحات الأولى والأخبار اليومية لكافة صحف العالم.