كشف مصدر سياسي عراقي عن تسلم بغداد تفاصيل وآليات تحدد كيفية تطبيق العقوبات الأمريكية الأخيرة على الميليشيات المسلحة، فيما تجري اجتماعات حكومية لوضع خطة داخلية تحد من المخاطر.
وأوضح المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "السفارة الأمريكية أوصلت تهديدات واضحة إلى الحكومة العراقية وجرى تبليغها لوزارة المالية وكذلك مجلس النواب، تضمنت إشعاراً بأن واشنطن تراقب بدقة مسار الأموال المخصصة للحشد الشعبي، وأن أي انسياب مالي إلى الألوية المرتبطة بالميليشيات المصنفة قد يعرض الدولة لعقوبات مباشرة تشمل وزارات ومصارف وهيئات رسمية".
وجاء ذلك بعد أن فرضت واشنطن قبل أيام عقوبات على أربع ميليشيات عراقية موالية لإيران، هي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، حيث أدرجتها على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، في خطوة اعتُبرت الأشد من نوعها منذ سنوات.
ضغط غير مسبوق
ومن شأن هذه العقوبات أن تضع الحكومة العراقية في دائرة ضغوط غير مسبوقة؛ إذ إن الإجراءات لا تقتصر على حظر التعاملات المالية أو تجميد الأصول، بل تمتد لتجريم أي جهة تتعامل مع هذه الفصائل، حتى لو كانت مؤسسة رسمية داخل الدولة؛ ما يعني أن استمرار هذه الألوية ضمن الحشد الشعبي وتلقيها مخصصات من وزارة المالية قد يعرض الأخيرة لخطر مباشر، ويدفع واشنطن إلى فرض عقوبات على مؤسسات رسمية عراقية لأول مرة.
ويشير مختصون إلى أن هذا التصنيف يمثل تحولا في آلية التعاطي الأمريكي مع الميليشيات العراقية؛ إذ لم يعد مقتصراً على معاقبة أفراد أو كيانات محددة، بل توسع ليشمل البيئة الحاضنة لها داخل العراق، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إدارية.
ووفق القانون الأمريكي، فإن أي فرد أو مؤسسة تقدم دعماً مالياً أو لوجستياً لهذه الجماعات ستكون عرضة للملاحقة الجنائية، بما في ذلك الموظفون أو المسؤولون العراقيون الذين يصرّفون الأموال.
موازنة دقيقة
وبحسب تصريحات مستشارين في رئاسة الوزراء العراقية فإن الحكومة العراقية تسعى إلى موازنة دقيقة بين الاستجابة للضغوط الأمريكية من جهة، والحفاظ على التماسك الداخلي وعدم إثارة صدام مباشر مع الميلشيات النافذة من جهة أخرى.
ويؤكد خبراء قانونيون أن هذه الإجراءات لا تضمن تفادي العقوبات بشكل كامل، لكنها قد تمنح بغداد مساحة تفاوضية أكبر مع واشنطن، خصوصاً إذا ما اقترنت بحوار مباشر يوضح التزامات الحكومة وخطتها.
ويحذر محللون أمنيون من أن الخطوة الأمريكية تفتح الباب أمام سيناريوهات أعقد في المرحلة المقبلة، منها استهداف مباشر لمخازن السلاح أو الخطوط اللوجستية التابعة للفصائل، أو تعطيل شبكاتها الاقتصادية عبر عقوبات تطال المصارف والشركات الوسيطة