اخر الاخبار

  استبشر المواطنون خيرا، ظنا منهم بأن خطوات السيد رئيس مجلس الوزراء وتصريحاته الثلاثة الاخيرة المتلفزة، خلال زيارته لثلاث مؤسسات حكومية في العاصمة بغداد، مستشفى في الكاظمية، مؤسسة الكهرباء، مطار بغداد الدولي، ستسفر عن نتائج ايجابية كونها أشرت بعضا من مظاهر الفساد والتردي في أداء الخدمة، وهو جزء يسير من حجم التدهور المستشري في معظم مفاصل الدولة، واتخاذه بعضا من الاجراءات الفورية كإقالة مدير المطار، واصدار توجيهات لمعالجة وضع المستشفيات، ومحاسبة كل من يتجاوز على تسعيرة أمبير المولدات الاهلية.

اللافت للانتباه أن هذه التوجيهات والاجراءات، بمجملها ذهبت ادراج الرياح، ليس لأن رئيس الوزراء لا يريد التغيير نحو الافضل، بل لأنه لا يقوى على ذلك، بل ليس بإمكانه  مواجهة أخطبوط الفساد الجاثم على صدر الدولة، هذا الأخطبوط وليد نهج المحاصصة،  فالمتابع يرى بأم عينيه أن المطار ومرافقه لم يتحسن حاله، بل هو نسخة مطابقة لما كان عليه، ويمكن من خلال جولة واحدة بين أروقته، أن نتلمس حجم الدمار و الفوضى العارمة، خصوصا بين سواق المطار والمسافر الوافد، كما أن حال المستشفيات الحكومية لازالت  في وضع بائس لا يرقى لأي معايير صحية، أما أصحاب المولدات فلم يتعد توجيه السيد رئيس مجلس الوزراء حدود الشهر الذي صدر فيه حتى تبخرت، وعاد البعض من الذين  طبقوا التوجيهات في الشهر الاول ليلتحقوا إلى صفوف الرافضين للتوجيهات في الشهر الذي يليه، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت .

العملية برمتها تحتاج إلى إعادة ترتيب مجتمعي في موازين القوى، لابد من ترجيح كفة قوى التغيير الجذري بالضد من إعادة انتاج قوى المحاصصة التي ليس بإمكان اي رئيس وزراء يأتي عن طريقها، ان يسير وفقا لمنهج بناء الدولة على أساس الكفاءة. العملية ليست بإقالة مدير هنا او محاسبة موظف هناك، العملية مرتبطة بالفساد والافساد اليومي المستشري الذي يفرز كل يوم عشرات المدراء والموظفين الفاسدين، العملية برمتها ينطبق عليها المثل الشعبي (واحد يبخر ومية .........). العملية اصبحت مافيات متمكنة من تفريغ اي قرار من محتواه ، مافيات تعمل وفق  منهجية ترسخت وفساد تجذر، نحتاج مقابل ذلك إلى مؤسسة تربي كوادر تعمل وفقا للمصلحة العامة ، مصلحة الشعب والوطن، نحتاج إلى مواطن يدرك حجم المهمة فيضع صوته في الانتخابات إلى جانب من يمثل المصلحة العليا، تصويت المواطن جزء من عملية قلب موازين القوى، لصالح قوى المواطنة وليس المحاصصة، القوى الوطنية الحقة، التي لم تحصل على الرقم الكافي لتعديل مسار العملية السياسية، لا تنتظروا تغييرا جذريا يتم من خلال إقالة مدير هنا او موظف هناك، نحتاج إلى اجراءات ذات طابع يعلي من شأن المواطنة بعيدا عن الطائفية والنعرة القومية وأية مسميات ثانوية أخرى .

عرض مقالات: