اخر الاخبار

تحتل الصناعة في أي بلد أهمية كبيرة في زيادة الإنتاج المحلي الإجمالي وتمويل الموازنة العامة ومعالجة الاختلال البنيوي في الاقتصاد، بل يعد العمود الرئيس في الاقتصاد إلى جانت معالجة الارتفاع في معدلات البطالة وتخفيض الاستيرادات من خلال وضع الاستراتيجيات التي تتماهى مع الواقع الصناعي بجانبية الإنتاج الاستهلاكي والانتاجي بما يؤدي إلى تامين الطلب المحلي والتخلص من سياسات الاغراق المفروضة على الاقتصاد العراقي منذ عام 2003.

ومن المعروف ان القطاع الصناعي بوجه عام يتكون من صناعات متعددة يتمحور دورها في صناعة السلع الاستهلاكية والسلع الإنتاجية ( الاستثمارية ) وصناعات ثالثة كثيفة رأس المال،  وبمعنى ثان تصنف على أساس صناعة استخراجية وصناعات تحويلية،  وفي العراق يتوزعان على قطاعي الدولة والقطاع الخاص بالإضافة إلى القطاع المختلط،  لكن الواقع يشير إلى التركيز على الصناعات الاستخراجية وتحديدا  البترول ومنتجاته  وإلى حد ما انتاج الغاز في طور التكامل الكمي، أما الصناعات  الأخرى كالكبريت والفوسفات  والمعادن الأخرى لم تكن في وارد استراتيجيات الحكومة  فإن تقارير البرلمان العراقي على قلتها  في مجال الإصلاح الاقتصادي، تشير إلى أن وزارة الصناعة  لم تكتف بطرح المصانع فوق الأرض إلى الاستثمار بيد الشركات الوطنية بل توجهت إلى باطن الأرض  وفق قرارات، واجهت معارضة شديدة برلمانية وخارج البرلمان من المهتمين بالشأن الاقتصادي والصناعي في، السنوات السابقة، عبر التوجه لمنح الثروة المعدية تحت الأرض إلى شركات أردنية وأمريكية بأرخص الأثمان  حيث يتم بيع الطن الواحد من الكبريت بخمسة دولارات مع أن سعرها في السوق العالمية 400 دولار  للطن الواحد  بالرغم من التقديرات  المؤكدة أن حجم الكبريت في العراق يناهز الـ 500 مليون طن من خزين مكتشف  يشكل 16 في المائة  من الأراضي العراقية، ألا يدل ذلك على فشل في السياسة والتخطيط  وبالتالي غياب الاستراتيجية الواضحة  في هذا القطاع المهم ؟

وبناء على ما تقدم فإن وزارة الصناعة بمختلف مراحلها بعد عام 2003 حولت الشركات الصناعية إلى شركات خاصة تحت مفهوم غامض للاستثمار بسبب المقاييس التي تبنتها الحكومات المتعاقبة بتحويل إدارات هذه المشاريع إلى أشخاص من الأحزاب الحاكمة يفتقرون إلى الكفاءة والخبرة تذهب إلى إبرام عقود تشغيل مشتركة سيئة الصيت وبيعت وفقها الكثير من خطوط الإنتاج الصناعية كأكوام خردة.

وتشير البيانات المتوافرة إلى أن القطاع الخاص يشكل 98.3 في المائة يقابلها 1.5في المائة ضمن الملكية العامة و0.2 في المائة ملكية مختلطة وأن بعض الدراسات تشير إلى أن 56 في المائة من معامل الشركات العامة تصنف من مستوى المكون التكنولوجي بأنها منتجات عالية ومتوسطة المكون التكنولوجي مقابل 28 في المائة منها منخفضة المكون التكنولوجي.

إن الفساد المتعاظم في جهاز الدولة  بما فيه القطاع الصناعي  واستمرار الاستيراد  بدون ضوابط  على حساب دعم المنتج الوطني  والتراخي في تطبيق القوانين الحمائية  وآثار السياستين النقدية والمالية  وسياسات الإنتاج التي  مارستها وزارات  التخطيط والصناعة والتجارة  وقدم خطوط الإنتاج التي زاد عمرها على أكثر من 30 سنة  كلها عوامل أزاحت بمجرفتها   قاعدة الصناعة الحكومية التي كانت في مرحلة  سابقة كمعامل البتروكيمياويات  والمعامل الورقية والبلاستيكية  والأدوية وغيرها التي اختفت من السوق من جراء سياسة الانفتاح  الفاحش  وانعدام الدعم الحكومي  وفقا لقرارات صندوق النقد الدولي  ونصائح الدول الصديقة ! كل ذلك يتطلب من الحكومة التي تمتلك قبل غيرها وسائل تمكين القطاع الصناعي من أجل إعادة الحياة ليس في القطاع الحكومي وانما كافة القطاعات الأخرى من خلال:

  1. الاتجاه نحو تطوير الصناعة التحويلية والتخطيط لاستيراد أفضل أنواع التكنولوجيا المتاحة وفي ذات الوقت تضمين عقود الشراء التدريب الكامل للكادر الوطني على هذا النوع من التكنولوجيا القادر على التشغيل والصيانة والمشاركة الفعلية في نصب المعدات.
  2. وضع الخطط ذات البعد الاستراتيجي بإحياء الصناعة البتروكيمياوية وصناعة الحديد والصلب والفوسفات والكبريت التي تشكل عصب الصناعة التحويلية وإحياء الصناعات اتي برع القطاع الخاص بإنتاجها وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه القطاعات.
عرض مقالات: