كثيرة هي الأكاذيب التي أطلقتها أبواق اليمين لتشويه موقف الشيوعيين والمدنيين من محاولات إجهاض القانون 188 وتصفية ما حققته المرأة من مكتسبات على مدى قرن من النضال. فهذا "صحفي" يحمل الجنسية الأمريكية ويعمل بفضائية تمّولها المخابرات المركزية، يتهم اليسار بالقبض من واشنطن، وذاك نائب مثقل بفضائح فساد مالي وأخلاقي، يتهم اليسار بمعادة الدين، وثالث "مفكر إستراتيجي" لم يجد لخراب الأمة سبباً سوى هذا القانون، دون أن يبصّرنا بعلاقته بسرقات القرن وملايين الجياع ونقص التجهيز بالكهرباء.
ولهذا، كان لا بد من تجاوز هذه النكات السمجة، والتعرف على جوهر موقف الشيوعيين وحلفائهم، والمستند لأدلة ملموسة، تاريخية ومعاصرة، تفضح سعي اليمين لتكريس مفهوم الهيمنة الذكورية، وانتزاع آدمية المرأة، وتحويلها من إنسان إلى سلعة، وتشويه علاقتها بالرجل، وقنونة أساليب استعباده لها وتعنيفها.
فكما في الأنظمة الرأسمالية المتخلفة، لا يعترف هذا اليمين بالنساء ككائنات مساويات للرجال، ويمنعهن من تحقيق استقلالية اقتصادية، تضمن لهن دوراً اجتماعياً وسياسياً لائقاً. وحتى حين يضطر لتشغيلهن، فإنه يعرضّهن لاستغلال بشع يتحول معه هذا العمل إلى عبودية قاسية. لقد سارع النظام البائد إلى توفير آلاف فرص العمل للنساء إبان الحروب، قبل أن يعيدهن إلى المنازل بعد هدوء الجبهات، ليتواصل اضطهادهن، ثم ليشتد بعد سقوطه، حيث تبلغ نسبة البطالة بينهن اليوم 62.1 في المائة، وحيث باتت أجورهن أقل من الرجل بما لا يقل عن 20 في المائة، وحيث يغيّب تكافؤ الفرص في الحصول على العمل، فهناك امرأة واحدة في الوظيفة العامة مقابل خمسة رجال، وامرأة واحدة في منصب المدير العام مقابل عشرة رجال وواحدة في منصب معاون مدير عام مقابل 15 رجلا، وحيث تمارس كل أشكال التحرش والابتزاز والتمييز بحق المرأة، لإجبارها على المكوث في المنزل، وأخيراً حيث يُغّيب دور الدولة في مساعدتها على تحقيق ذاتها في العمل بالتزامن مع كونها أماً وشريكة حياة، كتوفير دور الحضانة المجانية وإجازات الحمل والأمومة وإجازات رعاية الأطفال وغير ذلك من واجبات فشلت حكوماتنا المتعاقبة في تلبيتها.
ولكي يتمكن اليمين من فرض سياساته هذه، كان لا بد من تغييب وعي النساء وإقناعهن بالتسليم للتمييز، وقمعهن بالعنف وتحت يافطات عشائرية أو مغلفة باحترام التقاليد والعادات والمقدسات. ومن العوامل المساعدة على ذلك، تفشي الأمية، والتي بلغت 17 في المائة بين من هنّ دون الرابعة عشرة و28 في المائة بين من هنّ دون الثلاثين سنة، وتشجيع التنشئة الاجتماعية التي تؤبد الصورة النمطية للأنثى، إضافة لتخلف التعليم وارتفاع تكاليفه إلى الحد الذي دفع بالعوائل تفضيل الاستثمار بتعليم الصبية على تعليم الفتيات، مما أدى إلى عدم تمكن 11 في المائة من الفتيات من دخول الابتدائية وحرمان نصفهن من التعليم المتوسط و70 في المائة منهن من التعليم الثانوي.
ولا يخفي هذا اليمين سياساته، بل يفاخر بعدم المساواة بين الجنسين ولا يعتبر العنف الأسري جريمة مخلة بالرجولة ويعمل على تشريع الاضطهاد، وهو ما عبّر عنه أحدهم، في غفلة، حين اتهم الشيوعيين بأنهم (يريدون يطّلعون عين المرة على أمور غريبة مثل المساواة والحرية والاختلاط والشغل والدراسة)، دون أن ينسى تكفير مخالفيه.
وإذ يستمر كفاح الشيوعيين وحلفائهم لإسقاط مشاريع اليمين وقوى التخلف ومخططاتهم ولضمان جميع حقوق النساء، فإنهم يجددون الثقة بقدرة العراقيات على انتزاع تلك الحقوق وتعديل التشريعات التمييزية وفي التعليم المجاني والرعاية الصحية، ولاسيما للأمهات والأطفال، وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تفقدهن آدميتهن. إن الرجولة الحقة تتجلى في تبني حق المرأة بالمساواة.