اخر الاخبار

تتعرّض حدود العراق بشكلٍ يومي إلى الانتهاك من قبل عتاة المهربين، في عملياتِ تهريبٍ منتظمة، تشملُ كلّ ما هو ثمين مما يحتاجهُ شعبنا العراقي، لتشمل العملة الصعبة التي وضعت الحكومة وأجهزتها الأمنية في حرجٍ شديد، وقادت إلى تدخلاتٍ دوليةٍ تتناسبُ مع خططها، وترسّخ مصالحها؛ بهدف إفراغ العراق من ثروات شعبه، ولا يقف التهريب على العملة التي تشكل عِماد الثروة، وإنما يشمل السلع الاستهلاكية، والحيوانات، والأدوية، حيث أن هذه الانتهاكات ليست جديدة، ولكن الإهمال والفساد المنتشر في معظم النقاط الحدودية،  أضفت على الاقتصاد في نهاية المطاف، من المخاطر ما لم يكن مألوفاً.

  وأكثر عمليات التهريب التي تستدعي الاهتمام؛  تلك التي تركز على تهريب العملة، مما تعرّض الاقتصاد العراقي إلى مزيد من المخاطر، ومن المفيد هنا الإشارة إلى طرق التهريب الأكثر شيوعاً. فالأولى تشمل الحوالات التي تتم عبر المصارف، والتي تكون مدعومة بفواتير مزيفة، وتكاليف مبالغة في أسعار البضائع، والتلاعب في شهادات الإنتاج والمنشأ. والطريقة الثانية تتم عبر الحوالات السوداء، وهي أشبه بالطريقة الأولى، ولكن عمليات التحويل تتم عبر محلات الصرافة الموجودة في عدة محافظات. أمّا الطريقة الثالثة، فتشمل التهريب النقدي المباشر أو ما تسمى بـ (الكاش)، بحيث يتم نقل الأموال عن طريق المنافذ الحدودية التي تسيطر عليها ميليشيات تابعة لأحزاب سياسية، تتمتع بنفوذ قوي في أجهزة السلطة، وعملية التهريب بهذه الطريقة تمرّر عبر وسائط نقل خاصة، أو تتم عبر طائرات تهبط في المطارات العراقية (ترنسيت)، ثم تغادر إلى دول الجوار بدون تفتيش. وتقدر الأموال التي تتم بطرق التهريب بين 10 إلى 15 مليار دولار سنوياً، اعتماداً على مصادر بيع العملة، والتي بلغت 45 مليار دولار في عام 2021، حيث بلغت  مجموع قيم الاستيرادات  350 مليار دولار. وعلى سبيل المثال، تشير المصادر الرسمية إلى أن استيراد الطماطم تكلف 4،5 مليار دولار، وحصة إيران منها 1،78 مليار دولار، وبكميات كبيرة تزيد عن حاجة العراق .

الحكومة اتخذت إجراءات شديدة للحد من هيمنة الميليشيات على المنافذ الحدودية، سواء الرسمية منها أو غير الرسمية، حيث أدخلت قوات مكافحة الإرهاب  بهدف تحقيق وضمان توافق الواردات والمعاملات الكمركية قانونياً، والقضاء على عمليات التهريب، والتجارة غير المشروعة، فضلاً عن ذلك أصدر مجلس القضاء الأعلى قراراً يقضي بتطبيق أشد الإجراءات القانونية بحق أي شخص يثبت تورطه في عمليات التهريب عبر الحدود، واتخاذ إجراءات مماثلة ضد الجهات غير الحكومية التي تتدخل في عمل مؤسسات الدولة في تلك المنافذ، غير أن الأيام اثبتت أن الجهات المسلحة تمادت بعرقلة تلك التدابير، وأفشلت الإجراءات  .

بموجب القيود الجديدة المتمثلة باستخدام المنصة الالكترونية، يتعين على البنوك العراقية الإفصاح عن تعاملاتها، وعن تفاصيل المرسل والمستفيدين، التي تمكن المسؤولين الأمريكان، الاعتراض على طلبات الحوالات المشبوهة. ومنذ إنشاء هذه الآلية، رفض الفيدرالي الأمريكي 80 في المائة من طلبات التحويلات من البنوك العراقية، بسبب شكوكه في المستلمين النهائيين للمبالغ التي يتم تحويلها.

البنك المركزي اتخذ إجراءات للدفع باستقرار سعر الصرف، ومنها توسيع عرض النقد الأجنبي؛ لتلبية طلب الجمهور. وتم توجيه إدارة النافذة لتلبية طلبات المصارف خلال الأيام القادمة بالسرعة المناسبة، وإعطاء سعر تفضيلي لتنفيذ الاعتمادات المستندية. وبالرغم من كل هذه الإجراءات؛ فإنّ مستشاراً لرئاسة الوزراء، يؤكد لصحيفة الاندبندت البريطانية في 22 شباط الجاري، على مدى سنوات تم تهريب كميات كبيرة من الدولارات إلى تركيا والإمارات والأردن ولبنان، من خلال السوق الرمادية باستخدام فواتير مزورة لبنود باهظة الثمن، استخدمت في غسيل الدولارات، أرسل معظمها إلى إيران وسوريا .

يتضح من كل ما تقدم، أن الحكومة والبنك المركزي، مطالبان بمغادرة الأساليب التقليدية التي مورست في السابق، ولكنها لم تضع حداً لعمليات التزوير والتهريب، لذا يتعين البحث عن أساليب أكثر حزماً وصرامةً بما فيها تشريع قوانين، وتحشيد القوى الأمنية المتخصصة لملاحقة المزورين،و إنهاء دور التنظيمات المسلحة في ممارسة الضغط على المنافذ الحدودية.

 

عرض مقالات: