اخر الاخبار

تمنينا في مقال سابق ان لا يعود وفدنا المفاوض عالي المستوى من تركيا بخفي حنين. فهل حققت زيارة الوفد ما كان العراقيون يتطلعون اليه، وخاصة في مجال المياه ؟

ما صدر عن الزيارة أشار الى العديد من الاتفاقات في المجال الاقتصادي، وما يراد بناؤه من مشروع تنموي اطلق عليه اسم القناة الجافة .

وإذ اقر رئيس الجمهورية التركي في المؤتمر  الصحفي المشترك  مع السيد محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء، بان هناك معاناة في العراق جراء شح المياه، ورغم إقراره هذا، فان مبادرته لاطلاقات  إضافية من المياه جاءت خجولة، ولا ترتقي الى مستوى الحاجة الفعلية، ولا تحقق انصافا للعراق في نهري دجلة والفرات.

فالمعلومات المتوفرة  تقول ان هذه الاطلاقات تشمل نهر دجلة وحده وبكميات  محدودة  ولمدة شهر واحد فقط.

وهنا  نعيد القول بان  الخزين الاحتياطي التاريخي للعراق لم يكن يقل عن ٧٠ مليار متر مكعب، فيما لا يزيد الان عن ٧ مليارات متر مكعب آخذة بالتناقص. لذا يتوجب على الحكومة ووزارة الموارد المائية ان تقول الحقيقة للناس وتكشف مضمون الاتفاق الذي تم مع الجانب التركي. فالوعود التي اغدقت على تركيا حول امكان رفع حجم التبادل التجاري معها ليزيد عن ٢٤ مليار دولار، لا تتناسب مع القول بان هذا الاتفاق بداية لحل الازمة، فهو جاء اقرب الى المكرمة منه الى الحل !

وفي هذا السياق فان تاكيدات رئيس الجمهورية المتكررة  بان من الواجب ان يحصل العراق على حصة عادلة وعاجلة من المياه، يتوجب ان تكون الهدف بالنسبة للسلطات التنفيذية والتشريعية، وان لا يقتصر الامر على نهر دجلة  بل وان يشمل نهر الفرات أيضا. فعلى ضفاف هذا  النهر، الذي تكاد كل مياهه تأتي من تركيا، محافظات ومدن وقرى ومساحات زراعية واسعة، تتطلع  هي الأخرى الى اسعافها وادامة شريان الحياة في التدفق عبر أراضيها، حواضرها وقراها.

ونعيد التأكيد أيضا على أهمية وضرورة فتح حوار جاد ومسؤول مع الجارة ايران، والتفاوض معها حول تمرير حصص مقبولة وعادلة من المياه العذبة الى أراضينا، وإعادة النظر في مشاريعها التي نفذتها من جانب واحد، فالحقت اضرارا بالغا بالعراق ومواطنيه والفلاحين والمزارعين.

ان موضوع حصول العراق على حصة عادلة عبر نهري دجلة والفرات، ملف لا يقبل المساومة، وهو ليس مكرمة من الدولتين الجارتين بقدر ما هو حق طبيعي تقول به القوانين والأعراف الدولية، إضافة الى علاقات الجوار وما تفرض من عدم الحاق أي من الطرفين ضررا بالاخر.

لقد أثار شُح المياه في بلدنا ويثير قلقا مشروعا،  حاضرا ومستقبلا، ويتوجب على الدولة ومؤسساتها باستمرار ان تضع مداراة هذا القلق ضمن اولوياتها.

عرض مقالات: