اخر الاخبار

يمكن القول إن مضي عشرين عاما من الحكم بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 لم تشهد تطورا ملموسا في حركة الإعمار في العراق، حيث كان وما يزال بأمس الحاجة إلى هذه الحركة بسبب تدهور وتخريب القاعدة التحتية نتيجة للحروب العبثية التي خاضها النظام العراقي السابق بسبب استبداد حكامه ونرجسيتهم وفشل الحكام الجدد في استيعاب العبر والدروس من السياسات السابقة والانخراط في أخرى أشد بؤسا من سابقاتها لغياب الرؤى البرامجية الموثوقة في إعادة البناء.    

وعلى الرغم من  الاستراتيجيات التنموية الخمس التي وضعتها الحكومات المتعاقبة فإن شيئا منها لم تظهر نتائجه الملموسة سواء في تحقيق قطاعات إنتاجية ناجحة تضع البلاد على قاعدة البناء والتقدم والاكتفاء الذاتي  رغم حجم الموارد المادية الفلكية  المتحققة من خلال اقتصاد ريعي كان السمة الأبرز في اهتمامات تلك الحكومات، فقد فشلت في إنجاز المشاريع التنموية والخدمية التي وضعتها والتي كانت من صلب تلك الاستراتيجيات  حتى وصل عددها إلى 9 آلاف مشروع في مختلف القطاعات كالماء والمجاري والبلديات ومشاريع الطرق والإسكان وعدد من الجسور والمجسرات  والمدارس، وبلغ عدد الشركات  التي يفترض ان تنهض بإنجاز تلك المشاريع في 8/1/2023 100 شركة (حسب تصريح وزير الإسكان والاعمار ينكين ريكاني )،  وتشير تقديرات بعض المصادر ان ما أنفق على هذه المشاريع 100 مليار دولار لكن أغلب هذه المشاريع قد توقف في عام 2014  حيث تقلصت موارد البترول إلى النصف وتوجهت الحكومة إلى مواجهة الهجمة الإرهابية الداعشية.

   ومن الملاحظ  أن وزارة التخطيط  تطرح بين فترة وأخرى أرقاما  متباينة عن هذه المشاريع بان عددها الاجمالي كما يتضح مما سبق 9 آلاف مشروع ومرة اخرى 8 آلاف مشروع ومرة ثالثة 6 آلاف مشروع  حسب تصريحات المسؤولين وأعضاء البرلمان وما نشر في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية، وفي آخر تصريحات للوزارة  انخفاض المشاريع المتلكئة من 1500 مشروع إلى 1063 مشروع بعد انجاز قسم من هذه المشاريع نتيجة لمعالجات حكومية،  وفي تصريح لوزير التخطيط الحالي في ترؤسه للجنة مكلفة بمتابعة المشاريع المتلكئة والتي تشمل المستشفيات التي وصل عددها إلى 62 مستشفى ذات أعداد سريرية مختلفة فضلا عن المدارس ومشاريع الماء والمجاري، وان إنجاز هذه المشاريع تتطلب 16 تريليون دينار، وفي تصريح للناطق باسم وزارة التخطيط فان هناك اكثر من 7 آلاف مشروع مستمر قيد التنفيذ على مراحل وأن سبب توقف تلك المشاريع هو الفساد المستشري في مفاصل الدولة، على أن المشاريع الجديدة ستكون نوعية وفقا للحاجة والضرورة  (جريدة المدى العدد 5433 في 22 أيار 2023 ) .

  اذا كان هذا العدد المتلكئ من المشاريع ولأسباب طالما صرح  بها مسؤولون في وزارة التخطيط ومن بينها الفساد الذي ينتشر في عمق هذه المشاريع والعلاقات المعقدة بين الشركات والجهات المستفيدة وابرزها إحالة المشاريع إلى شركات غير كفوءة ثم تحال في الباطن إلى شركات أقل كفاءة  لتنتهي بمقاولين ينفذونها بشكل سطحي ودون حساب، وبعض المشاريع أحيلت إلى الشركات التي حصلت على تصنيف أول نتيجة للفساد وهي مشاريع اكبر من امكانياتها, اذا كان كل ذلك يحصل في تلك المشاريع فكيف سيتم انشاء مدينة طبية جديدة في معسكر الرشيد الملغى او معالجة طرق الموت المنتشرة في المحافظات كافة او بناء مشاريع جديدة كالقطا ر الذي يربط بسماية بمركز بغداد ؟

  لما تقدم ولإيجاد اليات أكثر فاعلية في معالجة المشاريع المتلكئة نقترح الاتي:

  1. التوجه لإنشاء صندوق سيادي حسب الحاجة وخاصة الاستثمار في إعمار البنية التحتية لكي تستطيع استكمال المشاريع المعطلة وخاصة ذات المساس بحاجات الناس الأساسية.
  2. التشدد في محاسبة الشركات الفاشلة واستعادة حقوق الدولة ومحاسبة الشركات الوهمية المقترنة بتوسيع الحرب ضد الفساد في أجهزة الدولة بأساليب مقنعة والتعامل مع الشركات الراسخة ماليا وفنيا ولها تجربة طويلة في اختصاصها وإحالة المشاريع المتلكئة اليها وفق عقود تضمن حقوق العراق المالية.
عرض مقالات: