اخر الاخبار

وعي محمود البريكان واخلاصه لقضية الشعر وحدهما دفعا به لأن يقول :” الشعر جدير بأن تكرس له حياة كاملة” ..ولذا فقد عاش ورحل عن الدنيا وهو شاعر.

ومثل البريكان قليلون ، بل ولربما ثمة أزمة ، شحة، ندرة باتت مثل هكذا تجارب يعلو همها الشعري فوق الهموم كلها، اذا ما رصدنا الهموم “ النقابية” و” الاستعراضية” و” الصوتية” التي هي في كل الأحوال النقيض الواضح لفكرة الشعر_ الحياة . ولربما كان _ بورخيس_ أشد وضوحا وتطرفا حين راهن على فكرة الشعر بوصفها حياة أو موتا حين بحثها في “ صنعة الشعر”.

ولكي نبسط الأمر بعيدا عن التنظير والمقولات أتذكر ذلك التشبيه البسيط _ العميق الذي وضحه لي الصديق الشاعر الراحل كاظم الركابي في صيف سبعيني اذ كان يقيم في ( فندق الميثاق) الكائن بشارع الرشيد فرأى بأن القصيدة الحقيقية لها القدرة بأن تنزل مدرج الفندق لتمشي مع الناس ، تحكي معهم ويصغون لها !!

كل ماتقدم تذكرته اليوم في متابعتي لردود أفعال ساخرة منددة انتشرت على صفحات الفيسبوك تجاه نفر من هؤلاء الذين يسمونهم ( المهاويل) وما يقدمون من تشوهات استغلالا لذكرى عاشوراء،وتزامنا مع الزيارة الاربعينية ، فتأكدت من ان هناك من يدافع عن الشعر_ الحياة ويفضح مايجري من أشكال ومضامين الموت الذي يريد أن يكون بديلا للأول.

تأكدت من ان هناك ذائقة ترتفع لترد بقوة على التشوهات التي قدم لها الإعلام _ المنفلت_ خدماته المجانية لكي تمرر النماذج الرثة الرخيصة التي وجدت في الفساد المستشري خير داعم وممول لها .

هؤلاء _ المهاويل _ يحملون هويات نقابية وحمايات عشائرية ويتلقون دعما ماليا بوصفهم شحاذين يتقنون صياغة _ الهوسات_ في أبواب _ المضايف والدواوين_ حيث بأمكانهم ان يرفعوا من شأن أقبح خلق الله لمصاف_ الن ديلون_ ويجعلون ابخل من في العشيرة حاتما طائيا جديدا _

 هذه النماذج هي الكفيلة بأن تنتج لنا شعرا ميتا ، شعرا يولد بلا حياة، يتبناه ويروج له من هو اصلا غير صالح للحياة ، أساليب انعاشه ورواجه تتم بلا كرامة .

والان أعود من حيث بدأت:

البريكان غادرنا دون أن يشغل نفسه بصخب البيانات الشعرية وهوس التجييل ، بل ولن يدخل مبنى اتحاد الأدباء الا مرة واحدة طوال سنوات عمره!

وكاظم الركابي يكفيه ان كتب رائعته _ مناجل _ وأغنيته الأجمل _ ينجمه_  في حين ماتت دونما تذكر اغاني الزمان الهزيل:( صديقي باك محفظتي وقهرني)!!! وأخواتها.

الشعر حياة .

الحياة شعر.

عرض مقالات: