اخر الاخبار

تجتاح العراق حاليا موجة عاتية من ارتفاع الأسعار وخاصة المواد الغذائية والاستهلاكية التي تشكل عناصر الأمن الغذائي يضاف لها ارتفاع أسعار الأدوية التي تحتكرها مكاتب استيراد خاصة وأضيفت لها قرارات حكومية لرفع أسعار البنزين المحسن وفرض ضرائب جديدة على 85 جهة مع غرامات متعسفة على المخالفات المرورية والرسوم الحكومية مما تضيف أعباءً جديد تثقل كاهل المواطنين.

فقد اتخذت الحكومة العراقية في الفترة الأخيرة طائفة من القرارات بدون خطوات تمهيدية ودراسة متبصرة لأثارها الاقتصادية والاجتماعية ومن بينها الزيادة الكبيرة في أسعار البنزين المحسن بنوعيه المحسن والممتاز مع ان العراق قد اكتشف النفط قبل مائة عام، وقد اقترنت بهذه القرارات قرارات أخر ففي خطوة لا تقل مفاجأة أعلنت الهيئة العامة للضرائب في العراق عن توجُّه الحكومة إلى تحصيل الضرائب من 85 جهة جديدة لم تُشمل سابقاً ضمن جباية الضرائب، من بينها شركات سيارات التاكسي والإعلانات وعلى المشاهير والفنادق والمطاعم، مع ان النظام الضريبي ما زال بدون تعديل ليكون تصاعديا يطال الفئات عالية الثراء حديثة التكوين، زد على ذلك قرارات فرض غرامات عالية على المخالفات المرورية وهذه الإجراءات بدورها ستزيد من أجور النقل وستنتقل الزيادات إلى مختلف القطاعات الأخرى، وكل هذه الإجراءات أتت في وقت انخفضت فيه مداخيل المواطنين إلى أكثر من 25 في المائة وهي بالأصل كانت منخفضة بسبب انخفاض قيمة الدينار نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار مضافا إليه ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي الذي عجزت الحكومة عن معالجة هذه الإشكالية حتى الآن.

 ويبدو للمتابعين أن هذه القرارات لم تتخذ باستقلالية تامة بعزل عن توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي كان آخرها وليس أخيرها التوصية التي صدرت في 3 اذار 2024 المتضمنة التقليل من الاعتماد على الإيرادات النفطية والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية محذرا من زيادة كبيرة في مواطن التعرض لتقلبات أسعار النفط وتأثيرها المحتمل حال انقطاع مساحات النقل او الحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية، ودعا الصندوق إلى زيادات الصادرات غير النفطية والإيرادات الحكومية وهو يدرك تماما ان الدولة لا تملك القدرة على زيادة في الصادرات بسبب تراجع وتردي قطاع الإنتاج الحقيقي. لهذه الأسباب لجات الحكومة الى تنفيذ التوصيات الأخرى المتعلقة برفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة وتوسيع دائرة الغرامات والرسوم كما فعلت بعد أزمة عام    2014، والحكومة تدرك آثار هذه القرارات والاجراءات على الشرائح الاجتماعية الأوسع في المجتمع وان تواتر هذه القرارات سيزيد من عدد العراقيين تحت خط الفقر البالغ عددها حاليا 13 مليون نسمة، وتأتي في ذات الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن تحسين الخدمات او رفع الأجور والرواتب بما يقابل هذه الأعباء التي فرضتها الحكومة ولا يستطيع المواطنون تحمل أعبائها الثقيلة.

وحسب تصريحات وزارة التخطيط فإن نسبة التضخم أقل من 7 في المائة للفترة من آب 2021 لغاية اب 2022 وهو رقم يقل عن تصريح سابق يشير إلى نسبة 8 في المائة، أما معدلات التضخم القطاعية فهي تشكل 11 في المائة في المواد الغذائية ومعدلاته في أسعار السكن والماء والكهرباء 10 في المائة وفي مستوى النقل 17 في المائة اما في الخدمات الطبية والصحية فتبلغ 28 في المائة بالمقارنة مع تموز في عام 2019.

الحكومة مطالبة بمراجعة هذه القرارات ودراستها مرة أخرى كما أن البرلمان مطالب هو الآخر بالتنسيق مع الحكومة في البحث عن بدائل أخرى، وعلى سبيل المثال أن تقوم الحكومة بالتخطيط لإنتاج البنزين المحسن والتوقف عن استيراده من الأردن او ايران او أية دولة أخرى من خلال المصافي التي تم إنجازها سواء الحكومية او الاستثمارية وإعادة النظر في النظام الضريبي للتخفيف عن المشاريع الناشئة لتشجيعها على التوسع في إنتاجها مع الضغط بكل ثقلها لمراجعة السياسة النقدية وإعادة العافية للدينار العراقي وكل ما من شانه التخفيف عن كاهل الشرائح الفقيرة والمتوسطة.

عرض مقالات: