اخر الاخبار

تشهد أسواق العراق حاليا موجة عاتية من ارتفاع الأسعار لسلع الاستهلاك وخاصة المواد الغذائية التي تشكل عناصر الأمن الغذائي يضاف لها ارتفاع أسعار الأدوية التي تحتكرها مكاتب استيراد خاصة تقابلها موجة من السخط الشعبي عبر التظاهر الساخط من الطبقات الفقيرة المهمشة غير المقتنعة بالسياسات الحكومية وإجراءاتها المترهلة. وأيا كانت أسباب هذه الموجة سواء كانت محلية او دولية فإن انعكاساتها الضارة تشمل الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا وهي في ذات الوقت تزيد الأغنياء غنى فما الذي يقف وراء هذه الموجة؟ وما هو الموقف الحكومي منها؟

إن هذه الموجة في ارتفاع الأسعار التي  شملت المواد الاستهلاكية الأساسية آخذة في التصاعد ، فإضافة إلى ارتفاع أسعار العقارات التي أمست ظاهرة ثابتة تتصاعد يوما بعد آخر لأسباب عديدة لا حدود لها، فضلا عن  أسعار اللحوم والدجاج وبيض المائدة والأسماك والخضر التي تشكل جميعها السلة الغذائية اليومية التي تعتاش عليها العائلة العراقية، تضاف اليها أسعار الأدوية التي تضاعفت في الفترة الاخيرة والتي تحتكرها وتحدد أسعارها  مجموعة من مكاتب الاستيراد الخاصة، زد على ذلك السياسات الحكومية في رفع أسعار البنزين المحسن بنوعيه وقد تشمل البنزين العادي لاحقا. وفي خطوة هي الأولى من نوعها أعلنت الهيئة العامة للضرائب في العراق توجُّه الحكومة إلى تحصيل الضرائب من 85 جهة جديدة لم تُشمل سابقاً ضمن جباية الضرائب، من بينها شركات سيارات التاكسي والإعلانات والمشاهير والفنادق والمطاعم وغيرها الكثير، مما تزيد من كلف الإنتاج وما يتبعها من رفع أسعار المنتجات والخدمات التي تقدمها في ظل ضعف الرقابة الحكومية.

وينصب الاهتمام حاليا من قبل الأكاديميين والمنظومات المتخصصة في الشأن الاقتصادي، على تحليل العوامل والأسباب التي تقف وراء هذه الموجة من ارتفاع الأسعار التي يمكن تلخيصها بتدهور القطاع الزراعي المعلل بأزمة المياه الناشئة عن مواقف  دول المنبع  ومن غير المؤكد ان تنتقل التفاهمات مع تركيا بعد زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى مرحلة التنفيذ قريبا  دون متابعة حاسمة في المجالين الحكومي والدبلوماسي، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب تراجع الدعم الحكومي  واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار  الذي صاحبه بالتبعية انخفاض قيمة  الدينار  وما يترتب عليه ارتفاع الأسعار بشكل عام  وأسعار المواد الاستهلاكية بشكل خاص بسبب استيراد معظمها من الخارج مع تعطل مفاعيل العرض والطلب في تحديد مستوى الأسعار  بمعناها العام والهيكلي، وهنا برز التعامل بطرف العرض من قبل الكومبرادورية التجارية  الهاربة من التقيد بقوانين حماية المستهلك ومنع الاحتكار ارتباطا بضعف دور الرقابة التجارية والرقابة البرلمانية المترهلة بعد كل دورة برلمانية، زد على ما ذكر من أسباب ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي بسبب تعاظم الازمات الاقتصادية التي تواجهها الدول الرأسمالية في أوروبا وامريكا ودول الأطراف التي يتعامل معها العراق تجاريا والتي انعكست عليها الحروب في أوكرانيا  وإسرائيل والصراعات  المتفاقمة بين دول الشمال والجنوب، ومما هو جدير بالذكر أن هذا المستوى المرتفع بالأسعار استمر بالاحتفاظ بوتيرته على الرغم من  الانخفاض التدريجي في سعر صرف الدولار في السوق الموازي  بعد التخفيض في سعر الصرف من قبل البنك المركزي.

إن الحكومة مدعوة لاتخاذ منهج مختلف عما سبق بعيدا عن الموسمية، وبهذا الخصوص نقترح من بين أمور عديدة ما يلي:

 1.متابعة حركة الأسعار في السوق باستمرار من حيث وفرة المواد الغذائية المكونة للأمن الغذائي ومستويات أسعارها من خلال مراقبة منحنيات العرض والطلب وتأثيراتهما على حركة السلع والأسعار في مختلف القطاعات والابتعاد عن الاساليب القديمة التي تتمثل بالتصريحات الإعلامية التبريرية والاجراءات السطحية البعيدة عن جذور المشكلة.

2.تفعيل دور اللجان الثلاثية المشكلة من قبل الحكومة والتي تتكون عناصرها من وزارة التجارة / الرقابة التجارية والأمن الوطني ودائرة الجريمة المنظمة وفق تعليمات محددة وواضحة بعيدة عن الاجتهادات الشخصية التي تقلل من عزيمتها في تنفيذ الاجراءات وتراجعها أمام المغريات التي اعتاد كبار التجار على ممارستها وتقديم التقارير اليومية التي تحدد الإجراءات الحكومية والقضائية اللازمة.

عرض مقالات: