اخر الاخبار

أخذت البيئة وصحة الإنسان في تدهور مستمر نتيجة تزايد كمية النفايات الخطرة بفعل زيادة مخلفات المعامل والصرف الصحي وكافة أصناف المهن   والمستشفيات والمركبات العضوية على اختلافها فضلا عما يخلفه المواطنون عبر أنماط الاستهلاك اليومي، وهذه النفايات تكون ذات مخاطر صحية وبيئية وهذه المخاطر قد تكون سريعة التأثير او تستغرق بعض الوقت حتى تبان نتائجها الخطيرة كحالات العجز والإعاقة والتسمم وإحداث المرض الأمر الذي يستدعي اتخاذ معالجات سريعة لدرء مخاطرها.

وهذه المخاطر تشمل كافة الدول وفي المقدمة منها الدول الصناعية التي وصلت في مواجهة مخاطر النفايات إلى مستويات متقدمة، غير ان المشكلة تزداد عمقا في الدول النامية التي تحبو في تطورها الاقتصادي والاجتماعي ولهذا حظيت حماية هذه الدول باهتمام الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، إلا أن هذا الاهتمام لم يرتق بعد إلى مستوى التنسيق المتكامل.

وفي بلادنا  يزداد الأمر سوءا برغم كثرة التصريحات  لكن التنفيذ ما يزال متثاقلا بشكل لافت فالإحصاءات المتوافرة تشي أن كميات النواتج من النفايات  تقدر ب5 ملايين م3 من مياه الصرف الصحي  و20 مليون طن يوميا،  تسعة آلاف منها رفعتها أمانة بغداد في عام 2023،  وتم رفع 11 مليون طن بمعدل 1.5 كغم لكل فرد، وفي بغداد وحدها يتم رفع 30 ألف طن من المخلفات  يوميا،  ومن المعلوم أن العراق قد انظم إلى اتفاقية بازل في سويسرا المتعلقة بالتحكم في نقل النفايات الخطرة  والصادرة في عام 1989 عبر تشريع القانون رقم 4 لعام 2011   والتعليمات رقم 4 لعام 2015  فما حدا مما بدا مع تلك الأرقام الصادمة.  وبالمناسبة فان وزارة البيئة قد سبق أن اقترحت مشروع تدوير النفايات وأهميته في تحقيق التنمية المستدامة من خلال انتاج الطاقة الكهرباء والتي تعد مصدرا لا غنى عنه في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معتبرة أن الجهات ذات العلاقة بإنجاز هذا المشروع هي أمانة بغداد والمحافظات إضافة إلى محافظة بغداد، وقد سمى هذا المشروع ب( مشروع قانون المركز الوطني لإدارة النفايات) وهذا القانون مرهون بموافقة مجلس الوزراء ويعلل أهمية هذا المشروع في كونه يوفر فرص عمل لآلاف الشباب العاطل عن طريق الاستثمار فضلا عن أهميته الاقتصادية والحفاظ على البيئة وتجميل المدن،  ولكي يحقق هذا المشروع أهدافه فلابد من تعيين إدارة كفوءة وجدية في التنفيذ عبر إنشاء معامل تتولى عملية فرز وتدوير النفايات وإنتاج الطاقة من خلال الغازات المنبعثة عن حرق النفايات بهدف انتاج الأسمدة العضوية التي تأتي من مخلفات الأطعمة للإفادة منها في الإنتاج الزراعي . إن ميزة تدوير النفايات تتجسد في قلة التكاليف وتوفير الطاقة وتخليص المجتمع من تكدس النفايات الضارة بالصحة.

    إن ذلك المقترح يأتي متناغما مع التجارب العالمية ومنها على سبيل المثال محطة مياشيما اليابانية تحرق 330 ألف طن من القمامة الصلبة لتنتج 32 ألف كيلو واط من الكهرباء سنويا. وفي  تركيا الدولة المجاورة فان محطة باليكاسير ذات المحركات الثمانية لها القدرة من التخلص من 1600 طن من النفايات يوميا و تنتج 11312 ميكا واط،  وفي الصين فان محطة لوجانج زن في مدينة شنغهاي التي تعتبر أكبر محطة في العالم في مجال تحويل النفايات الصلبة حيث تقوم بحرق مليون طن سنويا لتولد طاقة مقدارها 60 ألف كيلوواط من الكهرباء، وفي كندا تقوم محطة فانكوفر بحرق 260 ألف طن من النفايات سنويا لتولد طاقة تكفي ل160 ألف بيت وتحقق البلدية إيرادا مقداره 8 ملايين دولار كندي في السنة، بالإضافة لهذه الأمثلة فهناك تجارب في الشارقة والنمسا والعديد من دول أوروبا بالإضافة إلى مصر التي خاضت هذه التجربة قبل اكثر من عشر سنوات

إن الدولة مطالبة بالأخذ بكافة تلك المقاربات والتجارب وأية حلول أخرى ثبت نجاحها عبر وضع خطة قصيرة ومتوسطة المدى تشارك فيها الوزارات ذات العلاقة وتفعيل مقترح وزارة البيئة مار الذكر.

عرض مقالات: