في الفترة 4-6 شباط 2022 التأم المؤتمر الرابع والأربعون لحزب اليسار السويدي، والذي عقد عبر الخدمة الرقمية بسبب جائحة كورونا وأدير من القاعة الرئيسية للمؤتمر في بيت الشعب في العاصمة ستوكهولم، وشارك فيه 225 مندوبا من مختلف المدن السويدية.

الوثيقة الرئيسة التي حظيت بمناقشات مستفيضة والتي كانت محور كلمتي سكرتيرة الحزب الافتتاحية والختامية، هي وثيقة” البرنامج الانتخابي لحزب اليسار 2022”، حيث ستجرى الانتخابات النيابية في شهر أيلول القادم، تناولت مختلف القضايا المهمة التي تتصارع حولها الأحزاب السويدية منها قضايا المناخ، ورفع مستوى مجتمع الرفاهية، ومعالجة البطالة، وتحسين الرعاية الصحية ومكافحة الجريمة والحد من انتشار المخدرات.

النخبة الحاكمة هي المسؤولة

عند تناوله لقضية المناخ أشار البرنامج إلى عجز واضح في التعامل مع التغير الحاصل في المناخ، وحمل المسؤولية عن ذلك السياسيين والنخبة الاقتصادية التي تحكم السويد. وطالب الحكومة بالتدخل وتخصيص الموارد للاستثمار في الطاقة المتجددة، وبتولي القطاع العام مسؤولية شبكة الكهرباء حيث سيودي ذلك إلى خفض الرسوم المنزلية، والحاجة إلى تطوير وتوسيع وسائل النقل العام وتخفيض أسعار تذاكرها، على أن تتوفر في جميع أنحاء البلاد مما يقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وأشار البرنامج إلى أن ازدياد الظلم والفجوات الطبقية في المجتمع، يشكلان أرضية خصبة لتفشي الجريمة وخاصة في المناطق الأكثر فقراً. ولغرض تعزيز مجتمع الرفاهية طالب البرنامج بدعم الاستثمار لزيادة بناء المساكن مع ضريبة تصاعدية على الممتلكات وفرض ضرائب أعلى على العقارات الفاخرة. وشغلت مشاكل الهجرة والتفاوت الطبقي حيزا ضافيا في البرنامج مع التأكيد على تحقيق المساواة بين الجنسين وإن نسبة كبيرة من المتقاعدين الفقراء هم من النساء والمهاجرين، في واحدة من أغنى دول العالم. 

ويرى البرنامج أن سياسة الحكومة تجاه اللاجئين المقيدة بتصاريح الإقامة المؤقتة والمشروطة لا إنسانية، وهي شكل من أشكال العنف النفسي ضد مجموعة مستضعفة بالفعل. كما أن إحدى المهام الرئيسية في انتخابات عام 2022 تتمثل في دعم نضال النشطاء النقابيين من أجل اتفاقيات تمنح النقابات العمالية سلطة حقيقية في صنع القرار. وهنا، يمكن للقطاع العام أن يأخذ زمام المبادرة.

في العقود الأخيرة، اعتمدت سياسة الحكومة على السوق لحل احتياجات الأمن الغذائي، لكن حلول السوق أدت إلى تآكل الرفاهية المشتركة وذهبت حصة متزايدة من الأموال الضريبية إلى الإدارات البيروقراطية، وأدت اجراءات الخصخصة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وانتقال الصيدليات من المناطق الريفية إلى المدن ومن المناطق الفقيرة إلى المناطق الغنية.

ضرورة وضع حد للخصخصة

ويطالب الحزب بوضع حد للخصخصة ووقف السعي وراء الربح في مجتمع الرفاهية، وفرض حظر كامل على جميع أشكال الأعمال التجارية الربحية. وينتقد السياسة الاقتصادية التي دفعت السويد إلى الخضوع السلبي لقوى السوق ورأس المال الاستثماري الخاص وجماعات الضغط القوية من الشركات التي تكسب أموالها عن طريق أخذها من الفئات الهشة كالطلبة والمتقاعدين.

إن التخفيضات الضريبية الهائلة التي نفذتها الأحزاب اليمينية أدت إلى انخفاض بمقدار 350 مليار دولار سنويًا في مجال الرفاهية مقارنة بعام 1990. لذلك، هناك عدد أقل من الأشخاص الذين يعملون في مجال الرعاية الاجتماعية، مع انخفاض الضرائب على الفئات الأكثر ثراءً.

ويرى حزب اليسار أن الثقافة الحرة أمر حاسم في ظل ديمقراطية متجذرة، لذلك يدافع عن الثقافة المستقلة، ويطالب بتوفير الظروف لثقافة واسعة تفيد الجميع، في وقت تحاول فيه القوى الشعبوية اليمينية جاهدة السيطرة على المنابع الثقافية. 

وفي السياسة الخارجية فإن الحزب يعارض التعاون العسكري السويدي مع الناتو والاتحاد الأوروبي، وهو الحزب البرلماني الوحيد الذي يدافع باستمرار عن حرية التحالف السويدية ويريد استعادتها.

في الختام توجه البرنامج الانتخابي للناخب السويدي بالقول:

معا نبني المستقبل. أنتم الذين تريدون سياسة لمنع كارثة المناخ، وخلق وظائف جديدة في جميع أنحاء البلاد، وتحسين أنظمة الأمن وتعزيز الرفاهية والمساواة بين الجنسين، صوتوا لحزب اليسار!

حقائق:

عدد سكان السويد :000 , 10,375 نسمة، حسب إحصاء 2020.

عدد أعضاء البرلمان: 349، لحزب اليسار 27 مقعدا في انتخابات 2018.

عدد أعضاء الحزب: 28783 عضوًا منهم 4911 انتموا للحزب في العام 2021.

تم في المؤتمر تجديد الثقة بزعيمة الحزب نوشي داغوستار 37 سنة، وانتخاب اللجنة القيادية من 32 عضوا منهم 10 أعضاء احتياط، وعدد النساء بلغ 18 عضوا.

في استطلاع للرأي في شهر تشرين الثاني الماضي، جاء حزب اليسار رابع حزب في السويد بنسبة 9,2 بالمائة بعد الاشتراكي الديمقراطي الحاكم “ يسار الوسط”  29,1 بالمائة، وتجمع المحافظين “ يمين الوسط” 22.7 بالمائة، وحزب ديمقراطيي السويد” يميني متطرف معاد للمهاجرين” 18,6 بالمائة، وحزب الوسط “ليبرالي” 8.4 بالمائة، والديمقراطيون المسيحيون “يمين الوسط” 4.6 بالمائة، وحزب البيئة 3.9 بالمائة. علما بأن وصول أي حزب للعتبة البرلمانية تتطلب حصوله على 4 بالمائة.

عرض مقالات: