اخر الاخبار

أعادت التظاهرات التي تشهدها الجامعات الامريكية، وامتدادها الىالعديد من جامعات كندا وأستراليا واليابان وفرنسا وهولندا والمكسيك وغيرها، إعادت الى الاذهان الثورة الطلابية الفرنسية عام 1968، التي اعتبرت حينها انعطافة في الحركة الاجتماعية، وكان لسعة انتشارها وصلابة ناشطيها دور في هزّ اركان النظام السياسي الفرنسي، وفي منحها خصائص وسمات وابعادا لم تكن مألوفة في الحراكات الاحتجاجية السابقة.

وليست الاحتجاجات الطلابية الحالية هي الأولى التي تشهدها الجامعات الامريكية، ومع انها لم تأت بجديد من حيث المحتوى، الا ان تصدي الشابات لقيادة التظاهرات كان لافتا ومميزا، سيما وهن يرتدن الملابس الفلكورية الفلسطينية ويتوشحن الكوفية (الياشماغ)، في مظهر تضامن هادف وراقٍ. كذلك كانت لافتة قوةُ استمرار هذه الحركة الاحتجاجية رغم تواصل القمع والاعتقالات والحرب النفسية والاتهام الباطل بمعاداة السامية.

كانت آخر احتجاجات من هذا النوع قد جرت قبل 39 عاما، وتركزتمطالب طلبة الجامعات حينها على انهاء تعاون جامعاتهم مع جميع المؤسسات التي تدعم حكومة الفصل العنصري في جنوب افريقيا.

وكان طلبة الجامعات الامريكية يناهضون كل اشكال العدوان والاحتلال وانتهاك حقوق الشعوب، وشهد لهم الحرم الجامعي وقفات مشرفة ضد سياسات حكومتهم ابان العدوان على شعب فيتنام، فتصدوا لها عام 1968، واجتاحوا الجامعات بسلسلة احتجاجات كبرى تحت عناوين وقف العدوان على فيتنام ورفض التجنيد العسكري.

وشهد الثاني من ايار 1970 تظاهرات غاضبة في جامعة أوهايو ضد غزو كمبوديا، وقد انتهكت الشرطة الحرم الجامعي يوم 4 أيار، وأدّى القمع الذي مارسته إلى مقتل أربعة طلاب وجرح آخرين. ودفع ذلك الطلاب الى اعلان اضراب عام، كان الأول في تاريخ الولايات المتحدة، وشمل اكثر من 400 كلية،حتى اضطرت الجامعات الى تعليق الدوام فيها.

يمكن القول ان مضمون الاحتجاجات الطلابية واحد من حيث الجوهر، وان تنوعت الأهداف ومحركات كل احتجاج، فالتطلع الى التغيير وتحقيق العدالة،ونبذ الحرب والعدوان وإرساء السلام، هما جوهر المطالب الطلابية، اما الأسلوب فتركز على سلمية الاحتجاجات وتجنب اعمال العنف. وفي هذا السياق أيضا انطلقت الاحتجاجات ضد العدوان على غزة، ومن أجل انهاء حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

وقد اضافت الاحتجاجات الطلابية الحالية سمة جديدة الى جانب دقة التنظيم، حيث أظفت زخما تجاوز الحرم الجامعي، ودفع الشباب الى تنظيم تظاهرات في الشوارع الرئيسية لأغلب المدن الامريكية في ولاياتها المختلفة، تتصدرهاالطالبات وهن يطلقن الهتافات عبر مكبرات الصوت، وتردد معهن الجموع الاهازيج والمطالب.

واستمرت الاحتجاجات رغم حملات القمع الواسعة التي لجأت اليها السلطات، والموقف المناهض لحرية التعبير الذي مارسته بعض الإدارات. وقد اعتقلت الشرطة الأمريكية، حسب المصادر الإعلامية، أكثر من ألفين من الطلبة المتظاهرين تأييدا للفلسطينيين ، وبدأت موجة الاعتقالات في 18 نيسان الماضي، عندما طلبت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق من شرطة نيويورك،التدخل لإبعاد المتظاهرين عن الجامعة.

وكان الأكاديمي والروائي العراقي سنان أنطوان بين مجموعة من الطلبة والأساتذة تم اعتقالهم بشكل تعسفي، ما اضاف دافعا آخر إلى توسع رقعة الاحتجاجات لتشمل جامعات أمريكية أخرى.

وفي ضوء هذه الاحتجاجات يمكن الخروج بمجموعة من الملاحظات، تتعلق بالتحول في موقف الشباب الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، وتصاعد مستوى نقدهم للحكومة الأمريكية وسياستها الداعمة لإسرائيل وعدوانها، والنمو المطرد للنزعة الإنسانية الرافضة للحرب، وللعدوان على شعب يطالب بحقه في العيش في وطنه دون احتلال وعسف وقمع.

عرض مقالات: