اخر الاخبار

في نظرة فاحصة للقطاع الخدمي بكل مكوناته وبنيته، يمكن بكل وضوح ملاحظة الانحدار الشديد في منحنياته، ولم تكن الأسباب وليدة اللحظة فإن الحرب العبثية للنظام البائد ضد جيرانه  والحصار الاقتصادي المفروض على العراق بسبب احتلال الكويت والحرب التي شنها التحالف الدولي بقيادة أمريكا واستهداف البنى الخدمية وخاصة قطاع الكهرباء بموقف انتقامي عدواني فظ، بالإضافة إلى البنى التحتية عامة، وقد أضيف لهذه الأسباب مجتمعة الإهمال الحكومي بعد التغيير بالرغم من التدفقات المالية الهائلة المتأتية من الريوع النفطية، كل تلك الأسباب قد أضعفت بشكل خطير قطاع الخدمات بكل مكوناته.

ويمكن أن يكون قطاع الخدمات، في حال إيلائه الاهتمام الجاد، رائدا في الاقتصاد الوطني قويا ومتنوعا وقاطرة فاعلة للقطاعات الاقتصادية الأخرى، من خلال الاستدلال بجملة من المؤشرات ومن بينها القيمة المضافة، فقد ازدادت من 470 مليون دولار في عام 1968 إلى 7مليارات في عام 1921 أي بنسبة 9138 في المائة أي أكثر من 13 ضعفا، أما في قطاع التصنيع فقد كانت 265 مليون في عام 1968 إلى أكثر من 4 مليارات في عام 1921 بنسبة 1409  بما يعادل 14 ضعفا، والقيمة المضافة للقطاع الزراعي ارتفعت من 500 مليون دولار عام 1968 إلى 7 مليارات عام 1921 وبنسبة 1300 في المائة، وفي مؤشر مساهمتها في الإنتاج المحلي الإجمالي كانت مساهمة الخدمات 37 في المائة حتى شكلت 43 في المائة في عام 2021، في ما كانت مساهمة التصنيع 9 في المائة في عام 1968 إلا أنه انخفض إلى 2 في المائة في عام 2021 أما الزراعة فكانت مساهمتها 16 في المئة في عام 1968 لكنها انخفضت إلى 3 في المائة في عام 2021،  والعامل المشترك في كل تلك القطاعات التذبذب الشديد نتيجة للظروف الأمنية والتغيرات السياسية خلال تلك الفترة كعوامل رئيسية تتخللها حزم معقدة من الأسباب الثانوية.

وعلى سبيل المثال فقطاع الكهرباء، بتأثيره المباشر على مجمل العملية الاقتصادية، ما زال يئن تحت وطأة الإهمال والفساد بالرغم من التخصيصات الكبيرة المرصدة له في كافة الميزانيات السنوية. أما القطاع الصحي فحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإن المستوى العام لهذا القطاع يتسم بالمد أحيانا وبالجزر في معظم الأحيان من حيث قلة الكادر الطبي والمساعد والأجهزة والمستلزمات الطبية والعلاجات وخدمات الحالات الطارئة وهي كثيرة، سواء في المستشفيات او العيادات الخاصة، بالنسبة لحجم السكان المتسارع حيث تزيد نسبة النمو السكاني على2.3 في المائة فضلا عما يواجه المواطن من الرسوم في القطاع الحكومي والرسوم الكشفية والتحليلية في العيادات الخاصة.

أما الخدمات البلدية، فحسب المسح، الذي قام به الجهاز المركزي للإحصاء، فإن واقع الماء والمجاري يتسم بالتفاوت بين المحافظات فأحسنها سيء بحسب المعايير العالمية، أما أسوأها فلا تزيد النسبة عن 50 بالمائة وأما المجاري فلا تزيد النسبة عن 3،2 بالمائة وتشمل محافظات المثنى وأطراف بغداد وكركوك ونينوى وبابل، ومشكلة النفايات طاغية في معظم المحافظات ولكن أكثرها سوءا هي كركوك وميسان وديالى والأنبار وواسط والمثنى وبابل حيث لم تزد النسبة فيها على 36 بالمائة.

إن الأسباب الكامنة وراء هذا التردي يكمن، بظواهر الفساد والهدر المالي والرقابة السيئة والإدارات الفاشلة لهذا القطاع الواسع والسياسات الخاطئة والإصرار على التمسك بها والتمترس المحاصصي وراءها.

ويمكن القول إن معالجة هذه التردي في الخدمات والتي تقف كواحدة من أهم  أسباب التردي في الاقتصاد بشكل عام يتوقف في نهاية المطاف على التزام الحكومة بمراجعة شاملة لمجمل السياسة الاقتصادية حيث أن الخدمات جزء لا ينفصم عن هذه السياسة ضمن إطار استراتيجية شاملة ملزمة التنفيذ ومشرعة قانونيا تأخذ في الاعتبار تغييرا شاملا في الإدارات الفاشلة وفق معيار الكفاءة والنزاهة ، وليس أقلها أهمية التعامل مع الفاسدين كما الإرهابيين وتشديد الرقابة وأفضلها الرقابة الشعبية وإشراك الرأي العام ي وضع الاستراتيجيات من خلال عرضها في وسائل الإعلام الجماهيري.