التفاؤل ليس منّة من أحد يتبرع به لنا لكي نضع أقدامنا في الماء البارد، مطمئنين، وينام أحدنا ملء جفونه، ولسان حاله يقول: "أغمضتُ جفني وبتّ الدهرَ نعسانا" ثم أن الثقة بالمستقبل، بصرف النظر عن الكوارث وضياع ثروة البلاد وتردي كفاءة ونزاهة اصحاب الشأن، ممارسة تدخل في شروط استمرار الحياة، وفي لوازم العمل على تصويب الأقدار والمشيئات ونوع الحياة.. وبهذا المعنى فإننا (أقصد الذين ينظرون إلى المستقبل من هذه الزاوية) متفائلون، بل وسعداء بهذا التفاؤل.
وإذا كان التشاؤم، بحسب التعريف المدرسي، هو التعبير الغريزي عن القلق حيال اتجاه الأوضاع، والخشية من الأخطار الداهمة، وعدم الثقة بوعود "السوق السياسي" حول الأمن والاستقرار والرخاء، فنحن، أنفسنا، متشائمون إلى أبعد الحدود، فلا أحد يستطيع إقناعنا بأن ثمة عقول متنفذة تعمل على اختصار المأزق الذي تتخبط به بلادنا، أو أن الأمور ستتعافى يوما من العلل والعثرات التي نتابعها، بالصوت والصورة، وهي تتسع وتتحول إلى كوابيس.. فما يقدمونه لنا من مستقبل لا يعدو عن وعود صالحة لأكياس القمامة.
*قالو:
"التشاؤم لا يقتل الحياة.. الذي يقتلها العيش في الأمل الكاذب".
شوبنهاور