اخر الاخبار

التطورات الجارية في خصوص تنفيذ الاستحقاقات الدستورية بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وردّ الدعويين ذاتي العلاقة ، لا تثير الا المزيد من قلق المواطن على حاضر ومستقبل بلده .

فما يجري ليس هو المرتجى والمطلوب، ولا هو ما  كانت تنتظره الناس التي افترشت الشوارع والساحات منذ شباط ٢٠١١ ، مرورا بهبّة الشعب الكبرى في تشرين الأول ٢٠19 .

واذا كان الحديث عن التوافقية وتشكيل الحكومة وفقا لها، في تمسك واضح بالمحاصصة بقضّها وقضيها ، يستفز الكثير من العراقيين ، كون هذا المنهج جُرّب مدة تقرب من عشرين عاما وفشل بامتياز، وكلف شعبنا الكثير دماء واموالا وهدر فرص ثمينة للتنمية والرقي، فان الدعوات الى حكومة الأغلبية الوطنية هي الأخرى لا تلبي طموحات الناس وتطلعاتهم، خصوصا اذا ما بقيت تدور حول “ التوافقية “ والمحاصصة المكوناتية ، واذا ما جرى التركيز على اقتسام المناصب أيضا من دون وجود برنامج قابل للتنفيذ ، واذا لم تعتمد معايير الكفاءة والنزاهة والقدرة الفعلية على العمل والأداء والاستعداد الكافي لتحمل المسؤولية كاملة .

وفي الحديث عن “ التوافقية “ يجري خلط متعمد للمفهوم، كما  لو انها من مرادفات الديمقراطية والانتخابات، في حين البعض الذي يتحدث بها ويصر عليها لا تشكل عنده اكثر من تقاسم للمناصب ولكراسي السلطة بين ممثلين عن المكونات، الذين من غير المفهوم لماذا يصرون على التحدث باسم المكون أيا كان عنوانه واسمه، وكيف حصلوا على هذا التخويل. فنتائج الانتخابات الأخيرة لا تشير الى إعطاء مثل هذا الكارت الأخضر ، حيث ان الغالبية العظمى من العراقيين كانت اما عازفة او مقاطعة .

هذا البعض يريد حصر المفهوم في هذا المعنى، خدمة لمصالحه ونفوذه وحصته في السلطة، فيما يمكن حصول توافق بين قوى وكتل سياسية على برنامج سياسي وليس توافق مكوناتي، أي انه توافق سياسي وليس مكوناتي . 

ان  الإصرار على هذا النهج يحمل  مخاطره الجسيمة على حاضر ومستقبل بلدنا وشعبه ، ويكرس حالة التشظي والاخاديد العازلة ، ويضعف روح المواطنة العراقية الجامعة ، وهو قنابل  قد تنفجر في أي وقت ، ولنا في تجربة لبنان شاهد حيث لم يستقر له حال ومعاناة غالبية اللبنانيين واضحة للمتابعين .

ويغدو الامر مقلقا على نحو كبير ارتباطا بنزوع متزايد نحو التسلح وامتلاك السلاح وتقوية فصائل مسلحة على حساب القوات العسكرية والأمنية العراقية ، ما يعني في النهاية تحكم السلاح في القرار والتوجه السياسي . واذا ساد هذا وتكرس كما يريد البعض ويعمل حثيثا من اجله، فلا يبقى من اثر وقيمة للحديث عن الديمقراطية واجراء الانتخابات والتداول السلمي للسلطة .

في مقابل هذا العناد من البعض وعدم قراءة الواقع كما هو ومعرفة الحراك الجاري فيه والاستحقاقات المطلوبة ، هناك من يريد الإفلات من هذا ( والمقصود في الحالتين طبعا القوى السياسية المتنفذة والمهيمنة ) ، ولكنه لا يزال مشدودا الى اعتبارات تخصه وليس الأغلبية الكبيرة المتطلعة الى شيء اخر مختلف ، وفضاء جديد يفتح افاقا ارحب للسير الى امام لملاقاة استحقاقات الحاضر والمستقبل ، ومتطلبات بناء دولة  معاصرة .

هذه المساعي للافلات من قبضة المحاصصة وقيودها هو ما يستحق الدعم والاسناد بمختلف الاشكال ، ومن ذلك طبعا وفي المقدمة الحراك الجماهيري المتبني والداعم لتغيير عميق، غدا ضرورة وليس شعارا او ترفا فكريا .

عرض مقالات: