اخر الاخبار

منذ مدة والمسؤولون المتنفذون يقولون ان العراق ورث تركة ثقيلة من سوء الإدارة والفساد ، لكنهم لم يقولوا من الذي سبّب ذلك وقاد بلادنا الى ما وصلت اليه من اوضاع متردية على كل المستويات . حتى صحّ تماما القول ان الفساد معضلة كبيرة، وقد غدا اخطبوطا متحديا  كبير امام المسؤولين والحكومة القادمة .

لنتذكر ان كل رؤساء الوزارات قالوا وصرحوا ان لديهم  ملفات فساد لو تم الكشف عنها لانقلب عاليها سافلها ولتدحرجت رؤوس كبيرة، حسب تصريحاتهم بالطبع. وهذا كله موثق ومحفوظ، على الأقل في مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات التي اجرت مقابلات مع هؤلاء وغيرهم . 

فمن من هؤلاء سيُقدم اذا ما استلم منصبا جديدا في سوق تقاسم الحصص والمناصب وغدا  صاحب قرار، على فتح الملفات جميعا، ما ثقل منها وما خف وزنه؟ وهل التوافقات التي يجري الحديث عنها تتيح تحقيق هذا الاختراق؟ ام ستجري المفاضلة بين البقاء في المنصب وبين قول كلمة الحق التي ينتظرها  الشعب العراقي بفارغ الصبر؟!

من المؤكد ان السير على المنوال السابق والتوافقات (غير السياسية المبنية على برامج سياسية طبعا)  سيثقل التحرك نحو مكافحة جادة للفساد، مهما حسنت النوايا واطلق من وعود حماسية  بالقضاء عليه وتدشين طريق الإصلاح. وقد بات معروفا ان لا اصلاح  جديا ما دامت ملفات الفساد قديمها وحديثها مركونة تنتظر من ينفض عنها الغبار! 

ولقد بدأنا  منذ الان، والحكومة لما تتشكل بعد، نسمع عن مبررات ودوافع لعدم الخوض في هذا الملف الشائك “حفاظا على  السلم الأهلي” ، ومراعاةً لهذا المكون او ذاك الزعيم. وإن استمر الحال على هذا المنوال فان ارقام الفساد ستغدو خيالية، ولن ينال منها شيء حتى لو تجاوز سعر  النفط حاجز الـ ١٥٠ دولارا للبرميل، كما صرح خبراء.

والحديث هنا لا يتعلق بفساد معيّن كالرشى، والحصص في العقود، وتهريب النفط ، وتجارة المخدرات، والتعيينات، وتجارة السلاح، والاستيلاء على عقارات واراضي الدولة، وتهريب وغسيل الأموال، بل ويشمل كل ما يخص مفردة الفساد، بما في ذلك استغلال المنصب الحكومي العام وتوظيفه لأغراض ومنافع شخصية ضيقة، او تصل الى المقربين والمؤيدين.

ومن المؤكد ان هذا الملف الشائك يصعب وضع حلول ومعالجات شاملة له مع ضعف الدولة ومؤسساتها وعدم فاعلية القضاء، ومع تفاقم دور السلاح المنفلت. والأنكى ان تقوم القوى السياسية بحماية من له علاقة بها بمختلف الاشكال، بضمنها طبعا سن القوانين حمّالة الأوجه ، والحدّ من فرض قوة القانون على الجميع .

قد يستمر عمل هيئة النزاهة واعلانها عن هذا الملف او ذاك وحتى شمول هذا الوزير او من كان في منصب درجة  خاصة. ولكن هذا ليس محاربة للفساد ،او في الأقل الحد منه، والدليل تكشفه مراقبة وتتبع الإعلانات الصادرة عن هيئة النزاهة ذاتها، والتي لا تشير الا الى تصاعد مؤشرات الفساد والتفنن في ذلك.

ان المحاربة الجادة للفساد تشكل تحديا كبيرا امام اية حكومة قادمة، والامل في ان لا نسمع مرة ثانية ومن جديد العبارة الاثيرة على قلوب المتنفذين: “الموضوع  شائك ويحتاج الى وقت”!

فهو ملف شائك فعلا ومعقد وتتقاطع فيه مصالح، لكن توفرالإرادة السياسية  قادر على معالجته.

فهل لهذه الإرادة وجود؟          

عرض مقالات: