اخر الاخبار

اعتادت الدول المتقدمة على إجراء التعدادات السكانية العامة بصورة دورية ولفترات منتظمة إدراكا منها لأهميتها ليس فقط في رسم السياسات السكانية وعلاقتها في عملية الإصلاح الشامل في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وانما وهذا هو المهم في توفير البيانات الضرورية التي تتطلبها عملية التخطيط المستدام ودرء المخاطر التي تهدد الاستقرار المجتمعي ومتطلبات الانتخابات البرلمانية في بلادنا.

  واستنادا إلى التصريحات الصادرة عن الناطق باسم وزارة التخطيط فان اخر التقديرات لعدد سكان العراق قد بلغ 41 مليونا و150 ألف نسمة كانت نسبة الذكور 50،5 في المائة ونسبة الاناث 49،5 في المائة كما بلغ معدل النمو 2،6 في المائة مضيفا ان الزيادة في عدد السكان لعام 2020 بلغت مليونا و285 ألف نسمة فيما بلغت في عام2021 مليونا و284 ألف نسمة. وحسب رأيه أن أسباب عدم اجراء عملية التعداد الذي كان مقررا في عام 2020 ترجع إلى عدم توافر الأدوات الضرورية لإجراء العملية الإحصائية ومنها الأجهزة اللوحية (التابلت) بالإضافة إلى تأهيل 150 ألف موظف يقومون بعملية التعداد مع توافر كافة مستلزمات السابقة لعملية التعداد، وإذا كانت هذه الأسباب هي المعطلة لعملية التعداد فمتى يمكن توفيرها بعد مرور 26عاما على آخر الإحصاءات الجارية في عام 1997 و19 عاما للتغير السياسي وما هي المصادر التي وفرت هذه الأرقام لعدد السكان؟ 

ان القوى المتنفذة القومية والطائفية في حقيقة الامر هي من تعرقل عملية الاحصاء  السكاني فتحاول جاهدة توظيف بعض هذه المعوقات او كلها الواردة في تصريح الناطق باسم وزارة التخطيط وما تقتضيه مصالحها الفئوية لتعميق الاختلافات بشان شكل الاستمارة الاحصائية وتصميمها لتكون منسجمة مع اهدافها الطائفية الاثنية التي تدور حول الأكثرية والأقلية حفاظا على سلطتها ومكاسبها الاقتصادية وهذه المساعي المستمرة  قادت إلى الاختلاف بشان توقيت عملية التعداد بحجة عدم القدرة على توفير تكاليف التعداد او التحجج  بإمكانية وزارة التخطيط على توفير البيانات الاحصائية دونما حاجة إلى إجراء عملية لها متطلبات طائلة غير متاحة دون ادراك ان اجراء هذه العملية  والنجاح في تنظيم مخرجاتها وتبويبها وتصنيفها ستوفر قاعدة بيانية موثوقة تدعم الدولة في اعادة بناء اقتصادها الوطني.

فالإحصاء العام والشامل يوفر المعطيات التي يتطلبها التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية  والتوزيع السكاني، وهذه المهمة لابد ان تأخذ في الاعتبار عند اعداد الاستمارات الاحصائية ايجاد اطار عام للمقارنة بين هذه الانشطة والفعاليات على اختلاف عناوينها وعلى الاخص استراتيجيات التنمية المستدامة  وتبيان مؤشرات تطورها على المستوى الكلي والمستوى القطاعي، كما انه من الضروري الاستفادة من البيانات الاقتصادية التي توفرها مخرجات الاحصاء واستخدامها في ايجاد علاقة بين المؤسسات الاقتصادية ودورها في رسم السياسات الاقتصادية في البلاد عموما سعيا لفك رموز الازمة الاقتصادية المستفحلة وايجاد المعالجات اللازمة،  كما ان النتائج المتعلقة بعدد السكان تعكس لنا التغيرات السكانية وانعكاسات الهجرة إلى بلدان اللجوء على الموارد البشرية وخاصة من فئة الشباب والخريجين والكفاءات الوطنية  من مختلف الاختصاصات باعتبارها عوامل مهمة في حركة النشاط الاقتصادي والاجتماعي وكفاءة الاداء .

 إن الأهمية الكبرى لإنجاز عملية التعداد السكاني العام وقطف ثمارها تتطلب توافر الارادة السياسية الحازمة من حكومة تدرك جيدا المصلحة الوطنية العليا لهذه العملية الرائدة ونقترح الآتي:

1. قيام الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط للقيام بالتنسيق مع وزارات الدولة كافة بما فيها اقليم كردستان للاتفاق على وضع استمارة احصائية شاملة مدنية الطابع لكافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والاحوال الشخصية للمواطن خالية مما يفرق المواطنين ويخبط امالهم.

2. العمل على وضع خطة متكاملة لعملية الاحصاء تشترك فيها وزارات الدولة واجهزتها كافة وتحشيد الموارد البشرية والمادية الكافية للقيام بهذه العملية المهمة وشمول كافة محافظات العراق بما فيها الاقليم، بعملية الاحصاء واستخدام التقنيات التكنولوجية للتسريع بإنجاز هذه المهمة.

3. الاستفادة من تجارب الدول الاخرى المشابهة لظروف العراق وتجارب الاحصاءات السكانية السابقة وعكسها على هذه العملية وصولا إلى بيانات شاملة تخدم عملية التنمية المستدامة.

عرض مقالات: