جاء العراق في المرتبة 79 عالميا والـ 12 عربياً في مؤشر الرعاية الصحية لعام 2025، بعد حصوله على 33.84 نقطة من أصل 100، حسب تقرير لمجلة جيوورلد الامريكية.
ويعتمد المؤشر على مجموعة معايير، أبرزها استثمار الدول في البنية التحتية الصحية، وتوفر الكفاءات الطبية، وسهولة الحصول على الأدوية وتكلفتها، وجاهزية الحكومات في إدارة القطاع الصحي.
ورغم ما يُسمى "الموازنات الانفجارية" عندنا، بلغت موازنة وزارة الصحة العام الماضي حوالي 11 تريليون دينار، بمعدل 240 ألف دينار للفرد سنوياً (تحت 185 دولاراً). وللمقارنة خصصت السعودية أكثر من 23 مليار دولار لقطاع الصحة، بمعدل يتجاوز 1200 دولار للفرد، فيما بلغت موازنة قطر الصحية 6 مليارات دولار، أي نحو 2000 دولار للفرد، رغم أن عدد مواطنيها مع المقيمين لا يتجاوز 3 ملايين نسمة.
وتبين الأرقام أعلاه جوانب مهمة من سوء الرعاية الصحية المقدمة للعراقيين، إضافة الى عدم استثمار المرصود بالشكل الأمثل، في ظل غياب الرقابة واستشراء الفساد وعدم وضوح السياسات الصحية.
هذا الواقع ان استمر يعني أن المواطن العراقي سيبقى يدفع الثمن، في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى خدمات صحية حديثة وشافية.
يتراوح إيجار السكن في بغداد بين 400 و600 ألف دينار للمسكن بمساحة 100 م2، وهو يرتفع في المناطق الراقية، وينخفض في أطراف المدن إلى 175–300 ألف دينار، ما يجعله يتجاوز نصف دخل المستأجر ان كان موظفا، وإذا كان محدود الدخل فـ"إله الله".
ورغم إصدار هيئة الاستثمار الوطنية أكثر من 632 ألف إجازة لمشاريع سكنية، لا تزال كلفة شراء المساكن وإيجارها بعيدة عن متناول المواطن. فيما تبدو بعض الإجراءات الحكومية، مثل توزيع الأراضي في مناطق غير مؤهلة، مجرد محاولات "لذرّ الرماد في العيون".
الحكومة تركز على الكمّ من دون النظر إلى النوع ومستوى البنية التحتية والخدمات، في حين أن الاعتماد المفرط على الاستثمار الخاص، دون آليات صارمة لضبط الأسعار، يجعل الحلول المنتظرة أقرب إلى "ترف عقاري".
فالأزمة الحقيقية لا تكمن في بناء الوحدات السكنية وحسب، بل أيضا في ضمان عدالة التوزيع وفي التخطيط الاستراتيجي، الأمر الذي يتطلب سياسات إسكان شاملة، توازن بين دخل المواطن وكلفة السكن، وتوفر حياة مستقرة ضمن بيئة خدمية متكاملة، بعيدًا عن الحلول الشكلية والتوزيع العشوائي.
فيما تتصاعد الدعوات الى اعتماد خطاب انتخابي بعيد عن التأجيج والتحريض الطائفيين، يواصل البعض الشحن المقيت عن قصد ودون اهتمام بعواقبه الجسيمة، وكأنه وهو غارق حتى الاذنين بالطائفية، لم تشبعه النكبات والكوارث التي حلت جراءها بالشعب والوطن.
فقد نقلت مواقع إخبارية مقطعا مصورا لمعمم في حسينية بمدينة الناصرية، يدعو المصلين الى التصويت "مذهبيا" حتى لو كان المرشح "٩٩ ٪ موزين "، فالمهم ان يفوز ما دام من "مذهبك".
إضافة الى كون دعوات كهذه مخالفة للقوانين ذات العلاقة بالانتخابات وبتعليمات المفوضية العليا، ومنها تحريم استخدام دور العبادة للدعاية الانتخابية، يتوجب ان نتصور نوعية مثل هذا المرشح عند فوزه، وماذا سيقدم لمجلس النواب. هنا، وإضافة الى ما تولده مثل هذه الدعوات المنفرة من تداعيات وما تحفر من اخاديد في المجتمع، فهي تُسقط كل معايير الانتخاب السليم، واختيار من هو أفضل وأكفأ لعضوية برلمان يفترض ان يمثل الشعب بأطيافه المختلفة، وليس مكونا بحد ذاته.
ان مفوضية الانتخابات والحكومة مطالبتان بشدة، بالتحرك العاجل لإيقاف هذا العبث بالسلم الأهلي، من أية جهة صدر، في شرق البلاد وغربها، ومن شمالها الى جنوبها.
رغم أن العراق يُصنَّف من بين أكثر بلدان المنطقة امتلاكاً لثروات الطاقة، الا إن ملف الغاز ما يزال يمثل أحد أضعف حلقاته وأكثرها إرباكاً، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وما يحمله من زيادة في الطلب على الكهرباء.
فعلى مدى سنوات، لم يتمكّن العراق من استثمار ثروته الغازية الهائلة بسبب غياب الخطط الاستراتيجية وتراكم المشكلات الفنية والإدارية، ليجد نفسه مرتهنًا إلى الاستيراد الخارجي، وبالأخص من إيران، التي تشكّل موردًا رئيسًا لتشغيل محطات الكهرباء.
هذا الارتهان بحسب مختصين، جعل المنظومة الوطنية للطاقة في العراق عرضة لأي اضطراب سياسي أو تقني في الإمدادات، حيث تكفي أزمة عابرة أو قرار خارجي لإغراق البلاد في عجز كهربائي واسع.
ان ما زاد من تعقيد المشهد اكثر، هو فشل الاتفاق مع تركمانستان، الذي كان يُعد بارقة أمل لتأمين بدائل جزئية، لكنه اصطدم بجدار الرفض الأميركي والاشتراطات الصارمة لوزارة الخزانة في واشنطن.
وعلى هذه الحال يظل العراق محاصراً بين خيارات محدودة: إما الاستمرار في الاعتماد شبه الكلّي على الغاز الايراني الذي يخضع ضخه تبعاً لحجم الاستهلاك الداخلي، مع ما يرافقه من ضغوط سياسية ومخاطر انقطاع، أو الدخول في مشاريع بديلة تحتاج إلى سنوات طويلة وكلف مالية باهظة لإنشاء البنى التحتية اللازمة لاستيراد الغاز المسال من قطر أو عُمان.
مختصون بشؤون الطاقة أكدوا ان التحدي الحقيقي لا يقتصر على سد النقص الآني في إمدادات الغاز فحسب، إذ يتجاوز ذلك إلى سؤال استراتيجي أعمق: كيف يمكن للعراق، وهو بلد يملك احتياطات ضخمة من الغاز المصاحب وغير المستغل، أن يبقى عاجزاً عن تأمين احتياجاته الأساسية ويظل أسيراً لإرادات خارجية؟
شتاء قاسٍ
وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن الكهرباء في العراق ترتبط بشكل كبير بالغاز المستورد من ايران، إذ يغطي ما يقارب 80 في المائة من احتياجات تشغيل المحطات. هذا الاعتماد يجعل المنظومة الوطنية شديدة التأثر بأي توقف في الضخ، حيث يمكن أن تخسر ما يقارب 10 آلاف ميغاواط من الطاقة المنتجة عند تعثر الإمدادات.
وفي مثل هذه الحالات، يتم اللجوء إلى اتخاذ إجراءات طارئة، إما عبر تقنين ساعات التجهيز وقطع التيار لفترات قد تصل إلى ثماني ساعات يومياً في بعض المناطق، أو عبر تشغيل المحطات بالديزل والمازوت، وهو خيار مرهق مالياً بسبب كلفته العالية.
لا حلولَ في الافق
من جهته، أكد الخبير النفطي حمزة الجواهري أن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران ما تزال سارية المفعول، الأمر الذي يعقد الموقف ويحول دون استفادة العراق من ثروات الغاز الإيراني. وأضاف الجواهري أن الشركات الأميركية تسيطر على ما يقارب 80 في المائة من غاز تركمانستان، ما يضيّق خيارات بغداد في هذا الملف.
وقال الجواهري في حديث مع "طريق الشعب"، إن “الفشل الحقيقي يتمثل في عدم استغلال العراق لثروته الغازية الهائلة، سواء الغاز المحترق المصاحب للنفط أو الكميات الكبيرة التي ما تزال تحت الأرض، والتي كان من الممكن أن تزوّد نصف دول العالم لو جرى تطويرها”.
وأوضح أن “الخيارات المتاحة أمام العراق محدودة جداً في ظل هذه الظروف، ولا حل سوى المضي جدياً في استكمال مشاريع معالجة الغاز المصاحب والحقول الغازية الجديدة”. واشار الى أن “الاعتماد على الاستيراد من قطر يتطلب منشآت خاصة لتخزين الغاز المسال بدرجات حرارة منخفضة جداً تصل إلى 168 درجة مئوية تحت الصفر، وهو ما يحتاج إلى ثلاث أو أربع سنوات من العمل والتجهيز”.
وبيّن الجواهري، أن البرنامج الحكومي الحالي يخطط لتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز بين عامي 2027 و2030، فيما قد يستمر التوسع في الإنتاج حتى عام 2050، لكنه شدد على أن العراق “لن يكون قادراً على تعويض النقص الحالي إلا بتطوير موارده الوطنية بشكل كبير جداً".
العراق أمام معضلة غازية معقدة
من جهته، شدد عضو مجلس أمناء أكاديمية العراق للطاقة، د. إحسان العطار، على أن أزمة الغاز في العراق ليست وليدة اليوم، وممتدة منذ سنوات طويلة، مرجعاً ذلك إلى طبيعة الغاز العراقي الذي يختلف عن الغاز “الحر” المتوافر في بعض الدول مثل قطر، إذ إن معظم ما يُستخرج من الحقول العراقية هو غاز مصاحب لإنتاج النفط، ما يزيد من تعقيد استثماره بالشكل الأمثل.
وأوضح في حديث لـ"طريق الشعب"، أن “الموقف الأميركي يشكل عائقاً رئيسياً أمام خيارات العراق، فواشنطن لا تزال متشددة إزاء استيراد الغاز من إيران، وهناك أيضاً رفض أميركي لمساعي بغداد في استيراد الغاز من تركمانستان”.
وبيّن أن البدائل الأخرى المطروحة أمام العراق لا تخلو من صعوبات فنية وزمنية كبيرة، موضحاً بالقول: “استيراد الغاز من قطر يتطلب إنشاء منشآت متخصصة لتخزين الغاز المسال بدرجات حرارة منخفضة للغاية، وهذه المنشآت تحتاج إلى فترة لا تقل عن ثلاث سنوات لإنجازها، الأمر الذي يجعل من هذا الخيار غير عملي في الوقت الراهن".
واضاف بالقول، أن "خيار الاستيراد عبر سلطنة عمان يواجه عقبة غياب خط أنابيب ناقل، ما يفرض اللجوء إلى النقل عبر ناقلات بحرية خاصة، وهي بدورها تحتاج إلى موانئ مجهزة لاستقبال الغاز المسال، وهو ما يمثل عملية معقدة وصعبة التنفيذ حالياً”.
وأكد العطار أن “جميع الحلول المتاحة اليوم معقدة ومكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، باستثناء خيار استيراد الغاز من تركمانستان، الذي يُعد من الناحية الفنية والاقتصادية حلاً ناجعاً، لا سيما أن تركمانستان لا تمانع في تزويد العراق بالغاز”.
لكنه شدد في المقابل على أن “العقبة الأساسية تكمن في الموقف الأميركي، وهو ما يتطلب من بغداد الدخول في مفاوضات مباشرة وجادة مع واشنطن، باعتبار أن لا بديل واقعياً أمام العراق سوى هذا المسار”.
وختم العطار بالقول إن “العراق يقف اليوم أمام معضلة غازية معقدة، وإن استمرار الأزمة من دون حلول عملية سيضاعف من أعباء الدولة ويحد من قدرتها على تلبية احتياجات قطاع الكهرباء والصناعة، مما يستدعي اتخاذ قرارات استراتيجية عاجلة تعكس حجم التحدي”.
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، امس الاثنين، عن فتح باب التسجيل أمام فرق المراقبة المحلية ووكلاء الأحزاب السياسية اعتباراً من اليوم الثلاثاء 23 أيلول 2025، مؤكدة نشر رابط إلكتروني خاص للتقديم.
وقال رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل، إن التحضيرات الخاصة بالانتخابات المقبلة وصلت إلى مراحلها النهائية، مبيناً أن اختيار الموظفين تم من بين موظفي الدولة وطلبة الجامعات والخريجين، على أن يتم توزيعهم تدريجياً على المدارس ومحطات الاقتراع بإشراف موظفي مراكز التسجيل ومكاتب المحافظات.
22 مليون ورقة اقتراع
وبيّن جميل أن عدد أوراق الاقتراع المطبوعة تجاوز 22 مليون ورقة، منها أكثر من 20 مليون ورقة للتصويت العام، ونحو مليون و300 ألف ورقة للتصويت الخاص، إضافة إلى 26 ألف ورقة خُصصت لتصويت النازحين، مع وجود أوراق احتياطية لمعالجة أي حالات تلف أو أخطاء أثناء عملية الاقتراع.
وأكد أن أوراق الاقتراع صُممت بمعايير أمنية عالية تشمل علامات سرية وخصائص فنية مماثلة للعملات الرسمية، مشدداً على أن أجهزة العد والفرز الإلكتروني لا تتعامل إلا مع هذه الأوراق حصراً، ما يمنع أي محاولة للتلاعب.
وأضاف أن المفوضية أولت اهتماماً كبيراً بالجوانب الأمنية والفنية في عملية الطباعة، لضمان نزاهة الانتخابات وسلامتها في جميع مراكز التصويت داخل العراق وخارجه.
التصويت الخاص
وكشفت المفوضية اعداد الناخبين المشمولين بالتصويت الخاص يبلغ نحو 1,313,980 ناخبًا من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وقالت نائب المتحدثة باسم المفوضية نبراس أبو سودة، إن التصويت الخاص سيُجرى قبل التصويت العام بـ48 ساعة، نظرًا لطبيعة عمل هذه الفئات ومسؤوليتهم عن تأمين العملية الانتخابية في يوم الاقتراع العام.
وأضافت أن التصويت الخاص يشمل منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية وجميع التشكيلات العسكرية والأمنية، حيث سيُدلون بأصواتهم في مراكز اقتراع خاصة حددتها المفوضية وفق أماكن انتشار قطعاتهم العسكرية، وليس في مراكز الاقتراع التابعة لمناطق سكنهم.
وأوضحت أبو سودة أن بطاقات التصويت البايومترية الخاصة بهم مرمّزة ويتم تعطيلها لمدة 72 ساعة بعد التصويت، وتُسحب مباشرة بعد الإدلاء بالأصوات وتُعاد لاحقًا، كإجراء قانوني مخصص لهذه الفئة فقط.
مقومات نزاهة انتخابات
وفي سياق متصل، أكدت هيئة النزاهة أن الوسائل الفعّالة لإنفاذ القانون تُعد الضمانة الأساسية لانتخابات نزيهة، جاء ذلك خلال ندوتين نظمتهما في وزارتي المالية والموارد المائية، وتناولت موضوع نزاهة الانتخابات وحماية المال العام.
وأوضحت الهيئة أن الندوتين قدمتا تعريفاً بلائحة السلوك الوظيفي في نطاق الانتخابات رقم (1) لسنة 2025، والتي تهدف إلى تعزيز ثقة المواطن بحيادية الوظيفة العامة أثناء العملية الانتخابية.
وشددت على عدم استغلال مؤسسات الدولة والمواقع الإلكترونية الحكومية وشعاراتها لأغراض الترويج الانتخابي، فضلاً عن أهمية الحفاظ على سرية الوثائق الرسمية وعدم استخدامها لأغراض سياسية.
كما أشارت الهيئة إلى وجود مسارات قانونية للإبلاغ عن حالات الفساد أو الخروقات الانتخابية عبر الخط الساخن المخصص لذلك، مؤكدة أن هذه الآلية تعزز الثقة بمؤسسات الدولة، وتدعم الاستقرار والعدالة. وتناولت الندوتان كذلك تعريفاً بعمل الهيئة وفق قانونها رقم (30) لسنة 2011، ودورها في مواجهة الفساد والتوعية بمخاطره، بما يوفر الحصانة للموظفين المكلفين بخدمة عامة من التورط في جرائم الفساد أو الإخلال بالواجبات الوظيفية.
العدو الوهمي
من جانبه، قال القيادي في ائتلاف الإعمار والتنمية، النائب محمد الصيهود، إن المشهد السياسي مع كل دورة انتخابية يشهد إعادة إنتاج ما وصفه بخطاب “العدو الوهمي” لإثارة المخاوف بين الناخبين.
وأشار إلى أن الحديث عن “عودة البعثيين” أو “المقابر الجماعية” يدخل ضمن هذا الخطاب. وأكد الصيهود أن حزب البعث في العراق لم يكن فكراً أو أيديولوجيا بقدر ما كان جهازاً أمنياً يمارس القمع والسيطرة.
وشدد على ضرورة إيقاف هذا النوع من الخطاب، لافتاً إلى أنه لا توجد إرادة خارجية لتغيير النظام في العراق، وأن الحديث عن انقلاب غير صحيح، مؤكداً أن “زمن الانقلابات قد ولّى” وأن النظام التعددي الحزبي في البلاد يجعل من الصعب حدوث مثل هذه التغييرات.
وبينما تمضي المفوضية في خطواتها التنظيمية والإدارية والفنية، يظل ملف النزاهة وضبط الخطاب السياسي ومنع استغلال المال العام وموارد الدولة محاور اساسية في رسم ملامح الانتخابات المقبلة، وسط دعوات لتكثيف الرقابة وضمان بيئة انتخابية عادلة ومستقرة.