سارع ملايين الشباب العراقي الى متابعة رابط التقديم للتطوع في جهاز مكافحة الإرهاب، بعد سويعات من إعلانه، وفورا ضجت مواقع التواصل باصوات من لاحظوا في الاستمارة حقلا خاصا بطائفة المتقدم.
الاعداد الهائلة للمتقدمين جاءت صادمة وهي تعكس حجم البطالة في بلادنا.
ولم تصمد اقوال المسؤولين والمتنفذين عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، امام الواقع اليومي لألوف المحتجين الباحثين عن عمل، ولم يخفف الحال تعيين 800 الف شاب تقريباً بداية تشكيل الحكومة الحالية. فلما اعلن عن اغلاق باب التعيين، جاءت تعليقات الشباب بالرفض والاستهجان.
وبجانب الاحصائيات الرسمية التي تشير الى تشكيل الشباب غالبية المجتمع، ولا تذكر شيئا عن اعداد العاطلين في صفوفهم، فأن المعطيات الحكومية الخاصة بمعالجة مشاكلهم الكثيرة لا تعد حتى الان بحلول واقعية. لذا يلجأ هؤلاء الملايين الى طلب التعيين في أجهزة الامن، التي تعرض رواتب تسهم ربما في سد احتياجاتهم.
وقد لا يهتم احد لذكر «المذهب» في استمارة التطوع، لكن القوى المتنفذة تصر دائما على تذكير المواطنين بأنها تقسمهم كما في الاستمارة وفق الانتماء الى الدين او المذهب او القومية، ولا تنظر اليهم كعراقيين وفق الهوية الوطنية الجامعة.
نحو مليوني مخالفة سجلتها مديرية مرور بغداد في خمسة تقاطعات فقط في العاصمة، بعد اقل من شهرين من نصب كاميرات ذكية لرصد المخالفات.
وهي نتيجة منطقية لغياب أي نظام مروري في مدينة تعاني من نقص هائل ومتزايد في البنية التحتية، مع وجود 4 ملايين سيارة تسير يومياً في شوارع مصممة لـ400 الف فقط.
المخالفات المرصودة سببها عدم وضع حزام الامان، استخدام الهاتف، عبور خط المرور، غلق مسار اليمين.
والجميع يعلم ان مديرية المرور منحت اغلب السائقين اجازات سوق دون اختبار حقيقي، بجانب غياب الفحص السنوي للمركبات، وانواع الفساد في مديريات المرور واقسامها، كذلك ضعف التوعية بالقانون وبوجوب عدم مخالفته.
ومع ان الازدحام يشغل اليوم بال اعلى سلطة في البلد، فان الشوارع صارت تباع بالمزادات لاقامة الكراجات غير النظامية، ويتلكأ فيها الاعمار، ويبقى اغلب الشوارع الفرعية مغلقا، فيما يعجز رجال المرور عن ايقاف مواكب المسؤولين المخالفة، ويغدو امر القطار المعلق مجرد خيال.
وللعلم حتى شوارع المنطقة الخضراء، حيث تواجد المسؤولين والهيئات الدبلوماسية الاجنبية، تحتاج الى صيانة!
اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ان العراق واحد من البلدان شديدة التلوث بالأسلحة في العالم، حيث تتواجد المخلفات الحربية القابلة للانفجار على مساحة تزيد عن 3200 كيلومتر مربع من أراضيه، تضم أكثر من 50 مليون لغم. وأشارت ممثلة اللجنة في بغداد إلى أن العدد الدقيق لضحايا حوادث الذخائر المتفجرة غير معروف، رغم أن دائرة شؤون الألغام قد حددتهم بأكثر من 30 ألفاً، منهم 3500 مواطن قتلوا خلال الفترة 2018-2020.
وفيما أعربت اللجنة عن تصورها بأن معالجة مشكلة تلوث الأسلحة في العراق تتطلب موارد هائلة وجهودًا منسقة لجمع المعلومات عن التلوث وآثار الأسلحة المتفجرة وتعزيز إزالة الألغام وزيادة التوعية بالمخاطر، إضافة إلى تقديم المساعدة للضحايا، يحّمل الجميع الحكومات المتعاقبة مسؤولية الفشل في هذا الملف الخطير، حيث أعاق الفساد وسوء الإدارة حل المشكلة، ولم تجر الاستفادة من الدعم الدولي أو من الزام الولايات المتحدة بتنفيذ تعهداتها بإزالة ما سببته من تلوث، في وقت تواصل فيه منظومة المحاصصة والفساد عدم اكتراثها بأرواح العراقيين وبالتلوث الذي تسببه المشكلة لبيئتهم المعرضة للتخريب والتغير المناخي.
بينما تتزيد الصعوبات المعيشية للمواطنين بشكل مضطرد، يواصل مسؤولون حكوميون اتخاذ قرارات من شأنها لا التخفيف عنهم، بل خدمة أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين والفاسدين.
ففي آخر تطورات الكشف عن التلاعب بأموال الدولة، كشفت هيئة النزاهة عن عمليات تلاعب في التحاسب الضريبي مع وكلاء شركات الاتصال الرئيسيين، بينها تخفيض نسبة الضريبة لتصل الى 20 في المائة فقط، كما أفادت بوجود شركات لم تتحاسب نهائياً منذ تأسيسها حتى الآن.
وفيما يشكو المواطنون من ذوي الدخول المحدودة من ارتفاع رسوم المعاملات والضرائب عند إجراء أية معاملة رسمية، ناهيك عن عمليات الفساد والتلاعب في المعاملات، تُظهر الحقائق ان مسؤولين في دوائر الضريبة، أقدموا على خفض نسبة الضرائب على الشركات دون سند قانوني.
وبينما يتطلب إصلاح النظام الضريبي وتفعيله ان تلعب الضريبة، وبضمنها الضريبة التصاعدية، دورها في تعزيز موارد الميزانية، وان تكون أداة للسياسة الاقتصادية يمكن استخدامها لإعادة توزيع الدخل والثروة، وتحقيق التضامن الاجتماعي على الصعيد الوطني، يتبارى العديد من المؤتمنين على المال العام لنيل «حصصهم» عبر الفساد والتلاعب والاحتيال.
جاء العراق في المرتبة 115 بين 167 دولة في مؤشر الصحة العالمي، ولم يتفوق فيه الا على اليمن والسودان من دول منطقتنا.
يعكس هذا المؤشر واقع المواطن العراق الذي افرغ سوء الخدمات الصحية الحكومية جيوبه، ومثله جشع المستشفيات الاهلية والعيادات الخاصة.
الخلل في المستشفيات الحكومية واضح تماما، فهي لم تعد تستطيع استيعاب اعداد المرضى جراء النمو السكني، والأنكى من ذلك البطء القاتل في انشاء المستشفيات الجديدة، التي انقضت سنين على مواعيد إنجازها.
وهناك أيضا غياب العلاجات، خاصة للامراض المزمنة والسرطانية، وعجز الحكومة عن ضبط الاسعار في الصيدليات الاهلية، واستفحال التخادم غير الاخلاقي بين الكثير من منتسبي هذه المهنة لتحقيق اقصى الربح على حساب المواطنين.
وفي مرات سابقة أشرنا الى محاولات بعض الجهات الاستئثار بالوزارة متجاهلين حاجات الناس الماسة، فيما وصل العالم اليوم الى قناعة بان صحة الناس يجب ان لا تدخل في حسابات الربح والخسارة.
لكن المعايير عندنا مختلفة والمتنفذون معنيون بمصالحهم لا بصحة الناس.
وتبقى جوانب واقعنا الصحي غير صادمة لمن يعيش المعاناة اليومية، لكن هل تحفز على منح الأولوية لصحة المواطن، وتخصيص المبالغ الكافية لها؟ش