بعد غرق أغلب أحياء قضاء القرنة ومستشفاها العام، نظم العشرات من أهالي القضاء وقفة احتجاجية، مطالبين بتشكيل لجنة من مجلس المحافظة لتقييم عمل شركة “الجدار الساند” المنفذة لمشروع مجاري القرنة الكبير، ملوّحين بالعصيان المدني وإغلاق جميع الدوائر الحكومية في حال عدم تنفيذ المطالب خلال 72 ساعة.
فشل المشاريع وعدم تنفيذها وفقا للمواصفات المطلوبة هو سمة طاغية في اغلب المشاريع، التي ما ان يبدأ وقت الجد حتى يظهر للعيان فشلها.
وتُقدم تظاهرة الأهالي وضغوطهم فرصة مناسبة للجان المعنية بمحاربة الفساد. فهي امام اختبار جدي للعمل على كشف الفساد والخروقات في تنفيذ المشاريع، وهذه المرة تمتلك شرعية شعبية متمثلة بمطالب الأهالي، فلا احد يستطيع ان يعرقل عملها ان كانت جادة فيه.
نحن ندرك بالطبع حجم الفساد والخراب، ودور الممانعة الذي يلعبه حماة الفساد واربابه، ولكن حتى هؤلاء سيكونون في موقف ضعيف في حال جاءت النتائج شفافة، وتوفرت الارادة الحقة والدعم الشعبي المطلوب.
وان ما تقدم دعوة للكشف عن الفاسدين وفضحهم، فعملية التستر عليهم ان حصلت فأنها تؤكد بلا شك ان «الحرامي حرامي بيت».
بضع ساعات من الأمطار المتساقطة الليلة الماضية، كانت كافية لفضح الزيف والترقيع الذي يُقدّم على أنه مشاريع ضخمة للبنية التحتية في العراق.
ما حدث يمثل فضيحة كبرى يصعب السكوت عليها من جانب مؤسسات الدولة المعنية. فأين ذهبت المشاريع الحكومية ومشاريع تنمية المحافظات وصناديق إعمارها، بعد أن تحولت المدن خلال سويعات من الأمطار إلى مسابح مع غمر المياه معظم المؤسسات الحكومية بضمنها المستشفيات والمدارس.
ان من واجب الجهات المعنية مراجعة كيف صرفت الأموال على هذه المشاريع، وإعادة تقييمها في ضوء فعاليتها، ومحاسبة من قام بإهدار المال العام على مشاريع لا يمكن وصفها بأقل من كونها فاشلة.
إن محاولة رمي الكرة في ملعب الآخر والتنصل من المسؤولية هي عادة دأب عليها المسؤولون في بلادنا، في ظل غياب الرقابة الفعلية وشيوع ظاهرة التواطؤ والتغاضي والتخادم بين الكتل المتنفذة.
وان من غير المقبول استمرار الحديث العمومي عن وجود ملفات فساد، من دون التشديد على تقديم الفاسدين كبارا وصغارا الى القضاء، الذي يتحمل مسؤولية كبرى في حفظ المال العام، وعليه ان يكون مثلا في الحرص عليه.
أعلنت الحكومة ووزارتا الزراعة والموارد المائية ومؤسسات حكومية عدة، عن حملة واسعة للتشجير وتوسيع المساحات الخضراء في المدن.
ولاشك ان هذه الخطوة وأن جاءت متأخرة، ضرورية ومفيدة لأجواء بلادنا، خاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة. وربما تسهم في الحد من تأثيرها فيما نحن لا نزال نعاني من تذبذب في ساعات تجهيز الكهرباء، التي لم تستقر على حال منذ عام 2003 حتى الان رغم المبالغ الضخمة التي صرفت عليها.
وهذه طبعا ليست المرة الأولى التي يعلن فيها عن اطلاق عمليات تشجير في بلادنا، وقبل هذا وخلاله قدم عديد من المشاريع لاقامة احزمة خضراء، لكن معظمها لم يرَ النور، والقليل منها هلك جراء عدم الادامة وغياب العناية والمستلزمات الضرورية، خاصة في ظل تنازع الصلاحيات على مشاريع الخطة الاستثمارية الاتحادية ومشاريع تنمية الأقاليم.
لا جدال في انه امر جيد ان يجري تشجير وادامة الخضرة في المدن، لكن هذا لا يعالج مشكلة التصحر التي يجري الحديث عنها، او التصدي لموجات الغبار الذي يتطلب معالجات أخرى لم تبدأ بعد، وربما لم توضع على جدول العمل أصلا.
القوانين والتعليمات التي تُعتمد لا بد ان تنفذ في نهاية المطاف، والا ما الحاجة الى تشريعها وإقرارها. والمواطن معنيّ بكل اساسي فيها، فهو المستهدف أولا، ويفترض انها لمصلحته توضع وتُسن.
وهناك من هذه القوانين والتعليمات بل وحتى من التوجيهات والقرارات الرسمية، ما يمس مباشرةً حياة المواطنين ويُيسّر شؤونهم اليومية، ومنها مثلا حصولهم على الوثائق الرسمية التي تمس حاجتهم اليها ولا غنى لهم عنها.
فكيف للمواطن ان ينفذ تلك القوانين والتعليمات والتوجيهات، التي تصدرها وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، اذا لم يطلع عليها، بل ويتفاجأ بها عند توجهه الى هذه المؤسسة او الدائرة او تلك، لا سيما وانها في بلدنا دائمة التغيير ولا تستقر على حال، والبعض منها يخضع لأمزجة وارادة اصحاب القرار!
هذه المشكلة تسبب للمواطنين ارهاقاً وخسائر مادية، خصوصاً وان هناك من يبتزهم في كل زاوية ويطلب «المقسوم»!
السؤال : كيف السبيل الى اطلاع المواطنين على القوانين والتعليمات ولا سيما الجديد منها، وتنويرهم بمحتوياتها؟
على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على إعلان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، دخول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال حيز التنفيذ، أكد نائب رئيس لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني النيابية، حسين عرب، أن القانون ما زال في انتظار إصدار تعليمات تنفيذه من قبل مجلس الدولة.
التأخير في إصدار التعليمات بشكل غير مبرر هو أمر يدعو للاستغراب، خاصة وأنه ليس بذلك التعقيد الكبير، كما أن البرلمان لم يشرع عددا كبيرا من القوانين حتى نجد العذر في الانشغال بإصدار تعليمات القوانين.
إن الإسراع في إصدار تعليمات تنفيذ القانون أمر لا مفرّ منه، وعلى الحكومة الإسراع في تنفيذ القانون والبدء بتسجيل العمال في صندوق الضمان الاجتماعي، وعدم الاكتفاء بالإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام والتغاضي عن تطبيقه عمليا.
إن نفاذ القانون في مصلحة المواطنين والحكومة في نفس الوقت، فهي توفّر الضمان والأمان للعمال وتشجعهم على طرق ميادين العمل الأخرى وعدم اقتصار الأمر على التعيين في مؤسسات الدولة.
ونرى أن عملية تنفيذه لا تتطلب كل هذا التعقيد، الا ان كان هناك رأي آخر نجهله وغاية أخرى.