أكّد نائب من اعضاء اللجنة المالية البرلمانية اجتماع لجنة لمراجعة جداول الموازنة والتغييرات فيها، ولتحديد مسؤولية هذه التغييرات برلمانيا وحكوميا، فيما توقع حدوث التغييرات في الجداول داخل البرلمان، وسط آمال منفذيها «بأن تمرّ دون انتباه أحد اليها!».
وأكد نائب آخر ان تشجير شارع بطول كيلومتر واحد كلف احدى وزارات الدولة العراقية 124 مليار دينار، مشيرا الى هول حجم الفساد «وفي بعض الأحيان نقف مصدومين إزاء عمليات نهب المال العام.. التي تتم غالبا في وضح النهار بفعل المحاصصة ونفوذ بعض القوى المهيمنة..» ومؤكدا رصد زيادات في كلف تنفيذ المشاريع، تصل الى 20ـ30 ضعفا».
نموذجان من تصريحات بعض النواب يؤشران قوة الفاسدين وتمترسهم في مفاصل الدولة.
وهل سمع احد أن موازنة بلد تعرضت للتزوير أثناء تداولها داخل الجهات الرسمية لغرض إقرارها؟
كذلك الحديث عن الزيادات الهائلة في كلف المشاريع (والمشاريع المستعجلة الجديدة ليس استثناء) لا يجد هو الآخر من يلتفت إليه، رغم كثرة الحديث عن مكافحة الفساد..! ومن هالمال
في تسجيلات صوتية ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي، اتهم متظاهرون من خريجي كليات المجموعة الطبية والصحية، صراحةً، مكتب رئيس الوزراء ومستشارين لدى الحكومة، بمساومة مندوبيهم وتعيينهم في وظائف، مقابل التخلي عن تمثيل بقية زملائهم من الخريجين.
وحتى الآن لم يصدر أي إيضاح او تعقيب على ذلك من الحكومة.
نعلم مثل غيرنا، أن الحكومة الحالية تميزت عن سابقاتها بتعيين جيش من المستشارين، الذين لكل منهم عدد كبير نسبيا من العاملين معهم.
واذا صحت اقوال المتظاهرين فهي تكشف أساليب ملتوية، يمارسها اشخاص مجردون من الصدق والأمانة. وما يُنتظر من الحكومة هو عدم القبول بمثل هذه التصرفات، وان تبيّن ذلك بصراحة وعلنا، فالسكوت – كما يقال- من الرضا.
ويبدو ان المستشارين المذكورين يعجزون عن تقديم المعالجات الحقيقية، التي هي من صلب مهامهم. لذلك يلجؤون الى ممارسات كهذه، مرفوضة جملة وتفصيلا، وليس للحكومة الا التبرؤ منها وتحميل مرتكبيها المسؤولية.
وهي -أي الحكومة- مدعوة بشخص رئيسها، إلى التحقيق في أقوال الشباب المتظاهرين، والتأكد من صحتها، ومحاسبة المقصرين ان وجدوا، وإعلان ذلك على الملأ حتى لا يبقى ظلّ شك.
ذكر وزير العمل في حوار نظمه مركز البيان للدراسات، ان لدى الوزارة ٥٠ مفتشاً، فيما يتجاوز عدد شركات ومؤسسات القطاع الخاص في البلاد الآلاف، ما يضيف عقبات امام تنفيذ قانون العمل.
وهذا القانون الذي يعتبره معنيون أفضل أمثاله في المنطقة، لم ينفذ تماما منذ تشريعه في ٢٠١٥. فحتى الآن جرى بموجبه تسجيل ٣٥٠ الف عامل، بينما يفوق عدد المشمولين به ستة ملايين.
وموضوع تشريع القوانين دون تنفيذها بات مألوفا عندنا، حيث تتعاظم الغالبية من المهمشين والفقراء مقابل اقلية تتنعم بخيرات البلد وثرواته، وفوق هذا تشرع القوانين ولا تنفذها.
ولقد عجزت هذه الاقلية المتشبثة بالمحاصصة والغارقة في الفساد عن معالجة الازمات، فيما حاشيتها تنقضّ بحمايتها على حقوق الناس والقانون.
وقد لفت في كلام الوزير في الندوة اشارته الى مشاريع البصرة وحجم ما تقدم للموازنة، فيما يبلغ عدد المفتشين فيها خمسة فقط، وهؤلاء باتوا بفضل وظيفتهم هذه بالغي الثراء!
ولا غرابة في ذلك وفي تغلغل الفساد عموما في دوائر الرعاية. لكننا نتساءل: هل وكيف تصدت له الوزارة، وهي التي اشارت تكرارا الى «فضائيين» يتسلمون رواتب الرعاية؟!
كشف عضو في لجنة التعليم العالي البرلمانية عن ان نسبة النجاح في الامتحان التقويمي الوزاري للجامعات الحكومية والأهلية، في ثلاث مواد بقسم الهندسة المدنية، بلغت في الكليات الأهلية (0%) و(9.1%) و(29.2%). وبيّن أن أوطأ نسبة نجاح في الجامعات الحكومية هي أعلى من أعلى نسبة نجاح في الجامعات الأهلية.
الحديث عن هزال مستوى التعليم في الجامعات الأهلية ليس جديدا في العراق، خاصة وأن أغلب هذه الجامعات هي مجرد مشاريع تجارية لا تعنيها الرسالة العلمية للجامعات، ولا يهمها مطلقاً تمكين الطلبة وتهيئتهم لسوق العمل.
والملام الأول عن انتشار هذه الكليات والجامعات «الجوفاء» هو بالطبع وزارة التعليم العالي، فهي الجهة القطاعية المعنية بهذا الميدان وبانتشاله، لكنها للأسف لم تنهض بدور يذكر طيلة السنوات الماضية، وصولاً إلى الوزارة الحالية.
إن الارتقاء بواقع التعليم في الجامعات عموما وبضمنها الأهلية ورفع مستواه، يأتي عبر خطوات علمية مدروسة، من بينها ربما توحيد المناهج الدراسية في الكليات المتناظرة وعدم تركها لرغبات أساتذة المادة، وتعميم تجارب التوأمة الحقيقية مع جامعات عالمية ومحلية، على أن تكون وفق منهاج حقيقي لا صوري كما الحال الآن.
فاخر رئيس مجلس الوزراء خلال حفل عيد الصحافة العراقية أخيرا في بغداد بـ»عدم وجود معتقل أو سجين رأي في العراق».
لكن وحسب تقرير لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، شهد بلدنا بين أيار 2023 وأيار 2024، أي في عهد الحكومة الحالية، 333 انتهاكاً، بينها 53 احتجازا واعتقالا، و6 إصابات، و12 هجوماً مسلحاً، و232 حالة منع وعرقلة وضرب، و22 دعوى قضائية ضد صحفيين، وحجبا لعدد من المواقع الخبرية الإلكترونية وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذا كله معروف، ومعه منع موظفين من إبداء آرائهم، بل حتى محاسبتهم على تعليقاتهم في فيسبوك، بجانب استقدام آخرين لمطالبتهم بحقوقهم. كذلك محاولات الحكومة تشريع قانون الحصول على المعلومة بصيغة تناسب القوى المتنفذة ومصالحها، مع تجاهل الملاحظات الاخرى بخصوص المشروع.
ولا ننسى الدعاوى القضائية التي رفعتها الحكومة الحالية، وصدور احكام إثرها على صحفيين لأنهم تجرأوا على الانتقاد.
لا اسهل من الكلام ولا أيسر, لكن واقع الصحافة عندنا يختلف عما أشار اليه السيد رئيس الوزراء، فالتشريعات والترهيب السافر والمبطن يمنعانها من قول الحقيقة كاملة.
ان واقع حالها آقرب الى واقع سجين .. في الهواء الطلق!