أعلنت وزارة الاتصالات عن قرب الإطفاء التدريجي لخدمة الإنترنت بتقنية «الواي فاي» (الأبراج)، والانتقال إلى خدمة الـ(FTTH)، داعية المواطنين إلى الاشتراك بخدمات الكابل الضوئي.
تبدو تصريحات الوزارة حول هذا الانتقال متسرعة جدًا، أو ربما تجهل الوزارة بطء العمل في مشاريع الكابل الضوئي وتحويلها إلى مستثمرين ثانويين ومقاولين محليين غير متخصصين، ما زالوا يتعثرون في هذا المجال الذي يتطلب خبرات واسعة في التنفيذ والتشغيل.
معلومات متوفرة أكدت تعرض العديد من العاملين في هذا المجال للابتزاز، بما يجبرهم على «الدفع» مقابل السماح لهم بالعمل، وهو عمل يتقدمون فيه ببطء شديد.
نستغرب أيضًا عدم متابعة الشركات تنفيذ المشاريع وفقًا للمواصفات المطلوبة، فعملية مد الكابلات في الشوارع تخضع لقرار المسؤول عن العمال، وهو غالبًا غير متخصص.
وحتى اللحظة يبدو أن تصريح الوزارة لا يستند إلى تقييم علمي، ويظهر أن موضوع التخلص من أبراج الإنترنت يحتاج إلى سنوات عديدة، وليس كما تدعي الوزارة انه سينتهي قريبًا.
ونود ان نلفت الانظار أيضا الى ان بعض المناطق التي اعلن عن تشغيل الكيبل الضوئي فيها، لم تصل فيها الخدمة الى الجميع.
كشف المسؤول في منظمة تنمية التجارة الإيرانية عبد الأمير ربيهاوي، عن ثغرات في “قانون المنتج المحلي العراقي”، يمكن عبرها لتجار حديد التسليح الايرانيين التحايل عليه عبر الاتفاق مع أصحاب مشاريع استثمارية، يضمنون دخول البضائع دون رسوم كمركية.
المسؤول الايراني يبحث طبعا عن مصلحة بلاده وتنمية صادراتها، اما الغريب فهو تجاهل صناع القرار عندنا مثل هذه الجزئيات، التي لو التفتوا إليها لحققت صناعتنا العراقية الاكتفاء الذاتي في إنتاج حديد التسليح، وغيره من السلع التي ننفق المليارات سنويا على استيرادها.
ويحيلنا الحديث أيضًا إلى الاستثناءات التي تُمنح للمستثمرين عبر القانون أو خارجه، وما مصلحة العراق في منحها، خاصة وأن عديدا منها يُستخدم للتحايل على القانون وتهريب المواد المستوردة بحجة تنفيذ المشاريع.
كما أن الموضوع يؤشر قصورا في التشريعات التي تتوجب معالجتها لضمان مصالحنا الوطنية.
ثم ان هذا كله بلا معنى دون محاربة الفساد الذي هو السبب الأول والأخير للإضرار بالصالح العام.
اتخذت وزارة النفط بناء على توجيه حكومي جملة قرارات، بضمنها قرار استدعاء موظفي شركات المصافي، المعترضين على زيادة أسعار النفط المباع لشركتهم، واستدعاء ممثلي أصحاب العقود المطالبين بتثبيتهم على الملاك الدائم، وذلك للتحقيق معهم. واعتبرت شركة مصافي الجنوب الأيام الثلاثة الماضية من الأسبوع الماضي إجازة إجبارية لموظفيها المذكورين وسجلت أصحاب العقود منهم غائبين!
هكذا وبدل أن تبحث الحكومة في مطالب المحتجين ومدى مشروعيتها وسبل تنفيذها، وتشخص المسؤول عن الاعتداء عليهم وعلى حقهم في طرح مطالبهم، نراها تستخدم سلطتها بشكل مخالف للدستور والقانون النافذين، واللذين يضمنان حق المواطن في التعبير والتظاهر السلمي.
إن هذه التصرفات القمعية وسياسة تكميم الافواه المنتهجة، لا تساهم في بناء مؤسسات دولة تحترم القانون وتصون الدستور وتحفظ حقوق المواطنين.
وان من غير المقبول إطلاقًا السكوت على مثل هذه الممارسات، التي تنتهك بشكل فاضح حقوق الإنسان وكرامته.
واننا لنذكّر هنا من يقف وراء استخدام هذه الأساليب المدانة، أن كثيرين كثيرين غيره استخدموها قبله، ولم يجنوا سوى الفشل والخسران.
دأب المسؤولون في الآونة الماضية على تجاهل الأسباب الحقيقية لانتشار العشوائيات عند الحديث عن ملفها، رامين مسؤولية ذلك على «الوافدين» الى المحافظات من خارجها، في خطاب عنصري وشعبوي. فكان ان سمعنا قبل يومين مسؤولا بصريا عن إزالة التجاوزات يخاطب احد المواطنين: « يالله لمّ جوالاتك وارجع للعمارة!».
ومثله يفعل مسؤولون في كربلاء وغيرها، رافضين منح بطاقات سكن للمؤجرين بموجب عقود أصولية!
لاريب في الأهمية القصوى لمعالجة ملف العشوائيات، لكن هل يعني هذا إبقاء الناس في العراء دون مأوى؟ أليس من واجب الدولة توفير السكن المناسب للمواطنين اولا؟ وكلنا نعلم ان التنمية لا تنطلق في أي بلد الا مع بناء المساكن وتوفير البيئة المناسبة للمواطنين.
كثيرة هي تفاصيل المسؤولية عن هجرة المواطنين بحثا عن عمل وسكن، انما يجب التأكيد ان المقصر الحقيقي هنا هو سياسات الحكومات المتعاقبة، وهو ايضا المساعي المستمرة للقوى المتنفذة الى ابراز الهويات المناطقية بجانب الهويات الطائفية والعرقية .
ويبقى ان نتوجه بالسؤال الى الحكومة ومن يقفون وراءها: بأي حق يُمنع الناس من السكن أو يُهددون بالترحيل؟ وأي دستور او قانون منحكم صلاحية التهديد بطردهم وتشريدهم؟
لم يمض يومان على الايعاز لوزارة الكهرباء باستنفار جهودها استعدادا لذروة الصيف، والتنبيه الى أن سكوت المسؤول عن الخلل في المنظومة يعد تخريباً متعمداً، حتى تهاوت ساعات التجهيز إلى 12 ساعة يومياً وحتى اقل!
كأن الكهرباء أخذت اجازة بعد سويعات من إعلان افتتاح وتشغيل 200 محطة لفك الاختناقات في شبكات الطاقة، وعن حزمة مشاريع ثانية تمنى المواطنون ان تنقذهم من لهيب الصيف.
لكن ما هي أسباب هذا التراجع، وتصاعد نذر جهنم القيظ اذا بقي الوضع على حاله؟
صُرف 84 مليار دولار واكثر على القطاع منذ 2003، والكهرباء تراوح مكانها وقد تتراجع.
ولا أمل في تحسن الحال ما دمنا نعتمد على الغاز المستورد وعلى الطاقة المستوردة والتي لها كما يبدو حساباتها الخاصة!
فمتى يقتنع المسؤولون بان ملف الطاقة لا يقل أهمية عن بقية الملفات السيادية، كونه يمس حياة الناس الذين سئموا من الوعود الزائفة.
مثلما سئموا إلقاء كل حكومة مسؤولية تردي حال الكهرباء على الحكومة التي سبقتها، فيما كلها ومنذ ٢٠٠٥ تغرف وتغرف من المنهج ذاته ولا تشبع او تغيّر!