ردت هيئة الإعلام والاتصالات اخيرا على ما نُشر عن توصية مكتب مجلس الوزراء للهيئة بمنح مبالغ مالية من ميزانيتها لبعض محدد من وسائل الإعلام ، مقابل نشر مواد صحفية تدعم الدينار العراقي وتتصدى لتعاطي المخدرات وتساند القوات الأمنية.
وقالت الهيئة أن الوسائل المذكورة اختارتها لجان مختصة داخلها، وأن من أثار الموضوع هو «جهات مشبوهة ومعروفة بالابتزاز» حسب وصفها.
ويقينا ان دعم الدولة للاعلام بهدف تمكينه من أداء مهامه، امر ضروري ويقع على عاتق المؤسسات المعنية تنفيذه، ولكن منح هذا الدعم لوسائل اعلام دون أخرى، وحصرها بالتنسيق مع مكتب رئيس الوزراء، هو ما اثار التساؤلات بشأن الدوافع الحقيقية لهذه الخطوة، ولاستثناء مؤسسات إعلامية رصينة منها .
ان الجهات المعنية مطالبة بالمراجعة والشفافية بشأن هذا الاجراء المثير للشكوك، والتدقيق في عملية منح المبالغ المالية المشار اليها، ومن كان يقف وراء الاختيارات، وما الغاية منها في وقت يحجب فيه الدعم عن الاعلام الحقيقي بحجج واهية.
وفي جميع الأحوال: اذا كانت هذه محاولة لشراء الصمت واسكات الأصوات الحرة، فهي محاولة بائسة بالنسبة للطرفين: البائع والمشتري!
عاد الجدل الى الشارع العراقي بشأن الاستعدادات للاحتفال بعيد رأس السنة، ومحاولات إلغائه في محافظات ومدن معينة.
فبينما اعلن مسؤولون حكوميون انتهاء التحضيرات لتأمين الاحتفالات المليونية بالمناسبة، وقدمت قيادات سياسية واجتماعية ودينية تهانيها للمواطنين، شهدنا مظاهر تبرّم من هذه الاحتفالات المزمعة، بدعوى مساسها بالهوية الدينية والثقافية وبطبيعة بعض المدن!
في الموروث ان العوائل العراقية تستعد لعيد رأس السنة بتحضيرات متنوعة. فهناك من ينثر الخضرة في ارجاء المنزل، وهناك من يشتري الملابس الجديدة، كما لا تغيب الحلوى والمأكولات. ولا ننسى النذور التي تقدمها الأمهات في الكنائس والمواقع الدينية، لتحقيق امنياتهن في السنة الجديدة.
لذا يتوجب عدم حرمان المواطنين والعائلات من المناسبة هذه للفرح والابتهاج والتواصل والتطلع الى عام أمل آخر، هو أيضا حق للمواطن يفترض الا يحرم منه، فالحفاظ على الهوية لا يتم من خلال الاكراه والتعسف والتلويح بقوة السلطة.
وان على من يقوم بذلك ان يتمعن في السؤال: لماذا يصر المواطنون، خاصة منهم الشباب، على الاحتفال بهذه وامثالها من المناسبات، رغم تكرار إجراءات المنع ذاتها؟!
سارع ملايين الشباب العراقي الى متابعة رابط التقديم للتطوع في جهاز مكافحة الإرهاب، بعد سويعات من إعلانه، وفورا ضجت مواقع التواصل باصوات من لاحظوا في الاستمارة حقلا خاصا بطائفة المتقدم.
الاعداد الهائلة للمتقدمين جاءت صادمة وهي تعكس حجم البطالة في بلادنا.
ولم تصمد اقوال المسؤولين والمتنفذين عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، امام الواقع اليومي لألوف المحتجين الباحثين عن عمل، ولم يخفف الحال تعيين 800 الف شاب تقريباً بداية تشكيل الحكومة الحالية. فلما اعلن عن اغلاق باب التعيين، جاءت تعليقات الشباب بالرفض والاستهجان.
وبجانب الاحصائيات الرسمية التي تشير الى تشكيل الشباب غالبية المجتمع، ولا تذكر شيئا عن اعداد العاطلين في صفوفهم، فأن المعطيات الحكومية الخاصة بمعالجة مشاكلهم الكثيرة لا تعد حتى الان بحلول واقعية. لذا يلجأ هؤلاء الملايين الى طلب التعيين في أجهزة الامن، التي تعرض رواتب تسهم ربما في سد احتياجاتهم.
وقد لا يهتم احد لذكر «المذهب» في استمارة التطوع، لكن القوى المتنفذة تصر دائما على تذكير المواطنين بأنها تقسمهم كما في الاستمارة وفق الانتماء الى الدين او المذهب او القومية، ولا تنظر اليهم كعراقيين وفق الهوية الوطنية الجامعة.
نحو مليوني مخالفة سجلتها مديرية مرور بغداد في خمسة تقاطعات فقط في العاصمة، بعد اقل من شهرين من نصب كاميرات ذكية لرصد المخالفات.
وهي نتيجة منطقية لغياب أي نظام مروري في مدينة تعاني من نقص هائل ومتزايد في البنية التحتية، مع وجود 4 ملايين سيارة تسير يومياً في شوارع مصممة لـ400 الف فقط.
المخالفات المرصودة سببها عدم وضع حزام الامان، استخدام الهاتف، عبور خط المرور، غلق مسار اليمين.
والجميع يعلم ان مديرية المرور منحت اغلب السائقين اجازات سوق دون اختبار حقيقي، بجانب غياب الفحص السنوي للمركبات، وانواع الفساد في مديريات المرور واقسامها، كذلك ضعف التوعية بالقانون وبوجوب عدم مخالفته.
ومع ان الازدحام يشغل اليوم بال اعلى سلطة في البلد، فان الشوارع صارت تباع بالمزادات لاقامة الكراجات غير النظامية، ويتلكأ فيها الاعمار، ويبقى اغلب الشوارع الفرعية مغلقا، فيما يعجز رجال المرور عن ايقاف مواكب المسؤولين المخالفة، ويغدو امر القطار المعلق مجرد خيال.
وللعلم حتى شوارع المنطقة الخضراء، حيث تواجد المسؤولين والهيئات الدبلوماسية الاجنبية، تحتاج الى صيانة!
اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ان العراق واحد من البلدان شديدة التلوث بالأسلحة في العالم، حيث تتواجد المخلفات الحربية القابلة للانفجار على مساحة تزيد عن 3200 كيلومتر مربع من أراضيه، تضم أكثر من 50 مليون لغم. وأشارت ممثلة اللجنة في بغداد إلى أن العدد الدقيق لضحايا حوادث الذخائر المتفجرة غير معروف، رغم أن دائرة شؤون الألغام قد حددتهم بأكثر من 30 ألفاً، منهم 3500 مواطن قتلوا خلال الفترة 2018-2020.
وفيما أعربت اللجنة عن تصورها بأن معالجة مشكلة تلوث الأسلحة في العراق تتطلب موارد هائلة وجهودًا منسقة لجمع المعلومات عن التلوث وآثار الأسلحة المتفجرة وتعزيز إزالة الألغام وزيادة التوعية بالمخاطر، إضافة إلى تقديم المساعدة للضحايا، يحّمل الجميع الحكومات المتعاقبة مسؤولية الفشل في هذا الملف الخطير، حيث أعاق الفساد وسوء الإدارة حل المشكلة، ولم تجر الاستفادة من الدعم الدولي أو من الزام الولايات المتحدة بتنفيذ تعهداتها بإزالة ما سببته من تلوث، في وقت تواصل فيه منظومة المحاصصة والفساد عدم اكتراثها بأرواح العراقيين وبالتلوث الذي تسببه المشكلة لبيئتهم المعرضة للتخريب والتغير المناخي.