اشارت الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات في كتابها الى المحافظات بالعدد 2656 وبتاريخ 2023/10/31، الى قيام بعض المرشحين ممن يشغلون مواقع تنفيذية بتسخير مواقعهم وموارد الدولة المتاحة لديهم لأغراض انتخابية.
وأشار الكتاب الى توجيه رئيس الحكومة بمتابعة الأمر والحد منه، مع رجاء تأجيل توزيع قطع الأراضي السكنية والعقود التشغيلية الى ما بعد الانتخابات.
ويشكل هذا الكتاب اعترافا رسميا صريحا باستغلال موارد الدولة من قبل متنفذين يشغلون مناصب تنفيذية في إدارة الدولة، واللافت هنا هو رجاء التأجيل المذكور، الذي سبقه إيقاف البدء بتنفيذ 370 مشروعا خدميا مضمونا في الموازنة، لا لسبب الا للخوف من استغلالها لأغراض الدعاية الانتخابية!
وهذا مشهد لا يمكن ان تقع عليه في بلد يسود فيه القانون. فلو ثبت للسلطات في بلد كهذا ان احد المسؤولين استغل منصبه للدعاية الانتخابية، لباشرت في الحال اتخاذ الإجراءات القانونية واحالته الى القضاء، وليس اطلاق الرجاء والمناشدة.
وبوضوح يشير نص الكتاب الى عجز حكومي عن تأمين نزاهة الانتخابات، وعن ضمان وقوف مؤسسات الدولة على مسافة واحدة من المرشحين.
وما هذا الا دليل ساطع على عدم تكافؤ الفرص امام المرشحين.
قررت الحكومة منح 100 الف دينار للمتقاعدين الذين تقل رواتبهم عن مليون دينار شهريا، كما اضافت مخصصات قدرها 50 في المائة الى رواتب ذوي الدرجات الوظيفية الثامنة والتاسعة والعاشرة.
وجاءت هذه الخطوة بعد مطالبات وتظاهرات للمتقاعدين استمرت فترة طويلة، مطالبة بتحسين رواتبهم وتحقيق المساواة بينهم جميعا وفقا لقانون التقاعد الموحد.
كما انها جاءت غداة المطالبة الواسعة والملحة باعتماد سلم رواتب جديد، ينصف ذوي الرواتب الواطئة بشكل خاص.
وقد يكون هذا الإجراء علاجا وقتيا ونوعا من المسكّن، وهو بصفته هذه لن يصمد طويلا امام تدهور القيمة الفعلية للرواتب والأجور وقدرتها الشرائية، جراء الازمة المتواصلة لصرف الدينار العراقي امام الدولار والارتفاع المستمر للأسعار.
لهذا ما زال ضروريا ومطلوبا الاقدام على حزمة من الإجراءات، وفي مقدمتها اعتماد زيادة سنوية منتظمة للرواتب، تتناسب مع مستوى التضخم وارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات العامة.
ويبقى السؤال الكبير الآخر: ماذا عن بقية المواطنين، وهم أيضا بالملايين، ممن لا يحصلون على رواتب من الدولة؟
تفصلنا أيام معدودات عن انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة لنفسها، وقالت ان أقصاها سنة واحدة من تشكيلها، لإنجاز الكثير من الوعود في منهاجها، بضمنها حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء ظاهرة السلاح المتفلّت خارج نطاق مؤسسات الدولة الرسمية والشرعية.
العديد من مواطنينا لم ينظروا الى الوعد نظرة جد، لعلمهم ان تنفيذه يحتاج الى قرار شجاع وإرادة سياسية، يصعب توفرهما في حالة ملف شائك كهذا.
لكن ما هو غير مقبول بل ومستغرب، ان تقوم الحكومة بتسهيل حصول المواطنين والموظفين على مسدس من هيئة التصنيع العسكري، لقاء ثمن زهيد لا يتجاوز مليون دينار، مع اصدار إجازة لحمله!
هكذا .. فيما لا تخلو مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الانباء من اخبار شبه يومية عن جرائم القتل والنزاعات والدكات العشائرية والمشاجرات، يصدر مثل هذا التسهيل الغريب، الذي ربما لا تدرك الحكومة عواقبه جيدا؟
نعلم ان هيئة التصنيع العسكري استوردت آلاف قطع الغيار لهذا المسدس، وتريد التخلص منه بشتى الطرق، لكن ما يجري على ارض الواقع من بيع عشوائي ينذر بخطر كبير.
انه حقا اجراء يستحق التوقف عنده، والتفكير في دوافع اتخاذه.
تستعد وزارة التربية لإطلاق حملة كبرى بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، لمحاربة تسرّب التلاميذ من المقاعد الدراسية وزيادة نسب التحاقهم في المحافظات الجنوبية.
ان مثل هذه الحملات من حيث المبدأ تعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن السؤال المطروح ما هي مقومات تنفيذها في وقت يشير تقرير صادر عن “اليونيسيف”، إلى وجود 3.2 مليون طفل عراقي خارج المدارس من اصل 11 مليون طالب، فيما لا تزال الحاجة الى بناء 12 الف مدرسة، مع العلم ان مسحا شمل أكثر من 9 آلاف مدرسة بيّن أن 50 في المائة منها لا تتوفر فيها مياه صالحة للشرب.
وفي ظل الفشل السنوي في توفير المناهج والابنية المدرسية والكوادر التدريسية التي تسجل نقصا ملحوظا في المدارس وخاصة في الاقضية والنواحي، فإن موضوع تسرب الطلبة والتلاميذ من المدارس لا يمكن ان يعالج عبر برامج اعتدنا سماعها دون أن نلمس نتائجها.
إن هروب الطلبة من المدارس يعود الى أسباب عدة منها اقتصادية؛ فالكثير منهم اليوم يعيلون عوائل لا تجد ما تقتات عليه سوى فتات ما يحصل عليه هؤلاء الأطفال من أعمالهم اليومية.
إن ملايين الطلبة المتسربين من المقاعد الدراسية هو مثال حي على فشل منظومة المحاصصة والفساد في إدارة قطاع التربية على اهميتة.
فيما كان العالم منشغلاً بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وافق البرلمان التركي على مذكرة من الحكومة، تطلب تمديد تفويضها إرسال قوات إلى العراق وسوريا لعامين إضافيين.
هذا الإجراءٍ قوبل بصمتٍ مطبقٍ من جانب كل الجهات العراقية المعنية، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريبٍ أو بعيد، متناسين أرواح العراقيين الأبرياء التي تزهقها العمليات التركية في شمال بلادنا.
وكانت الفترة الماضية شهدت زياراتٍ متكررة للمسؤولين العراقيين الى تركيا دون الإعلان عن أهدافها وحيثياتها، ويبدو أنها انتهت كما بدأت دون تحقيق أية نتائج تذكر.
ولكن اذا كانت بعض الجهات تسكت وتراعي علاقاتها مع تركيا، فماذا عن الحكومة العراقية التي يتصدر واجباتها الحفاظ على مصالح العراق، وصيانة حقوقه في ارضه ومياهه واجوائه.
ويؤشر هذا فشل الحكومة في تأمين السيادة والوطنية وحرمة الأراضي العراقية، ورفض التدخلات الخارجية في شأننا الداخلي.
ويتضح الفشل مثلا في موضوع تصدير نفط الإقليم، ومسألة حصول العراق على حصص عادلة لمياه نهري دجلة والفرات، ووقف الاعتداءات والتجاوزات العسكرية والقصف شبه اليومي للأراضي العراقية.
ان الحفاظ على امن العراق والعراقيين وسلامتهم هو من مسؤوليات الحكومة، ويتوجب عليها الوفاء بذلك.