شهد سعر صرف الدولار امس الاثنين انخفاضا نسبيا، حيث بلغ سعر الصرف اول النهار 157 الف دينار مقابل 100 دولار، لكنه عاد للارتفاع آخر النهار مسجلا 159 الف دينار لكل 100 دولار.
ورافقت هذا الهبوط المؤقت ضجة إعلامية حاولت الإيحاء بان البنك المركزي وجد الأداة السحرية لملء الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازي.
هذا فيما تشير المعطيات الى عدم فاعلية إجراءات البنك المركزي واستمرار اتساع الفجوة بين السعرين، وسط صمت البنك عن وعوده السابقة بالسيطرة على السعر.
وكانت إدارة البنك المركزي قد بدأت بتغيير مضمون حديثها من “السيطرة على سعر الصرف” الى “عدم تأثير ارتفاعه على ارتفاع الأسعار” بدعوى ان التجار يستوردون بسعر الصرف الرسمي. وهذا يجانب الحقيقية ويطرح السؤال الملح بشأن فقدان البنك المركزي سيطرته على سعر الصرف، وبقاء الفرق الكبير بين ما يبيعه يوميا من دولارات وما يذهب منها الى الاستيراد الحقيقي؟
ان المواطن البسيط هو من يدفع ثمن بقاء سعر الصرف مرتفعا، فبسببه يستمر ارتفاع أسعار السلع وتآكل القيمة الحقيقية للرواتب.
فالى متى يدفع المواطن فاتورة هذه السياسات العرجاء؟
إمتدحت مسؤولة يونامي جينين بلاسخارت، في مطالعتها قبل ايام أمام مجلس الأمن، مساعي الحكومة لإصلاح القطاع المالي وإقرار قانون للضمان الاجتماعي، وتطوير استراتيجية وطنية للوقاية من المخدرات، ومكافحة الفساد، وتحسين العلاقات مع الإقليم ودول الجوار.
وبناءً على حديث بلاسخارت هذا لم يبق للحكومة سوى السعي لتقليل انبعاثات الكاربون وصيانة طبقة الأوزون.
فماذا تغير حتى يتبدل رأيها من التحذير الى الاشادة، خاصة وان الوضع عندنا لم يشهد تطورا دراماتيكيا، وذلك ما يلاحظه العراقيون قبل غيرهم وبسهولة.
الناس الذين يسحقهم فشل السياسة النقدية وارتفاع الأسعار، وتضاعف اعداد الجياع، وبؤس الخدمات الصحية والتعليمية، والجفاف، وانتهاك الجيران للسيادة، واستمرار حالة الشد مع الإقليم والتضييق على الحريات، يتساءلون عما وراء تغيير بلاسخارت مواقفها خلال أشهر، منبهّين “الخالة” الى المثل العراقي: لا تگولين سمسم قبل ما تلهمين.
نريد تذكير السيدة بلاسخارت، ونحن اول المبتهجين باي منجز حقيقي للمواطنين، بان العراقيين يئنون تحت وطأة المعاناة.
كنا نأمل ان تكون “الخالة” اكثر دقة وملموسية، حتى لا تولد انطباعا خاطئا يحول دون وضع الأمور في سياقاتها ، ودون التوجه الجاد نحو معالجة الثغرات والنواقص والأزمات الكثيرة والمتكاثرة!
لجنة الامن والدفاع البرلمانية قالت انها ضد استغلال المؤسسات الأمنية من طرف قوى وتيارات وتحالفات لكسب أصوات في انتخابات مجالس المحافظات القادمة، مؤكدة رفضها ذلك وداعية الى الحفاظ على استقلال المؤسسة الأمنية، بعيدا عن أي سجالات وصراعات سياسية.
جيد هذا الكلام الصادر عن اللجنة، واعلانها الحرص على استقلال اهم مؤسسة في البلاد، وعلى ان تكون على مسافة واحدة من الجميع، لكن هذا الكلام هل يجد صداه في الواقع الملموس. ثم أيا من القوى الأمنية تقصد اللجنة، فالبعض منها محسوم أمره لصالح جهات سياسية معروفة. فعلى من سينطبق حديث اللجنة الموقرة وماذا هي فاعلة؟
كذلك مفوضية الانتخابات والحكومة وجميع هذه الجهات التي ترى وتسمع جيداً ما يقال عن استغلال مؤسسات الدولة وممتلكاتها والحمايات للدعاية الانتخابية. كل هذا معروف، إضافة الى عملية الشراء المفضوح للاصوات والذمم وحتى المرشحين انفسهم.
ان التصريحات التي يراد منها ذر الرماد في العيون والتعمية على ما يجري لا تكفي، فاين اجراءاتكم ومواقفكم من هذه التجاوزات المكشوفة؟
ملف التعويضات في الانبار ذو شجون . فمنذ تحرير المحافظة ودحر داعش الإرهابي وهو مفتوح، وغالبية العوائل المتضررة تنتظر ساعة الفرج.
وفي تفاصيل الملف الشائك يتحدث المواطنون عن حجم التلاعب وسوء الادارة والاستغلال المقصود من قبل القوى المهيمنة.
ورغم التصريحات والوعود باكمال معالجة الملف الذي يتعلق اساسا ببيوت الناس وبساتينهم وسياراتهم، تسمع العجائب عند التواصل مع الناس. ومن ذلك ان معاملات قدمت عام 2017، يكتشف المكلفون بانجازها، بعد خمس سنوات، ان فيها خطأ وعليهم اعادة النظر فيها من الصفر، وهذا يتطلب جمع وثائق لا يمكن الحصول عليها بسهولة. واذا لم يكن هناك خطأ، فهناك من هو مستعد لافتعاله وعينه على مبلغ التعويض.
ثمة من يقول: لكن هناك من حصلوا بالفعل على تعويضاتهم؟ يجيب المواطنون دون تردد ان هؤلاء بالتأكيد من اقارب مسؤول، او أعضاء في حزب (س)، او ممن عندهم واسطة، او هم على مستعدون للتنازل حتى عن نصف مبلغ التعويض!
من يا ناس يخلّص مواطني الانبار من هذا الفساد؟ وأصلا متى تطلق تعويضاتهم المغيبة؟
وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المفتشيتين العسكرية والامنية بتشكيل لجان لتدقيق ارزاق المقاتلين والتعرف على ظروف عملهم.
ويعني فتح ملف ارزاق المنتسبين الأمنيين مجددا، ان اللجان التي شكلتها الحكومات السابقة لم تحقق شيئا يذكر رغم كل الاحاديث والوعود بالقضاء على الفساد في هذا المجال الذي يمس مباشرة حياة المقاتلين.
والفساد في هذا الملف شائك ومعقد وتشترك فيه جهات متعددة، ويتطلب القضاء عليه معالجات حقيقية، وليس تجربة إجراءات ذرا للرماد في العيون.
ونذكّر هنا بان وزير الدفاع السابق أعلن سنة 2021 احالة أكثر من ألف ضابط في الجيش للتحقيق بتهم فساد مشروع طعام الجنود، ثم لم يُعرف شيء عن الموضوع.
والسؤال المطروح الان: اين وصلت إجراءات التحقيق المذكورة؟ وان لم تصل الى نتيجة، فلماذا تكرر تجربتها؟.
وما زالت الاجراءات الحكومية الحالية في مكافحة الفساد تحوم حول بعض المخرجات السهلة والسلسة، ولا تنفذ الى الأعماق. واذا كان لها ان تكون جادة فعليها اتباع أساليب وآليات جديدة، خاصة وان من “إيجابيات” المحاصصة انها تسهّل البحث عن المستفيد، من خلال معرفة العائدية المحاصصاتية الى هذه الوزارة او تلك..