سجل سعر صرف الدولار يوم أمس مستوى قياسياً جديداً، حيث لامس 160 ألف دينار مقابل 100 دولار. وربط محللون هذا التطور بأخبار تهديد وزارة الخزانة الأمريكية بمعاقبة مصارف عراقية أخرى في حال استمرار تهريبها العملة. مع ان السعر لم ينخفض عن هذا كثيرا طيلة الفترة الماضية.
ورغم وعود المسؤولين بتجاوز الأزمة وردم الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، إلا أن الوعود ذهبت كريش في الهواء. فيما أكد أعضاء في اللجنة المالية البرلمانية أن سعر الصرف سيواصل الارتفاع، ما دامت المصارف الأهلية ومن ورائها البنك المركزي تواصل تسهيل عمليات تهريب وتبييض الدولار.
وتأكد قولنا سابقا أن الحكومة تبحث عن حلول سياسية للأزمة الاقتصادية والنقدية، وهذا ما يظهر بعد كل خبر أو إشاعة تناولتها وكالات الأنباء على لسان المسؤولين، وتأثير ذلك على استقرار سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار.
ان الحكومة والبنك المركزي هما المسؤولان المباشران عن هذا الفشل، الذي يتوجب وضع حد له ومنع المتنفذين والفاسدين وأصحاب الولاءات الخارجية من التلاعب بالاقتصاد العراقي وسعر عملته الوطنية.
ويبقى المواطن ينتظر إجراءات حقيقية، تنقذه من حال عدم الاستقرار ومن الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية، وليس تصريحات إعلامية تعيد للذاكرة المثل المعروف: “أواعدك بالوعد وأسكيك يا كمون”!
كشفت وزارة الداخلية أمس الأول، عن تسجيل أكثر من 90 حالة عنف أسري يوميًا في البلاد.
وحسب هذا الرقم يصل العدد سنويا الى أكثر من 32 ألف حالة عنف أسري مبلّغ عنها، وقد لا نبالغ في القول أن أضعاف هذا العدد لا يتم الإبلاغ عنها لأسباب اجتماعية وعشائرية.
ولوحظ خلال الفترة الماضية ارتفاع حالات العنف الأسري بشكل كبير، والأنكى هو تفاخرُ من يقومون بالتعنيف من خلال تصوير اعتداءاتهم وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم محاولات الشرطة المجتمعية ملاحقتهم. وليس ببعيد حادث قتل الطفل موسى على يد زوجة أبيه.
ورغم هذا الكم الهائل من الاعتداءات، ما زالت القوى المتنفذة تمنع عبر نوابها في البرلمان تشريع قانون العنف الأسري، بل وتوجه جيوشها الإلكترونية ومنصاتها الإعلامية نحو مهاجمة كل من يطالب بوضع حد للعنف الأسري وبتشريع قوانين تسهم في ذلك.
لقد بات تشريع قانون العنف الأسري ضرورة ملحة للحفاظ على الأسرة ومنع هدمها، على عكس ما يروج له أبطال المحاصصة والفساد، الذين ساهموا وما زالوا وبشكل مباشر في انتشار العنف، من خلال ترسيخهم ثقافات ضارة وسلوكيات مدمرة.
ما بين 500 الف ومليون لتر مكعب من مياه الصرف الصحي تأخذ طريقها يوميا دون معالجة الى نهر دجلة في العاصمة بغداد وحدها، وفقا لمدير قسم التخطيط في دائرة بيئة بغداد ، الذي اكد تحول نهر دجلة الى مستنقع بفعل هذه المخلفات.
نسبة تلوث المياه في النهر تزيد على 90 في المائة، وتمثل مخلفات المستشفيات ما نسبته 60 في المائة من حجم التلوث.
ومع تفاقم مشكلة شح المياه وانحسار الامدادات الى نهري دجلة والفرات، باتت نسب التلوث تمثل تهديدا حقيقيا لحياة الناس، خاصة وان التقارير الواردة من المستشفيات بشأن ارتفاع معدلات الإصابة بإمراض السرطان وامراض الكلى والامراض الجلدية تدق ناقوس الخطر.
ان الاستمرار في تلويث الانهار دون إيجاد معالجات حقيقية يهدد حياة العراقيين، كما انه يسهم في هدر مصادر مائية يمكن ان تكون موردا إضافيا في معالجة ازمة شح المياه، لو استغلت بالشكل الصحيح.
والسؤال المطروح هنا هو: هل يعقل ان تسهم المؤسسات الحكومية بتلويث مصادر مياهنا، في وقت يمر فيه العراق بأزمة مائية تلقي بظلالها على مئات الالاف من المواطنين، وتقلص كثيرا المساحات المزروعة؟ّ
شهدت قمة العشرين قبل ايام توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، وتشترك فيه – حسبما أُعلن - السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل بجانب الهند والاتحاد الأوروبي، وترعاه الولايات المتحدة.
ولا يصعب تقدير حجم تأثير المشروع على دول المنطقة سلبا او إيجابا، لكن الواضح ان اول واكبر المتضررين منه هو العراق، الذي قد يفقد الآن مشروعاه المهمان: ميناء الفاو الكبير، وطريق التنمية، معناهما ومغزاهما!
مشروع الميناء كان المفترض والممكن ان ينجز منذ سنين عديدة، لكن اهمال حكوماتنا المتعاقبة وعراقيل منظومة المحاصصة والفساد أحبطت ذلك حتى اليوم.
اما مشروع طريق التنمية فجاء متأخرا كثيرا، في وقت تسارعت فيه المنافسة العالمية، علناً وسراً، للفوز بقصب السبق في تحويل مشاريع الربط بين القارات والشرق والغرب الى واقع قائم على الأرض.
وأخيرا وقبل أيام من اعلان مشروع الهند – اوربا الجديد، جاء اعلان الاتفاق على الربط السككي بين البصرة والشلامجة ليطلق الرصاصة القاتلة كما يبدو على مشروع الفاو الكبير، وليعصف ربما حتى بمشروع طريق التنمية!
ان المسؤولية عن هذا كله لا تتحملها جهة واحدة، فمنظومة الفساد والطائفية والفشل جمعاء هي المسؤولة. ولن ترحم الأجيال الحالية ولا القادمة هذه المنظومة التي تفرط بكل ما للعراق مصلحة فيه.
بلغ عدد منتسبي الأجهزة الأمنية في وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والحشد الشعبي في موازنة عام 2023 قرابة مليون و444 ألف منتسب موزعين بين صفوف التشكيلات الأمنية المختلفة بموازنة مالية فاقت 30 تريليون دينار عراقي.
الأعداد المذكورة أعلاه لا تشمل منتسبي قوات البيشمركه ومن يؤدون مهام الحراسة في بعض الوزارات، فتعداد القوات الأمنية الكلي يتجاوز مليوني منتسب بحسب مختصين.
هذا العدد الهائل يدفع إلى طرح أسئلة جدية حول الفائدة من زيادة عديد القوات الأمنية، خاصة تشكيلات محددة منها، ومدى الحاجة اليها، وهل أصبح الكم بديلا للنوع في إعداد القوات الأمنية؟
ان الزيادة غير المبررة تسهم مباشرة في عسكرة المجتمع، وزيادة البطالة المقنعة داخل الأجهزة الأمنية، خاصة وأن الأعداد الحالية يمكن أن تكون قادرة على سد الحاجة الفعلية للبلاد، إذا أُحسن إعدادها والتعامل معها بعيدا عن الفساد، خاصة وأن متنفذين كثيرين يستغلون أعدادا غير قليلة منها لخدمتهم وخدمة عوائلهم وحاشياتهم.
نعيد التذكير بأن العامل الرئيسي في بناء الأمم والأوطان هو ما تزرع وتصنع وتنتج، ونؤكد ان على المعنيين إعادة النظر في أيّة زيادة لعديد القوات الأمنية.