تمثل الضرائب مورداً أساسياً لدعم الموازنة العامة وتنمية الاقتصاد، لكن التهرب منها ما زال واحداً من أبرز التحديات التي تواجه الدولة؛ فالكثير من المؤسسات الاهلية، وفي مقدمتها الكليات والجامعات، تتقاعس عن أداء التزاماتها المالية، وسط تضارب تشريعي وغياب واضح لرقابة وزارة التعليم العالي والجهات المختصة.
ويرى مختصون، أن استمرار هذا الوضع لا يضر فقط بالموازنة العامة، انما ينعكس بشكل مباشر على حقوق التدريسيين والعاملين، ويؤثر حتى على ثقة المواطنين بالمنظومة الضريبية.
إشكالية الكليات الأهلية
وفي هذا الشأن، اكد عضو اللجنة العليا لتنفيذ الإصلاح الضريبي خالد الجابري، وجود إشكالية مزمنة في ملف الكليات الأهلية تتعلق بآليات التحاسب الضريبي، موضحاً أن جذور المشكلة تعود إلى التعارض بين التشريعات القديمة والقرارات اللاحقة.
وقال الجابري في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “قانون التعليم الجامعي الأهلي الصادر عام 1997 نصّ صراحةً على إعفاء الكليات الأهلية من جميع أنواع الضرائب والرسوم، إلا أن قرار سلطة الائتلاف بعد عام 2003 ألزم جميع المهن والأنشطة بدفع الضرائب، لكن الكليات الأهلية لم تُحاسب بموجبه، ما أدى إلى تضارب في التفسير القانوني بين الهيئة العامة للضرائب وإدارات هذه الكليات”.
وبيّن أن “الجدل القانوني انتهى إلى اعتبار قانون الكليات الأهلية مُقيّداً لقرار سلطة الائتلاف، وبالتالي استمرت هذه المؤسسات التعليمية خارج نطاق الضريبة، إلى أن جرى تعديل القانون عام 2016، حيث قرر المشرّع رفع الإعفاء وإخضاع الجامعات والكليات الأهلية للضرائب والرسوم كافة، فضلاً عن إلزامها بمراجعة ديوان الرقابة المالية لتدقيق حساباتها”.
وأضاف أن “اللجنة العليا للإصلاح الضريبي وضعت آليات شفافة لتطبيق التحاسب الضريبي على الجامعات الأهلية، غير أن بعض هذه المؤسسات لا تزال تواجه إشكالات في التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بضريبة الاستقطاع المباشر من رواتب الأساتذة المنتدبين من الجامعات الحكومية أو الأهلية منذ عام 2016، حيث لم يتم استيفاؤها الى الان، رغم أن القانون يحمّل الكلية مسؤولية الالتزام والتحصيل”.
وأشار الجابري إلى أن “اللجنة وضعت آلية خاصة لمعالجة هذا الملف وتم التوصل إلى اتفاق مع إدارات الكليات، إلا أن نسبة الاستجابة ما زالت محدودة، ولم تتجاوز 10%، الأمر الذي دفع الهيئة العامة للضرائب إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق الكليات الممتنعة، باعتبارها حالات تهرب ضريبي”.
وأوضح أن “جوهر التهرب الضريبي يعود إلى غياب الوضوح في العلاقة بين المكلف والهيئة العامة للضرائب، نتيجة قوانين قديمة لا تتماشى مع تطورات الاقتصاد الحالي، وهو ما دفع اللجنة العليا لتنفيذ الإصلاح الضريبي إلى تبني قرار بإعادة صياغة التشريعات ذات الصلة”.
ولفت الجابري إلى أن “اللجنة أطلقت آلية التقدير الذاتي، التي تستند إلى قرار مجلس الوزراء، وتعطي الثقة الكاملة للمكلف بالتصريح عن إيراداته ومصروفاته مدعمةً بالوثائق، مقابل اعتماد آلية التدقيق اللاحق للتأكد من صحة البيانات من خلال فواتير مصرفية، أو مستندات جمركية، أو إجازات استيراد مرقمة، وبقية الأدلة الرسمية”.
وأكد أن “هذه الآلية أنهت مرحلة التقديرات الضبابية التي كان يعتمدها بعض المخمّنين، وأعطت للمكلف دوراً مباشراً في الإفصاح عن ذمته المالية، على أن يجري التدقيق عبر كوادر خبيرة ومحترفة، بما يطمئن المستثمرين ويعزز بيئة العمل في العراق”.
وكشف عضو اللجنة العليا أن “تطبيق هذه الآلية أسهم في زيادة عدد الشركات التي بادرت للتسجيل الطوعي بنسبة 300%، ما يعكس أن الكثير منها كانت متحفظة على التعامل مع الهيئة العامة للضرائب، لكنها عادت طوعاً بعد اعتماد آلية التدقيق اللاحق”.
وفي السياق ذاته، شدّد الجابري على أهمية تعزيز الشمول المالي عبر تطوير النظام المصرفي وربطه بالدفع الإلكتروني، مبيناً أن “نجاحات تحققت في مجال الدفع الإلكتروني وربط الهيئة العامة للضرائب بهذا النظام، غير أن تحقيق الشمول المالي الكامل يتطلب حسابات مصرفية فاعلة، وهو ما يعمل البنك المركزي على بنائه ضمن خطة إصلاح شاملة لتعزيز الثقة بين المصارف والمواطنين”.
وختم بالقول ان “الإيراد الضريبي هو نتيجة للنشاط الاقتصادي، والركيزة الأساسية هي دعم هذا النشاط عبر تحديث المنظومة القانونية والمالية، وبناء الثقة المتبادلة بين المكلفين والهيئة العامة للضرائب، وبين المواطنين والنظام المصرفي”
غياب دور وزارة التعليم
من جهة أخرى، انتقد نقيب الأكاديميين السابق، مهند هلال، امتناع أغلب الكليات الأهلية عن أداء التزامها القانوني بدفع نسبة 3% من إيراداتها السنوية إلى الموازنة العامة، وفق ما نص عليه القانون، مؤكداً أن هذا التقاعس يمثل شكلاً من أشكال التهرب المالي ويؤثر سلباً على حقوق التدريسيين والعاملين في تلك المؤسسات.
وقال هلال في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “الكليات الأهلية ملزمة قانوناً بتسديد ما نسبته 3% من إيراداتها السنوية إلى موازنة الدولة عبر وزارة التعليم العالي، إلا أن معظم هذه الكليات لم تلتزم بذلك تحت ذرائع متعددة، مع أن المبلغ يعد يسيراً قياساً بحجم إيراداتها الكبيرة ولا يشكل عبئاً عليها”.
وأضاف أن “التخلف عن الإيفاء بهذا الالتزام لا يقتصر على حرمان الدولة من إيرادات عامة، إذ ينعكس أيضاً على حقوق الأساتذة والتدريسيين في تلك الكليات، فيُحرم الكثير منهم من التسجيل في الضمان الاجتماعي واحتساب حقوقهم التقاعدية عند إنهاء مسيرتهم الأكاديمية، نتيجة عدم تسديد الكليات لالتزاماتها القانونية”.
وشدّد هلال على أن “هذه النسبة تُعدّ مالاً عاماً يدخل ضمن الموازنة العامة للدولة، ومن ثم فهي تخضع لرقابة الأجهزة المختصة مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، وعلى هذه الجهات تفعيل دورها في محاسبة الكليات الممتنعة عن الدفع”.
وأشار إلى أن “غياب المتابعة والرقابة من قبل وزارة التعليم العالي سمح باستمرار هذا الخلل، الأمر الذي يجعل الوزارة مسؤولة عن عدم إلزام تلك الكليات بتطبيق القانون”، لافتاً إلى أن “الإجراء الطبيعي تجاه المؤسسات الممتنعة يجب أن يتضمن سحب الاعتراف والإجازة منها أو غلقها، لضمان خضوع جميع الكليات الأهلية لشروط الدولة المالية والقانونية”
ما سبب التهرب الضريبي؟
الى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن مشكلة التهرب الضريبي لا تقتصر على العراق وحده، بل هي ظاهرة عالمية موجودة في مختلف الدول لكن بدرجات متفاوتة، مشيراً إلى أن أسبابها في العراق ترتبط بضعف العدالة الضريبية، والقصور المؤسسي، والفساد الإداري.
وقال المرسومي في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “العدالة الضريبية تمثل عاملاً أساسياً في التزام المكلفين، فحين يشعر المواطن بأن الضرائب المفروضة لا تتناسب مع دخله أو أنها غير عادلة، تتسع أمامه مساحة التهرب. كما أن ضعف السلطات الضريبية في احتساب الوعاء الضريبي والدخل الخاضع للضريبة، فضلاً عن غياب الرقابة الفعالة، يفتح المجال أمام التلاعب والتحايل”.
وأضاف أن “عدم وضوح القوانين الضريبية وتخلفها عن مواكبة التطورات الاقتصادية، إلى جانب غياب الحوكمة وضعف الشفافية، كلها عوامل تعزز ظاهرة التهرب، حيث يُترك الأمر أحياناً لاجتهادات شخصية أو تفاهمات فردية بين المكلف والموظف الضريبي”.
وأشار المرسومي إلى أن “الفساد يمثل أحد أبرز أسباب التهرب، إذ قد يلجأ بعض المكلفين إلى دفع عمولات أو رشى لموظفين في السلطة الضريبية مقابل تقليص الضريبة المستحقة أو حتى إلغائها بالكامل”.
ولفت إلى أن “ضعف الثقة بين المواطن والسلطة الضريبية يضاعف من حجم المشكلة، فالمواطن لا يعرف على وجه الدقة أين تذهب أمواله الضريبية، بينما في الدول المتقدمة غالباً ما تُخصص ضرائب الدخل لصناديق خاصة تنفق على خدمات محددة يختارها المواطنون، كالبنية التحتية أو الصحة أو التعليم، وهو ما يعزز ثقافة الالتزام الضريبي لديهم”.
وفي ما يتعلق بإخضاع الكليات والجامعات الأهلية للضرائب، أوضح المرسومي أن “إشكالية عدم التحاسب منذ عام 2016 على ضريبة الاستقطاع المباشر من الأساتذة تمثل نموذجاً لضعف السلطات الضريبية في العراق”، مبيناً أن “استجابة الكليات لإجراءات اللجنة العليا للإصلاح الضريبي لم تتجاوز 10%، وهو رقم متدنٍ يعكس قصور الأجهزة الضريبية عن فرض القانون ومتابعة الالتزامات”.
وتساءل المرسومي: “لماذا مُنحت هذه الجامعات والمستشفيات الأهلية إجازات تأسيس دون وجود آلية صارمة لمتابعة تحاسبها الضريبي؟ وهل تترتب فوائد وغرامات تراكمية على المبالغ غير المسددة كما هو معمول به في بقية دول العالم؟”، مؤكداً أن “المسؤولية في المقام الأول تقع على عاتق السلطة الضريبية نفسها، قبل أن تُحمَّل للمؤسسات التعليمية أو الصحية الخاصة”.
يُذكر أن الحكومة الحالية قد شكلت لجنة عليا للإصلاح الضريبي، ضمت في صفوفها عدداً من الخبراء والمختصين في هذا الشأن.
مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة، تتصاعد المخاوف حول نزاهة العملية الانتخابية، بعد استبعاد اكثر من 700 مرشح لأسباب متعددة؛ إذ يرى مراقبون أن الانقسامات السياسية، وحجم الإنفاق الضخم على الدعاية التي لم تبدأ رسميا بعد، وغياب الثقة الشعبية بالمنظومة الحاكمة، يزيد من التعقيدات المحيطة بالاستحقاق القادم.
وتعد الانتخابات البرلمانية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي، الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
استغلال المال السياسي
وكان تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة الانتخابات في العراق، حذر قبل يومين، من تصاعد ظاهرة الدعاية الانتخابية المبكرة واستغلال المال السياسي من قبل بعض الأحزاب والتحالفات، قبل تحديد أرقام القوائم والمرشحين.
وأكد التحالف، أن هذه الممارسات تمثل خرقاً صريحاً للقانون وتمسّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، داعياً المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إنذار القوائم المخالفة وإزالة الإعلانات الدعائية المخالفة خلال 48 ساعة.
من جهته، أكد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عماد جميل، أن المفوضية شكلت ما يقارب عشرين لجنة مركزية في مكاتب المحافظات إضافة إلى لجان في إقليم كردستان، تتولى مهمة رصد المخالفات الانتخابية وتلقي البلاغات من المواطنين والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين.
وأوضح جميل، أن بعض الجهات المخالفة جرى تنبيهها، فيما فُرضت غرامات مالية على من استمر في تجاوزاته، بلغت بين مليوني وخمسة ملايين دينار، خاصة فيما يتعلق بمخالفات النشر الدعائي.
وأضاف أن المفوضية حددت موعد انطلاق الحملات الانتخابية في التاسع عشر من الشهر الجاري، وتنتهي قبل أربع وعشرين ساعة من يوم التصويت المقرر في التاسع من تشرين الأول، حيث يبدأ الصمت الانتخابي.
وأشار إلى أن أي دعاية انتخابية خارج هذه المدة تعد مخالفة قانونية قد تصل عقوبتها إلى استبعاد المرشح أو الحزب من المنافسة، لاسيما إذا تضمنت خطاباً طائفياً أو محرضاً.
مخالفات الدعاية المبكرة
من جانبها، شددت عضو الفريق الإعلامي في المفوضية نبراس أبو سودة، على أن المفوضية تتابع المخالفات الخاصة بالدعاية المبكرة وتتخذ بشأنها الإجراءات القانونية اللازمة، بما يضمن عدالة المنافسة وتكافؤ الفرص. وجددت التأكيد على التزام المفوضية الكامل بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة وفق السياقات الدستورية والقانونية.
وفي سياق الاستعدادات الفنية، صادق مجلس المفوضين مؤخراً على الانتشار النهائي لسجل الناخبين الخاص بالتصويت العام، وبدأت المفوضية باتخاذ إجراءات طباعة السجل وتوزيعه على المراكز الانتخابية ضمن المدد المحددة. كما تواصل المفوضية استكمال طباعة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون بطاقة بايومترية في مطابع دولية، على أن يجري توزيعها منتصف الشهر الحالي عبر ١٠٧٩ منفذاً ثابتاً، إضافة إلى الفرق الجوالة التي ستصل إلى المناطق النائية، وفق خطة لوجستية بالتنسيق مع اللجنة الأمنية العليا للانتخابات.
أما أوراق الاقتراع، فهي قيد الطباعة وتشمل نموذجين: الأول خاص بالقوات الأمنية والنازحين، والثاني للاقتراع العام الذي يطبع بشكل منفصل لكل محافظة بحسب القوائم والمرشحين. وسيجري توزيع هذه الأوراق فور وصولها إلى العراق، ضمن خطة لوجستية معدة مسبقاً وبجدول زمني يتناسب مع موعد الانتخابات.
رغم إعلان المفوضية فرض غرامات مالية على المخالفين تراوحت بين مليوني وخمسة ملايين دينار، إلا أن هذه العقوبات تبدو في نظر كثير من المراقبين غير رادعة بما يكفي. فالمبالغ المفروضة لا تعادل في بعض الحالات أكثر من عشرة في المائة من كلفة لافتة دعائية واحدة، ما يجعل بعض الكيانات السياسية تنظر إليها كجزء من "تكلفة الحملة" وليس كعقوبة تستحق التوقف أو إعادة النظر في السلوك الانتخابي.
هذا الواقع يثير تساؤلات حول جدوى هذه الغرامات في ضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين، إذ قد يستغل المرشحون ذوو الإمكانات المالية الكبيرة هذا الهامش القانوني لتكثيف دعاياتهم المبكرة أو غير المشروعة، فيما يلتزم المنافسون الأقل موارد بالقانون، مما يخل بمبدأ العدالة الانتخابية.
ويرى مختصون أن المفوضية بحاجة إلى إعادة تقييم آليات الردع، عبر رفع سقف الغرامات وربطها بحجم الإنفاق الانتخابي أو اللجوء إلى عقوبات أشد مثل الحرمان المؤقت أو الاستبعاد الكامل عند تكرار المخالفات، بما يحافظ على نزاهة العملية الانتخابية وثقة الناخبين.
تتصاعد فعاليات التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني، ضد حرب الإبادة والتجويع الممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني منذ عامين في قطاع غزة، حيث تزداد وتيرة الاحتجاجات الجماهيرية الرافضة لاستمرار الحرب، والمطالبة بتوفير الطعام والدواء والماء والمساعدات الإنسانية الأخرى.
ومن المقرر ان يعقد في 22 أيلول الجاري مؤتمر في الأمم المتحدة، ترعاه المملكة العربية السعودية وفرنسا، للاعتراف بدولة فلسطين، فيما أعلنت العديد من الدول انضمامها إلى هذا الحدث التاريخي، ومنها بريطانيا وبلجيكا وفنلندا وأستراليا وكندا، مقابل رفض إسرائيلي – أمريكي، إذ قررت الولايات المتحدة عدم منح سمة دخول للوفد الفلسطيني إلى الأراضي الأمريكية والمشاركة في المؤتمر.
نساند الاعتراف بدولة فلسطين
وقال الرفيق حيدر مثنى، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إن "الشيوعيين العراقيين يدعمون الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، ولطالما ساندنا هذا الحق في مختلف الميادين".
وأضاف في تصريح لـ"طريق الشعب"، أن "التضامن الشعبي العالمي الواسع، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بعد أحداث طوفان الأقصى، هو الذي أجبر الحكومات الغربية على تسريع وتيرة الاعتراف بدولة فلسطين".
وتابع ان "الصورة التي تُنقل يومياً من غزة، وما يعيشه شعبنا الفلسطيني من ولايات متمثلة بالقتل اليومي والتجويع الممنهج ومنع الماء والدواء وأي فرصة للحياة، فضلاً عن التدمير الكامل للبنى التحتية، جعلت قادة العالم يتحركون باتجاه المطالبة بإيقاف هذه الحرب المدمرة".
وأكد الرفيق مثنى، أن "العديد من هذه الدول التي تريد الآن الاعتراف بالدولة الفلسطينية كانت ولا تزال تقدم بشكل أو آخر أشكال الدعم للاحتلال الصهيوني وحكومته اليمينية الفاشية المتطرفة، وبالتالي بسبب هذا الدعم غير المحدود في الكثير من الأحيان، ازدادت معاناة شعبنا الفلسطيني".
إمكانيات أخرى للتحرك دولياً
وعن أهمية التحرك والمساندة الحكومية والشعبية في المنطقة عموماً، والعراق خصوصاً، أشار مثنى إلى أن "ما قدمته الشعوب في المنطقة العربية غير كافٍ حتى الآن، وهي بالإمكان أن تتحرك بصورة أوسع للتضامن مع الشعب الفلسطيني وكسر الحصار المفروض عليه".
ولفت إلى أنه "برغم التحرك الحكومي العراقي باتجاه دعم القضية الفلسطينية، إلا أنها لا تزال غير ذات تأثير كبير، لذلك ينبغي أن يفعل العراق دوره باعتباره رئيس الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، وأن يستخدم الأساليب الدبلوماسية للضغط على البلدان المختلفة من أجل دعم الاعتراف بدولة فلسطين".
وأضاف مثنى أن هناك "إمكانية لتحريك ما جرى التوصل إليه في اجتماع بغداد للقمة العربية، وكذلك تفعيل البيان الختامي للقمة الطارئة العربية الإسلامية، ومنها كسر الحصار الجائر المفروض على غزة والضفة الغربية".
وفي حديثه، شدد الرفيق حيدر مثنى عضو المكتب السياسي للحزب، على وجود إمكانية يمكن أن يستخدمها العراق، وهي "فرض نوع من التعامل الاقتصادي مع الدول الداعمة للكيان المحتل، وإرغامها على إيقاف الدعم له".
وختم الرفيق مثنى حديثه بالتأكيد على "أهمية وحدة القوى الفلسطينية في مواجهة العدوان، والرجوع إلى الاتفاقيات التي أبرمت فيما بينها، من أجل النضال سوياً من أجل دولة فلسطينية حرة ومستقلة".
معركة ضد الظلم والاستبداد
من جانبه، قال أثير الدباس، المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي، إن "موجة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها تكشف عن تطور مهم في الوعي السياسي، إذ لم تعد القضية الفلسطينية حبيسة صراع إقليمي محدد أو موضوعاً تفاوضياً مؤجلاً، بل أضحت معياراً يقاس به صدق الالتزام بالمعايير الديمقراطية والإنسانية".
وأضاف ان "هذا التضامن يعبر عن رفض متصاعد لسياسات الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية، ويؤكد أن محاولات شرعنة القمع والعنف لم تعد تجد رواجاً أمام الضمير العالمي الحر".
وشدد الدباس في تصريح لـ"طريق الشعب"، على أن "دولة العراق بما تحمله من ثقل تاريخي وسياسي مطالبة اليوم بأن تحول موقفها من دائرة الشعارات إلى دائرة الفعل السياسي المؤثر، المطلوب ليس إعلان الإدانة، بل استخدام الأدوات السياسية والدبلوماسية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تدين الاحتلال وتطالب بوقف الحرب، والعمل على بناء موقف عربي متماسك لوضع حد لمساعي تصفية القضية الفلسطينية".
ولفت إلى إمكانية أن "تضع الحكومة العراقية قضية التضامن مع فلسطين جزءاً من سياستها الخارجية، وأن تستثمر مكانتها في المنطقة لتعزيز محور السلام والعدالة".
وأكد الدباس أن "التيار الديمقراطي يؤكد أن الوقوف مع الشعب الفلسطيني ليس خياراً أخلاقياً فحسب، بل هو أيضاً جزء من معركة العراقيين أنفسهم من أجل بناء دولة عراقية خالية من الاستبداد والعنف والهيمنة، فالقضية الفلسطينية بعمقها السياسي والإنساني هي امتداد طبيعي لنضال الشعوب في وجه الاحتلال والاستغلال، وأي تقاعس في نصرتها هو تفريط في مبادئ الحرية والعدالة التي ننشدها جميعاً".
دعوة لتحمل المسؤولية
علي صعيد آخر أكد عزيز الربيعي الأمين العام لتيار الخط الوطني على ضرورة استمرار التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الاحتلال التي تستهدف كرامته وحقه في الحياة الحرة الكريمة.
وقال الربيعي إن "ممارسات التجويع وحرمان المدنيين من أبسط مقومات العيش تمثل جريمة إنسانية مرفوضة ومدانة، وتتناقض مع القيم الأخلاقية والمواثيق الدولية".
وأكد الربيعي في حديثه لـ"طريق الشعب" موقف تياره الثابت، قائلاً: "نرفض هذه السياسات اللا إنسانية، وندعو المجتمع الدولي والقوى الحية لتحمل مسؤولياتهم لوقف هذه الانتهاكات، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل الحرية والعدالة".
بعد عقود من هيمنة شركات محددة على قطاع الاتصالات في البلاد، وقعت الحكومة العراقية، أخيراً، عقد تأسيس الشركة الوطنية لخدمات الاتصالات الهاتفية النقالة، كشركة مساهمة عامة، تقدم خدمة الجيل الخامس “5G” المتطورة. ومن المقرر أن تساهم في الشركة ثلاث جهات حكومية رئيسية وهي كل من صندوق تقاعد موظفي الدولة، المصرف العراقي للتجارة، وشركة السلام العامة التابعة لوزارة الاتصالات.
وطبقا لمختصين، فإن خطوة تأسيس الشركة يجب أن تتبعها الحكومة بـ"تخصيصات مالية كبيرة، إضافة إلى تشكيل وتدريب فرق فنية مختصة بهذا المجال".
ويعد ملف شركات الهواتف النقالة من الملفات الشائكة والمثيرة للجدل، إذ أقدم رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي على تجديد رخص شركات الهاتف النقال في 8 تموز 2020، لمدة 5 سنوات، من دون أن توفي الشركات ما بذمتها من أموال لخزينة الدولة.
وسمح قرار التجديد لـ (الشركات الرئيسية الثلاث) بالسيطرة على كافة حزم الاتصال، أي احتكرتها بالكامل، وبحصولها على حزم إضافية كان من المفترض أن تكون مخصصة لشركة اتصال رابعة، وهي الشركة الوطنية التي جرى تأسيسها أخيرا.
لا تقييد للقطاع الخاص
وفي إعلان التأسيس الرسمي، أكد رئيس الوزراء، ان الهدف هو ان تكون الشركة منافساً فعالًا لبقية الشركات في تقديم أفضل خدمات الاتصالات، التي أصبحت تشمل الاقتصاد والتعليم والتنمية بشكل عام.
وقال السوداني، إن هذه الخطوة تعد الأولى من نوعها بدخول ثلاث جهات حكومية في تأسيس شركة للهاتف النقال، مع إتاحة الاكتتاب أمام المواطنين للمساهمة في رأس المال، كأحد المسارات التي تعتمدها الحكومة لتعزيز الاقتصاد غير النفطي.
وأضاف أن تأسيس الشركة لا يعني تقييد القطاع الخاص، وإنما خلق بيئة تنافسية تضمن تقديم أفضل الخدمات للمواطنين. وأكد ضرورة استكمال الإجراءات لضمان إطلاق الخدمة، خصوصًا مع توفير خدمة الجيل الخامس “5G” المتطورة التي ستكون متاحة لكافة المواطنين.
وتعد خدمات الاتصالات والإنترنت في العراق من الأسوأ في بلدان المنطقة والأعلى تكلفة أيضا، فبطاقات التعبئة أسعارها مرتفعة مقارنة بالخدمات المقدمة، إذ أن البطاقة الواحدة تستخدم لإجراء المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، وتحتسب المكالمة فيها بالدقائق وليس بالثواني.
كما يعاني المواطن من ضعف جودة الاتصالات داخل المدن.
ما شروط نجاحها؟
من جهته، قال الباحث في الشأن المالي والمصرفي، مصطفى حنتوش، إن التعاون بين الشركة الوطنية للاتصالات وشركة فودافون البريطانية يمثل فرصة استراتيجية للعراق، إذا ما استُغلت بشكل صحيح.
وأضاف حنتوش لـ"طريق الشعب"، أن هذه الشركة، بصفتها جهة حاصلة على رخصة من هيئة الإعلام والاتصالات، ستعمل تحت إشراف الهيئة، مع تمويل من صندوق التقاعد والمصرف الوطني، ما يضمن توفير إطار مالي وإداري متين.
وتابع حنتوش، أن نجاح الشركة في تقديم خدمات اتصالات عالية الجودة يمكن أن يجعلها الرائدة في السوق المحلية خلال فترة زمنية قصيرة، لافتاً الى أن دمج الخبرة العالمية لشركة فودافون مع الدعم الحكومي، سيشكل نموذجاً عملياً يمكن الاستفادة منه لتعظيم أرباح الشركة ودعم خزينة الدولة.
وزاد بالقول: إن المشروع يمثل نموذجاً يحتذى به لتعظيم العائدات وتعزيز كفاءة القطاع العام، مؤكداً أن الهدف هو خلق بيئة استثمارية مستدامة، تخدم المستهلكين وتحقق استفادة الدولة بشكل مباشر.
فرصة لتطوير السوق وكسر الهيمنة
من جانبه رهن المختص في الشأن التكنولوجي، سامر الظفيري، نجاح الشركة الوطنية للاتصالات بـ"تقديم خدمات جاذبة ومتنوعة لاستقطاب المستخدمين، على ان تكون خدمات ذات جودة وتعزز قدرة منافستها، إضافة لتطبيق معايير صارمة في إطار الجودة والخدمة، إلى جانب الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وبرامج تتبع الأداء لضمان استمرارية العمل بكفاءة".
وقال الظفيري في حديث مع "طريق الشعب"، أن وجود شركة مدعومة حكومياً، يسمح بكسر احتكار وهيمنة الشركات الخاصة المعروفة في السوق العراقي، شرط أن يتم توفير إطار تنظيمي واضح، ودعم مالي واستراتيجي من قبل الدولة لصالح عمل هذه الشركة، إلى جانب دعم الشراكات الدولية التي تقدم خبرة عالمية في مجال الاتصالات.
وأضاف “إذا نجحت الشركة في الالتزام بالمعايير المهنية والتقنية العالية، يمكن أن تصبح نموذجاً يحتذى به في تطوير قطاع الاتصالات، وتحقيق منافسة عادلة تخدم المستهلكين وتعزز مكانة العراق في السوق الاقليمية”.
ثلاث محاور أساسية
وعضّد الخبير الاقتصادي، صالح الهماشي، من طرفه، ما ذهب اليه الظفيري، بالقول أن "اهمية الشركة الوطنية للاتصالات، تكمن في انها من الممكن ان تحقق تأثيرا مباشرا على السوق المحلية، وخلق منافسة عادلة".
وقال الهماشي في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن نجاح هذه الشركة مرهون بثلاثة محاور: "الإطار التنظيمي والرقابي الصارم لضمان الشفافية ومكافحة الفساد، التمويل الذكي والاستثمار المستدام لدعم مشاريع تكنولوجية حديثة؛ والاهم هو الشراكات التقنية العالمية للاستفادة من خبرات الشركات العالمية الرائدة، مع الحفاظ على الملكية الوطنية والمعرفة التقنية.
واكد أن تحقيق هذه الشروط يسمح بتقديم نموذج اقتصادي علمي يجمع بين الربحية والاستدامة ودعم خزينة الدولة.
صراع محتمل بين أطراف حكومية
بدوره، قال الخبير في مجال الاتصالات والمعلومات التقنية عمار داود العيثاوي، إن "تشكيل شركة وطنية للاتصالات خطوة مهمة، إذا ما أديرت بالشكل الصحيح، فهذه الشركة يمكن أن تحقق أرباحا هائلة جداً للدولة".
ونبّه إلى أن هناك صراعا بين الجهات المختصة حول عمل شركات الاتصالات في العراق، فشركة (سي أم سي) التابعة لهيئة الإعلام والاتصالات هي المسؤولة عن إعطاء التراخيص، ووزارة الاتصالات هي المسؤولة عن البنى التحتية، والصراع بين هذه الجهات، سوف يشتد مع وجود مردودات مالية.
تفاصيل الرخصة الرابعة
وفي تشرين الاول من 2023، قرّر مجلس الوزراء منح الرخصة الرابعة للهاتف النقال إلى شركة السلام العامة التابعة لوزارة الاتصالات، لتأسيس شركة وطنية جديدة تدير شبكة اتصالات حديثة تعتمد على تقنيات الجيل الخامس (5G) لأول مرة في العراق، بالشراكة الفنية مع شركة فودافون العالمية.
وأبرز الجهات المشاركة في المشروع، هي: شركة السلام العامة (مملوكة لوزارة الاتصالات، تمثل الجهة التنفيذية الحكومية للمشروع)، وشركة NMTC الوطنية (تم تأسيسها لتكون حاملة للرخصة)، اضافة الى الشركاء الماليون: هيئة التقاعد الوطنية (صندوق التقاعد)، ومصرف التجارة العراقي TBI، والشريك الفني (فودافون البريطانية، تقدم خدمات استشارية وتشغيلية دون تملك الحصة).
فيما تتراوح الكلفة الإجمالية التقديرية لتأسيس الشبكة وتشغيلها بين 1 إلى 2 مليار دولار أمريكي، تشمل: البنية التحتية الأساسية، التراخيص الترددّية، الأنظمة التشغيلية والدعم الفني، الإنفاق التسويقي وتطوير الشبكة.
وبناءً على تحليل السوق، من المتوقع أن تتجاوز أرباح الشركة السنوية 150–200 مليون دولار خلال السنوات الخمس الأولى، مع نمو سنوي يتراوح بين 8% إلى 12%، وتُعاد الأرباح إلى الدولة وصناديق التقاعد، ما يعزز الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
أخيرا، يمثّل مشروع الرخصة الرابعة للهاتف النقال في العراق فرصة استراتيجية لإحداث نقلة نوعية في قطاع الاتصالات، وتمكين الدولة من بناء نموذج وطني ربحي وخدمي، لكن نجاح هذه الخطوة يتطلب إدارة كفوءة، شفافية عالية، وتحقيق توازن بين الجوانب التقنية، الاقتصادية، والاجتماعية.
رغم مرور شهرين على زيارة رئيس البرلمان محمود المشهداني إلى أنقرة، وتلقيه وعودا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيادة الإطلاقات المائية، الا ان العراق لا يزال يواجه أزمة خانقة في موارده المائية. وبدلاً من استخدام العراق أوراقه الضاغطة، تستمر العلاقات التجارية والسياحية والعقارية بين البلدين بشكل تصاعدي، بينما تبقى أزمة المياه بلا حلول ملموسة.
وعود تركية على الورق
وأعلن المشهداني عقب لقائه أردوغان، في حينها، عن موافقة أنقرة على إطلاق 420 متراً مكعباً في الثانية من المياه. ولاحقاً، أكد رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن تركيا وسوريا وافقتا على زيادة الإطلاقات لتصل إلى 320 متراً مكعباً عبر سد الموصل و350 متراً عبر الحدود السورية.
لكن بيانات وزارة الموارد المائية ومرصد العراق الأخضر تشير إلى أن ما وصل فعلياً لم يتجاوز 120 – 350 متراً مكعباً في الثانية، أي أقل بكثير من حاجة العراق الفعلية المقدرة بـ 650 – 800 متر مكعب في الثانية.
ولا يُعرف ان كانت الإطلاقات قد شملت نهري دجلة والفرات أو دجلة وحده.
ويرهن وزير الموارد المائية معالجة هذه الأزمة "بصورة كاملة" باجراء "تفاهمات سياسية ودبلوماسية مع تركيا وسوريا، إلى جانب الاعتماد على الأمطار المتوقع هطولها في نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأول المقبلين، والتي قد تسهم في تخفيف حدة الأزمة".
العراق زبون مميز لتركيا
في الوقت الذي تعجز فيه الحكومة عن تأمين حصتها المائية، تكشف الأرقام عمق التبعية الاقتصادية العراقية لتركيا. فقد حل العراق في المرتبة السادسة بين الدول الأكثر استيراداً من تركيا، بقيمة 968 مليون دولار في تموز 2025 وحده.
وجاء العراق ثانياً عربياً في عدد السياح إلى تركيا.
وفي مجال العقارات اشترى العراقيون 665 منزلاً خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، محتفظين بمركز متقدم بين جنسيات العالم.
وتُظهر هذه الأرقام أن العراق يملك أوراق ضغط قوية على تركيا، لكنه لم يوظفها حتى الآن في ملف المياه، رغم التحذيرات الجدية من توقف محطات الإسالة في بغداد إذا استمرت الإطلاقات الحالية عند هذا المستوى المتدني.
اقل من الحاجة الفعلية!
وأكد وزير الموارد المائية عون ذياب، أن الحكومة العراقية تعمل حاليًا على تحركات عاجلة مع الجانب التركي لزيادة كميات المياه المنصرفة عبر نهري دجلة والفرات، وسط أزمة مائية خانقة تعصف بالعراق منذ عدة أشهر.
وأشار الوزير إلى أن الجانب التركي لم يلتزم حتى الآن بالمعدل المتفق عليه من الإطلاقات المائية، حيث لا تتجاوز الكميات الحالية 350 متراً مكعباً في الثانية، وهو ما يقل بشكل كبير عن حاجة العراق الفعلية المقدرة بنحو 650 متراً مكعباً في الثانية.
وأوضح ذياب، أن انخفاض الإطلاقات من دول المنبع يفاقم أزمة الموارد المائية في العراق، مؤكدًا أن الحكومة تبذل جهودًا مستمرة لضمان حصول البلاد على حصتها الكاملة من المياه وفق الاتفاقات الموقعة مع تركيا.
كما أفاد مرصد العراق الأخضر، المتخصص في شؤون البيئة، أن الأحد الماضي كان آخر يوم للمهلة التي حددتها تركيا لضخ الإطلاقات المائية صوب العراق.
وأوضح المرصد في بيان، أن "تركيا كانت أعلنت عن إطلاق 400 متر مكعب من المياه في الثانية خلال شهري تموز وآب، إلا أن العراق تعرض لـ(خديعة كبيرة) حين توقع أن تكون الإطلاقات وفق الإعلان التركي، فيما تبين لاحقاً أن تركيا أطلقت فقط 120 مترا مكعبا في الثانية".
ورأى المرصد، أن هذا الأمر دفع العراق إلى إطلاق ضعف هذه الكمية، ما أدى إلى إفراغ السدود والنواظم، محذرا من ان العراق سيعاني خلال المرحلة المقبلة شحا حادا في الموارد المائية، في حال لم يتوصل إلى حل مع تركيا عبر التفاوض على تمديد مدة الإطلاقات "خصوصاً مع احتمالية استثمار السياسيين هذه المسألة بالتزامن مع موسم الانتخابات".
تصريح رسمي: العراق يمر بمرحلة معقدة
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، ان "الواقع المائي في العراق يمر بمرحلة صعبة ومعقدة وحرجة، سيما ونحن نعيش اليوم مرحلة ندرة و شح حادة في الموارد".
وأكد شمال في تصريح لـ"طريق الشعب"، ان الحكومة التركية "لم تلتزم بالإطلاقات المائية الخاصة بحصة العراق، اذ ما تزال قليلة ومتذبذبة، برغم انها تمثل استحقاقا طبيعيا من نهري دجلة والفرات"، مشيرا الى ان "مستوى الايرادات المائية القادمة من سوريا وايران، هي الاخرى متدنية، في وقت يحتاج فيه العراق الى أكثر من 400 متر مكعب في الثانية في نهر دجلة، وحوالي 250 الى 300 متر مكعب في الثانية في الفرات في الوقت الراهن".
واوضح، ان "العراق لا يتسلم حالياً سوى أقل من 35% من حصته الطبيعية واستحقاقه، وهذا ادى بطبيعة الحال الى تدني مستويات الخزين المائي ليبلغ 8 في المائة فقط من السعة الخزنية، أي ما يعدل ثمانية مليارات متر مكعب، وهو أدنى معدل مُسجل".
وخلص شمال الى القول: "نحن الآن في مرحلة ندرة مائية حادة، ونحتاج إلى كل قطرة مياه متاحة. الوضع المائي في العراق حرج، والحكومة تعمل من اجل لتأمين الإطلاقات والحصص المائية اللازمة عبر التفاوض مع دول الجوار وتركيا بالخصوص".
تهديدات مائية واجتماعية!
وتشهد بعض المحافظات، منذ أشهر، شحا كبيرا في مياه الشرب والري، وسط مخاوف من انعكاسات سلبية على الأمن الغذائي والزراعي، في حال استمرت الإطلاقات الحالية دون زيادة ملموسة.
وتعاني محافظات الجنوب والفرات الأوسط من شح مياه الشرب، وخرجت تظاهرات غاضبة احتجاجاً على جفاف الأراضي الزراعية.
وحذر خبراء البيئة من زيادة الملوحة والتلوث في نهري دجلة والفرات، إضافة إلى تهديد الثروة السمكية والزراعة، ما قد يؤدي إلى تفاقم معدلات الفقر والهجرة العكسية، متسائلين: لماذا يُترك ملف المياه رهينة وعود دبلوماسية لم تُترجم إلى اتفاقات ملزمة، في حين لدى تركيا 136 نقطة توغل وأربع قواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية؟
ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة موسمية، بل تهديد استراتيجي للأمن المائي والغذائي والاجتماعي في العراق. ومع أن الحكومة العراقية تمتلك أوراق ضغط اقتصادية ونفطية وسياحية قوية، فإن عجزها عن استخدامها يجعل تركيا تتعامل مع ملف المياه كمسألة سياسية مؤجلة، بينما يدفع المواطن العراقي ثمن العطش والجفاف.