في خطوة تُعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، أعلنت وزارة الزراعة بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي عن إطلاق مبادرة التأمين الزراعي البارومتري، التي تستهدف حماية صغار المزارعين من المخاطر المناخية المتزايدة التي تهدد إنتاجهم الزراعي، خاصة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
ورغم التفاؤل بهذه المبادرة، فإن خبراء البيئة والناشطين يؤكدون أهمية تبني حلول استراتيجية شاملة تتجاوز التعويضات المالية لتشمل إعادة التخطيط الزراعي، دعم التقنيات الحديثة، وتفعيل رقابة دقيقة تضمن عدالة توزيع الدعم وشفافية البيانات.
مشروع تجريبي قابل للتوسع
وللإيضاح اكثر حول البرنامج قالت منسق الوزارة مع برنامج الأغذية العالمي، بروج محمد، أن المشروع أُطلق بعد استحصال الموافقات الرسمية في العام الماضي، مؤكدةً أن البرنامج يستهدف في مرحلته الأولى ست محافظات، هي: نينوى، كربلاء، البصرة، صلاح الدين، واسط، ومحافظة سادسة ستحدد لاحقاً.
وبيّنت محمد في حديثها لـ"طريق الشعب"، انه تم اختيار عاملين أساسيين من المخاطر: الجفاف وارتفاع درجات الحرارة لصرف التعويضات.
وأشارت إلى أن المشروع نُفذ في مرحلته الأولى بشكل تجريبي في ثلاثة أقضية في نينوى وفي محافظة كربلاء، مبينة انه تم تعويض مزارعين في نينوى بعد ثبوت حالات الجفاف بينما لم تُسجل في كربلاء نسب جفاف مرتفعة تتيح صرف التعويضات.
وأكدت أن المؤشرات المتعلقة بدرجات الحرارة اعتمدت ابتداءً من الشهر السابع، على أن يتم صرف التعويضات بعد تحديد الأولويات استناداً إلى البيانات المناخية المستلمة وان المشروع يستهدف أصحاب الحيازات الصغيرة (أقل من 10 دونمات).
وبينت أن المرحلة الأولى من المشروع شملت نحو 500 مستفيد، جرى تعويض 400 منهم حتى الآن، مؤكدةً أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وتأتي بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي.
وذكرت محمد، أن نجاح التجربة الحالية سيفتح الباب أمام توسيع البرنامج ليشمل مخاطر أخرى مثل الفيضانات وغيرها، لاسيما أن العراق من أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية. كما نوهت الى أن تبني الحكومة للمشروع على نطاق أوسع ليغطي فئات أوسع من المزارعين في جميع المحافظات سيعتمد على مدى نجاحه.
واختتمت أن تقييم نجاح التجربة سيتم بعد انتهاء المرحلة الثانية وشمول المحافظات الست كافة.
غياب التخطيط العلمي
من جهته، قال مدير منظمة الحقوق الخضراء، فلاح الأميري، أن التعامل مع نتائج المشكلات دون التعمق في أسبابها يعكس فقداناً للتخطيط العلمي المدروس، سواء في مؤسسات الدولة أو في البرامج الحكومية.
واضاف الأميري في حديث مع "طريق الشعب"، أن الحالة التي يمر بها العراق تتطلب فهماً عميقاً للمشكلة وآثارها، ووضع حلول استراتيجية بعيدة المدى، بدلاً من مجرّد إسكات الأصوات أو استغلال الفرص في تسييس الإنفاق العام.
وتابع أن "الظلم البيئي الذي يتعرض له المواطن العراقي بشكل عام، والمواطن البصري بشكل خاص، يؤثر على مختلف القطاعات ومنافذ الحياة، وليس فقط على صغار الفلاحين"، مشيرا الى ان هؤلاء الفلاحين "سيظلون يعانون من ضعف الإنتاج بسبب المنافسة القوية مع المنتجات المستوردة المتوفرة في السوق، والتي تُعد من أبرز أسباب تراجعهم".
ونوه إلى أن "العودة إلى وزارة الزراعة وإعادة التخطيط والتنظيم للمزارع الحكومية أمر في غاية الأهمية، خصوصاً للمنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، حيث يتم احتساب كل أبواب الإنفاق بدقة، مع تشديد الرقابة والضمانات الأصولية، وليس فقط على مواطن يملك بعض الدونمات البور التي تُحتسب كأرض زراعية. كما أن نسبة التعويض يجب أن تقابلها استثمارات في السكن المخصص للأراضي الزراعية".
واكد الأميري، أن "الخطط التي ستنفذها الحكومة بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي تتيح فرصة للاستفادة من الأموال في تأسيس مشروع تدوير المياه واستخدامها في الزراعة، وهو ما يحتاجه العراق اليوم بشكل منطقي وعلمي".
وخلص الى القول: أن "مثل هذه البرامج، رغم كونها فريدة في المنطقة، لا تعني بالضرورة نجاحها أو فائدتها، وأن عدم تطبيقها في دول المنطقة يُؤكد محدودية أثرها".
الشفافية والعدالة في التغطية الجغرافية
من جهته، قال الناشط البيئي حيدر شاكر إن إطلاق أول برنامج للتأمين الزراعي البارومتري في العراق يمثل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لمواجهة تداعيات التغير المناخي، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن ترافق هذه المبادرة آليات واضحة للرقابة والتقييم المستقل، خصوصاً في ما يتعلق بشفافية البيانات المناخية واعتمادها كأساس للتعويضات.
وأضاف شاكر في تصريح لـ”طريق الشعب”، أن العراق يواجه تهديدات بيئية متزايدة، أبرزها الجفاف، التصحر، وارتفاع درجات الحرارة، مؤكداً أن هذه الظواهر لم تعد موسمية أو طارئة بل باتت سِمة مستدامة تهدد الأمن الغذائي وسبل عيش آلاف العوائل الزراعية، ولا سيما أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون الفئة الأضعف في سلسلة الإنتاج الزراعي.
وأشار إلى أن نجاح المرحلة التجريبية من المشروع يجب ألّا يُقاس فقط بعدد المستفيدين، بل بمدى عدالة توزيع الخدمات، ودقة قياس المؤشرات المناخية، ومدى موثوقية مصادر البيانات التي تُبنى عليها قرارات التعويض.
وزاد بالقول أن “من غير المقبول أن يُحرم مزارعون من حقوقهم بسبب خلل في آليات الرصد أو فجوات في تغطية المحطات المناخية”، داعيا إلى ضرورة أن تتضمن المراحل المقبلة إشراكاً حقيقياً لممثلي المجتمع المحلي والخبراء البيئيين في عملية التخطيط والتقييم.
وحذر من أن تغييب الرأي المحلي "يُضعف فعالية أي مشروع، مهما كان طموحه".
كما شدد على أهمية التوسّع النوعي في المشروع ليشمل مخاطر مناخية أخرى كالعواصف الترابية والفيضانات، وضرورة بناء قاعدة بيانات وطنية موحدة ومحدثة، تربط بين وزارتي الزراعة والموارد المائية وهيئة الأنواء الجوية، لتكون مرجعاً لاتخاذ القرارات.
واختتم بالقول إن العراق بحاجة إلى انتقال من “ردود الفعل” إلى “التخطيط الاستباقي” في ملف البيئة والمناخ، معتبرًا أن أي مشروع تأميني لا يُربط بسياسات مائية مستدامة وتشجيع الزراعة الذكية مناخيًا، سيبقى مجرد حل إسعافي مؤقت.
أثارت قائمة السفراء المسربة، موجة انتقادات واسعة، لاسيما على الصعيد الاجتماعي، ما دفع وزارة الخارجية الى الرّد أخيراً، في محاولة لتفنيد بعض المعلومات المرتبطة بهذه القائمة، مشيرةً في بيان رسمي الى ان القوائم التي تم تداولها "غير دقيقة".
البيان هو الآخر تعرض الى انتقادات جديدة، فهو لم يقطع الشكوك التي تحوم حول الفريسة الدبلوماسية التي وصلت مرحلة التقاسم العائلي، متجاوزة حتى منهج المحاصصة الذي كرسته القوى المتنفذة، بحسب منتقدين.
الوزارة وفي معرض ردها، أقرت بأن القائمة موجودة فعلاً، وتضم 23% من ذوي الشهداء والسجناء والمفصولين السياسيين، و64% من الموظفين الحكوميين، و19% من العاملين في المجال السياسي أو منظمات المجتمع المدني أو مراكز الفكر، و17% من الأكاديميين في الجامعات العراقية، حيث يحمل 62% من المرشحين شهادات جامعية عليا، و38% من حملة شهادة البكالوريوس.
الاصهار اولاً!
وتعليقا على رّد وزارة الخارجية، يرّى القاضي والنائب السابق، وائل عبد اللطيف، ان القوى السياسية انتقلت من الدائرة المحاصصاتية الى الدائرة العائلاتية، كون أغلب المرشحين من السفراء هم أزواج لبناتهم، وهذه ليست مؤهلات سليمة لتعيينهم سفراء.
وأضاف، ان "السفراء هم الواجهة العراقية في دول العالم، وبالتالي نحتاج كفاءات ومهنية ولغة مفاوضاتية"، لافتا الى ان "السفير يقتضي ان يعرف معطيات شاملة عن البلد المبتعث اليه، اقتصاده وجهده العسكري والاستثمارات فيه وكذلك نهج هذا البلد، وهذه الميزات جميعها لا بد ان تكون حاضرة في السفير الذي يمثل العراق في هذه الدولة او تلك".
إصرار على القائمة!
وأشار عبد اللطيف، الى ان "هناك إصرارا على هذه القائمة التي اطلعنا عليها، والتي تصفها وزارة الخارجية بانها غير دقيقة، ويفترض ان يلغى تماما دور القوى السياسية في ترشيح السفراء، ويترك الموضوع الى المعهد الدبلوماسي الموجود في وزارة الخارجية، ليقدم من يرغب في الدخول الى العمل الدبلوماسي، ومن خلال دورة قد تستغرق سنة او سنتين، ليتخرج فعلا شخص دبلوماسي اولي، وبعد ذلك يتطور بالممارسة من خلال المهنة، كونه سيلتقي بزعماء دول وسفراء وكثير من الملحقيات الثقافية".
وتابع القاضي، ان "التمثيل يجب ان يليق بدولة اسمها جمهورية العراق ودولة موقعها التاريخي أكثر من 7 آلاف سنة ودولة كانت مميزة ومهيوبة وذات مؤسسات متقدمة جدا".
القائمة ناقشها البرلمان
من جانبه، قال الباحث بالشأن السياسي، غالب الدعمي، ان "بيان الخارجية العراقية، والذي يشير الى ان هناك بعض الأسماء وليس جميعها في القائمة، يفضحها واقع الحال"، لافتا الى ان "الأسماء المهمة التي تتعلق بأصهار زعماء سياسيين عراقيين، وردت في القائمة، وهم يمثلون الطبقة السياسية بكامل تفاصيلها، وهذا ما يجعلنا نكذب ما ذهبت اليه الوزارة".
وتساءل الدعمي "كيف يمكن ان تصل قائمة سفراء الى مجلس النواب من مجلس الوزراء، وتقول عنها وزارة الخارجية انها غير صحيحة أو غير دقيقة؟"، مبينا ان "هذه محاولة للهرب من الانتقاد الشعبي الذي واجه هذه القائمة". وبين ان "القائمة يصح إطلاق عليها تسمية قائمة الأقارب والاصهار".
تهافت على المناصب والوجاهة
ونوه الدعمي الى ان "ما يجري يكشف طبيعة التهافت على المناصب والوجاهة. هناك نقص وعوز لدى زعماء الكتل السياسية للمناصب والمال. والان هؤلاء يسقطونها نفسيا على المناصب الحكومية بغض النظر عن نوع هذه المناصب، لذلك يرشحون الأقرب لهم، بعيدا عن الكفاءة او قدرتهم على إدارة هذه المناصب او توفر الشروط الكافية لشغل هذا المنصب، اسوة بدول العالم الأخرى".
ورأى الدعمي، ان "العراق بحاجة الى إدارة سياسية تضطلع بها وزارة الخارجية وسفراء يمتلكون افقا استراتيجيا لفهم سياسة العراق"، مشيرا الى ان "عقلية هؤلاء المرشحين لهذه المناصب، بتقديري، هي عقلية عشائرية ومذهبية ومناطقية لا تمثل الرؤية الاستراتيجية لأي دولة تريد ان تبني علاقات متينة ومتوازنة مع الدول الأخرى".
بيان الوزارة كشف أيضا، عن ان القائمة تضمنت 50% من دبلوماسيي الوزارة (بدرجة وزير مفوض أو مستشار)، إضافة إلى مجموعة من الكفاءات الوطنية والأكاديمية والاجتماعية، بخلاف قائمة عام 2009، التي ضمّت 55 سفيرا من خارج الوزارة بنسبة تفوق 90% مقابل 5 سفراء فقط من داخل الوزارة.
وأشارت الوزارة الى انه: حاليا يوجد 27 سفيراً في الخدمة، 11 منهم بلغوا السن القانونية للإحالة على التقاعد، إضافة إلى قرب إحالة 5 سفراء آخرين على التقاعد عام 2026، الأمر الذي أدى إلى التأثير على فاعلية الدبلوماسية العراقية في الدفاع عن مصالح العراق وشعبه، حيث إن هناك 4 مناصب وكيل وزارة و18 دائرة تتطلب درجة سفير وفقاً للقانون، إضافة إلى 94 بعثة دبلوماسية في الخارج.
تُعد قضية استرداد العراق لممتلكاته وأصوله المفقودة في الخارج، واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003، لما لها من أهمية اقتصادية وقانونية وسيادية كبيرة؛ إذ تقدر قيمة هذه الأصول التي توزعت في دول آسيوية وأفريقية وأوروبية بحوالي 100 مليار دولار، وتشمل عقارات فاخرة ومزارع ومرافق نفطية ويخوت تمتلكها الدولة منذ عهد النظام السابق.
إن استعادة هذه الممتلكات لا تخلو من صعوبات جمة وإجراءات دولية معقدة؛ إذ يواجه العراق تحديات متعددة تتمثل في تسجيل الأصول بأسماء أشخاص وشركات وهمية، وغياب التعاون الكافي من قبل بعض الدول، إلى جانب التعقيدات القانونية والإجرائية لدى محاكم مختلفة حول العالم.
وجمدت أموال العراق في الخارج بعد فرض الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية خانقة على بغداد، جراء غزو النظام الديكتاتوري المباد للكويت مطلع تسعينيات القرن الماضي.
موزعة في آسيا وأفريقيا وأوروبا
تقول منصة “أمواج” البريطانية، أن العراق يواجه صعوبات كبيرة في استرداد ممتلكاته وأصوله المفقودة في دول آسيوية وأفريقية وأوروبية، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 100 مليار دولار. وتشمل هذه الأصول قصورًا وفيلات في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، إضافة إلى مزارع للشاي والمطاط والتبغ في ماليزيا وسريلانكا وفيتنام، ومصفاة نفط في الصومال وأراضيَ زراعية في نيجيريا واليمن.
وتضيف أمواج في تقرير لها، أن البرلمان العراقي أطلق في حزيران الماضي مبادرة لاستعادة هذه الأصول بعد تأكيد الرئيس الصومالي خلال القمة العربية الأخيرة أن مصفاة نفط عراقية قرب مقديشو ما زالت قائمة لكنها مهملة منذ عقود.
وينبه التقرير إلى أن الحكومة العراقية بدأت حملة للتحقق من ملكية هذه الأصول ومعالجة العوائق القانونية.
ويقدّر مشرّعون أن نحو 50 أصلاً رئيسياً لا يزال مجهول المصير، وتصل قيمتها الإجمالية إلى 80–100 مليار دولار.
حوافز قانون الاسترداد
ويمنح قانون الاسترداد حوافز للمبادرين بإعادة الأموال المنهوبة من العراق، إذ يؤكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أن النظام السياسي السابق على مدى أكثر من ثلاثة عقود وزع ممتلكات الدولة وأموالها الضخمة بين عواصم مختلفة حول العالم، وغالبًا ما كانت تسجل، بشكل غير مباشر، بأسماء أشخاص.
ويقول صالح في تصريح لـ"طريق الشعب"، أن هذه الممتلكات تنوعت بين أرصدة مصرفية وأموال نقدية ويخوت وعقارات وقصور وأبنية موزعة في دول عدة، مشيرا الى ان قرارات مجلس الأمن، الصادرة عقب اجتياح الكويت، أتاحت لبعض الدول والشركات الاستحواذ على جزء من هذه الأموال والممتلكات بشكل صريح، فيما خضع جزء منها لدعاوى قضائية أفضت إلى السيطرة عليها.
ويضيف، أن العراق تمكن من استرداد قسم محدود من هذه الأموال، بينما لا يزال جزء كبير منها مسجلًا بأسماء أشخاص مجهولين أو وهميين، مبينا أن قانون الاسترداد الحالي "يمنح فرصة لمن يبادر بالاعتراف بامتلاك أموال تابعة للعراق، مقابل حصوله على نسبة تصل إلى 10 في المائة منها، في حال إقراره بأنها أموال عراقية وإبداء رغبته في إعادتها".
ويوضح أن "عملية الاسترداد معقدة وطويلة، إذ تتطلب رفع دعاوى قضائية وإثبات ملكية الأموال للعراق أمام محاكم مختصة في دول مختلفة، إضافة إلى الحاجة إلى ميزانيات وفِرق محامين متخصصة".
ويشدد صالح على أن الهدف الأساسي من هذه الجهود هو "قطع الطريق أمام الفساد وحماية المال العام، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل"، مؤكدًا أن الإصرار على الاسترداد، حتى بعد مرور عقود، يمثل رسالة واضحة بعدم التسامح مع أي تجاوز على أموال الدولة.
ويشير إلى أن "الاستيلاء على العقارات المسجلة بأسماء أشخاص يعدّ أحد أشكال الفساد العابر للحدود، ما يجعل العملية معقدة وطويلة، خصوصًا أن المشكلة تكمن في الخارج أكثر مما هي داخل العراق"، لافتاً الى أن "القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة بدقة، وأن ما يُعلن عنه هو مجرد تقديرات".
ويخلص الى أن صندوق استرداد الأموال "يعمل بفاعلية كبيرة من خلال قراراته ورفع الدعاوى بالتنسيق مع الادعاء العام العراقي"، مشيراً الى أن هناك "تطوراً مهماً يتمثل في إدراج بنود خاصة بالتعاون مع العراق في أية اتفاقيات ثنائية، تنص على دعم جهود استرداد الأموال المنهوبة أو المستولى عليها".
بعض الدول غير متعاونة
من جانبه، قال مدير مكتب إعلام هيئة النزاهة، علي محمد، إن صندوق استرداد الأموال يعمل منذ عام 2012 على تتبع تلك الأصول والممتلكات، مبينًا أن العراق تمكن مؤخرًا من استرداد 150 مليون دولار، من أحد أزلام النظام السابق الذي شغل منصب مدير عام في جهاز المخابرات. وتتوزع هذه بين عقارات ومزارع ويخوت وغيرها.
وأضاف محمد في حديث مع "طريق الشعب"، أن تعقيد هذا الملف يعود إلى تسجيل الأصول بأسماء شخصيات أو شركات وهمية، أو بأسماء أشخاص آخرين، فضلًا عن عدم تعاون بعض الدول مع العراق في هذا الشأن. وأكد أن استرداد الأموال والممتلكات يمثل خطوة مهمة في إطار مكافحة الفساد ومنع استغلال أصول الدولة العراقية، مشددًا على أن الأرقام المعلنة بشأن قيمة هذه الأصول غير دقيقة بسبب غياب المعلومات الكاملة عنها.
وبيّن محمد، أن التعقيدات المرتبطة بهذا الملف "شديدة ومتعددة الأبعاد، إذ إن أغلب الأصول تم تسجيلها بأسماء شركات أو شخصيات وهمية، أو بأسماء أشخاص آخرين لا صلة لهم بالنظام السابق بشكل مباشر، ما يصعّب عملية إثبات ملكيتها للعراق"، مضيفاً أن بعض الدول "لا تزال غير متعاونة مع العراق في هذا المجال، ما يعرقل جهود الاسترداد ويطيل أمد القضايا القانونية المرتبطة به".
وأكد أن التحرك لاسترداد هذه الأموال والممتلكات يمثل خطوة جوهرية في إطار مكافحة الفساد، مشدداً على أن هذه الجهود تهدف إلى "حماية المال العام ومنع استغلال أصول الدولة العراقية التي تم الاستيلاء عليها أو تهريبها خلال الحقبة السابقة".
وأشار محمد إلى أن القيمة الحقيقية لهذه الأصول "لا تزال غير معروفة على وجه الدقة، وأن كل الأرقام المعلنة ليست سوى تقديرات تقريبية، نظراً لتعقيد عملية الحصر وصعوبة الوصول إلى المعلومات الدقيقة بشأنها".
وزاد بالقول: أن "الصندوق يعمل على رفع الدعاوى القضائية في الدول ذات العلاقة بالتنسيق مع الادعاء العام العراقي، ويتم نقل الملفات إلى المحاكم المختصة ضمن الولاية القضائية لكل دولة، بهدف إثبات ملكية العراق لهذه الأصول".
وشدد على أن العراق "يسعى في جميع الاتفاقيات الثنائية والدولية إلى تضمين بنود خاصة بالتعاون في ملف استرداد الأموال المنهوبة، لضمان استرجاع أكبر قدر ممكن من الأصول التي نُهبت أو سُجلت بطرق ملتوية".
وواصل الحديث أن هذه الجهود "لا تنطوي فقط على مجرد تحرك مالي، بقدر ما تمثله من ركيزة أساسية في تعزيز هيبة الدولة وترسيخ مبدأ عدم الإفلات من العقاب و ترسيخ القيم القانونية وحماية المال العام من أي تجاوز مستقبلي".
عراقيل ومعوقات
وكان رئيس هيئة النزاهة محمد علي اللامي، وهو رئيس مجلس إدارة صندوق استرداد أموال العراق، أكد في حزيران الماضي، ضرورة استرداد أموال العراق المنهوبة.
ونوه اللامي في حينها، بأن "قانون صندوق استرداد أموال العراق رقم (9 لسنة 2012) المُعدَّل، يحتاج إلى بعض التعديلات المُهمَّة التي ينبغي للسلطة التشريعيَّة المبادرة لتشريعه".
ومن أبرز العراقيل والمُعوقات التي تقف حائلاً أمام إنجاح جهود الأجهزة الرقابية والقضائية الوطنية في هذه المهمة، هو ضعف الجهود الدولية في هذا الملف وعدم اتخاذها الإجراءات الكافية. كما أن السبب السياسي مهم جدا؛ اذ ان هناك جزءا من الأحزاب السياسية المتنفذة متورطة بالفساد وعمليات تهريب الأموال ونقلها للخارج، طيلة السنوات الماضية، وبالتالي فإن هذه الأحزاب والقوى لن تسمح بإقرار أي قوانين قد تمهد لمساءلتها، وهذا يعني أن استعادة الأموال مستقبلا تعتمد على المعادلة السياسية القادمة بعد الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني المقبل. ولو بقيت هذه الأحزاب مسيطرة على الوضع، فمن المستبعد أن يشهد ملف استرداد الأموال تفاعلا برلمانيا.
تعيش الدبلوماسية العراقية واحدة من أسوأ مراحلها منذ تأسيس الدولة، بعدما تحوّل منصب السفير – الذي يُفترض أن يكون واجهة العراق في الخارج – إلى غنيمة سياسية تُوزّع وفق صفقات المحاصصة الحزبية والطائفية. وقد انعكست هذه السياسة على أداء السفراء، حيث يمتنع بعضهم عن العودة، فيما يُقدم آخرون على طلب اللجوء في الدول التي يُفترض أنهم يمثلون العراق فيها، إلى جانب ممارسات مشوهة أخرى.
ويرى مراقبون أنّ اعتماد نهج المحاصصة، وتحويل السلك الدبلوماسي إلى ساحة لتقاسم النفوذ لا إلى أداة لخدمة المصلحة الوطنية، كانت نتيجته واضحة: سفراء يفتقرون إلى الخبرة، وزارة مهمّشة، وتمثيل خارجي باهت انعكس سلباً على ملفات سيادية خطرة، مثل خور عبدالله وملف المياه وغيرهما.
وعلى مدى السنوات الـ22 من عمر النظام الجديد، تحولت المناصب في السلك الدبلوماسي العراقي إلى "جوائز ومكافآت" تسعى الأحزاب المتحكمة بالمشهد السياسي للحصول عليها، وإسنادها لأعضائها وأفراد أسرهم والمقربين منهم.
تهميش للكفاءات
وأعرب مصدر في وزارة الخارجية لم يكشف اسمه عن استيائه من الآلية المعتمدة في تعيين السفراء، مؤكداً أنّها باتت خاضعة تماماً للمحاصصة الحزبية على حساب الكفاءة والمعايير المهنية التي ينص عليها القانون.
وقال المصدر في حديث لـ "طريق الشعب"، إنّ "الوزارة تضم كفاءات وخبرات دبلوماسية كبيرة، لكن يتم تهميشها لصالح أسماء يتم اختيارها وفقاً للتوازنات السياسية، وكأن الوزارة خلت من الكوادر المؤهلة".
وأضاف المصدر، أنّ قانون وزارة الخارجية يحدد بشكل واضح أن تكون نسبة 75% من تعيينات السفراء من داخل الوزارة، مقابل 25% فقط من الكفاءات خارجها، مردفا "لكن ما يحدث هو العكس تماماً، إذ باتت حصة موظفي الوزارة لا تتجاوز 25%، فيما جاءت ثلاثة أرباع الأسماء التي ظهرت في القوائم الأخيرة من خارج الوزارة".
وتابع أنّ "الكادر الدبلوماسي يتم إعداده على مدار عقود طويلة، ويحتاج الموظف إلى سنوات لاكتساب الخبرة والمعرفة المتراكمة، لكن في النهاية يُفاجأ الجميع بأنّ من يتبوأ المناصب العليا هم أشخاص من خارج الوزارة، لا يملكون ربع مؤهلات الكادر المهني".
ولفت المصدر إلى أنّ "الارتقاء درجة داخل الوزارة يخضع لإجراءات دقيقة تشمل تقييمات متعددة، وبحوث ترقية، ومقابلات رسمية قبل رفع التوصية"، مضيفا "فما بالك بمن يُفترض أن يكون سفيراً، ثم نجد أن المعايير كلها تُسقط لصالح التعيينات السياسية المحددة مسبقاً".
وخلص الى القول إنّ "هذا النهج أضعف وزارة الخارجية وأفقد الدبلوماسية العراقية فاعليتها، بعدما شغل هذه المناصب الحساسة أشخاص يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة بأساسيات العمل الدبلوماسي".
حراك نيابي لوأد الصفقة
وهناك حراك لوقف تمرير القائمة عبر مجلس النواب، وسط تحذيرات من تداعياتها على سمعة العراق الدبلوماسية.
وقال عضو مجلس النواب النائب ثائر مخيف الجبوري، بشأن تصويت مجلس الوزراء قائلاً: إنّ "هذا التصويت يكرس المحاصصة الحزبية والطائفية. وكان الأولى الابتعاد عن تلك المحاصصة الحزبية التي لا تساعد على بناء العراق".
وأضاف أن دفع الأحزاب بشخصيات غير مؤهلة للمناصب العليا يهدف إلى الحفاظ على النفوذ السياسي وليس خدمة المواطن.
فيما أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب حيدر السلامي رفضه شبه الكامل للقائمة، مشيرا الى ان هناك مساعي ومحاولات لمنع تمرير هذه القائمة"
وتضم قائمة السفراء التي جرى تسريبها للإعلام، شخصيات مقربة من كبار المسؤولين، منهم أبناء وأصهار، موزَّعة على كتل وحسابات حزبية.
من جهته، اتهم عضو مجلس النواب عامر عبد الجبار الكتل السياسية الكبرى بـ"تفصيل" تلك القائمة على مقاسها، مؤكداً أن الترشيحات تمت وفق مبدأ المحسوبية والمنسوبية وليس على أساس الكفاءة والخبرة.
وقال عبدالجبار، إن "ما جرى في ملف ترشيح السفراء يمثل قمة الاستهزاء بالكفاءات الوطنية، حيث تم اختيار أسماء بناءً على الولاءات الحزبية والعلاقات العائلية، وليس وفق معيار الاستحقاق المهني أو الوطني"، مضيفا أن "بعض قادة الأحزاب لم يكتفوا بترشيح مقربين من الحزب، بل ذهبوا إلى ترشيح أبنائهم وأشقائهم وأصهارهم وحتى أقرباء زوجاتهم، في تجاوز صريح على مبدأ العدالة والمساواة، ما يعكس وجود دكتاتورية حزبية داخل هذه الكيانات".
أزمة الدبلوماسية العراقية
من جانبه، أكد الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي أنّ الدبلوماسية العراقية تعاني أزمة بنيوية عميقة، تقف المحاصصة الحزبية والطائفية على رأس أسبابها.
وقال التميمي، إنّ المحاصصة "حوّلت السلك الدبلوماسي من أداة لتمثيل المصالح الوطنية إلى وسيلة لتقاسم المناصب بين القوى السياسية، بعيداً عن الكفاءة والمعايير المهنية"،
وأضاف التميمي في حديث لـ"طريق الشعب"، أنّ الموافقة على تعيين سفراء من خارج وزارة الخارجية بنسبة تتجاوز 50% تكشف حجم الخلل، حيث يُمنح المنصب كمكافأة سياسية لا كاستحقاق مهني مبني على الخبرة، مشيرا الى أنّ هذا النهج ترك انعكاسات خطرة على صورة العراق ومصالحه في الخارج.
واستشهد التميمي بفشل العراق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع الكويت، مشيراً إلى أنّ غياب الوفد الدبلوماسي المحترف القادر على مواجهة الضغوط والتفاوض وفق أسس مهنية، ساهم في تعقيد القضية، معتبرا "إشكالية خور عبد الله الحالية هي نتيجة مباشرة لهذا الضعف البنيوي، وتعكس غياب استراتيجية دبلوماسية موحّدة تخدم المصلحة الوطنية العليا وتحصّن البلاد أمام التحديات الإقليمية والدولية".
ورهن التميمي معالجة هذا الخلل بـ"إعادة الاعتبار للمهنية في السلك الدبلوماسي، والالتزام الصارم بالقانون الذي يضمن أن تكون غالبية التعيينات من كوادر الوزارة المؤهلة، بما يعيد للدبلوماسية العراقية وزنها وهيبتها على الساحة الدولية".
"السلة الواحدة" مجددا
من جانب اخر، أعرب عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، أمس السبت، عن خشيتهم من تمرير قائمة تضم أسماء مرشحين جدد لمنصب سفير بـ"سلة واحدة"، من دون مناقشة فردية، داعين إلى تنظيم آلية التعيين عبر تشريع قانون خاص بالخدمة الخارجية.
وقال النائب أمير المعموري، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان، "نتخوف من إدراج قائمة السفراء على جدول أعمال جلسة اليوم بعد انعقادها، ونشدد على ضرورة عدم التصويت عليها بهذه الصيغة".
وأشار المعموري إلى وجود العديد من الملاحظات على القائمة، مطالباً بعرضها أمام أعضاء المجلس مع تزويدهم بالسير الذاتية لكل مرشح. كما دعا لجنة العلاقات الخارجية إلى تقديم رأيها بشأن كل مرشح على حدة، مؤكداً ضرورة التأكد من عدم شمولهم بقضايا فساد أو مساءلة وعدالة، فضلاً عن التحقق من صحة الشهادات والوضع الأمني.
ولفت إلى أن بعض الأسماء الواردة في القائمة "مشمولون بعفو عام، أو كانوا منتمين لحزب البعث، أو صغار في السن ولا تنطبق عليهم المعايير المطلوبة".
من جانبه، أعلن النائب علي الساعدي عن تقديم مقترح لتعديل قانون الخدمة الخارجية، مشيراً إلى أنه "مدعوم بتواقيع نيابية، ويهدف إلى ضمان اختيار السفراء وفق معايير مهنية وقانونية". وشدد الساعدي على أن "مطالبات الكتل السياسية بالحصول على مناصب دبلوماسية لا تستند إلى الدستور، وتخالف المصلحة العامة".
لمناسبة مرور تسعين عاماً على انطلاقة الصحافة الشيوعية في العراق، أجرى الزميل بسام عبد الرزاق لقاءً خاصاً مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي، للحديث عن مسيرة هذه الصحافة، وما واجهته من تحديات وتحولات على مدى العقود التسعة، فضلاً عن دورها في المشهد الإعلامي والسياسي في الوقت الحاضر، وقدرتها على التكيّف مع المتغيرات ومواجهة حملات التزييف والتضليل، في ظل اشتداد الصعوبات والتضييق على الحريات، وفيما يلي النص الكامل للحوار.
استقطاب أقلام بارزة جداً ومؤثرة ثقافياً
بسام عبد الرزاق: شهد تاريخ الصحافة الشيوعية العراقية، على مدى تسعة عقود، الكثير من المتغيرات والصعاب، سواء حينما كانت تصدر سرية أو في فترات النشر العلني، هل لكم أن تحدثونا، عن مسيرة هذه الصحافة، وعن السر في قدرتها على الصمود والتكّيف مع الظروف المختلفة، خاصة في السنوات العشرين الأخيرة.
رائد فهمي: بدءاً، أود أن أحيي وأهنئ الرفاق والأصدقاء والصحفيين العاملين في صحافة الحزب وإعلامه، الذين يبذلون جهوداً استثنائية، كي تتمكن وسائل اعلامنا من أداء دورها، في أن تكون دوماً معبّرة عن معاناة الناس ومشاكلهم المعيشية، وأن تنقل فكر الكادحين وتلتقط هموم مختلف شرائح الشعب التي غالباً ما تفتقر إلى صوت يعبّر عن واقعها، وأن تلعب دوراً كبيراً في تنمية الوعي، سواء السياسي أو الاجتماعي، ونشر الثقافة التقدمية بشكل خاص.
يمكننا حقاً أن نفخر بصحافة الحزب الشيوعي، التي استطاعت، ورغم ما واجهته من صعوبات كبيرة في المراحل المختلفة من تاريخ العراق المعاصر، أن تستمر في الصدور سراً أو علنا. وكانت لها قدرة كبيرة على استقطاب أقلام بارزة جداً ومؤثرة ثقافياً. وبالتالي كانت صحافتنا، صحفا فكرية، وصحيفا يومية اعتيادية، ذات تقاليد راسخة، وربما كانت مدرسة خاصة متميزة، تخرج منها صحفيون وإعلاميون بارزون اليوم في وسائل الإعلام الأخرى، والكل –أعتقد– يعترف ويشعر ويدين بالعرفان لهذه الصحافة.
نفتخر بهذا، لكن حين تمتلك رصيداً من الموروث التاريخي ورصيداً كبيراً من الخبرة والتجربة، فإن من الواجب ان تستند إليه دائماً، وتغنيه وتثريه في نفس الوقت ووفق المعطيات الجديدة. وأعتقد أن صحافتنا حتى هذا اليوم، رغم كل هذه الصعوبات، لا تزال تتبوأ موقعاً متميزاً في المشهد الإعلامي، بغض النظر عن كونها محدودة من حيث الكمّ، لكنها من حيث النوع ومن حيث طبيعة المنتج الصحفي والمادة الإعلامية تُعدّ مادة غنية ومرجعاً. بعضهم يعترف بذلك، وبعضهم لا يعترف، لكنها تبقى محلّ متابعة واهتمام.
طرح قضايا معقدة بلغة بسيطة
وفي سياق الإجابة على السؤال، فإننا نعيش اليوم في ظل واقع متغيّر، وهو واقع سياسي وإعلامي جديدان. فقد شهد الميدان الإعلامي طفرات كبيرة جداً غيّرت المشهد بشكل جذري، ليس على مستوى العراق فقط، بل وعلى مستوى العالم. وهذا التغيير شكّل تحديًا إضافيًا أمام الصحافة الشيوعية، إلى جانب التحديات التقليدية التي تواجهها دائماً. ومن هذه التحديات ما يتعلق بكيفية الوصول إلى الناس، وكيفية إشراكهم، ووسائل توزيع الصحف لتصل إليهم، خصوصاً في ظروف العمل السري أو في الفترات التي تكون فيها الإمكانيات محدودة. وهناك أيضاً التحديات المالية، التي غالباً ما كانت عائقًا أمام تطوير العمل الإعلامي.
واحدة من أصعب المهمات أمام الصحافة الشيوعية تتمثل في القدرة على طرح قضايا معقدة بلغة بسيطة وسلسة ومفهومة للجميع. هذه المهمة ليست سهلة، بل تتطلب من العاملين في الصحافة والإعلام مستوى عالياً من الوعي، بحيث يكونوا قادرين على صياغة الفكرة بشكل مبسّط ومقبول.
في السنوات الأخيرة، انتقلنا إلى العمل العلني الواسع، وهو ما أضاف تحديات جديدة. فقد أصبحت المنافسة الإعلامية أشد، ولم يعد الأمر يقتصر على الصحف فقط، بل ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تكن موجودة سابقاً. هذا كلّه فرض واقعاً جديداً، ومعايير جديدة لم تكن موجودة في الماضي. كما ظهرت خطابات إعلامية مختلفة، منها الخطاب الشعبوي، والخطاب الذي يعتمد على إثارة المشاعر بدلاً من تقديم الفكرة العميقة. ومع ذلك، تمكّنت الصحافة الشيوعية بخطابها الملتزم من إثبات حضورها في هذا المشهد الجديد، رغم صعوبة المنافسة وظروف السوق وقوانين الإعلام الحديثة.
توازن بين الخط الفكري واستخدام التكنولوجيا
قوانين السوق، خاصة في الغرب، لعبت دوراً كبيراً في تشكيل الإعلام، إذ أصبحت وسائل الإعلام الكبرى مملوكة لشركات ضخمة وأسماء كبيرة، وهو ما شكّل تحديًا كبيرًا أمام الصحافة الملتزمة، لأنها غالباً تفتقر إلى الإمكانات المالية التي تمتلكها تلك المؤسسات الإعلامية التجارية. لكن في المقابل، ظهرت في العالم تجارب ناجحة لصحف ملتزمة استطاعت أن تواكب العصر، وذلك عبر البحث عن أشكال تنظيمية وتمويلية جديدة، مثل إنشاء تعاونيات يساهم فيها القراء أنفسهم في تمويل الصحيفة، مما منح هذه الصحف استقلالًا عن رأس المال الكبير.
إن استقلال الصحافة الملتزمة عن التمويل التجاري كان وما زال تحدياً كبيراً، لأن أغلب وسائل الإعلام الكبرى اليوم تخضع لرأس المال، بينما تحاول الصحافة الملتزمة البحث عن موارد مالية بديلة لتبقى مستقلة.
أما بالنسبة للصحافة الشيوعية، فقد واجهت هذه التحديات في ظل ظروف معقدة، وكان عليها أن توازن بين التمسك بخطها الفكري والقدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتطوير أدواتها الإعلامية للوصول إلى جمهور أوسع.
اليوم، مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح كل فرد قادراً على أن يكون مصدراً للمعلومة، وهو ما جعل المتلقي عرضة لكمٍّ هائل من المؤثرات، سواء الإيجابية أو السلبية. لذلك أصبح من المهم جداً أن تطوّر الصحافة خطابها وأساليبها لكي تصل إلى الشرائح التي تستهدفها بشكل مباشر، رغم كل هذا التدافع الإعلامي.
لم تعّد التحديات محلية فقط، فإلى جانب المتغيرات الكبيرة التي شهدها العراق، هناك أيضاً الانفتاح الهائل على العالم، وانتشار المعلومة والتكنولوجيا، وكل ذلك فرض على الصحافة الحزبية أو الصحافة الملتزمة أن تعيد النظر في خطابها وأدواتها وحتى في شكلها وأسمائها.
هناك أمثلة عالمية لصحف حزبية ويسارية نجحت في التكيّف مع هذه الظروف، فيما فشلت صحف أخرى وغادرت الساحة. وفي الغرب، على سبيل المثال، ما تزال هناك صحافة ملتزمة، لكنها غالباً تبحث عن أشكال جديدة للتمويل تضمن استقلالها، سواء عبر التبرعات أو الاشتراكات أو التعاونيات.
اليوم لم يعد الحصول على الخبر بحد ذاته كافيًا، لأن المعلومة أصبحت متاحة بسهولة. لذلك أصبح دور الإعلام الملتزم هو تقديم محتوى مختلف: التحقيقات الاستقصائية، التحليلات المتعمقة، والمواد الفكرية الجادة. هذه المجالات هي التي يمكن أن تمنح الصحافة الملتزمة دورًا مؤثرًا في زمن هيمنة الإعلام التجاري.
طرح القضايا العميقة
بسام عبد الرزاق: لماذا يشترك القارئ في صحافتنا؟ ما الذي يحفزه على ذلك؟
رائد فهمي: هذا السؤال ينبغي أن يكون حاضرًا دائمًا في تفكيرنا. فالقضية لا تقتصر على الاشتراكات وحدها، إذ إن الاشتراكات بحد ذاتها ليست كافية لضمان استمرار الصحافة. إن بقاء الصحافة، خصوصاً الصحافة الورقية، يتطلب أن تقدم للقارئ ما لا يجده بسهولة في غيرها، وأن تذهب إلى أبعد من الأخبار اليومية، لتعمل على التحقيقات الاستقصائية، وأن تطرح القضايا العميقة التي قد يغفل عنها حتى الإعلام المرئي. إن هذه القدرة على تقديم محتوى نوعي ومختلف هي التي تجعل القارئ يشعر أن الصحيفة تستحق أن يشترك فيها.
وفي فرنسا، على سبيل المثال، هناك نظام لدعم الصحافة تموله الدولة، ليس بهدف التدخل في محتواها، وهي تتمتع باستقلاليتها، ولكن بشرط أن تحقق هذه الصحف مستوى معيناً من التوزيع والانتشار. ويشمل هذا الدعم حتى الصحافة الحزبية. فقد كانت صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي في السابق الناطق الرسمي باسم الحزب، لكن بمرور الوقت تم إدخال تغييرات قانونية عليها، بحيث أصبح لها خطابًا مستقلًا وهيئة تحرير مستقلة، ما أتاح لها استيفاء شروط الدولة فيما يخص الاستقلالية، وبالتالي الحصول على الدعم الحكومي المستمر، إضافة إلى الاشتراكات والدعم الذي يقدمه القراء الملتزمون.
هذه التجربة توضح لنا أن بقاء الصحافة الملتزمة ليس أمرًا يسيرًا، بل يتطلب موارد متعددة، ومشتركين لديهم التزام حقيقي، وليس مجرد ولاء شكلي.
التأثير على وعي الجمهور
وفي الدول الديمقراطية، تلعب الصحافة دورًا محوريًا في الحياة السياسية والفكرية والثقافية، وتُشجَّع على التنوع الفكري وتعدد الآراء. لكن في المقابل، نجد أن الكثير من وسائل الإعلام الخاضعة لمنطق الربح تميل إلى تكييف مواقفها وفق أهواء المتلقين، وتسعى إلى كسب أكبر عدد من القراء ولو على حساب العمق والجدية. ونتيجة لذلك، باتت كثير من هذه الوسائل تميل إلى السطحية، وأحيانًا إلى الابتذال، وهو ما يُضعف دور الإعلام في تقديم رسالة حقيقية.
لذلك، فإن الدول الديمقراطية التي تحرص على تنوع الرأي وحرية التعبير تدعم بقاء الصحافة المستقلة الجادة. أما في بلداننا، ولا سيما في العراق، فنحن نواجه وضعاً مختلفًا. إذ أصبحت بعض وسائل الإعلام مملوكة لأصحاب رؤوس أموال كبار، يستخدمونها كأدوات لترويج مصالحهم الاقتصادية والسياسية، وتسويق منتجاتهم أو الترويج لأشخاص بعينهم، بل والتأثير على وعي الجمهور.
وهنا تبرز الحاجة إلى إعلام ذي هوية فكرية وسياسية واضحة، إعلام ينطلق من مصلحة المجتمع وليس من مصالح مالية أو سياسية ضيقة. إن الصحافة الحزبية لا تدّعي الحياد بمعناه الزائف؛ فهي منحازة للحقيقة، لكنها في الوقت نفسه لا تتحول إلى خطاب أيديولوجي جامد، بل توازن بين نقل الحقيقة والالتزام بمصالح أوسع قطاعات الشعب.
لا حياد بين الحق والباطل
في بعض الدول الديمقراطية، تُطرح فكرة "الحياد" وكأنها قيمة مطلقة، لكن السؤال هو: كيف يمكن أن تكون محايداً بين الحق والباطل، أو بين العدل والظلم؟ إن الحياد المطلق في مثل هذه القضايا هو في حد ذاته انحياز، وغالباً ما يؤدي إلى صحافة بلا موقف، وهو ما يُفقد الإعلام رسالته الأساسية.
من هنا، فإن مهمة الصحافة الملتزمة هي أن تكشف ما يُخفى من الحقائق وراء التصريحات والسياسات، وأن تقول أين تكمن المصالح الحقيقية للشعب، بعيداً عن التضليل أو التلاعب الإعلامي.
ويتطلب هذا الدور بقاء الصحافة الشيوعية والصحافة الإنسانية عموماً في حالة تفاعل دائم مع التطورات، وأن تستفيد من الوسائل الجديدة المتاحة، فالتكيّف مع الواقع الإعلامي الحالي أصبح ضرورة، لكن من دون التفريط بالمبادئ أو السقوط في الابتذال. فالصحافة الملتزمة لا تسعى فقط إلى كسب اهتمام القارئ، بل إلى كسبه على أساس الفكرة والموقف والرأي. وهذا يتطلب مرونة في التعامل مع شكل العناوين، وطريقة تقديم الموضوعات، ولغة الخطاب، من دون التفريط بجوهر الرسالة.
لكن هذه معادلة صعبة، لأن القارئ اليوم أمامه خيارات واسعة جداً، وسلوكه في قراءة الأخبار تغيّر كثيراً. لذلك نجد أن كثيراً من المؤسسات الصحفية الناجحة في العالم تدرس سلوك القارئ بعناية، وتكيّف طريقة عرض المواد وفقاً لهذا السلوك: متى يقرأ، كيف يقرأ، وما الذي يجذبه أكثر؟
جمهور لا ينجذب إلى السطحية
اليوم يغلب على القارئ تصفح الأخبار عبر الهاتف، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما "فيسبوك". ومن هنا تأتي أهمية الصياغة الذكية للعناوين والصور والمواد المختصرة التي تجذب الانتباه، ولكن من دون التفريط بالمحتوى الجاد.
لدينا نوعان من القراء: جمهور عام واسع، وفئات مستهدفة محددة. هذه الفئات المستهدفة تشمل المثقفين، المستقلين، الوطنيين، والمهتمين بالشأن الفكري والسياسي. هذه الفئات غالباً أكثر وعياً ومطالبةً بالمحتوى الجاد، وتتطلب أسلوبًا مختلفًا في الخطاب لأنها لا تنجذب إلى السطحية. ونلاحظ في مواقع التواصل الاجتماعي أن بعض المنشورات ذات المضمون الفكري العميق تحظى باهتمام كبير، وهو ما يعني أن الجمهور ما زال يقدّر المحتوى النوعي متى ما قُدِّم بأسلوب جذاب وواضح.
لذلك، يجب أن تكون صحافتنا وإعلامنا في حالة رصد مستمر لسلوك القارئ وتحوّلات اهتماماته. ففي الماضي، كان دور الصحافة يقتصر على فضح النظام وكشف سياساته، أما اليوم فأصبح عليها أيضاً أن تعبّر عن مشروع فكري وسياسي واضح المعالم، وأن تواجه حملات التضليل وتشويه الحقائق بأسلوب مقنع وجاذب في الوقت نفسه.
لقد أصبحت متطلبات الوعي السياسي والاجتماعي لدى الإعلاميين، ولا سيما الصحفيين الشيوعيين، أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق، ويجب أن يجمعوا ما بين الوعي الكبير والمستوى الفكري، وأن يكونوا ملمين بالتقنيات، وهذا ليس بقليل.
رصيد كبير من الخبرات
بسام عبد الرزاق: على مدى سنوات، عاصرت كثيرًا من الصحفيين الموجودين في كثير من المؤسسات الأخرى، وهم يتفقون تماماً مع هذا العرفان ومع هذه الإشادة بالصحافة الشيوعية. في السنوات الأولى أقامت "طريق الشعب" الكثير من الدورات الصحفية التي اعتمدت مناهج معيّنة في التدريس، أبعد من الصحافة الحزبية، وأقرب إلى الصحافة اليسارية المنحازة للناس، ولم تكن تُدرَّس فيها شعارات وبيانات حزبية، بل التحقيق، والمقال، والخبر. فلماذا لم يُعزَّز هذا التصور ليأخذ بعداً أكاديمياً؟ بحيث يُصار إلى إنشاء كلية رسمية معترف بها تدرّس هذا النوع من الصحافة، على غرار المدارس الصحفية المعروفة في العالم. هذا يمكن أن يكون مشروعاً ذا هامش ربحي، وليس مشروعًا ربحيًا بالكامل، لكنه في الوقت نفسه يدعم بقية وسائل إعلام الحزب. كذلك يمكن أن يعمل على إعلام موازٍ، كما كان الحزب الشيوعي العراقي في السابق، حينما كان إعلامه يتعرض للقمع، فيعمل على إعلام موازٍ حتى بأسماء مغايرة. فلماذا لا يكون كل هذا ضمن خطط يدرسها الحزب؟ علماً بأن الوقت لم يفت بعد.
رائد فهمي: لا، لم يفت الوقت. وأنا أعتقد أنه لم يحصل تفكير بهذا الاتجاه –حسب علمي– للاستفادة من هذا الرصيد الكبير من الخبرات وجعله أكثر مؤسساتية من خلال مدارس أو دورات منتظمة. كما تفضلت، هذه فكرة موجودة، ويمكن التوقف عندها. التحدي الكبير يخص الجانب المالي، فنحن دائماً نعتمد بشكل أساسي على الاشتراكات المختلفة والتبرعات، وهذا يبقى جزءًا مهماً في الصحافة الحزبية.
في بريطانيا وفي أماكن أخرى، هناك دائماً صناديق للتبرعات تدعم الصحف، لأن هذا يحافظ على استقلاليتها مع الحرية الكاملة. لكن هذا لا يمنع، خاصة عندما نمتلك إمكانيات، أن نفكر في كيفية توظيفها ليس لأغراض ربحية، وإنما لتعزيز الموارد.
وأنا أعتقد أن التفاعل مع القارئ، والقارئ الملتزم، وتطوير مشاركته في دعم الصحافة وتحويله من مجرد قارئ أو مشترك إلى مشارك، أمر مهم. وربما يمكن للصحافة أن تستفيد من فكرة جمعيات أصدقاء الصحيفة. ففي أكثر من تجربة، كانت هناك جمعيات أصدقاء للجريدة أو المجلة، وهؤلاء لم يكونوا مجرد متبرعين بل كان لهم دور في المساهمة في التوجهات باعتبارهم شركاء. هذا التحول من مجرد قارئ إلى شريك يساعد في فهم الأولويات وتطوير العمل الإعلامي.
أفراد يؤدون دور مؤسسات
لذلك، أعتقد أن فكرة إنشاء إطار تنظيمي لعلاقة الصحيفة بجمهور واسع من القرّاء يمكن أن يكون مهماً جداً. كما أن هذه الظروف الضاغطة تجعلنا بحاجة إلى أفكار مبتكرة والاستفادة من تجارب الصحافة الحزبية وصحافة الرأي الناجحة في مواجهة التحديات. علينا دراسة هذه التجارب عن كثب لنر ما يمكن أن ينطبق على ظروفنا.
وأشير أيضاً إلى أن الدولة الديمقراطية عليها مسؤولية في هذا المجال. ففي بلد متعدد القوميات والأديان والآراء والعقائد، التنوع موجود، واحترامه يتطلب تعاملًا احترافيًا. الدولة مسؤولة عن ضمان وحدة النسيج الوطني والتماسك المجتمعي، والمفروض أن يكون لها دور أفضل من دورها الحالي.
وسائل الإعلام أيضاً يجب أن تعبر عن هذا التنوع، لا أن تكون نسخة مكررة من بعضها البعض. اليوم لدينا عشرات القنوات التلفزيونية، لكن أغلبها متشابهة في التوجه أو المعايير أو الآليات لكسب المشاهد.
هناك اليوم وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تكمل دور الجريدة وتساعد على الوصول إلى الناس وتنظيم العمل. ويحتاج هذا المجال إلى جهد أكبر، فهناك أفراد اليوم يؤدون دور مؤسسات عبر هذه المنصات، وهذا يتطلب تركيزًا أكبر.
القدرة على مواجهة الضغوط
كل هذا يفترض وجود مساحة واسعة من الحريات التي يكفلها الدستور. ورغم وجود هذه المساحة في النصوص، لكنها تبقى مهددة بسبب طبيعة المصالح والسلطة، مما يُبقي الدفاع الصارم عن الحريات الإعلامية والصحفية وحرية الرأي، هدفاً أساسياً للصحافة الشيوعية، لأنها من أهم الضمانات للتنوع الإعلامي، ولأن المخاطر التي تهدد الإعلام لم تنتفِ، فقد لاحظنا في السنوات الأخيرة تعرض كثير من الصحفيين للقتل أو الاعتقال أو التضييق.
هناك اليوم صراع شديد في الميدان الثقافي وفي السيطرة على الوعي، ولهذا يجب أن لا تكون هذه مهمة الشيوعيين فقط، بل كل أصحاب الفكر المتنوع.
صحافتنا ربما ميزتها الاستجابة، والثبات، والمواصلة، والقدرة على مواجهة الضغوط، وبالتالي فهي عنصر محفز وداعم لأصوات أخرى قد لا تمتلك الإمكانيات نفسها.
لذلك، تبقى الصحافة الشيوعية جزءًا مهمًا من المشهد الإعلامي والثقافي العام، وهي تخوض معركة وعي المواطن والمواطنة، لأن هذا الوعي شرط أساسي لمواجهة التحديات وتحقيق التغييرات المطلوبة في منظومة الحكم ولتحقيق العدالة الاجتماعية وغيرها من القضايا الراهنة والمهمة في العراق.