تواجه الدورة البرلمانية الحالية، موجة انتقادات حادة، وسط إجماع سياسي على أنها من بين الأسوأ أداءً في تاريخ نظام ما بعد ٢٠٠٣.
ويُحمّل سياسيون ومراقبون البرلمان مسؤولية الإخفاق في التشريع والرقابة، إلى جانب عجزه عن معالجة ملفات حيوية كقانون النفط والغاز، وتفاقم الأزمات الخدمية والاقتصادية.
اثر سلباً على ثقة الشارع
يصف المنسق العام للتيار الديمقراطي أثير الدباس، الدورة البرلمانية الحالية بأنها من "أسوأ الدورات" على مستوى الأداء التشريعي والرقابي، مشيرا إلى ضعف الإنجاز من حيث عدد القوانين المشرّعة ونوعيتها، فضلًا عن غياب الدور الرقابي الفعّال.
ويقول الدباس لـ "طريق الشعب" إن "البرلمان الحالي لم يحقق تقدما ملموسا في التشريع، كما أن دوره الرقابي على الأداء الحكومي كان شبه معدوم"، معتبرا أن هذا الأداء أثّر سلبًا على ثقة الشارع بالمؤسسة التشريعية.
ويأمل الدباس أن تفرز الانتخابات المقبلة، تغييرا مهما في الخارطة النيابية، خاصة على صعيد الوجوه الجديدة، مردفا أن "مقدار التغيير سيعتمد على عاملين رئيسيين، هما عدد المقاعد التي يمكن أن يحصل عليها المدنيون، ومدى قدرة القوى المدنية على تشكيل تحالف انتخابي واسع".
ويواصل الحديث بأن نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات ستكون عاملا حاسما في تحديد ملامح البرلمان القادم، موضحًا أن "ارتفاع نسبة المشاركة سيمنح فرصة أكبر للتغيير، في حين أن ضعف الإقبال قد يصبّ في مصلحة القوى التقليدية".
الدورة البرلمانية الاكثر فشلا!
وفي وقت تتصاعد فيه المخاوف من استمرار الجمود السياسي وتراجع ثقة المواطن بالمؤسسة التشريعية، يقول الأمين العام لتيار الخط الوطني، عزيز الربيعي، إن الدورة البرلمانية الحالية تمثل واحدة من أكثر الدورات التشريعية خيبة للآمال في تاريخ العراق الحديث، بل وربما الأسوأ على الإطلاق، بحسب تعبيره.
ويضيف الربيعي لـ "طريق الشعب"، أن "البرلمان عجز، منذ انطلاق دورته، عن تلبية تطلعات الشعب العراقي سواء على صعيد الأداء التشريعي أو في ما يتعلق بالاستجابة الفعلية لمتطلبات المواطنين".
ويشير إلى أن العراق يرزح تحت وطأة أزمات معقدة ومتراكمة، تبدأ بالأزمة الاقتصادية الخانقة، مروراً بانهيار البنى التحتية وتدهور الخدمات الأساسية، وصولاً إلى تفاقم معدلات البطالة، إلا أن البرلمان الحالي لم يبادر بأي تحرك جاد نحو تشريع قوانين تعالج هذه القضايا الجوهرية.
ويشرح الربيعي، أن القوانين التي كان من شأنها أن تعيد ثقة المواطن بالمؤسسة التشريعية، ظلت رهينة الخلافات السياسية الضيقة والمصالح الحزبية، ما فاقم من حالة الإحباط العامة لدى الشارع العراقي.
ويخلص الربيعي إلى القول: "لا يمكننا الاستمرار في غض الطرف عن هذا الأداء المتواضع. فقد تحولت هذه الدورة، التي كان يُفترض أن تكون أداة إصلاح وتغيير، إلى عبء إضافي يكرّس الجمود السياسي ويعمّق شعور المواطن بالخذلان".
حبرٌ على ورق
أما المحلل السياسي محمد زنكنة فيجد أن "الدورة البرلمانية الحالية في العراق لم ترتقِ إلى مستوى التحديات السياسية والتشريعية، بل وفشلت في إنجاز العديد من الملفات الجوهرية، وعلى رأسها قانون النفط والغاز، الذي يعتبر أحد أهم القوانين العالقة والمؤثرة في استقرار البلاد".
ويقول زنكنة في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "البرلمان الحالي كان من المفترض أن يكون مؤقتا، ويعمل على حسم قضايا رئيسية، من بينها قانون النفط والغاز، إلا أن ذلك لم يتحقق، كما أنه لم يتفق على مسائل تنظيمية مثل تحديد عدد مقاعد المحافظات رغم صدور نتائج التعداد السكاني".
ويشير إلى أن الدستور ينص على ضرورة مواءمة عدد السكان مع توزيع المقاعد البرلمانية، غير أن البرلمان لم يتحرك في هذا الاتجاه، مضيفًا أن "الأطراف المتنفذة، وخصوصا الميليشيات، ترفض الخوض في هذا الملف".
وينبه زنكنة إلى أن البرلمان لم يتمكن من تنظيم أو حسم مسألة التواجد العسكري الأجنبي، رغم أن "الأطراف التي كانت ترفض الوجود الأمريكي أصبحت اليوم تطالب ببقاء القوات الأمريكية".
وفيما يخص الأزمات السياسية، يعتقد إلى أن البرلمان مر بفترة جمود طويلة، بسبب الخلافات على تشكيل الحكومة وعلى رئاسة البرلمان، وغيرها.
وطبقا للمتحدث، فإن البرلمان تحكمه حالة من "المد والجزر" تحت تأثيرات وضغوط الأطراف المسلحة والمصالح السياسية المتشابكة.
ويختتم زنكنة تصريحه بالقول إن "90 في المائة من اجتماعات البرلمان كانت عبارة عن قراءات أولى لمشاريع قوانين لم تر النور، وبقيت حبرا على ورق"، مشددًا على أن "عدم سن قانون النفط والغاز سيظل أكبر عقبة في طريق استقرار العراق".
دعت اللجنة المنظمة لمسيرة الاول من ايار، يوم العمال العالمي، المواطنين وجماهير الطبقة العاملة والموظفين وكل الفئات والشرائح المعنية، الى المساهمة الواسعة في المسيرة الجماهيرية، التي ستطلق في الساعة العاشرة من صباح الخميس ١ ايار ٢٠٢٥
ودعت مختلف القوى النقابية وتنسيقيات الاحتجاج، الى المساهمة في التحضير لهذه المسيرة، جاء ذلك خلال اجتماع موسّع عقدته اللجنة وبحضور ممثلين عن النقابات واللجان العمالية، لبحث التحضيرات الخاصة بإحياء هذا اليوم العالمي لنضال العمال.
وحددت اللجنة المنظمة، مكان انطلاق المسيرة من ساحة الفردوس، مروراً بشارع السعدون، وصولاً إلى ساحة التحرير، حيث من المقرر أن تتخلل الفعالية فعاليات تؤكد على مطالب وحقوق العمال والموظفين.
ودعت اللجنة جميع المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في المسيرة، التي من المتوقع أن تشهد حضوراً واسعاً من العاملين في القطاعين العام والخاص، في خطوة تؤكد وحدة الطبقة العاملة واستقلاليتها، وتُعبّر عن رسالتها الاجتماعية الداعية للعدالة والكرامة.
وأكدت اللجنة أن المسيرة تأتي في سياق النضالات اليومية للطبقة العاملة، وتسليط الضوء على مطالب طال انتظارها، أبرزها تطبيق قانون العمل، وإقرار قوانين تضمن الحق في التنظيم النقابي، والضمان الاجتماعي، وتوفير الأجور العادلة، وظروف العمل الآمنة، والاستقرار الوظيفي.
واختتمت اللجنة بيانها بالقول: “إن هذه المسيرة تعبّر عن صوت الطبقة العاملة، وندعو جميع القوى النقابية والمجتمعية إلى الوقوف صفاً واحداً في هذا اليوم الذي يرمز إلى نضال الشغيلة من أجل مستقبل أكثر إنصافاً.
يرى العديد من المهتمين والمراقبين للوضع السياسي، أن إبعاد الأحزاب التي تمتلك أذرعا مسلحة عن الانتخابات، يمثل الخطوة الأهم أمام توسيع قاعدة المشاركة الانتخابية، فضلا عن تعزيز الثقة بالنظام السياسي في البلد.
قانون الأحزاب والمال السياسي
وقال الرفيق علي صاحب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ان "القوى السياسية التي تمتلك أذرعا مسلحة، استخدمت أدواتها في العمليات الانتخابية السابقة، وحققت حضوراً في المشهدين البرلماني والحكومي، وهي تمارس في الوقت عينه سيطرة على المشهد الأمني والاقتصادي والسياسي".
وأضاف، ان "ادعاء قوى وأحزاب سياسية بأنها لا تمتلك أذرعا مسلحة في محاولة للتهرب من بنادقها المنفلتة، لم يعد ينطلي على المواطنين، لأن جميع الأجنحة المسلحة صار معروفا لدى الناس جهات ارتباطها السياسية"، مشددا على انه "ينبغي ان تقوم الجهات المعنية بتنفيذ قانون الأحزاب قولاً وفعلاً بمنع هذه الجهات من العمل السياسي المدني".
وأكد الرفيق أهمية ان "تعالج مفوضية الانتخابات موضوعة مشاركة افراد الأمن في الانتخابات النيابية من خلال منحهم الحق في الانتخاب في يوم الاقتراع العام وليس في يوم خاص، وذلك للسيطرة على عملية تصويتهم وعدم إجبارهم من قبل القيادات الأمنية التي يرتبطون بها، على جعلهم يختارون مرشحين معينين تابعين للأحزاب المتنفذة".
كما شدد صاحب على ضرورة ضبط إيقاع الدعاية الانتخابية والمال السياسي الذي يتحكم ببوصلة الانتخابات لصالح معسكر أحزاب المحاصصة والفساد التي تسيطر على مقدرات البلد، منذ أكثر من عقدين، فضلا عن استغلال المناصب التنفيذية في ترويج تلك الدعايات.
إجراءات تأديبية!
الأكاديمي د. فارس حرّام يرى ان عدم تطبيق قانون الأحزاب هو السبب الاساسي لكل ما يحصل من فشل في العملية السياسية الحالية، وهو السبب الأول لفشل العملية الانتخابية في ان تكون ممثلا حقيقيا لصوت المجتمع.
وقال حرّام لـ"طريق الشعب"، ان "هناك فقرات في قانون الأحزاب تمنع وجود أحزاب مسلحة وتفرض عليها ان تكشف عن مصادر تمويلها وفي حال عدم امتثالها لهذين الشرطين مع الشروط الأخرى الواردة في القانون يحق للقضاء حل الحزب وهذا منصوص عليه في القانون المذكور، ومن ثم فان تفعيل هذا القانون واتخاذ القضاء إجراءات تأديبية باستخدام هذا القانون وحل الأحزاب المسلحة، يعني اننا نتجه فعليا الى إعادة الثقة بالنظام الانتخابي، ومن ثم إعادة الثقة بالنظام السياسي برمته".
وأشار حرّام الى انه "علينا ان نقر بان العزوف الجماهيري عن الانتخابات وفقدان الثقة بالنظام السياسي ونظامه الانتخابي واجراءاته الانتخابية سببه الأول والرئيس ان المواطن يرى ان هناك أحزابا وشخصيات فوق القانون تصرُّ على خرق الدستور والقوانين النافذة وعدم امتثالها اليها، وهذا يفقد ثقة المواطن بالنظام السياسي برمته؛ فالعزوف عن الانتخابات سببه عدم تطبيق هذه الأحزاب للقوانين وعدم قدرة القضاء على فرض القوانين على هذه الأحزاب وهذه الشخصيات".
ورهن حرام "انهاء حالة العزوف وجعل المشاركة واسعة في الانتخابات، بمعالجة هذه النقطة الجوهرية في نظامنا السياسي، والا سيبقى الوضع على ما هو عليه".
مجلس النواب فقد وضعه القانوني!
من جانبه، شرح القاضي والنائب السابق د. وائل عبد اللطيف، انه "ورد في الدستور وفي قانون الانتخابات ان الفصائل المسلحة ممنوعة من الترشح للانتخابات، وذلك لان مهنتها تختلف عن مهنة مجلس النواب المدنية".
وأضاف عبد اللطيف لـ"طريق الشعب"، ان "استبعاد الأحزاب التي تمتلك سلاحا عن الدخول في الانتخابات امر سليم، لكي لا تتغول في مجلس النواب في حال وصولها اليه. وهذا القرار يمكن ان يعزز من توسيع القاعدة الشعبية تجاه المشاركة في الانتخابات".
وحذر من أن العزوف عن الانتخابات "أمر خاطئ. والصحيح ان نذهب باتجاه انتخاب الشخصيات السليمة التي تستطيع ان تعمل لصالح البلد"، منوها بان "مجلس النواب في الدورة الحالية فقد وضعه القانوني والرقابي والتشريعي، وفقد جلسات الاجتماع، وبالتالي لم يعد مجلس نواب حقيقي".
وواصل الحديث بأن "المجلس النيابي الصحيح هو الذي يعتمد على كفاءات تستطيع ان تضع العراق على السكة الصحيحة من التطور والنمو، بدلا من اللجوء الى وسائل عديدة يرتكبها بعض أعضاء مجلس النواب وهي لا تعني عملهم أبدا".
أقوى من القانون!
الكاتب والصحفي، فلاح المشعل، قال ان "من شروط الديمقراطية أن تخضع العملية الانتخابية إلى قواعد وقوانين، ومن ضمن هذه القوانين قانون الأحزاب الذي تعتمده المفوضية العليا للانتخابات، ومن شروطها التعريف بمصادر التمويل، وعدم السماح للأحزاب التي لها ميليشيات مسلحة، لكن للأسف لم يُعمل بهذين القانونين، ما يجعل العملية الانتخابية منقوصة وفاقدة لأجزاء مهمة لمضامينها الاجتماعية والوطنية".
وأَضاف المشعل في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "إبعاد الأحزاب ذات الأذرع المسلحة، أو التي استأثرت بالمال العام ووظفت موارد الدولة، هذا الإجراء سوف يشجع القوى والأحزاب الوطنية والشخصيات الاجتماعية والمستقلة على المشاركة الواسعة، وتغيير واقع المشهد الانتخابي والديمقراطي، لكن ما يحدث للأسف أن الأحزاب وأذرعها المسلحة أقوى من القانون، الأمر الذي يجعل نسبة المشاركة الجماهيرية متدنية جداً".
تحسين ظروف الانتخابات ونتائجها
الأمين العام للبيت الوطني حسين الغرابي، أكد لـ"طريق الشعب"، ان "مشاركة الأحزاب ذات النهج الميليشياوي والأذرع المسلحة يفقد مصداقية الانتخابات، ويجعل الأغلبية غير مؤمنة بنتائج هذه الانتخابات، كون السلاح يستخدم بفرض بعض المرشحين على مناطق وقرى كاملة بل وفي بعض الأحيان محافظات كاملة بالتهديد والوعيد وهذا ما حصل سابقا".
وتابع الغرابي، أن "تطبيق قانون الانتخابات هو واجب المفوضية، ولا بد من تطبيقه، لتحسين ظروف الانتخابات ونتائجها ولكي تكون نزيهة فعلا".
وبيّن، أن "غياب قوى السلاح سيفتح الباب امام مشاركة واسعة من ابناء الشعب، كما حصل في الدورتين الأوليين بعد سقوط النظام السابق".
تتجدّد من وقت لآخر الدعوات لإعادة النظر في الرواتب والامتيازات الممنوحة للرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها، بينما تواصل الفجوة بين المواطن والمسؤول الاتساع، نتيجة لتحكم فئة محددة بمقدرات البلد.
وفي حين تبدو هذه الدعوات منسجمة ومتسقة ظاهرياً مع مطالب الشارع المتزايدة خصوصاً في الايام الاخيرة التي تفجرت فيها الاحتجاجات بمختلف مناطق البلاد، مطالبة بتعديد سلم الرواتب وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أن توقيتها وغياب المعالجات الجذرية الحقيقية يطرحان تساؤلات جادة حول مدى صدق النوايا، في ظل استحقاقات انتخابية قريبة، ما يجعل هذا الحراك بنظر كثيرين أقرب إلى المناورة السياسية منه إلى مشروع إصلاحي حقيقي.
حراك نيابي
وكشف عضو مجلس النواب فراس المسلماوي، اخيراً، عن جمع أكثر من 60 توقيعاً نيابياً، لتعديل قانون سلم رواتب الموظفين، وكذلك تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة، كافة في عموم العراق لتحقيق العدالة الاجتماعية".
وأضاف "نحن مع مطالب المعلمين وشرائح الموظفين في الوزارات والمؤسسات الدولة كافة"، مشيراً إلى أن "الطلب قُدم إلى رئاسة مجلس النواب لتفعيل عمل لجنة الرواتب لتحقيق العدالة الاجتماعية برواتب الموظفين، وأن الراتب الأدنى للموظفين سيحدد لاحقاً".
عبء الرواتب الخاصة
ومع تصاعد الدعوات المطالِبة بمراجعة رواتب وامتيازات الرئاسات الثلاث، وأعضاء مجلس النواب، والدرجات الخاصة، يرى الباحث والأكاديمي جليل اللامي أن هذا الحراك، رغم ما يحمله من مطالب مشروعة تتوافق مع نفس الشارع العراقي، لكنه لا يخلو من بُعد سياسي واضح، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. إذ تشير المعطيات إلى سعي بعض الأطراف لتوظيف هذا الملف انتخابيًا، من دون أن تقترن تلك المطالب برؤية إصلاحية شاملة ومتكاملة.
وقال اللامي في حديث مع "طريق الشعب"، أن "الامتيازات الممنوحة لكبار المسؤولين تمثّل عبئًا ماليًا ورمزيًا على الدولة، إذ تُنفق الحكومة أكثر من 1.5 ترليون دينار سنويًا على هذه الفئة، وتشمل المبالغ مخصصات السكن، الحماية، النقل، الوقود، إضافة إلى الرواتب التقاعدية، ما يُسهم في تعميق فجوة الثقة بين المواطن والدولة".
وتابع قائلاً انه برغم أن "هذه المبالغ قد لا تمثل نسبة كبيرة من الموازنة العامة السنوية التي تتجاوز 200 ترليون دينار، فإن رمزية استمرار تلك الامتيازات وسط أزمة مالية وإنفاق حكومي مترهّل، تعكس غيابًا حقيقيًا لرؤية اقتصادية إصلاحية".
واعتبر اللامي أن "القلق اليوم لا يرتبط فقط بارتفاع النفقات، بل بغياب الاستراتيجيات الجدية لإصلاح الهيكل الاقتصادي، في ظل التوسّع الكبير في الإنفاق التشغيلي على حساب الإنفاق التنموي والإنتاجي"، مضيفاً ان "أي حراك يُطرح في هذا السياق يجب أن يكون جزءًا من حزمة إصلاح شاملة، تتضمن مراجعة النظام المالي والإداري، وليس مجرد إجراءات انتقائية تفتقر إلى الاستدامة".
وواصل اللامي القول أن "مجلس النواب، وبكل أسف، لم يشهد خلال السنوات الأربع الماضية أي تشريع نوعي على الصعيد الاقتصادي، كما لم يمارس رقابة فاعلة على الأداء المالي للدولة، ما يثير تساؤلات جدية حول توقيت الحراك الحالي ودوافعه".
ودعا إلى "تقييم جدوى استمرار المؤسسات التشريعية إذا لم تكن بمستوى التحديات الوطنية، لا سيما في القضايا الاقتصادية الحساسة".
وختم اللامي بالقول: إن "المعالجة الجذرية باتت ضرورة لا تحتمل التأجيل"، داعيًا إلى إعادة هيكلة الامتيازات، وتحديد سقف أعلى للرواتب والمخصصات، وتطبيق مبادئ العدالة والشفافية ضمن إطار إصلاح اقتصادي شامل، لا مجرد شعارات وقتية أو خطوات مرتبطة بالمواسم الانتخابية".
امتيازات بلا منطق
فيما قال الناشط السياسي هشام الجبوري إن “رواتب الرئاسات الثلاث والامتيازات المرتبطة بها تمثل عبئًا كبيرًا على موازنة الدولة، إذ لا تنتهي هذه الامتيازات بانتهاء الدورة الانتخابية، بل تستمر عبر إحالتها إلى هيئة التقاعد، ما يعني تراكمًا مستمرًا للامتيازات دون توقف، وهو أمر غير منطقي في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها المواطن العراقي”.
وأوضح الجبوري، أن “العراق يعاني من ظاهرة متكررة تتمثل بظهور ما يُسمى بالإنجازات قبيل كل انتخابات، وهي ليست سوى أدوات دعائية تهدف إلى كسب تعاطف الشارع، من خلال تبني ملفات تحاكي همومه وتطلعاته، لكن دون نية حقيقية لمعالجتها جذريًا”.
وأضاف: ان “الشارع العراقي يدرك جيدًا أن الطبقة السياسية تتمتع بامتيازات ضخمة على حساب الناس، وأن ما يُطرح من مشاريع أو خطوات إصلاحية في المدة التي تسبق الانتخابات لا يمكن فصله عن الحملات الانتخابية المبكرة، وإلا فلماذا لم يُفتح هذا الملف طوال السنوات الأربع الماضية؟ ولماذا يجري التركيز عليه الآن فقط مع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية؟”.
وختم بالقول إن “أي تحرك في اللحظة الأخيرة لا يمكن اعتباره جهدًا إصلاحيًا حقيقيًا، بل هو محاولة لكسب الشارع في الوقت الضائع، ولو كانت هناك نية صادقة للتغيير، لكان الأجدر فتح هذا الملف في بداية الدورة وليس في نهايتها”.
اكد الرفيق وسام الخزعلي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، "أهمية توسيع حملة تحديث البطاقة البايومترية لتصل الى عموم الناخبين"، مشدداً على أهمية إعطاء فرصة اكبر للناخبين من اجل تحديث بياناتهم وتجديد بطاقاتهم الانتخابية.
وقال الخزعلي في تصريح لـ"طريق الشعب"، ان "مفوضية الانتخابات حددت مدة تحديث البطاقة البايومترية بشهر واحد، لكننا لم نشهد حملة إعلامية واسعة بهذا الصدد، وبالتالي من المناسب ان تكثف المفوضية والقوى السياسية من دعوة الناخبين لتحديث بطاقاتهم والحصول على البطاقة البايومترية التي من دونها لن يستطيع احد المشاركة في الانتخابات المقبلة".
وجدد الرفيق الخزعلي دعوة الحزب الى جميع المواطنين بالتوجه الى مراكز مفوضية الانتخابات وتجديد بطاقاتهم البايومترية، كونها فرصة مناسبة للمساهمة في الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد.
وفي السياق ذاته، طالب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، امس السبت، مفوضية الانتخابات بتمديد فترة تحديث سجل الناخبين لشهر آخر، مشيرا الى ان "عدد الناخبين الذين بلغوا سن الاقتراع بعد إضافة مواليد 2007 يبلغ 29 مليونا و118 الف ناخب، والمسجلين بايومتريا بحدود عشرين مليون ناخب فقط، وهم من يحق لهم التصويت "، ما يعني ان 9 ملايين ناخب لا يحق لهم التصويت وفقاً للقانون الذي حصره بمن يملك بطاقة بايومترية فقط.