أكدت اللجنة الوطنية لتخليد ثورة 14 تموز 1958 أن الثورة أنارت عتمة البلاد التي هيمنت عليها قوى الرجعية والإقطاع، مشيرة إلى هدمها أحد أوكار الاستعمار الغربي والإمبريالية العالمية.
وذكرت اللجنة في بيان خلال مسيرة إحياء الثورة اليوم الاحد 14 تموز 2024 في بغداد أن "الشعلة التي حملها الثوار فجر الرابع عشر من تموز عام 1958 وفي طليعتهم أبطال جيشنا الباسل بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم، ومن خلفهم القوى الوطنية التقدمية، الذين هدموا أكبر وكر للاستعمار الغربي والإمبريالية العالمية، وأناروا عتمة البلاد التي هيمنت عليها قوى الرجعية والإقطاع".
وأشار البيان الذي ألقاه عضو اللجنة نجم الساعدي إلى أن "إحياء الذكرى هذا العام مر بمشاعر مختلفة، هي مشاعر الغضب والاحتجاج، بعد أن ركب النظام السياسي الحالي مركبًا لم تتجرأ على ركوبه جميع الأنظمة السياسية التي هيمنت على مقدرات البلاد منذ ستين سنة، بما فيها النظام الذي ارتكب جريمة انقلاب شباط الأسود!".
وأكد أنه "في تحدي سافر لمشاعر ملايين العراقيين، ومجافاة وتجاوز على حقائق التاريخ، أقدمت الحكومة والبرلمان على رفع عيد تأسيس الجمهورية العراقية من قائمة العطل"، مبينًا أن "أقطاب الحكومة والبرلمان ومن يقف خلفهم، يعلمون أنه لو لا منجزات الثورة العظيمة في بناء عشرات المدن الحديثة، وتوفير فرص التعليم، والحياة الكريمة لما كان لهم أي وجود في المشهد السياسي".
وبين أنه "وما كان لهم التمتع بثروات البلاد على هذا النحو، لولا قانون رقم 80 الذي حرر ثروتنا النفطية من قبضة الشركات الاحتكارية، وقبلها تحرير الإنسان العراقي وأرضه من سلطة الإقطاع الغاشمة بإصدار قانون الإصلاح الزراعي".
وتابع أن "ثورة الرابع عشر من تموز هي ثورة عراقية خالصة، اشتركت فيها أغلب القوى السياسية الوطنية والتقدمية، وحظيت بتأييد الشعب العراقي ودعمه من مختلف الشرائح والانتماءات والمناطق التي خرجت صبيحة يوم الثورة مؤيدة لها، من دون تنظيم مسبق، أو دوافع أيديولوجية ودينية وعرقية ومناطقية، لذا صح عليها القول (ثورة عراقية شعبية خالصة)" مبينًا أن "الحكومة والبرلمان كان عليهما أن يأخذا بنظر الاعتبار هذه الحقائق قبل إصدار قانون العطل الرسمية الجديد".
ونوهت اللجنة إلى أن "القانون تجاوز على مشاعر الملايين من الشعب، وعلى الدستور العراقي الذي نصت المادة الأولى من الباب الأول منه على أن (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة، مستقلة، ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي..). فإذا كان الدستور الذي أتيتم بموجبه إلى السلطة يؤكد على أن العراق جمهورية، فبأي حق تلغون عيد تأسيس الجمهورية التي تأخذون قيمتكم من وجودها؟".
ودعت اللجنة في بيانها "الحكومة والبرلمان إلى تعديل هذا القانون باعتبار يوم الرابع عشر من تموز عطلة رسمية وعيدًا وطنيًا، كما تدعو أبناء الشعب العراقي وقواه الوطنية ومنظماته الوطنية والمهنية باستمرار الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية والضغط على الحكومة لاحترام مشاعر العراقيين بإعادة يوم تأسيس الجمهورية العراقية عطلة رسمية وعيدًا وطنيًا".
أصدر جمع من المثقفين العراقيين نداءً عبروا فيه عن رفضهم لمحاولات حذف يوم 14 تموز 1958 من الذاكرة العراقية، مؤكدين أن هذا اليوم يُمثل عيدًا وطنيًا هامًا في تاريخ العراق، كونه ساهم في تحرير البلاد من التبعية ونقلها إلى مرحلة جديدة من الاستقلال والسيادة.
وخلال مشاركتهم في مسيرة إحياء الثورة اليوم الاحد 14 تموز 2024 في بغداد، ألقى الشاعر فالح حسون الدراجي، ممثلا عنهم النداء الذي أكد فيه أن "الأوساط السياسية والثقافية والشعبية في العراق فوجئت بحذف عطلة يوم الرابع عشر من تموز من قانون العطلات الرسمية الذي صوّت عليه مجلس النواب مؤخراً تاركاً تحديد اليوم الوطني لجمهورية العراق فارغاً".
وأضاف أن "حذف هذا اليوم من الذاكرة العراقية يمثل استفزازاً لمشاعر ملايين المواطنين العراقيين، الذين يعدّون الرابع عشر من تموز عام 1958 عيداً وطنياً، لأنه نقل البلاد من حالة التبعية للهيمنة الاستعمارية والإمبريالية البريطانية والأمريكية المتمثلة بربط العراق بالأحلاف العسكرية وفي مقدمتها حلف بغداد سيء الصيت، إلى حالة التحرر التام من القيود الاستعمارية كافة، وأشكال التبعية التي كانت تتمثل في سلطة النظام الإقطاعي وشبه الإقطاعي على الاقتصاد العراقي".
وتابع أن "الثورة أسقطت القيود التي تحول دون تقدم البلاد، وغرست في الوجدان قيم الهوية الوطنية، وفتحت الأفق لسلسلة من الإنجازات الإستراتيجية التي تمثلت بقانون النفط، الذي حرر الأراضي العراقية من هيمنة شركات النفط الأجنبية، وقانون الإصلاح الزراعي، ومشروعات الإعمار والتنمية والانفتاح الديمقراطي من خلال تأسيس الاتحادات والنقابات والمنظمات المهنية والثقافية، وهي من مظاهر تشكل المجتمع المدني الديمقراطي آنذاك".
وطالب المثقفون في النداء "الدولة العراقية بضرورة إعادة النظر في هذا القانون، وإعادة إدراج يوم الرابع عشر من تموز ضمن العطل الرسمية وعدّه العيد الوطني لجمهورية العراق، بوصفه يوما خالداً من أيام العراقيين المباركة، لما يحمله من دلالات إنسانية وتاريخية ترتبط بنضالهم وتضحياتهم من أجل الحرية والسلام"، مشدداً على أن "القوى المؤمنة بهذا اليوم ستستمر في طريقها بالضغط من أجل تحقيق مبتغاها الراسخ والأصيل".
أقام الحزب الشيوعي الكردستاني، أمس الأول، حفلاً استذكارياً في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرفيق المناضل حيدر الشيخ علي، القيادي السابق في الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني، والشخصية الكردستانية الوطنية المعروفة.
واحتشد جمع غفير من الشخصيات السياسية والشعبية والنقابية والرفيقات والرفاق والأصدقاء والمحبين، أمام مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي في أربيل، إحياءً لهذه الذكرى وإكراماً لروح الرفيق ومسيرته الكفاحية.
وفي حدث فريد تزيْنت مقبرة شهداء الحزب في أربيل بأنواع الزهور والورود على قبور الشهداء.
وبمشاعر مليئة بالعاطفة والمودة الرفاقية والذكريات، توالت كلمات الاستذكار من رفاق الفقيد وعائلته، مؤكدة الأثر الكبير الذي تركه بعد عقود نضالية طويلة، جسدت أروع اللحظات في الدفاع عن الوطن والحزب.
كلمة الشيوعي الكردستاني
وبدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت تكريماً لروح الفقيد وارواح شهداء الحزب والراحلين، ليلقي بعد ذلك سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني الرفيق كاوه محمود، كلمة الحزب بالمناسبة، مستعرضا أبرز المحطات النضالية للرفيق حيدر الشيخ علي.
وأشار الرفيق محمود إلى أن “الرفيق حیدر كان قائدا عماليا فذا، واتسم بعلاقاته الواسعة مع الاحزاب والقوی السیاسیة العراقية والكردستانية، صریحا في ابداء موقف حزبه من مختلف القضايا السياسية. كما شارك في ميادين النضال المختلفة حيث العمل السري وحركة الانصار البيشمركة، واستطاع أن يصمد في سجون الاستبداد مسطرا أروع مشاهد المقاومة”، مشيرا إلى أن الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي الكردستاني “خسرا رفيقا سيظل مكانه فارغا في ميادين النضال المختلفة”. كما قرأ الرفيق محمود برقيةً الرفيق حميد مجيد موسى، والتي كان قد ارسلها إلى مجلس الاستذكار.
وعقب ذلك جاءت كلمة الحزب الشيوعي العراقي التي ألقاها نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق بسام محي، (نص الكلمة منشور في موقع اخر على الصفحة).
فيما ألقى الرفيق شاكر عبد جابر كلمة الأنصار الشيوعيين، والتي ركز فيها على السيرة النضالية للرفيق الراحل والإرث والتجربة الكفاحية للفقيد.
وقال جابر، ان “سني حياة الرفيق الراحل كانت عبارة عن سلسلة من المعارك والتحديات ضد الأنظمة الدكتاتورية وأجهزتها القمعية. ونتيجة لذلك تعرض الرفيق حيدر الشيخ علي الى الاعتقال والتعذيب والملاحقات سواء كان ذلك داخل العراق أم خارجه، لكنه كان وفيا لمبادئه وحزبه وشعبه، فلم يتنازل عن أفكاره التي آمن بها وضحى من أجلها”، مبينا ان “الراحل كان أحد الشخصيات المحورية في رواية عبد الرحمن منيف الموسومة (الآن هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى)، التي أضاءت صفحات من معاناة (أبو فيان) مناضلا ونصيرا وسجينا”.
وجاءت بعدها كلمة بيشمركة الحزب الشيوعي الكردستاني تلاها على الحاضرين الرفيق كاروان موردكه، تطرق فيها إلى حياة الرفيق الراحل “ومسيرته النضالية والكفاحية ودعمه للعمال واهتمامه بالطلبة والشباب، ودوره في بناء القوى المدنية والديمقراطية في كردستان”.
وتواصلت الكلمات الاستذكارية بحق الرفيق حيدر الشيخ علي، حيث تحدث بعد ذلك الرفيق جاسم الحلفي عن رفيق دربه وصديقه الراحل.
وجاء في كلمة الرفيق الحلفي: “للصداقة اعتبارات لا يدركها سوى الأصدقاء الحقيقيين. طالما ردد الحاضر دوما أبو بلند (هناك أصدقاء يحتاجهم عقلك وهناك أصدقاء يحتاجهم قلبك وهناك أصدقاء تحتاجهم أنت لأنك ببساطة دونهم تصبح بلا عنوان)”.
وأضاف، أن “الموت هو أقصى الغياب، مع أنه شديد الوضوح لكنه عسير على الفهم في الوقت ذاته. إذ لا يشعر بفجيعة الفقدان إلا الصديق الحقيقي، لم يغادرني ألم الفقدان، مع قناعتي بالموت وإيماني بحتميته، وعدم خشيتي منه، لكن مع ذلك كان عليه امهالي برهة، كي أعانق خلي وصاحبي للمرة الأخيرة”.
وألقى بلند الشيخ علي الابن الأكبر للفقيد، كلمة العائلة، قال فيها: “من الصعب أن أتحدث عن والدي كشخص، لأنه يجبرني على التذكر. أتذكر بوضوح شديد كيف كان وكيف أحببته. بالنسبة لي، كان أكثر من مجرد أب. في السنتين الأخيرتين من حياته كنت اسميه وردة واحدة في وسط الصحراء، بسبب مبادئه التي لا تنكسر، بسبب شجاعته الهائلة، بسبب البيئة التي ولد فيها، وطريقة تفكيره المختلفة. لم أقابل مثل هذا الشخص الصادق في حياتي”.
وفي نهاية الاستذكار وضع الرفيق كاوه محمود أكليلا من الزهور على قبر الفقيد. كما وضع الرفيق بسام محي إكليلا اخر على قبر الرفيق الراحل.
كما وضعت أكاليل وزهور على قبر الفقيد وقبور شهداء الحزب في المقبرة التي زينتها الورود من قبل الشخصيات السياسية والشعبية الحاضرة.
الشيوعي العراقي: حيدر الشيخ علي معدن عصي على الانكسار أو الألتواء
الحضور الكريم..
تمرُ في هذا اليوم الحزين، الذكرى السنوية الأولى ، لرحيل القائد العمالي الفذ “ حيدر الشيخ علي - ابو بلند” الذي كان صنواً لا يجارى ، ولايبارى للحيوية والنشاط المتعدد الأوجه والجوانب ، إينما حلّ وإرتحل، ومهما كانت الظروف معقدة ، قاسية ، وإرهابية.
لقد إتصف هذا المناضل العنيد، الذي وجد ليكون شيوعياً ، بصفات قلما إجتمعت في إنسان غيره ، فنكران الذات والألتزام الحزبي العالي، والأبداع في تنفيذ قرارات الحزب ونشر سياسته ، بأسلوبه المحبب والمبسط لكل فئة إجتماعية بما يناسبها وينسجم مع مستوى وعيها، كان لايفارقه أبداً . أما علاقاته الجماهيرية مع اوسع الأوساط الشعبية فكانت مضرب الأمثال ، حيث كان لديه عشرات الأصدقاء. كما إمتازت علاقاته الرفاقية بالحميمية، وبالصراحة والوضوح المبدأيين، دون ان يغض الطرف عن أي خرق، أو خطأ ، ودون أن يؤدي ذلك الى الزعل او الغضاضة ، لان الجميع يعرفون حرصه ، ورغبته في ان تسير الامور بما يعزز العمل الحزبي ، وبما يجنب الحزب أي ضررٍ مهما كان بسيطاً أو صغيراً.
كان رفيقنا الرائع “ ابو بلند” نسيجاً خاصاً، واكتسب التفرد طيلة حياته المترعة بالتفاؤل والأمل والثقة العالية بعدالة ونبل وإنتصار القضية التي نذر نفسه لها، أسوة بالآلاف من مناضلي حزبنا الابطال ، ولم تثنه الملاحقات والسجون والتعذيب ، منذ إنتمائه لحزبه الشيوعي في وقت مبكر.
وعند أعتقاله من قبل المخابرات الأيرانية، وسجنه لست سنوات في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، كان أغلبها في سجون إنفرادية، وتعذيب بلغ من الوحشية حداً يفوق طاقة البشر، أثبت أنه قُدَّ من معدن عصّي على الانكسار أو الألتواء، إضطروا الى اطلاق سراحه بعد هذا الصمود الأسطوري في خريف عام 1987، حيث إلتحق مباشرة بالحزب مجدداً في القاعدة الأنصارية في “لولان” وباشر بمهامه وعمله النشيط الذي عُرف به ، رغم آلامه ومعاناته الشديدة من آثار التعذيب.
كان يساعد الجميع ، ويقدم لهم كل ما يستطيع ، ولديه القدرة بتوفير القناعة في العمل المثمر ، والنهوض بالمهام التي يكلف بها الرفاق دون تماهل أو تلكؤ، ولديه القدرة أيضاً في ان يجعل الآخرين يؤمنون فعلاً بأن السعادة في النضال من أجل الطبقة العاملة وكادحي شعبنا ، وتحقيق الطموحات والأهداف النبيلة في بناء العراق الديمقراطي الحقيقي تحت راية العدالة الأجتماعية.
وما تمييز به هذا المناضل الثوري تمسكه ودفاعه عن حقوق الطبقات الكادحة وربطها بابعادها الوطنية وبالدفاع عن حقوق الشعب الكردي المشروعة واكتسبها بعدا اممياً وانسانياً لتحقيق الحرية والمساواة والعدالة.
ولأنه كان متميزاً في كل شيء، تقلد بجدارة العديد من المسؤوليات الكبيرة في الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني عضواً في اللجنة المركزية ، والمكتب السياسي، ووزيراً للنقل والاتصالات في الكابينة الوزارية لأقليم كردستان، فجعل الوزارة ، وكأنها خلية من النحل بنشاطها وإنجازها، ونزاهتها ، وتشخيص أولوياتها لصالح الجماهير الكردستانية فكانت تجربة متميزة ورائدة هي الأخرى.
أن هذا المناضل الثوري الباسل، ألهم الكثير من الرفاق والأصدقاء بالعمل الدؤوب والمثمر في إنجاز المهام التي يكلفون بها ، وضرب اروع الأمثلة في الابتعاد عن الذاتية، وضرورة العمل الجماعي الذي كان مؤمناً به إلى أبعد الحدود، لانه في المطاف الاخير سيكون الرافعة الأساسية لتحسين الأداء ، وتحقيق النتائج المرجوة.
كانت سماته الشخصية، والسياسية، والوطنية من الكثرة ، بحيث يصعب إحصاءها أو عدّها، فقد كان يمقت الاأدعاءات الفارغة، والتعالي على الآخرين ، ويعشق الصدق والتسامح ومحبة الآخرين، التي كانت تقابل بما يستحقه من إعتزاز وتقدير ومحبة حقيقية، قلّ نظيرها، وهو ما يعكس طبيعته وطيب معشره.
أن رحيل هذا المناضل الكبير والأبن البار للطبقة العاملة العراقية وحزبها الشيوعي، ولكل الشعب العراقي ، وسفره النضالي في الصراعات الطبقية تركت بصمات في تأريخ الحركة الثورية ومثالا ساطعا يهتدى به للتحدي والصمود والايمان بقضية الشعب والحزب، لهو خسارة فادحة يصعب تعويضها، وعزاؤنا أنه ترك لنا إرثاً نضالياً ثراً، يصلح ان يكون قدوة ومثلاً أعلى لكل الشيوعيين والاجيال اللاحقة منهم.
المجد كل المجد للرفيق البطل حيدر الشيخ علي “ ابو بلند”، وسلاماً أثيراُ لهذا الشيوعي المتميز.
إحياءً لعيد العمال العالمي في الاول أيار، احتشدت أعداد غفيرة صباح أمس الأربعاء في ساحة الفردوس، حاملة الأعلام العراقية والرايات الحمراء واللافتات والشعارات التي مجّدت المناسبة، وطالبت بإنصاف الطبقة العاملة وتفعيل الصناعة الوطنية، والتأكيد على أهمية انفاذ قانوني العمل والضمان الاجتماعي، وتوفير العدالة الاجتماعية وصيانة حرية العمل النقابي.
وانطلقت المسيرة الكبرى من ساحة الفردوس على امتداد شارع السعدون المؤدي إلى ساحة التحرير، بمشاركة واسعة من أحزاب وقوى وطنية ونقابات ومنظمات وتجمعات عمالية وحضور لافت لشخصيات ديمقراطية ومواطنين.
وتقدمت المسيرة آليات حملت مكبرات الصوت ورددت أغاني وعبارات احتفت بالتاريخ المجيد للطبقة العاملة العراقية والنضالات والتضحيات التي سطرتها على مدار حوالي تسعة عقود، فيما جرت الإشارة أيضا إلى الدور المدمر للفساد وسوء الإدارة وسلوكيات نهج المحاصصة في إدارة البلاد وتعطيلها الإنتاج الوطني وتمسكها بالاعتماد على واردات النفط في توزيع الرواتب، واستغلال هذه الظاهرة من أجل الكسب السياسي والانتخابي.
وأكدت شعارات وهتافات المسيرة على أهمية مغادرة هذا النهج الكارثي والتوجه نحو تفعيل القطاعات الإنتاجية وانعاش الاقتصاد وتوفير فرص العمل ورعاية مصالح العمال وحفظ حقوقهم مع سائر أبناء الشعب العراقي.
وفي ساحة التحرير، تحت نصب الحرية، تجمع المشاركون في المسيرة، وألقيت كلمات في المناسبة، كانت أولاها للجنة المنظمة لمسيرة الأول من أيّار، القاها العامل سلام عادل. وكلمة أخرى للاتحادات والنقابات العمالية العراقية القتها النقابية كوريا رياح. وكلمة أخرى لمنتسبي شركات وزارة الصناعة والمعادن القاها غالب كاظم. (نصوص الكلمات منشورة على الصفحة الثامنة).
فترة عصيبة يعيشها العمال
وقال الناشط العمالي مصطفى قصي «يمر علينا عيد العمال العالمي ونحن نعيش فترة عصيبة جدا تتمثل بغلاء الأسعار وصعوبة توفير العيش الكريم».
وأضاف قصي في حديثه مع «طريق الشعب»، انه «برغم كل هذا، إلا أن الحكومة ماضية في التحول نحو اقتصاد السوق المفتوح»، محذرا من ان «هذا التوجه سيلقي بتبعاته وعواقبه الوخيمة على الطبقة العاملة».
وأشار الى أن «ملامح الخراب بدأت بالظهور منذ توجهت الحكومة لاعتماد وصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي أثبتت فشلها في كل دول العالم، وجعلت من العمال يقاسون العوز والحرمان والشقاء».
وانتقد الناشط «ضعف إنفاذ قانون العمل العراقي لضمان ابسط حقوق العمال، الذين يعمل الكثير منهم لساعات طويلة وفي العطل الرسمية أيضا، مقابل أجور لا تسد الرمق»، مبينا أنه «برغم عدم التزام السلطات بتشريع قانون جديد للتنظيم النقابي في مختلف القطاعات وبضمنها القطاع العام، الا ان البرلمان يتجه لاقرار مسودة قانون العمال والموظفين الحرفيين، في محاولة لإقصاء حق الموظفين في التنظيم النقابي».
يوم لإعلاء المطالب المشروعة
بدورها، قالت عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال العراق كوريا رياح، إن «الأول من أيار هو مناسبة مهمة يجتمع فيها العمال والنقابيون والاتحادات النقابية في العراق للمطالبة بتنفيذ مطالبهم المشروعة».
وأضافت رياح خلال حديثها مع «طريق الشعب»، أن «مطالبنا تتمحور حول توفير المعيشة الكريمة والضمان الاجتماعي والصحي وقانون تقاعد عادل للعمال»، مشددة على ضرورة تأمين الحريات للعمل النقابي.
مسيرة لدعم الحركة العمالية
أما الناشط العمالي محسن ساچت، فتحدث إلى «طريق الشعب» قائلا ان «عيد العمال العالمي يمثل فرصة ثمينة للتعريف بدور ومساهمات العمال في المجتمع وأهمية الحفاظ على حقوقهم من أجل تطور البلاد وتقدمها».
ومضى ساچت بالقول: أن «مسيرة الأول من أيار تدعم وتساند الحركة العمالية وتهدف إلى رفع وتيرة التضامن معها، فبرغم الجهود التي يبذلها العمال إلا انهم ما يزالون مهمشين، ولا ينالون العناية الحكومية والمؤسساتية».
فيما اكدت القيادية في الاتحاد العام لنقابات عمال العراق سميرة ناصر، ان الأول من أيار يشكل مناسبة لجميع عمال وفلاحي العالم، وهو فرصة لكل العاملين ولكل إنسان يبذل جهدا مقابل اجر معين، لأن يطالب بحقوقه».
وقالت ان «الحادثة التي خلدت هذا اليوم، حين انتفض العمال من اجل حقوقهم، يجب ان تكون حافزا لنا في مواصلة هذه المسيرة الحافلة بالنضال».
على حدائق شارع أبو نؤاس ببغداد، توافد الشيوعيون وأصدقاؤهم وجماهير غفيرة للمشاركة في مهرجان إحياء الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.
ففي الساعة الحادية عشرة صباحا، افتتحت فعاليات المهرجان، وسط حضور لافت في تنوعه، قدم من مختلف المحافظات.
افتتاح المهرجان
وانطلقت فعاليات الكرنفال الاحتفالي، الذي أقيم على الحديقتين الفسيحتين بجوار النصب الشهير «شهرزاد وشهريار» وتضمنت العديد من النشاطات الثقافية والفنية والرياضية، التي قدمتها الرفيقتان منال جبار وزهراء جمال.
وفي وقت مبكر بدأ ضيوف الكرنفال بالتوافد لحضور الفعاليات، التي انطلقت بتقديم باقة من الأغنيات المتنوعة، أدّاها الفنان علي حافظ، بعده شاركت الفنانة الواعدة أسيل عامر بمقطوعات موسيقية على آلة العود.
ومن بصرة النغم والعذوبة والجمال، حملت فرقة الخشابة البصرية أسرار هذا الفن الساحر لتقدمه الى المحتفلين بالعيد التسعين لتأسيس الحزب، وأطربت الحاضرين بأغنيات وعزف إيقاعي أخّاذ، تفاعل معه الحضور.
فعاليات متنوعة
وعلى الحدائق المجاورة، استمرت الفعاليات المتنوعة بجذب الحاضرين لمشاهدة مسابقة تنس الطاولة التي شارك فيها مجموعة من الشبان، وتنافسوا على كسب مراكزها المتقدمة. وعلى بعد خطوات بدأت لوحات السمبوزيوم تأخذ أشكالها المختلفة، وتظهر ملامح الرسمات بألوانها الزاهية بمشاركة مجموعة من الفنانات والفنانين التشكيليين من مختلف الأعمار.
ومن هيت النواعير والدبكات الحبيبة، قدمت فرقة HHU لوحات راقصة على أنغام وأغنيات دبكة «الجوبي» المعروفة، وتحمس الحاضرون للمشاركة في الرقصات الجماعية.
للمسرح حصته
ولفرقة مسرح التغيير كان هناك حضور جميل من خلال تقديم العرض المسرحي «عبد والساحة» من تأليف مرتضى السعيدي وإخراج وتمثيل الفنان عباس شهاب، وهندسة الصوت سعد حسين، والإدارة المسرحية وليد البهادلي، حيث استطاع العمل توظيف مشاهد لرمزيات ارتبطت بالنضال والحركة الاحتجاجية.
وكان للشعر طعمه الخاص في الحفل، حيث شارك الشعراء سيف عباس ومصطفى الشمري ونذير الراشدي وقاسم الربيعي ورياض الراشدي بقصائد تغنت بحب الوطن والناس.
الفعاليات المسائية
وابتدأت الفعاليات بتقديم النشيد الوطني العراقي، ثم دعا عريف الحفل مصطفى محمد الحضور الى الوقوف دقيقة صمت تكريما للشهداء.
وصعدت الى المنصة الرفيقة بشرى أبو العيس عضو اللجنة المركزية للحزب؛ حيث القت كلمة الحزب في المهرجان، والتي اشارت فيها الى فصول من تاريخ الحزب المجيد ونضال رفاقه الاماجد على مدار تسعين عاما من الكفاح في سبيل وطن حر وشعب سعيد (نص الكلمة منشور على الصفحة السادسة).
وتلت ذلك فقرة للشعر الشعبي ساهم فيها الرفيق الشاعر بهجت الجنابي، وعضو اللجنة المركزية للحزب بقصيدة تغنت بنضالات الشيوعيين وتاريخ حزبهم.
ومثلما كان وما زال الحزب البيت الجامع للعراقيين بمختلف قومياتهم واديانهم وطوائفهم، كان هناك حضور لافت للغناء الكردي، حيث أسهمت فرقة ازادي القادمة من كركوك بتقديم وصلات غنائية ودبكة كردية.
عبد الجبار يطرب السامعين
وبعد ذلك، صدحت حنجرة الفنان الكبير محمد عبد الجبار بـ»انا مو شيوعي» الأغنية التي كتب كلماتها الشاعر فالح حسون الدراجي، ولحنها الراحل الكبير محسن فرحان، الاغنية التي أداها عبد الجبار وسط تفاعل كبير من قبل الحضور الذي غصت به حدائق شارع ابو نؤاس.
وواصل الفنان محمد عبد الجبار تقديم اغانيه الجميلة وسط طرب وفرح ومشاعر جميلة، كان يمكن للمارة في شارع ابي نؤاس ومن يتابع عن بعد الاستمتاع بها، قبل ان يودع عبد الجبار الحاضرين وسط تصفيق كبير.
وعلى وقع أغنية «مركب هوانا من البصرة جانا» اختتمت فرقة الخشابة البصرية فعاليات المهرجان، الذي امتد لساعات طويلة، كان ابرز ملامحها الفرح والسعادة.