تمر اليوم الذكرى 106 لقيام ثورة إكتوبر الإشتراكية العظمى، التي أسقط فيها المستضعفون والمضطهدون في أرجاء روسيا القيصرية، وبقيادة الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحيين الفقراء والجنود، وحزبها البلشفي، نظام القمع والإستغلال والعبودية، ووضعوا البشرية على طريق الحلم البهي، حلم قيام مجتمع الحرية والعدالة والسلام.
لقد مكّنت الثورة روسيا من تخطي التخلف الإقتصادي والثقافي وحوّلتها الى دولة عظمى خلال سنوات قليلة، ونقلت مجتمعات رعوية ورأسمالية متخلفة الى فضاء الحضارة والحداثة، وحققت منجزات غير مسبوقة في مستوى الخدمات الأساسية للناس كالتعليم والصحة والنقل والطرقات والتغذية ورعاية الأطفال والقضاء على الأمية وتوفير السكن المجاني وضمان مساواة تامة بين المرأة والرجل وحل القضية القومية عبر منح حق تقرير المصير لعشرات القوميات التابعة لروسيا، وتنفيذ إستراتيجيات تنموية أثمرت تقدما تقنيا يقوده مليون ونصف المليون من العلماء وأول غزو للفضاء، إضافة الى تفوق ملموس في الإنتاج وتوزيع عادل للثروة.
وساهمت الثورة أيضا في انهاء الحرب الكونية الإسترقاقية الأولى، والمساعدة في تفكيك النظام الاستعماري ونيل مجموعة كبيرة من الشعوب المستعبدة حريتها واستقلالها السياسي، ومساهمة الاتحاد السوفيتي وشعوبه لاحقاً في القضاء على الفاشية والنازية، وصيانة حق الحياة عبر الدفاع المستميت عن السلام العالمي، فيما أجبرت قوة المثل، الذي ضربته الثورة والنظام الذي ولد من رحمها، الرأسمالية على الإستجابة لمطالب مجتمعاتها في الوصول الى مستوى اعلى من العدالة وتخفيف بشاعة الإستغلال.
ورغم الزلزال الذي ضرب التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، تلك التي وُضعت في اكتوبر لبنتها الأولى، جراء العديد من العوامل الداخلية والخارجية، فإن الإحتفاء بذكراها يأتي ليس فقط عرفاناً بتلك المآثر التي حققتها للبشرية، بل وأيضاً لإذكاء الحوار حول الدروس المستقاة سواء من إنتصارها أو تراجعها وما آل اليه مصيرها.
وتتقدم تلك الدروس اهمية التمييز بين انهيار تجربة ما وبين حيوية وصواب المشروع الذي حلمت به البشرية مذ عرفت الإستغلال الطبقي، وتوقف تحقيق الظفر على وجود وفاعلية طليعة ثورية موحدة وصلدة. كما يؤكد لنا مآل الثورة الحاجة الماسة لتطوير فكرة الديمقراطية الإشتراكية، التي تنفي ديالكتيكياً الديمقراطية البرجوازية، بعد ان يستنفد دورها التاريخي، وذلك للوصول الى مستوى متطور من الحرية.
وإذ تُرينا التجربة أن عملية الإنتقال الى الإشتراكية ليست لحظة ثورية، بل مرحلة طويلة من البناء الديمقراطي، من النضال ضد اللامساواة، من العمل على توزيع عادل للثروات، فإنها تؤكد على أن الرأسمالية ليست الأفق النهائي للبشرية، لأنها لن تستطيع أن تتكيف مع تناقضاتها المدمرة بسبب خضوعها لقانونَيْ التطور المتفاوت والإستقطاب، وافتقارها للقدرة على النمو وخلق فرص العمل وتحقيق الاستقرار المالي ومواجهة الصراع الطبقي معبراً عنه بما يعانيه الفرد وشعوب الأطراف والبيئة مجتمعين، من استعباد حقيقي وتدمير خطير.
كما تعلمنا دروس أكتوبر أن طريقنا في العراق الى مجتمع الحرية والعدالة يمر بالديمقراطية، وبالخلاص من المحاصصة والاقتصاد الريعي وتحقيق الإنتاجية العالية والنضال لتطوير القوى المنتجة وتكريس نسب متزايدة من الثروة الوطنية للاستثمار، كذلك بضمان رقابة مجتمعية - ديمقراطية على الموارد، وتعزيز النضال لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتقليل مضطرد للتباين الطبقي، وتعميق الديمقراطية السياسية ومواصلة تطويرها، وإقامة دولة المواطنة والديمقراطية الحقة، دولة القانون والمؤسسات.
إن نضال الشعوب لن يتوقف حتى تحقيق حلمها، عبر الخلاص من كل اشكال الاضطهاد واستغلال الانسان للإنسان، وإقامة مجتمعات الحرية والسلام والعدالة.
شهدت السنتان الاخيرتان ارتفاعا في معدلات التضخم على المستوى العالمي، وذلك بفعل التأثيرات والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية التراكمية لجائحة كورونا وللحرب الروسية- الاوكرانية، وبشكل خاص انعكاساتها على أسعار الحبوب والمواد الغذائية، وعلى اسعار الطاقة. وقد تفاقمت الضغوط التضخمية بارتفاع هوامش الربح في الأسواق العالمية من قبل الشركات الاحتكارية للأغذية والطاقة والمضاربات المالية في الاسواق العالمية.
وكانت العوامل الخارجية أحد اسباب ارتفاع اسعار المواد الغذائية بصورة حادة في العراق، ولكن السبب الاهم كان انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار بنسبة زادت على العشرين في المائة.
وفي بلد يكاد يعتمد كليا على الاستيراد في تأمين معظم احتياجاته من السلع الاستهلاكية والمعمرة والانتاجية، بما في ذلك الغذائية الاساسية، يترتب على الانخفاض في سعر صرف الدينار ارتفاعا بأسعار المواد المستوردة بنسبة اكبر بسبب رفع التجار لهوامش ربحهم متذرعين بعنصر اللايقين وغيره من المبررات.
ويؤدي تضخم الاسعار، وأسعار الغذاء على وجه الخصوص، الى فقدان الاسر للقدرة الشرائية، خاصة عندما لاترتفع دخولهم بالسرعة والنسبة التي ترتفع بها الاسعار، ما يعني انخفاض دخولهم واجورهم الحقيقية، مما يلحق اضرارا وصعوبات بالغة بالأسر والمواطن، وبذوي الدخل المحدود والمنخفض في المقام الاول.
وعلى الدولة والحكومة ان يعيا جيدا العلاقة بين التضخم في الاسعار وتعمق الفوارق في الدخل وتدهور الأوضاع المعيشية للفئات الشعبية وتفشي الفقر.
فللتذكير نشير الى ان القدرة الشرائية للرواتب والاجور تعني كمية السلع والخدمات التي يتم اقتناؤها وشراؤها بالراتب او الاجور، واذا ما ارتفعت اسعار السلع او المواد من دون ان يواكب ذلك ارتفاع مقابل بنفس النسبة في الرواتب او الأجور، فيعني ذلك انخفاض كمية السلع التي يمكن شراؤها وبالتالي اخفاض في مستوى معيشة المواطن. وهذا بالضبط ما نشهده في بلدنا ويتجلى في ازدياد مظاهر الفقر والحاجة واشتداد المصاعب الحياتية لشرائح متزايدة من المجتمع.
ان اغفال هذه الحقائق وتصوير التضخم بانه مؤشر عافية وتحسن في القدرة الشرائية للمواطن، لا يعكس فقط فهما خاطئا فاضحا لهذه الظاهرة الاقتصادية ولأسبابها وآثارها، وانما يعكس أيضا وجود قطيعة مع الواقع المعاش لجماهير شعبنا.
فالمطلوب هو الالتفات الجدي من قبل الدولة والحكومة لمعاناة ذوي الدخول الضعيفة والمعدمة بالدرجة الاولى واتخاذ الإجراءات المالية والاقتصادية الملحة لتأمين مستلزمات حياتهم الاساسية، وعلى نطاق اشمل العمل بحزم من اجل اتخاذ الإجراءات الاقتصادية السليمة والفاعلة لتثبيت سعر صرف الدينار الرسمي في السوق وملاحقة المتلاعبين فيه وتشجيع الانتاج الوطني وتوفير فرص العمل واتخاذ اجراءات لصالح العدالة الاجتماعية.
في الحادي والثلاثين من تموز 1935 تسامى صوت مدوٍ في بلاد الرافدين، إذ سطعت (كفاح الشعب)، الصحيفة السرية الأولى لحزبنا الشيوعي العراقي، في سماء البلاد.
وكأن هذا الشبح راح يجول في العراق، فيقض مضاجع الطغاة. وليس أعمق دلالة على ذلك من قولة رشيد عالي الكيلاني، وزير داخلية حكومة ياسين الهاشمي يومذاك، وقد عاد مزهوا بعد قمع انتفاضة سوق الشيوخ، ليجد نسخة من (كفاح الشعب) على مكتبه: “هذه الورقة أشد خطرا من ثورة سوق الشيوخ، فاذا ما ثبتت أفكارها سيستحيل علينا قلعها”.
وقد كان الكيلاني على حق، فالشيوعيون العراقيون يستعدون لاستقبال الذكرى التسعين لتأسيس حزبهم، وهو مايزال، رغم الأهوال التي قل نظيرها، فتيّا بتاريخه المضيء، وتضحياته الجسام، ومواقفه السياسية والفكرية الناضجة، وبرامجه الثورية الواقعية، ومنهجه العلمي المتجدد، وتبنيه لمصالح الشغيلة والكادحين، وتجسيده للسمات الوطنية والطبقية والأممية، وللمثل النبيلة، وقد ظلت تجتذب الأجيال، وتلهم المكافحين من أجل وطن حر وشعب سعيد.
ومنذ صدور (كفاح الشعب) بقيت صحافة حزبنا أمينة لوصية لينين التي تضمنها مقاله الشهير (بم نبدأ ؟): “الصحيفة ليست فقط داعية جماعيا ومحرضا جماعيا، بل هي، في الوقت نفسه، منظم جماعي”.
فكانت صحافة الحزب مدرسة خرجت من معطفها أجيال من الصحفيين ممن كان كثير منهم قد مارسوا دور المعلمين لأجيال جديدة أخرى.
وفي هذا المسار، الشاق والمجيد، تألقت أسماء شهداء الصحافة الشيوعية في العراق، الذين قدموا أمثلة ملهمة في الدفاع عن الحقيقة، والتضحية في سبيل قضية الشعب والوطن: وكانت أسماء فهد، وحسين الشبيبي، وعبد الرحيم شريف، ومحمد حسين أبو العيس، وعبد الجبار وهبي، وعدنان البراك، ونافع يونس، وحسن عوينة، وشمران الياسري، واسماعيل خليل، وثائرة فخري بطرس، وسامي العتابي، وقاسم محمد حمزة، وهادي صالح، وكامل شياع... والقائمة تطول، كانت وتبقى أسماء محفورة في ذاكرة التاريخ.
لقد ظلت الصحافة الشيوعية منارا هاديا لمكافحي الحزب، وسائر مكافحي البلاد، من النساء والرجال، الذين وجدوا في هذه الصحافة معينا لا ينضب للوعي وأفكار التقدم والتنوير، وللدفاع عن حرية الفكر والتعبير، وحقوق المرأة، وقيم الثقافة التقدمية، وطموحات القوميات المتآخية، والتنوع الثقافي في المجتمع العراقي.
وتواصل صحافة حزبنا تجسيد سياسة الحزب وبرنامجه، وتتصدى للقضايا الراهنة، وتحلل وجهة التطور الاجتماعي، وتكشف عن حقائق الواقع والتطورات على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وتعبر عن المواقف بشأن مختلف القضايا، مواصلة مهمات السعي الى “التغيير الشامل.. دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية”.
اليوم نمجد شهداء الصحافة والفكر..
اليوم نجدد العهد على المضي في الطريق الذي دشنته (كفاح الشعب).. فمن شرارتها اندلع لهيب الكفاح الذي لا يلين من أجل الغايات الساميات..
تحل اليوم الذكرى ٧٧ لنكبة فلسطين، التي لا ترمز فقط الى انتزاع وطن من أصحابه الشرعيين، واقتلاع شعب بأكمله من جذوره وتشريده، وتحويل غالبيته الساحقة الى لاجئين في بقاع المعمورة، بل وتمثل واحدة من اكبر المآسي الإنسانية والسياسية في التاريخ المعاصر. وما يضاعف هول النكبة استمرار ارتكاب المجازر بحق فلسطين وشعبها حتى اليوم، وكأن الصهاينة لا يتلذذون الا بسفك دماء شعب الجبارين، الصامد والمقاوم.
ان ما ارتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني يشكل وصمة عار في جبين مرتكبيها، وجبين من يسّر لهم ذلك، وقطع لهم الوعود وأغدق عليهم بالدعم غير المحدود، وهرول للتطبيع معهم، فيما الدماء الزكية والارواح المزهقة في ديرياسين واللد وكفر قاسم وغزة وجنين وطولكرم، لما تزل تستصرخ ضمائر العرب والمسلمين، والبشر عامة، ليوقفوا القتل الممنهج والتهجير القسري وفرض الاستيطان وقضم الأرض، وتصحيح الأخطاء التاريخية المرتكبة، والانتصار للعدالة ولحق شعب فلسطين في العيش بامان وسلام.
تطل الذكرى ٧٧ هذا العام، فيما حرب الإبادة ضد شعب فلسطين في غزة والضفة الغربية تتواصل بوحشية، بدعم امريكا وحلفائها، رغم كل الادعاءات والتدليس المكشوف، والذي تعيه شعوبنا جيدا الا الحكام الذين يمعنون في دفن رؤوسهم في الرمال. انما تبقى الحقائق ساطعة ولن تغطى بغربال.
انها ايام صعبة وتاريخية هذه التي يعيشها الشعب الفلسطيني حاليا، وهو يُجوّع ويشرّد ويذبّح، ويطعن في الظهر مجددا، حيث يقف من بيده القرار متفرجا يردد الكلمات المعروفة اياها منذ عام ١٩٤٨، بل وحتى قبله.
في ذكرى النكبة المشؤومة لا مطلب أهم من الوقف الفوري لحرب الإبادة، والاستجابة لارادة شعب فلسطين وحقه المشروع في دولته الوطنية ذات القرار المستقل، والمقامة على ارض وطنه وعاصمتها القدس، ولا خيار امام شعوبنا العربية وقواها الوطنية الا التصدي لمخططات التطبيع والتهجير وتصفية قضية فلسطين. ومن المؤكد ان الكثير سيعتمد على الشعب الفلسطيني نفسه وعلى خيارات فصائله وقواه الوطنية، ومدى نجاحها في بناء الموقف الموحد والرؤى المشتركة، وتفعيل مقومات الصمود والتحدي، متعددي الأنماط والاشكال.
ان نكبة فلسطين ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل مآساة إنسانية مستمرة قل نظيرها، وجريمة متعددة الابعاد. فكل لاجئ، وكل أسير، وكل شهيد، وكل طفل يموت جوعا وعطشا، يذكّر العالم بان هذا الجرح مفتوح بعد، وان المجرم لم تطله يد العدالة، وان الحق ما زال غائبا.
في ذكرى المآساة، نجدد اعلان الوقوف بجانب شعب فلسطين، ونحيّي صموده ونضاله، ونُكبر تضحياته الجسام واصراره على نيل حقوقه المشروعة. ويقيننا راسخ بانه مهما طال الزمن وادلهمت الآفاق وضاقت الأحوال، فان إرادة الشعوب لا تقهر وهي المنتصرة.
في التاسع من أيار العام 1945، دكت جحافل الجيش الأحمر السوفيتي ومعها عشرات الآلاف من متطوعي المقاومة، ومن الشيوعيين والديمقراطيين، وبدعم كل الشعوب المحبة للحرية والسلام، معاقل الوحش النازي في المانيا، فقضت عليه ورفعت راية العمال والفلاحين الحمراء فوق مبنى الرايخشتاغ في برلين، مؤذنة بانبلاج فجر جديد للبشرية، كان من أبرز معالمه تحرر شعوب كاملة في العالم من رتق العبودية والاستغلال الرأسمالي، وخلاص الملايين من نير الاستعمار، وانتصار حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ونجاح العديد من الحكومات في انتهاج سياسات تنموية تخدم تقدم شعوبها وحماية ثرواتها الوطنية، إلى جانب المكانة المتميزة التي تبوأتها حركات السلام والدفاع عن حقوق الانسان ولاسيما حقه في الحياة الكريمة.
ولم يكن ليتحقق هذا النصر، وما أفضى إليه من تغيرات كبيرة لصالح القيم الإنسانية وضد الرأسمالية المتوحشة، لولا التضحيات الكبيرة التي قدمتها البشرية، والتي فاقت 52 مليون قتيل وملايين الجرحى وتخريب هائل لكبريات المدن والمزارع والمصانع والمستشفيات ومؤسسات التعليم وغيرها. وجاء في مقدمة الشعوب التي قدمت التضحيات، شعوب الاتحاد السوفيتي، وريثة ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، التي قدمت بقيادة حزبها الشيوعي أكثر من 20 مليون قتيل و17 مليون معوق و32 ألف منشأة صناعية مدمرة وغير ذلك الكثير، مما يسجل لها مأثرة خالدة تستحق الوفاء دوماً، مهما حاولت القوى الرجعية والإمبريالية تزوير حقائق التاريخ.
واليوم، إذ تحتفل كل قوى الخير والحرية بالذكرى الثمانين للانتصار على الفاشية، وتنحني إجلالاً لتلك التضحيات الغوالي، يراقب العالم النمو السريع لليمين الرجعي الاستبدادي وللقوى الفاشية، في ظل اشتداد الأزمة البنيوية للدول الرأسمالية المتطورة، وبدعم وتكافل الليبرالية الجديدة المتناغم مع تخلي البرجوازية عن ادعاءاتها الكاذبة في الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان، وتحويلها مؤسسات الدولة، كالبرلمان والقضاء، إلى سوق مقايضات ومساومات. فيشتد القلق من السياسات التي يتبعها هذا اليمين المتطرف، لاسيما في تأجيج سباق التسلح وإشعال الحروب وحروب الإنابة، والنهب العلني الوقح لخيرات الشعوب النامية، والاستهتار بالقانون والشرعية الدولية وتطويعهما لصالح خططه العدوانية، والتبني الصارخ لكل الافكار العنصرية والسعي لإضفاء قدسية عليها، والهجوم على مكتسبات دولة الرفاه وما انتزعته الشعوب من حقوقها في العدالة والحرية والعيش الكريم.
إننا، في الوقت الذي نحتفل فيه بهذا العيد الانساني الكبير ونشاطر العالم قلقه من عودة الفاشية ونحمّل الإمبريالية مسؤولية هذا الخطر، ندعو للتمعن في الاشتراطات التي أفضت إلى الانتصار، وفي مقدمتها الدفاع عن حرية واستقلال الوطن، وتوحيد قوى الحرية والسلام وتغليب خلافها الرئيسي مع المستعبدين والمستغِلين على خلافاتها الثانوية، ورفض أي شكل للتعايش مع الاستبداد، وعدم التهاون مع أي انتهاك للحريات مهما كان مصدره وشكله ومستواه، والدفاع الحازم عن الترابط الوثيق بين الديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية، وتبني مصالح شغيلة اليد والفكر، وتعبئتها في النضال باعتبارها عماد التغيير الشامل نحو عراق ديمقراطي حر ومزدهر.
كما يسعدنا في هذه الذكرى، أن نستذكر الدور المشرف لشعبنا وقواه الوطنية وفي المقدمة منها حزبنا الشيوعي العراقي، في دعم نضال البشرية ضد النازية والفاشية حينئذٍ، هذا النضال الذي تواصل بعد النصر من أجل الخلاص من الاستعمار، وتحقيق الاستقلالين السياسي والاقتصادي وبناء دولة الحرية والعدالة الاجتماعية.
ليبقَ عيد التاسع من أيار مشرقاً وبهّياً، وصرخة تشلّ الفاشيين كافة.