مرّت يوم أمس الذكرى الثانية والعشرون للغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، وسقوط الدكتاتورية غير مأسوف عليها. وقد فتح ما حصل الباب أمام مرحلة كان يُؤمل أن تكون مختلفة، تؤسس لدولة القانون والمؤسسات والمواطنة، وتصون كرامة الإنسان وحقوقه. غير أن الأمل تحوّل تحديا تحت وطأة الأزمات المتراكمة، وسياسات المحاصصة، وفشل النخب الحاكمة في إدارة شؤون الدولة، وعجزها عن تقديم الحلول، ووصول العملية السياسية المؤسسة على نهج المحاصصة الى طريق مسدود.
في التاسع من نيسان 2003، طُويت صفحة أحد أكثر الأنظمة استبدادًا في تاريخ العراق المعاصر، نظام عرف بدمويته وقمعه للحريات، وبارتكابه جرائم إبادة جماعية، واستخدامه الأسلحة الكيميائية، فضلًا عن ممارسات التعذيب والقتل الجماعي، وتدمير الاقتصاد الوطني في خضم حروب عبثية أودت بحياة الملايين وأغرقت البلاد في عزلة وحصار قاسٍ.
ومع أن الحرب لم تكن خيارًا شعبيًا، وواجهت رفضًا واضحًا من قبل قوى وطنية، في مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي رفع شعار "لا للحرب .. لا للدكتاتورية .. نعم للبديل الديمقراطي "، إلا أن سقوط النظام قوبل بارتياح شعبي واسع، أملاً بانبثاق نظام ديمقراطي، وهو ما قُدمت التضحيات الجسام من اجل تحقيقه. لكن تلك اللحظة المفصلية سرعان ما أُفرغت من مضمونها، وبدلاً من بناء الدولة، تم ترسيخ الفوضى والمحاصصة والفساد وانتشار السلاح المنفلت.
لقد عجزت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 عن تأسيس نظام مدني ديمقراطي حقيقي، بسبب تمسكها بمنهج إدارة الأزمات وليس حلها، وبتقاسم الغنائم بين القوى المتنفذة بدلاً من العمل على بناء دولة مواطنة ومؤسسات. فنظام المحاصصة الذي أقيم بعد الاحتلال، كان وما زال نظامًا هشًا، قائماً على أسس طائفية وإثنية، وذلك ما أنتج مزيدًا من الانقسام المجتمعي، وعطل إمكانيات التنمية، وأسهم في ترسيخ الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط، وفي تفشي الفساد في كل مفاصل الدولة.
لقد كرّست النخب الحاكمة ما بعد 2003 نموذجًا مشوهًا للحكم، انعكست تداعياته على الدولة والمجتمع، وفشل في تقديم الحد الأدنى من الخدمات والضمانات للمواطن، بينما توسعت الهوة بين الأقلية المتنفذة وعموم المواطنين، وازداد اعتماد القرار السياسي للمتنفذين على التدخلات الخارجية.
في مواجهة هذا الواقع المأزوم، تبرز مسؤولية وطنية ملحّة على عاتق القوى الوطنية والديمقراطية، وكل المتطلعين الى عراق مغاير، مسؤولية تتمثل في الدفع نحو مشروع وطني بديل، يعيد الاعتبار للسيادة الوطنية وللقرار الوطني المستقل، ويؤسس لنظام ديمقراطي اتحادي قائم على المواطنة، ويضع خططًا حقيقية للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، ويكافح الفساد ويحصر السلاح بيد الدولة، ويقطع الطريق أمام نهج المحاصصة الذي شلّ البلاد.
ويبقى التغيير الحقيقي مرهونًا بقدرة الشعب العراقي على فرض إرادته، من خلال المشاركة الواسعة والواعية في الانتخابات، وعبر استمرار الضغط الشعبي والجماهيري السلمي والمنظم، من أجل استعادة الدولة من قبضة الفشل والفساد، ووضعها على سكة التغيير الشامل .
بعد أكثر من عقدين على سقوط النظام الدكتاتوري، يقف العراق اليوم في مفترق طرق بين استمرار التدهور والنكوص، او الانطلاق على مسار التغيير. ويؤكد إخفاق المنظومة الحاكمة في تحويل الفرصة التاريخية إلى مشروع وطني جامع، أن المشكلة لا تكمن فقط في سقوط النظام السابق، بل في عجز من تولى السلطة بعد ذلك عن بناء البديل المنشود. لهذا فقد حان الوقت لتجديد التحدي الشعبي والجماهيري ، والدفع نحو الخلاص من منهج منظومة الفشل وتبني مشروع وطني للتغيير يعتمده مؤتمر وطني لتوحيد الجهود والطاقات ، للسير على طريق بناء وطن يليق ببناته وابنائه وبتطلعاتهم وتضحياتهم.
في هذا اليوم وقبل 37 عاماً أحرق الفاشيون الصداميون زهرة كردستان، حلبجة الجميلة، وخنقوا اطفالها ونسائها وشيوخها بغاز الخردل، في حقد ووحشية تليق بهم ككابوس لويثان قاتل، جثم على صدر الوطن عقوداً أربعة.
لم تك جريمة النظام البائد في حلبجة، وحيدة رغم بشاعتها، بل مثلت حلقة في سلسلة مأس عديدة كتجفيف الأهوار وتشريد سكانها واقتلاع الكرد الفيليين من وطنهم وهجمات الأنفال التي راح ضحيتها عشرات الألاف من أبناء شعبنا الكردي وغزو الكويت والتطهير العرقي، إضافة الى أبشع أشكال القمع المتمثلة بإعدام وسجن ونفي الملايين من خيرة أبناء العراق، شيوعيين وديمقراطيين ووطنيين واسلاميين.
وفي الوقت الذي يحيّي فيه شعبنا هذا اليوم، بإعتباره يوماً وطنياً لإدانة جرائم نظام البعث ولإستذكار ضحاياها في حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية والإنتفاضات الجماهيرية، فإنه يجد فيه وقفة صادقة للتأمل فيما يعكسه من دروس، تحمل رغم المرارات والآلام، دعوة ملحة للتمسك بالهوية الوطنية الجامعة وبالتضامن والتعاضد بين العراقيين، دعوة لأن تتحول الذكرى لفعل نضالي حازم يقطع الطريق على أي إنتهاك لقيم الحرية والديمقراطية والحق في الحياة ، ويشدد السعي لإعادة توزيع الثروة الوطنية بين الناس وتوفير أفضل الخدمات الأساسية لهم.
وبديهي أن يشترط إنجاز ذلك، التخلي عن ثقافة الإستئثار والغلبة والاستقواء ، والإعتراف بالحقوق المشروعة والعادلة لكل المواطنين، وتوحيد قوى الشعب الوطنية المخلصة وجهودها نحو تغيير شامل، يزيح منظومة المحاصصة المأزومة ، ويطهر أجهزة الدولة من الفساد والفاسدين ويحصر السلاح بيد الدولة ويعتمد مبدأ تكافؤ الفرص في كل مجالات الحياة والتداول السلمي الديمقراطي منهجاً في الحكم.
إن شعبنا الذي يستذكر مأساة حلبجة ومثيلاتها التي عانى منها الملايين من أبنائه يتطلع اليوم للمزيد من العمل والكفاح من اجل تغيير موازين القوى وإخراج البلد من الأزمة الشاملة التي يعيشها والتي سببت له خراباً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مريراً، واطلاق إستراتيجيات تنموية تعتمد الشفافية والمساءلة والتكافل الاجتماعي، وتعالج الفقر والبطالة والأمية ونزعات العنف وتدني مستويات الوعي، وتحقق العدالة الاجتماعية، وتدافع بعناد وثقة، لتعزيز النظام الاتحادي الديمقراطي في عراق حرّ ومزدهر.
احتفل العالم الخميس المنصرم، العشرين من شباط، باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي اقرته الأمم المتحدة عام ٢٠٠٧ مناسبةً لتعزيز العمل من أجل تقليل الفقر والتهميش الاجتماعي والظلم واللامساواة على الأرض، وبذل المزيد من الجهود لبناء مجتمع بشري تتوزع فيه الحقوق والفرص، ودعم الحق في الحصول على العمل الكريم، وتوزيع الثروات بشكل أكثر عدلاً بين الناس، ودون أي تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو المعتقد أو الإمكانيات المادية، وذلك بغية ضمان الإستقرار السياسي والتنمية المستدامة والسلام.
ورغم تواصل كفاح الشعوب في كل البلدان للوصول الى هذه الأهداف النبيلة، فما زال التفاوت الطبقي مريعاً داخل كل شعب على حدة، فيما يشهد التفاوت بين الدول في الوصول الى مستلزمات التقدم تزايداً مخيفاً، جراء هيمنة العولمة الرأسمالية المتوحشة، وتحكمها بمصائر المعمورة وتهديدها للأمن العالمي. وهو ما ينعكس في نشرها الخوف والعنصرية والتعصب القومي، ورفعها وتيرة الهيمنة والتسلط للحفاظ على أكثر من 15850 رأساً نووياً، وإنفاق تريليون دولار جديدة في إنتاج أسلحة الدمار الشامل خلال عقد واحد، أو في حصول 20 في المائة من البشر على 85 في المائة من الناتج العالمي الإجمالي، و 84 في المائة من التجارة العالمية، وعلى 70 في المائة من الطاقة و75 في المائة من المعادن و60 في المائة من الغذاء و 85 في المائة من المدخرات. إضافة الى احتكارها وسائل الدعاية والإعلام وشبكات الاتصال الحديثة، كالأقمار الصناعية والفضائيات والشبكة العنكبوتية، ومجمل المواد والمنتجات الإعلانية والثقافية والترفيهية. وكل ذلك لتكريس هذه الهيمنة، في وقت يعاني فيه مليار إنسان من الجوع ومليار من الأمية، ويفتقد 3.1 مليار مياه الشرب، ولا يمتلك 82 في المائة من الناس مجتمعين سوى 19.5 في المائة من الثروة فقط!
وفي بلادنا المبتلاة بمنظومة المحاصصة وتفشي الفساد وفوضى السلاح المنفلت، تشتد أيضاً ظاهرة التفاوت الطبقي وعدم المساواة، جراء التمييز على أساس الإنتماءات الفرعية، أثنية كانت أم دينية وطائفية، وضد المرأة والشبيبة، وملايين الكادحين المعدمين، سواءً في فرص العمل، حيث يعاني خمس المواطنين من البطالة، أو في الدخل حيث يعيش عشرة ملايين مواطن تحت خط الفقر، مقابل بلوغ عدد المليارديرات والمليونيرات ستة عشرة الفاً، أو في فرص التعليم، حيث يقبع ثلث الشعب في ظلام الأمية، أبجدية وثقافية، ويحتكر الأغنياء فرص التعليم الجامعي والأهلي، حتى ان 82.5 في المائة من العراقيين اعربوا عن عدم رضاهم عن التعليم في البلاد. كذلك في الرعاية الصحية، حيث لم يرض سوى 7.5 في المائة من العراقيين عن خدمات الصحة، ولا تجد الأغلبية خياراً سوى بين قطاع خاص تفوق تكاليفه قدراتهم المالية، وبين مسالخ بشرية تسمى المستشفيات الحكومية، التي تفتقد في أغلبها لعلاجات تناسب دخولهم. كذلك في الحصول على الخدمات، حيث لم يرض عن مستواها سوى 6 في المائة من الشعب، الذي يفتقد ثلثه للماء الصالح للشرب ونصفه للصرف الصحي، بجانب مأساة عدم توفر الطاقة الكهربائية.
وإذا كان توفير قدر متنام من العدالة الاجتماعية شرطا لا غنى عنه للحرية والتحديث والتنمية، وتكريس مفهوم الولاء للوطن، وتخليص النساء من العبودية المقنعة، ومواجهة الهيمنة الأجنبية وتحسين شروط التعامل مع الخارج بما يخدم المصالح الوطنية، وإعتماد الشرعية التي يكفلها القانون، فإن العائق الأرأس لذلك في بلادنا اليوم، يكمن في استمرار هيمنة الأقلية وسطوتها، وأزمة منظومة المحاصصة والطائفية السياسية والفساد، مما يستدعي تصعيد النضال من أجل تغيير موازين القوى لصالح الشعب وقواه السياسية ، الوطنية والديمقراطية ، بغية تحقيق تغيير شامل، وبناء دولة المواطنة والحريات والمؤسسات والقانون على أساس مشروع وطني ديمقراطي، يُخرج البلاد من أزماتها ويضعها على طريق التقدم والازدهار، طريق الحرية والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.
منذ رفع الشيوعيون العراقيون قبل حوالي عشر سنوات شعار التغيير، في مسعى لإخراج البلاد من مستنقع الأزمات المتلاحقة، الذي جرّتها اليه قوى المحاصصة الطائفية والقومية وأحزابها النافذة، وهذا الشعار يتعرض، تصريحا وتلميحا، الى طعن وتشويه مستمرين من طرف تلك القوى والأحزاب ومن يتحدثون باسمها
وليس في ذلك ما يدعو الى الاستغراب. فالدعوة الى التغيير والتغيير الشامل، التي تفرضها الحاجة الى ضمان تطور بلدنا وتقدمه اللاحق والحفاظ عليه ككيان وطني موحد، والى بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات الضامنة للحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. هذه الدعوة التي حصدت وتحصد دعما شعبيا متزايدا، والتي ينبغي اليوم تحويلها الى مشروع وطني جامع، تهدد في الصميم نهج المنظومة الحاكمة المتحاصصة، ومصالحها المتشابكة، ودولتها العميقة – راعية الفساد والمستفيد الأكبر منه.
وفي سياق حملة الإساءة الى شعار التغيير ومحاولة الحطّ من أهدافه الوطنية السامية، خلال السنوات الماضية، تنوعت الحجج والذرائع المساقة لتبريرها، والتي ما ان ينكشف تهافت إحداها وتفاهتها، حتى يتم اختلاق بديل لها.
ولعل أحدث ما تفتّقت عنه "شطارة" القائمين على الحملة في هذا الخصوص، استغلال مناسبة الحديث أخيرا عن "تغيير" يقال ان الولايات المتحدة تعتزم الاقدام عليه في العراق، وتفرض بموجبه تبديلا للأوضاع يكون امتدادا لما شهدته غزة ولبنان ثم سوريا في الفترة المنصرمة، وجزءا من مشروع إقامة "الشرق الاسط الجديد"، الذي يتكرر الحديث عنه في تل ابيب وواشنطن.
وبناء عليه انطلقت حملة خلط مخططة للأوراق، تربط شعار التغيير المرفوع داخل البلاد منذ سنين، والمعبر عن المصالح والمطامح العميقة للعراقيين في بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن المحاصصة والفساد وانفلات السلاح.. تربطه قسراً بـ"التغيير" الخارجي المزمع كما يقولون، والبعيد عن احتياجات شعبنا وتطلعاته.
انها حملة كذب وتضليل فاضحين، غايتها النيلُ من شعار التغيير الشامل الذي يرفعه الحزب الشيوعي العراقي وعموم القوى المدنية الديمقراطية، وتشويهُ حقيقته بما يحدّ من التأييد الشعبي المتزايد له.
وتلك مهمة لن يكتب لها سوى الفشل، أمام الادراك المتنامي لجماهير شعبنا الواسعة.
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، أمس الاول الثلاثاء، أمرا ولائيا بايقاف تنفيذ القوانين الجدلية التي اقرها مجلس النواب (تعديل الأحوال الشخصية، العفو العام، إعادة العقارات) الى حين حسم الدعاوى المقامة بشأنها.
وجاء قرار المحكمة إثر طعن مجموعة من النواب بالجلسة التي تم فيها التصويت على القوانين الثلاثة بسلة واحدة. والتصويت بسلة واحدة هو أسلوب في إدارة العمل النيابي ابتدعته قوى المحاصصة عندنا، انعكاسا لحالة عدم الثقة المستحكمة في ما بينها. ولا تخالف هذه الطريقة الغريبة التقاليد البرلمانية المعروفة ومباديء الديمقراطية وحسب، وإنما تتنتهك أيضا النظام الداخلي للمجلس، فضلا عن الالتزام الذي قطعه رئيس المجلس على نفسه بعدم السماح بتكرار عملية التصويت بسلة واحدة.
والجدير بالتأشير أن الطعن في شرعية الجلسة من قبل النواب المشتكين، لم يأتِ ضد عملية التصويت في سلة واحدة، وإنما ضد طريقة إدارة الجلسة من قبل رئيس المجلس، والفوضى التي أحاطت عملية التصويت وكذلك ضد بعض فقرات قانون العفو.
وقد استثار قرار المحكمة الاتحادية ردود فعل غاضبة ومتشنجة من جانب أحزاب وكتل "سنية"، بلغت حد الدعوة للنزول إلى الشارع، وقيام عدد من المحافظين، في إجراء غير مسبوق، بتعطيل الدوام هذا اليوم في محافظاتهم، احتجاجا على القرار القضائي!
إن ما جري يعكس الفوضى الناجمة عن استخفاف القوى السياسية المتنفذة ومنظومة حكم المحاصصة، بالدستور والقانون وبمرتكزات عمل الدولة، وغياب الثقة بين الأحزاب التي تدعي تمثيل المكونات والمتحالفة في إطار "إدارة الدولة". كما يؤكد غلبة الاعتبارات الطائفية عندها على حساب المصلحة الوطنية والتماسك المجتمعي. وقد وصل الأمر حد اصدار الأمم المتحدة بيانا، تعبر فيه عن أسفها إزاء "لغة شحن قد تبعث على العنف" اعتمدتها بعض القوى السياسية بعد قرار المحكمة الاتحادية.
ان هذه الفوضى في التشريع لا تنفصم عن منهج المنظومة الحاكمة الفاشل، وتعكس حالة البؤس التي يعيشها البرلمان الحالي، العاجز عن تشريع قوانين تخدم الناس ومصالحهم وأولوياتهم وتعكس ما يتطلعون اليه. وكل هذا ناجم بشكل أساسي عن التخادم ونهج التحاصص المكوناتي، الذي داس على كل التقاليد البرلمانية والديمقراطية، وغدا اطارا لتمرير رغبات البعض وما يريدون فرضه على المواطنين وتنميط حياتهم، مستغلين حالة الاختلال الراهنة في تركيبة مجلس النواب.
ان ما حصل ويحصل، بما فيه التقاطع بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، يؤكد مجددا الحاجة الملحة الى منهج آخر، مختلف تماما عن السائد في إدارة الدولة وبناء مؤسساتها، منهج يحترم المواطنة ويتقيد حقا بالديمقراطية، ويعزز استقلالية القضاء والفصل بين السلطات وصلاحياتها، ويوفر إمكانية إنفاذ القانون على الجميع، منهج يصون حقا حقوق المواطنين ويحقق العدالة والمساواة .