قمعت قوات الأمن، صباح اليوم الثلاثاء بالقنابل الدخانية، المعلمين والتربويين وأصيب عدد منهم خلال ممارستهم حقهم الدستوري في الإضراب عن الدوام، والاحتجاج للمطالبة بحقوقهم المشروعة. فيما أقدمت جهات أمنية على حملة تفتيش عدد من المدارس، في اليومين الماضية، للاستفسار عن حضور وغياب الملاكات التربوية المساهمين في إضراب المعلمين، كذلك جرى اعتقال ناشطين منهم، فضلاً عن احتجاز ناشطين من حراك الموظفين في واسط. وإذ نعرب عن رفضنا الشديد لهذه الإجراءات البوليسية، نعدها محاولة لترهيب الكوادر التربوية ومنعهم من ممارسة حقهم الدستوري في الإضراب السلمي وتشكل انتهاكاً صارخاً للحريات العامة المكفولة دستوريا ولحقوق الإنسان. إن استخدام أساليب القمع والترهيب، لن يحل مشاكل آلاف المساهمين في هذه الفعاليات الاحتجاجية السلمية، ما يتطلب الاستماع إلى مطالبهم، وإيجاد الحلول المناسبة لها. إن استمرار أسلوب المماطلة والتسويف، سوف يزيد من السخط والاعتراض الشعبي، وقد يتحول إلى فعل جماهيري أوسع يصعب السيطرة عليه، وبالتالي فأن منظومة الحكم ونهجها الفاشل تتحمل مسؤولية ذلك، بعد فشلها في توفير العيش الكريم للمواطنين وغياب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة. يقف حزبنا الشيوعي العراقي مع المتظاهرين السلميين، ونتضامن مع مطالبهم المشروعة، وندعو إلى استمرار الضغط الشعبي من أجل نيل الحقوق.
يستذكر الحزب الشيوعي العراقي، باعتزاز وتقدير عاليين، تضحيات المواطنين الكرد الفيلية، وبالخصوص ممن تعرض إلى الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام الدكتاتوري البائد.
ونحيي في مناسبة يوم الشهيد الفيلي، صمودهم في حملة التهجير الممنهجة وما تعرضوا له من حجز ومصادرة الممتلكات وتغييب الشباب والتطهير العرقي التي ترتقي الى جريمة إبادة جماعية.
ونؤكد على أهمية استرجاع حقوق هؤلاء المواطنين المناضلين، وتعويضهم عما تعرضوا له من ظلم وسلب لحق المواطنة، وندعم تشريع القوانين التي تنصفهم جراء لما تعرضوا له من حيف واستبداد.
المجد والخلود لشهداء الكرد الفيلية وشهداء الحركة الوطنية العراقية
في الثلاثين من آذار عام ١٩٧٦ انتفضت الجماهير الفلسطينية، رافضة التهجير واستملاك الأراضي ومصادرتها وتهويدها.
وشكل ذلك اليوم لجماهير الأرض المحتلة عام ١٩٤٨، كما سائر الشعب الفلسطيني، نقطة تحول كبرى في رفض المشاريع الاستيطانية الصهيونية، ومصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد، وغدا "يوم الأرض" محطة تاريخية ومناسبة وطنية للتأكيد على التمسك بالأرض والهوية الوطنية الفلسطينية.
وما يزال "يوم الأرض" يحمل مغزاه ودلالته العميقة مع استمرار سياسة الاحتلال الصهيوني في التوسع الاستيطاني وهدم المنازل واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة من قبل القوات الصهيونية على وفق سياسة حكومة المجرم نتنياهو والدعم السافر من الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول المتواطئة مع جرائم الصهاينة.
في يوم الأرض نعلن من جديد موقفنا الداعم والمساند لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين على وفق قرار الأمم المتحدة رقم ١٩٤.
ليكن يوم الأرض حافزا للتأكيد على أهمية وحدة الصف الفلسطيني، وكذلك للمزيد من العمل التضامني الداعم لشعب فلسطين لوقف العدوان الهمجي، ورفض سياسة التهجير والتوطين من قطاع غزة وغيرها من أراضي فلسطين، والشروع بإعادة إعمار ما دمره جيش الاحتلال.
في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها شعب فلسطين، وما ترتكب ضده من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، ضمن مشروع فرض الواقع الجديد في الهيمنة على المنطقة، فان شعوبنا العربية وقواها الوطنية والديمقراطية والتقدمية والشيوعية، مطالبة اكثر من أي وقت مضى بالضغط والتحرك لإجبار دول التطبيع على قطع علاقاتها مع الكيان المسخ، واستخدام كل الإمكانات لوقف جرائم الصهاينة وتقديم مختلف أشكال الدعم والإسناد لسكان القطاع والضفة، وكذلك العمل على الصعيد الدولي لفرض المزيد من العزلة على الكيان المحتل ومحاكمة نتنياهو وحكومته كمجرمي حرب. كما يتوجب التعامل الجدي مع الدول الداعمة والمتماهية مع العدوان، بما يفرض التنفيذ الفوري لنداءات وقف العدوان وسريان مفعول قرارات الشرعية الدولية والاستجابة لحق شعب فلسطين في الوجود والحياة، وان تكون له دولته الوطنية المستقلة.
منذ فترة يشهد الوسط التعليمي والتربوي حراكا لتلبية عدد من المطالب التي تقدمت بها هذه الشريحة الواسعة من المعلمين والمدرسين والتربويين والتي تنهض بدور مهم وحيوي في سير العملية التربوية وتنشئة الأجيال. وفي هذا السياق سبق لنقابة المعلمين والتنسيقات ان تقدمت بعدد من المطالب الى الحكومة ومنها ما يخص توفير قطع أراضي لهم، وكذلك زيادة المخصصات المهنية وتحسين رواتبهم وتفعيل قانون حماية المعلم ومضاعفة الخدمة للعاملين في المناطق النائية والقرى والارياف لأغراض التقاعد واحتساب مخصصات الموقع الجغرافي لهم، وتثبيت عقود الذين يعملون بأجور يومية واحتسابها خدمة لهم وكذلك مدة العقد المجاني للمحاضرين المُعينين. والعمل أيضا على تنظيم شؤون التعليم الأهلي وتحسين جودته ووقف استغلال العاملين فيه وزيادة رواتبهم.
ولظروف عمل هذا الشريحة المجتمعية ومتطلبات العيش الكريم يعلن الحزب دعمه للمطالب المشروعة، ويدعو إلى الاستجابة لها وتوفير الغطاء القانوني والتشريعي والتخصيصات المالية لها.
اننا نجد في دعم هذه الشريحة واسناد مطالبها في تحسين ظروف عملها ومعيشتها التزاما وطنيا لدورها الأساسي في صناعة مستقبل البلاد ونهضتها، ونؤكد حقها الدستوري الكامل في الحراك والدفاع عن مطالبها بمختلف الاشكال السلمية والقانونية، واستنفاذ كل الوسائل المشروعة في الضغط على الحكومة ومختلف الجهات ذات العلاقة لتلبية هذه المطالب ووضع جدول زمني للتنفيذ يعلن ويجري الالتزام به، وان لا تبقى الوعود حبرا على ورق.
ونرى ان نقابة المعلمين والمعروفة بمواقفها وتبنيها لقضايا التربويين مطالبة هي الأخرى بالمزيد من الحراك واخذ المبادرات، وان تتفاعل مع مختلف اشكال الحراك بما يؤمن دورها الريادي في هذا الشأن.
تحلّ في الحادي والثلاثين من آذار الجاري الذكرى الحادية والتسعون لميلاد ربيع الحركة الوطنية، الحزب الشيوعي العراقي. ففي مثل هذا اليوم من عام 1934، اجتمعت مجموعة مقدامة واعية من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، رجالا ونساء، عربا وكردا وتركمانا وكلدوسريانا آشوريين، ومن سائر اطياف شعبنا الأخرى، ممن اتسقت احلامهم مع مباديء اليسار، ليؤسسوا الحزب ويرفعوا أهدافه مقابس تُذكي جمرة الكفاح، ويحرروا الوطن من الإستغلال والاستعمار والعبودية والتمييز، ويعبّدوا بالدماء الزكيات درب العراقيين نحو غدٍ زاهٍ، وليبقوا جيلاً بعد جيل، أوفياء لما عاهدوا الشعب عليه.
وعلى مدى تسعة عقود تتابعت وحتى يومنا هذا، واصل الحزب النضال لتحقيق شعاره العتيد "وطن حرّ وشعب سعيد"، جامعا بين الأهداف الوطنية العامة، المتمثلة في النضال لتحقيق الإستقلال الكامل وحماية السيادة وتحرير الثروات الوطنية وبناء النظام الديمقراطي واعلاء قيم المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية، والأهداف الطبقية المتمثلة في التصدي للجور والظلم، والدفاع عن حقوق العمال والشغيلة والحريات الديمقراطية والنقابية، وفي مقدمتها التوزيع العادل للثروة، والتعليم المجاني المتقدم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، وحماية وتعزيز الثقافة الوطنية وضمان تعدديتها، ولإنتزاع حقوق المرأة وحماية مكتسباتها وتمكينها من القيام بدورها في الميادين كافة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
واليوم والذكرى تمر، تواجه بلادنا أزماتٍ كبيرة وتحديات جمة، جراء الانسداد الذي انتهت اليه العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والأثنية، والتي أفضت الى تركز السلطات والثروات بيد أقلية (اوليغارشية) مكونة من فئات بيروقراطية وطفيلية وكومبرادورية. فخلال العقدين الماضيين، ترسخ الطابع الريعي للاقتصاد، وتفاقم التفاوت الاجتماعي والطبقي، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة والأمية. كما أدى نهج المحاصصة إلى ضعف الدولة وتراجع هيبتها واستشراء الفساد في مفاصلها، والى انتشار السلاح خارج اطار المؤسسات الدستورية والتضييق المتزايد على الحريات.
وقد توصل الحزب مبكرا ومنذ سنوات، إلى أن الأزمة البنيوية للمنظومة السياسية القائمة على المحاصصة، تجعل من التغيير الشامل لاقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ضرورة وطنية ملحة.
وتأتي التطورات الدولية وفي الجوار الإقليمي وما احدثته من تغييرات سياسية عميقة وفي موازين القوى، وما تحمل من مخاطر وتداعيات وتحديات، لتؤكد ضرورة احداث انعطاف وتغيير جوهريين، في نهج إدارة البلاد والمنظومة السياسية الحاكمة، المسؤولة عن الفشل في بناء الدولة والمؤسسات، وفي الحفاظ على المال العام وتوظيف موارده في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وقاعدة إنتاجية متنوعة، توفر العيش الكريم لشعبنا وتحول دون ارتهانه لتقلبات الأسواق العالمية وللفواعل السياسية والدولية الخارجية.
لهذا بادر الحزب الى التوجه نحو جميع القوى السياسية والمجتمعية، وكل الوطنيين والديمقراطيين، للحوار والعمل من اجل بلورة مشروع وطني للتغيير، يجتمع على أساسه وحوله أوسع طيف سياسي واجتماعي، ويمهد لعقد مؤتمر وطني واسع يتم الإعلان فيه عن المشروع، وليعبر المشاركون فيه عن إرادتهم الوطنية الموحدة، وعن عزمهم على العمل سوية من أجل تحقيق التغيير المنشود بالوسائل السلمية والديمقراطية.
وفي هذه المناسبة الوطنية يعبر الحزب عن ثقته بقدرات شعبنا النضالية والثورية الكامنة، ويدعو الساخطين والرافضين والمتضررين من منظومة المحاصصة المأزومة ونهجها الفاشل، الى نبذ السلبية وتصعيد الكفاح الجماهيري السلمي وتنميته، والى تخلي الأغلبية عن صمتها والمشاركة بنحو واسع في الإنتخابات التشريعية والمحلية، والعمل على تفعيلها لتغيير موازين القوى، ولكي تكون أداة من أدوات الخلاص، واحدى روافع التغيير والتصويت للعاملين من اجل مشروع التغيير الشامل، واسناده بأشكال نضالية متعددة. وارتباطا بذلك لابد من الحصول على بطاقة الناخب وتحديث السجل الانتخابي، ومواصلة العمل لضمان وجود منظومة انتخابية عادلة، وتوفير مستلزمات اجراء انتخابات حرة وعادلة ومتكافئة للجميع.
وإذ يستذكر حزبنا في هذه المناسبة قوافل الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكون في سبيل الشعب والوطن، وصانوا راية الحزب ورفعوها خفاقة في سماء العراق، فانه مفعم بالثقة التي لا تتزعزع بعزيمة رفيقاته ورفاقه، وبقدرتهم على مواصلة النضال وبذل كل الجهود، لتحقيق احلام العراقيين في العدل والتقدم والعيش الكريم.
واليوم أيضا وإذ يستقبل حزبنا عقده العاشر، ندرك جيدا أن الوفاء لإرثه النضالي الوطني والديمقراطي والطبقي المجيد، وتنميته وإغناءه في الظروف التاريخية الراهنة، بكل ما تحمله من إمكانات وفرص وتحديات، يتطلب مواصلة التجديد في عمل الحزب وأساليب عمله وفكره وخطابه، وفي الانفتاح على مختلف أوساط شعبنا وفئاته وشرائحه، خصوصا تلك المكتوية بنار الأزمات وتعاني من شظف العيش، وعامة شغيلة اليد والفكر منتجي الثروات والخيرات المادية وصانعي الثقافة وملهمي الابداع، ليبقى مدافعا صلبا عن مطالبهم وحقوقهم، وليعمل معهم على إنهاء ظلام منظومة المحاصصة والفساد، وبزوغ فجر عراق جديد، ديمقراطي اتحادي مزدهر.