يحتفل الشعب العراقي في هذه الأيام بالذكرى السادسة والستين لثورة 14 تموز الخالدة، الحدث السياسي الأبرز والأهم في مسيرة الشعب العراقي النضالية، نحو الحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
لم تكن ثورة (14) تموز حدثاً عابراً، أو رد فعل انتقامياً، أو إرادوياً، بل جاءت كضرورة موضوعية، وحاجة ملحة، املتها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهيمنة أقلية حاكمة مستبدة، ربطت العراق بالأحلاف العسكرية، وانتهجت سياسة معادية، ليس لشعبنا وحسب، بل ولمصالح شعوب المنطقة.
بيد ان الأحزاب الحاكمة والقوى المتنفذة اليوم هي الأخرى كشفت بوضوح عن نزعتها الطبقية والأيديولوجية في العداء للجمهورية، فهم كأقلية حاكمة - اوليغارشية متماهية مع ظاهرة الفساد قد بذلت منذ التغيير في ٢٠٠٣، محاولات حثيثة لالغاء قانون الاحوال الشخصية وغيره من القوانين، ومن بينها اعتبار يوم انضمام العراق الى عصبة الامم في ٣ تشرين الأول 1932، عيدا وطنيا، فيما الذي حصل هو ان العصبة قد انهت الانتداب شكلياً، مع بقاء الهيمنة البريطانية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فكان حدثاً لم يشغل ولو حيزاً صغيراً في ذاكرة المواطن العراقي على عكس يوم 14 تموز، الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة والمتآمرون عليها محوه من ذاكرة الشعب العراقي، فهو قد ارتبط بانتصار إرادة الجماهير، وبالإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة.
هناك من يحاول التشكيك بالمشروعية التاريخية للثورة، ويعتقد ان العراق كان ممكن ان ينمو ويتطور سلمياً ولو ببطء بدون ثورة 14 تموز، وهذا مجانب للحقيقة بصورة مطلقة، فالأقلية الحاكمة في العراق آنذاك باستبدادها وقمعها للمعارضة الوطنية وتزييف الانتخابات والتلاعب بنتائجها أغلقت الباب امام فرص التطور الديمقراطي السلمي وباتت تشكل حجر عثرة أمام التطورات المطلوبة موضوعياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
فعلى الصعيد الاقتصادي الاجتماعي، تعمق التفاوت الطبقي في كل من المدينة والريف، وقد اتخذ هذا التفاوت أبعاداً أوسع في الريف، فالظلم الذي أحاق بالفلاحين دفع مئات الألوف منهم الى ترك ديارهم، والهجرة إلى المدينة، حاملين اليها أوضاع المجتمع الريفي الفقير والمتخلف، وكان قد بلغ التفاوت بين ملكية الإقطاعيين للأراضي الزراعية وملكية الفلاحين حدّاً لا مثيل له في أي بلد في العالم، وان 3% فقط من مجموع مالكي الأراضي الزراعية كانوا يمتلكون ثلثيها في عام 1958، وكان هناك (8) ملاكين عراقيين بحوزة كل واحد منهم اكثر من (1,000,000) دونم.
أما القطاع الصناعي فقد حرم من أموال مجلس الإعمار بحجج واهية، وظلت الشركات الاحتكارية الأجنبية تحتكر معظم تجارة التصدير والاستيراد.
وعلى الصعيد السياسي مارست الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي سياسة الحديد والنار ضد التظاهرات السلمية، والمطالب الفلاحية، وارتكبت المجازر الدموية، وصادرت الحريات العامة والشخصية، وزجت المئات بل الآلاف من خيرة أبناء الشعب العراقي في السجون والمعتقلات مستخدمين معهم التعذيب ونزع الجنسية العراقية. كما نُفذت الإعدامات بعد محاكمات جائرة بحق العديد من المناضلين البواسل وفي طليعتهم قادة الحزب الشيوعي «فهد- حازم- صارم»، وعُلّقت جثامينهم الطاهرة في الساحات العامة، وراح الحكم الملكي يتآمر ضد الدول العربية، وسعت قياداته بكل قواها الى ربط العراق بالأحلاف العسكرية، فانضمت الى حلف بغداد، بعد بطشها بالشعب وقواه الوطنية، وبذلك فضحت نفسها اكثر فأكثر باعتبارها فئة عميلة للاستعمار.
وكان موقف العهد الملكي مخزياً من العدوان الثلاثي على مصر في 29 تشرين الثاني 1956، فاندلعت انتفاضة تشرين وتوجت بانتفاضة الحي الباسلة في نهاية العام.
ان ما حدث في تموز لم يكن انقلاباً عسكرياً كما يزعم خصومه بهدف نزع مشروعية الثورة التاريخية، فالانقلاب العسكري يقتصر على تغيير النخبة الحاكمة بالعنف وتبديلها بأخرى، أما دور الجماهير فيكون متفرجاً عموماً، بعكس الثورة التي تستهدف تغييراً جذرياً في العلاقات الطبقية للمجتمع، وتلعب الجماهير دوراً حاسماً في صنعها وتقرير مصيرها، وهذا ما حصل في ثورة 14 تموز المجيدة، حيث هذا التلاحم الرائع بين الجماهير الشعبية والقطعات العسكرية الثائرة، وما حصل أيضا قد مهّد لها سياسيا وحدة القوى الوطنية في جبهة الاتحاد الوطني.
لقد أطلقت الثورة الحريات العامة والنشاطات الحزبية، فأمكن خلال فترة قصيرة تحقيق أهداف ومكاسب هائلة لشغيلة المدن والريف ولعموم الشعب العراقي، وشرعت حكومة الثورة قوانين غاية في الأهمية، فبالإضافة الى قانون الأحوال الشخصية رقم (118) لسنة 1959، شرعت أيضا قانون الإصلاح الزراعي رقم (30) لسنة 1958، وقانون رقم (80) لسنة 1961 الذي حرر 99,5 في المائة من الأراضي النفطية، التي كانت الشركات الاحتكارية قد استولت عليها، وغيرها من القوانين التقدمية.
وكان أعداء العراق والديمقراطية، قد باشروا التآمر على الثورة والعمل على إسقاطها منذ الأيام الأولى لاندلاعها، وقد هيّأ الأرضية المناسبة لنجاحهم، تراجعُ قيادة الثورة أمام ضغط هذه القوى الرجعية بما يشبه الاستسلام وممارساتها الفردية والمناهضة للديمقراطية. وقاد ذلك الى انقلاب البعث الفاشي يوم شباط 1963، بدعم وتخطيط وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ليدخل العراق في نفق هو الأشد ظلاماً من كل الفترات السابقة، وكان بداية لتدمير العراق شعباً ووطناً وحضارة، وصولاً الى النظام الدكتاتوري الفاشي المقبور، وما جرّه على العراق من دمار وخراب استثنائيين.
ومنذ سقوط هذا النظام بالحرب والاحتلال الأمريكي في 2003، وتسلّم الأحزاب المتنفذة الحكم، وهي تسعى لتغييب ذاكرة الشعب العراقي، والغاء ذكرى ثورة (14) تموز الخالدة، لانها بالضد من اجندتهم السياسية والطائفية فهم لا يريدون للشعب العراقي ان يقارن بين نزاهة قادة الثورة ولصوصيتهم مع حاشيتهم ونهبهم لثروات العراق، لأن ذلك من شأنه ان يرفع من وعي الجماهير ويشجعها على التمرد ومعارضة منظومة المحاصصة والفساد والسعي للخلاص منها. كما يريدون تمييع الوحدة الوطنية التي جاءت بها الثورة حتى يبقى لهم منفذ لممارسة افكارهم الطائفية والرجعية، وما انتجته من محاصصة مقيتة وفساد صار مؤسسة وآفة وعقبة كأداء، وقد حقق لهم مجلس النواب مبتغاهم فألغى يوم (14) تموز من قائمة الأعياد الرسمية، وهو الأحق والأهم بتسمية العيد والاحتفال به.
لكن ما فعله هؤلاء لن يغير من الواقع شيئاً، لان وجدان وضمائر العراقيين ما زالت تحتفظ بكل اعتزاز ومحبة لثورة (14) تموز التي نقلت العراق من التخلف والقمع والسير بعكس التاريخ الى عصر التنوير والحداثة، وفتحت امامه آفاق التطور والتقدم والعيش الكريم، وهذا ما سوف يتحقق طال الزمن أم قصر، بفضل نضال الجماهير المكتوية بتداعيات الأزمة العامة على مختلف الصعد. وفي طليعة الجماهير ستكون القوى المدنية والديمقراطية والشيوعيون وهم يسعون الى تجميع وتوحيد الطاقات والإمكانات الوطنية المخلصة وتغيير ميزان القوى لصالح مشروعهم الوطني الديمقراطي، وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
مجداً خالداً لثورة (14) تموز المجيدة.
وعطاءً ثراً للجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية فيها وفي إنجازاتها.
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومي ٤ – ٥ تموز ٢٠٢٤ في بغداد اجتماعها الاعتيادي الكامل.
بدأ الاجتماع أعماله بالوقوف دقيقة صمت تكريماً للرفاق والأصدقاء الذين رحلوا عنا خلال الفترة الماضية، واكراماً للشهداء والضحايا من ابناء شعبنا الفلسطيني. كما استذكر المجتمعون باعتزاز حركة الشهيد حسن سريع ورفاقه في انتفاضة 3 تموز 1963 الباسلة، مشيدا بما اجترحوا من مآثر وقدموا من تضحيات جسام.
ناقش الاجتماع، باستفاضة، التطورات الجارية في العراق والمنطقة، وانعكاساتها على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد المجتمعون، أن بلدنا يواجه أزماتٍ وصعوبات تتعقد مع مرور الوقت، وأن القوى السياسية الماسكة بالحكم والمهيمنة عليه تُظهر عجزاً واضحاً في تقديم الحلول والمعالجات الجذرية، نتيجة تشبثها بمنهج فاشل في إدارة الدولة ومؤسساتها- منهج المحاصصة سيئ الصيت، الذي تُقسّم وفقه السلطة والثروة بين اقلية حاكمة – أولغارشية، موغلة بالفساد، تستميت للحفاظ على سلطتها السياسية ومصالحها ونفوذها بأثمانٍ باهظة يدفعها العراقيون، على اختلاف انتماءاتهم. هذا الفشل المتراكم أدى إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتسيّد المصالح الضيقة، وتماهي الحدود بين السلطات، على حساب إنفاذ القانون والدستور، الذي صار يُفسر وفق أهواء سياسية واضحة.
ودرس الاجتماع التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لقوى السلطة، تلك التوجهات، التي بدأت تظهر نتائجها المتوقعة سريعا، ومنها اتساع الفرز الطبقي والاجتماعي، والنمو المتسارع للعلاقات الرأسمالية، في ظل تطور رأسمالي تابع ومشوّه واقتصاد سوق منفلت، وتكريس هيمنة الأقلية الحاكمة على الحياة الاقتصادية وتحكمها بثروات البلاد، في مقابل أغلبية ساحقة منهكة من ظروف المعيشة البائسة والفقر والبطالة، جراء تداعيات الأزمات وسوء الخدمات الأساسية. ويتضح ذلك بشكل جلي في الميل الى رفع يد الدولة عن قطاعات أساسية وإطلاق العنان للخصخصة، ووقف الدعم للعديد من المجالات الخدمية والإنتاجية.
وأكد الاجتماع أن مظاهر تفشي الفساد والسلاح المنفلت، التي رافقت منهج المحاصصة، صارت تتنامى بشكل خطر، وتتمدد على حساب الدولة والقانون، وتأخذ اشكالا وصيغا مختلفة بعدما تفشت في مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، ووجدت للأسف طريقها الى المجتمع.
واعتبر المجتمعون أن التصدي لتلك الظواهر التي تهدد بناء الدولة، يحتاج الى حملة وطنية شاملة. وبدءا يتوجب الاّ تُسيّس أية إجراءات لملاحقتها، وان لا تعرقل تحت اية ذريعة، وان يلاحق الفاسدون، أيا كانت قومياتهم وطوائفهم واديانهم وتوجهاتهم السياسية ومواقعهم السياسية والوظيفية في الدولة. وان التصدي الناجع للظاهرة يتطلب التوقف عند عوامل وأسباب انتشارها وتفشيها، وتعرية من يقف وراءها ويديمها، وهو ما يوجب ان تكون له الأولوية من اجل الحد منها وإنقاذ بلدنا من هذه الآفة.
ورأى الاجتماع ان أحد تداعيات الفساد المتنامي قد تجلى في أزمة الكهرباء، التي صارت مفتوحة بلا حدود زمنية، في ظل النكوص عن كل الوعود الحكومية السابقة والحالية. ويؤكد حزبنا الشيوعي أن حل هذه الأزمة ليس مستحيلاً، إنما يتطلب إرادة سياسية حقيقية تنظر إلى معاناة الشعب قبل الاستعراض الإعلامي ومحاولة الكسب السياسي من قبل المسؤولين. كما أن جميع الحلول ستظل معلقة ويصعب تنفيذها إذا استمرت قوى المحاصصة ومافيات الفساد في إدامة هذه الأزمة، مراعاةً لمصالحها ومصالح رعاتها الخارجيين ولزيادة سرقاتها.
وتوقف الاجتماع مليّاً، عند الإجراءات والقرارات والتشريعات التي تُضيّق على الحريات العامة وحق التعبير عن الآراء والمواقف السياسية والفكرية وغيرها من الحقوق والحريات التي نصّ عليها الدستور. كذلك تقييد مجالات عمل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية. وحذر المجتمعون من خطورة استمرار تلك الممارسات الممنهجة على أفق بناء الديمقراطية في العراق واستقرار البلد ورفاه الشعب، معبرين عن ادانتهم لجميع الممارسات القمعية، خاصة تلك التي تستهدف التجمعات الاحتجاجية والمطلبية في مختلف مدن البلاد.
ودعا الاجتماع جميع القوى المؤمنة بالعمل من اجل الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، إلى التضامن والتكاتف من أجل إيقاف الهجوم على مساحة الحريات التي تضيق يوماً بعد آخر.
وأشّر الاجتماع تصاعداً في مستوى التدخلات الخارجية من دون مواقف جادة لحفظ استقلال البلد وسيادته وقراره الوطني المستقل، وبقاء الحديث عن اخراج كافة القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي العراقية، مجرد شعارات تطرح للضغط على هذا الطرف وذاك.
وشدد اجتماع اللجنة المركزية، على أن حقيقة الأوضاع السلبية الراهنة تحفز باستمرار عناصر الرفض والمعارضة، والتي وإن تكاد لا تُذكر في مجلس النواب حاليا بفعل تركيبته الراهنة والتخادم المحاصصاتي فيه، فإنها تبقى ماثلة في المجتمع، تكبر وتتسع وتظل بحاجة الى تعاون وتنسيق ووضوح في المنهج والرؤى والاهداف، وصولا الى بناء اصطفاف واسع، جماهيري وسياسي من مختلف القوى والشخصيات الوطنية، الحريصة على إنقاذ الوطن ودحر منهج المحاصصة والطائفية والفساد، وفرض إرادة التغيير والسير الى امام، نحو بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقّة والعدالة الاجتماعية.
كما توقف الاجتماع عند قرار مجلس النواب الشهر الماضي بالمصادقة على قانون العطلات الرسمية الذي قدمت الحكومة مشروعه، وعدم إدراج ثورة 14 تموز 1958 المجيدة ضمنها وتجاهل هذا اليوم الوطني الكبير، وهو ما لاقى غضبا واستنكارا واسعين في اوساط شعبنا وقواه الوطنية.
وأكد المجتمعون، ضرورة الضغط والعمل بمختلف الاشكال الجماهيرية والقانونية والدستورية لتصحيح هذا الخطأ المجحف لتظل هذه الثورة مثلا ملهما لتحقيق المنجزات الحقيقية لشعبنا، لعماله وفلاحيه وكادحيه، ومختلف فئاته وأطيافه.
ودعا الاجتماع إلى إحياء ذكرى هذه الثورة المجيدة التي تحل بعد أيام، بفعاليات كبيرة ومتنوعة لتبقى راسخة في ضمير ووجدان ملايين العراقيين.
وأكد المجتمعون، أن الحزب الشيوعي لا ينتقد مظاهر الأزمة العامة في البلد وتفرعاتها، بل هو ايضاً يقدم المقترحات لمعالجتها والحد من تداعياتها على المواطنين، في بياناته الرسمية والدراسات التي يقدمها عبر صحافته والوسائل الإعلامية المتاحة.
وفي شأن التطورات الإقليمية والدولية، أكدت قيادة الحزب الشيوعي العراقي الموقف الثابت من القضية الفلسطينية، وجددت تضامن الشيوعيين العراقيين مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل وتصديه البطولي لعدوان الاحتلال الصهيوني الغاشم، ومن اجل نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته الوطنية المستقلة على ارضه وعاصمتها القدس.
وحيّا الحزب الموقف الشجاع لجنوب افريقيا والدعوى التي قدمتها الى محكمة العدل الدولية، مشددا على ضرورة تنفيذ قرارات المحكمة لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
كما جدّد الاجتماع تضامن ودعم الحزب الشيوعي العراقي للحزب الشيوعي والوطنيين والديمقراطيين في السودان، مؤكدا وقوفه الثابت معهم من أجل بديل مدني ديمقراطي، وحكم يمثل إرادة الشعب في السلام والديمقراطية الحقة والحياة الحرة الكريمة. كما جدد موقفه المعلن من الحرب الروسية – الأوكرانية والمطالبة بوقفها فورا، والعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات.
وعلى صعيد النشاط الحزبي، تداول المجتمعون تقارير ضافية عن عمل الحزب وأداء هيئاته القيادية ولجان الاختصاص ومحليات الحزب ونشاط منظماته في داخل الوطن وخارجه.
وناقش الاجتماع ما تحقق خلال الفترة الماضية، وأوْلى اهتماما كبيرا لتحسين العمل القيادي والارتقاء به على مختلف المستويات، والتوجه المبرمج والمخطط لمعالجة الثغرات والنواقص، وتكثيف العمل لبناء منظمات حزبية فاعلة ومتماسكة، ولصيقة بالجماهير وهمومها، ومؤهلة للدفاع عن مصالحها وحقوقها ودعم نضالاتها المطلبية والاحتجاجية.
واتخذ الاجتماع جملة من القرارات التي من شأنها الارتقاء بعمل الحزب ودوره في الحياة السياسية، وتقوية التنظيم الحزبي ونشاطه ومبادراته على الصعيد الجماهيري، وتبني مطالب المواطنين وتعبئتهم للدفاع عنها، وايلاء اهتمام خاص للنضال من اجل حقوق المرأة، وانهاء كل اشكال العنف والتمييز ضدها.
ودرست اللجنة المركزية تقريرا مفصلا عن الوضع الإداري والمالي للحزب، وأكدت ضرورة بذل الجهود وإطلاق مختلف المبادرات والفعاليات لدعم ماليته. وفي هذا الشأن جرى تثمين المساهمات والتبرعات السخية للرفاق والأصدقاء والمواطنين دعما لحملة الحزب الوطنية الرامية إلى بناء مقره المركزي في بغداد. وأقرالاجتماع إطلاق الحملة الثانية من جمع التبرعات وصولا إلى اكتمال بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
وختم الاجتماع الذي دام يومين، بالتأكيد على دور الحزب الشيوعي في الدفاع عن مصالح العمال والكادحين والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر، مع التشديد على دور الشباب والنساء ومساهمتهم الفعالة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية في عراق حر مزدهر، كامل السيادة ويمتلك قراره الوطني المستقل.
تمر الذكرى الاليمة لاستشهاد القائد الشيوعي فرج الله الحلو، وما احوجنا لتك المعاني والدلالات للشهادة في ظرفنا الحالي التي تعبر عن روح الفداء والتضحية ونكران الذات والوفاء لقضية حزبه الشيوعي وشعبه وطبقته العاملة ولكل الكادحين..
ان استذكار هذا اليوم يعبر عن روح التفاني والالتزام منذ اللحظات الاولى التي تلمس الشهيد الحلو فيها طريقه الى الحزب ولاول مهمة له في بناء اول خلية حزبية في مسقط رأسه في منطقة (جبيل)، وليستمر في العمل في المناطق الريفية في سوريا ولبنان، وليتحول الى قائد عمالي في اضرابات عمال دمشق والتي تعرض حينها الى الاعتقال من قبل قوات الانتداب الفرنسي، ليخرج مرفوع الرأس ويواصل نضاله الوطني ضد الاستعمار ومن اجل الاستقلال والسيادة، وليواجه الجلادين والطغاة ومحاكم الاستعمار دفاعا عن الوطن وعن افكاره، وليهاجم الفاشية والرأسمالية. ولم تكن صدفة ان يلتقى مع رفيقه نقولا شاوي والاخرين في سجون القلعة والرمل وبعبدا وبيت الدين اللبنانية، ليرسموا معالم الطريق للثوريين في الاجيال التالية في الصمود والتحدي للمستعمر والرجعية والاستبداد.
رغم المضايقات والمطارادات من الانظمة القمعية يمضي الرفيق المناضل الحلو في سفره النضالي، الى ان وصل الحقد الدفين للفاشست والرجعيين ضد الحزب وقائده الفذ فرج الله الحلو ان يكون ضحية لممارساتهم القذرة واللاانسانية في استخدامهم مادة الاسيد في تذويب جسده الفولاذي، متوهمين ان تلك الاساليب سوف تقضي على فكر وبطولة الحلو، متناسين ان ذرات ذلك الجسد قد انبتت شيوعية في لبنان والعالم، وليتحول الحلو الى ايقونة يتغنى بها الشيوعيون والثوريون في البلدان العربية والعالم ومنها العراق عندما صدحت حناجر شيوعي شيوعيو العراق واحراره في أغنية بصوت المغني العراقي الراحل فؤاد سالم ومعه الراحلة شوقية العطار، نشيداً خالداً لفرج الله الحلو كانت كلماته المعنونة بـ”يا رفاق الفكر”، تقول:
«يا رفاق الفكر والدم ناضلو
إحنا وانتو بدرب فرج الله الحلو
ونبقى نرفع للأبد فكر فرج الله وفهد
فكر كل الكادحين
فكر كل الثائرين
ونبقى وياكم نردد صوت فرج الله الحلو».
ظل الشهيد فرج الله الحلو متمسكا بنهجه الثوري مكرسا جل حياته من اجل قضايا الوطن والطبقة العاملة والكادحين.. كان يمتلك موقفا نقديا موضوعيا ثوريا، وعمل على ربط بناء التنظيم بتطبيق مواقف الحزب، بالقضايا الوطنية والقومية ومنها حقوق الشعب الفلسطيني، في الحرية والتحرر والتخلص من الاستعمار والصهيونية.
اعزائنا الحضور.. أن دروس الشهادة والتضحية تمنحنا القوة والعزيمة على مواصلة الدرب في مواجهة الأنظمة الطائفية والفاسدة في لبنان بالعراق وتضع امامنا مهمة بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية..
تبقى تلك القامات الشامخة للشهداء فرج الله الحلو، ويوسف سلمان يوسف «فهد»، وعبد الخالق محجوب وغيرهم، مثل النخيل الباسقات والشاهقات، تنير الطريق للاجيال رمزا في العمل والنضال والتضحية والبطولة من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة والاشتراكية..
المجد للشهيد فرج الله الحلو وشهداء الحركة الشيوعية في البلدان العربية والعالم.
والخزي والعار للقتلة والطغاة والمستبدين..
كل التضامن مع الشعب الفلسطيني في موجهة العدوان الاسرائيلي الصهيوني، وحقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس..
تحية وتضامن مع الشعب الياباني ومقاومته الوطنية في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية السافرة على لبنان...
عاش التضامن الاممي...
ـــــــــــــــ
القى الكلمة الرفيق بسام محي نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي خلال مشاركته في فعالية استذكار الشهيد الرفيق فرج الله الحلو، التي اقامها الحزب الشيوعي اللبناني.
تأكيداً على الالتزام بالدستور العراقي الذي نص في الباب الأول، المادة الأولى، على أن «جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي»، تدعو اللجنة الوطنية لتخليد ذكرى ثورة 14 تموز، أبناء الشعب العراقي وقواه الوطنية ومنظماته واتحاداته المهنية والثقافية، إلى إحياء ذكرى تأسيس الجمهورية العراقية في صبيحة يوم ثورة 14 تموز، والتي ستحل علينا بعد أيام، والتمسك بهذا اليوم بوصفه عطلة رسمية وعيداً وطنياً لتأسيس الجمهورية العراقية، تعبيراً عن رفض الخرق الدستوري الذي ارتكبته الحكومة والبرلمان بحذف ذكرى تأسيس الجمهورية من قانون العطل الرسمية.
إن إحياء هذه المناسبة هو وفاء لملايين الآباء والأجداد الذين خرجوا يوم 14 تموز 1958 في جميع محافظات العراق وبمختلف شرائحهم وانتماءاتهم مؤيدين لهذه الثورة وإعلان تأسيس الجمهورية التي حققت لهم مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية. والدعوة مفتوحة لأبناء الشعب العراقي والشخصيات الوطنية والنخب العراقية للانخراط في هذا الجهد الوطني. وستعلن اللجنة لاحقاً عن مفردات فعاليات إحياء هذه المناسبة المجيدة.
انعقد المجلس الاستشاري للحزب الشيوعي العراقي، في بغداد، يوم الجمعة 28 حزيران 2024 بحضور أعضاء اللجنة المركزية للحزب ولجنة الرقابة المركزية وسكرتاريي اللجان المحلية لمنظمات الحزب، ومسؤولي المختصات المركزية، بالإضافة إلى عدد من كوادر الحزب.
بدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت تكريما لشهيدات وشهداء الحزب والحركة الوطنية من أبناء شعبنا.
وتناول المجلس آخر المستجدات في أوضاع البلاد وفي الأحوال المعيشية لشعبنا المكتوي بالأزمات الملازمة لنهج منظومة الحكم، والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وناقش أوضاع الحزب التنظيمية، ودور منظماته في المرحلة الراهنة.
ففي الوضع السياسي، أكد الاجتماع أن البلد يمر في ظروف صعبة ومعقدة للغاية، في ظل استمرار القوى المتنفذة الحاكمة على نهج المحاصصة الطائفية وما يقترن به من فساد وصراع ما بينها على السلطة ومغنمها، ومحاولتها لحصر مزيد من مفاصل السلطة والثروة في قبضتها، من خلال استغلال نفوذها وسيطرتها على جميع المواقع في الدولة، وكذلك عبر تشريع القوانين التي تصب في مصلحتها وفي مقدمتها قانون الانتخابات، وهي تسعى الآن إلى فرض هيمنتها من خلال تعديل او تشريع القوانين المعنية بالحقوق والحريات المدنية الديمقراطية.
وأشر المجلس ان ما تشهده بلادنا من فعاليات احتجاجية واسعة ومتنوعة المطالب، يأتي كرد فعل على عدم تنفيذ الحكومة الاتحادية العديد من وعودها والتزاماتها البرنامجية الأساسية، وعدم تقديم معالجات حقيقية لتردي الخدمات العامة، وانغمار مجالس المحافظات كالسابق، في الصراعات من أجل تقاسم المواقع والتخادمات النفعية التي تسببت في الرفض الواسع لها، فيما يواصل المحافظون إحكام سيطرتهم وإشغال المناصب التنفيذية من قبل مريديهم ومن منتسبي وأنصار الأحزاب التي تدعمهم وفق مقتضيات المحاصصة. فيما يغيب دور مجلس النواب الرقابي وعمله التشريعي شبه المعطل عمليا. وقد أدت هذه العوامل إلى ازدياد معاناة اوساط واسعة من شعبنا، وخصوصا ذوي الدخل المحدود والكادحين والباحثين عن عمل وأهالي الأحياء الشعبية.
إن هذه العوامل مجتمعة مع وفي انعدام الرؤية الإستراتيجية لبناء الدولة وسوء إدارة مؤسساتها، أدّت إلى اشتداد الأزمات والعجز المتعاظم عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم للمواطنين، والتدهور المستمر في تقديم الخدمات، لا سيمأ تأمين الكهرباء والماء، وارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين الشباب.
وبخصوص أزمة توفير الكهرباء، أكد الاجتماع أن القوى المتنفذة الحاكمة مسؤولة عن فقدان الأموال الكبيرة المخصصة لقطاع الكهرباء، فضلاً عن تأكيده على أهمية الحراك الاحتجاجي المطلبي والسلمي، للضغط من أجل توفيره، مشدداً على أن الأزمة لن تحل بدون تغيير حقيقي وجاد في المنظومة السياسية الحاكمة.
وأكد المجلس دعمه للشرائح الواسعة التي تخرج في ساحات الاحتجاج، ووقوفه مع مطالبهم العادلة ومساندة الحزب لهم من أجل تحقيقها، كما رفض المجلس الممارسات القمعية التي يتعرض لها المحتجون في مختلف الساحات، وتوجه إلى منظمات حزبنا والقوى المدنية والديمقراطية حاملة شعار التغيير بضرورة دعم الحركة الاحتجاجية ورفع الشعارات التي تصب في مصلحتها.
وتوقف الاجتماع عند الأوضاع الاجتماعية والظروف المعيشية الصعبة وناقشها بعمق، وأشر تعمق الفجوة بين حفنة قليلة من المستفيدين من السلطة وامتيازاتها التي أصبحت فاحشة الثراء تستأثر بالمشاريع بفضل الفساد المستشري وعدم المحاسبة، وغالبية من المواطنين يئنون من معاناتهم من ظروف معيشية بالغة الصعوبة، مع التأكيد على ضرورة توفير الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي ينص عليها الدستور والكفيلة بتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية الغائبة حاليا.
وجدد الاجتماع تمسكه بمشروع التغيير الشامل الرامي إلى الخلاص من منظومة المحاصصة الطائفية، ويأتي ذلك عبر انفتاح الحزب وتعاونه مع جميع القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية التي تحمل برامج التغيير والراغبة فيه، وتشكيل تحالفات سياسية وانتخابية واسعة، تستطيع تحقيق اختراقات في الوضع العام، مع التشديد على أهمية ودور الاحتجاج السلمي وتوسيع دائرته وتطوير مطالبه وتنويع أساليبه وصولاً إلى تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وفي الجانب التنظيمي، درس الاجتماع التقرير التنظيمي المقدم إلى الاجتماع، وبروح نقدية شيوعية توقف عند أبرز محطاته، كذلك تطرق الاجتماع إلى أهمية تعزيز دور الحزب ورفع مستوى أداء منظماته ورفاقه واستمرار حضوره في الحياة السياسية والاجتماعية، فضلاً عن الاستمرار في مد الجسور والتواصل مع الجماهير، وتعزيز نشاطه بينها وتمتين صلاته بها وتبني مطالبها العادلة والدفاع عنها.
كما درس الاجتماع التهيئة والتحضير لإحياء ذكرى ثورة 14 تموز المجيدة، والتوجه إلى إجراء الانتخابات الحزبية المقبلة، وأهمية هذا التقليد النضالي في صفوف الحزب، كذلك شدد على دعم رفيقاته ورفاقه الشباب والكوادر للتصدي للمهمات الحزبية القيادية، بما يؤدي إلى دور أكبر له بين الجماهير.