تواجه المالية العامة للدولة ضغوطاً متزايدة مع اقتراب النصف الثاني من عام 2025، في ظل تراجع متواصل في أسعار النفط مع التطورات المستمرة التي يشهدها هذا القطاع.
والى جانب ذلك، يُرجح أن تمر السنة الحالية بلا موازنة، ولا حسابات ختامية كالعادة، وسط مخاوف من أن تؤدي الضغوط السياسية والمالية إلى تفاقم العجز وتآكل القدرة على تمويل الإنفاقين التشغيلي والاستثماري.
ويخشى خبراء اقتصاديون من أزمة مالية حادة، قد تدفع البلاد إلى مزيد من الاقتراض، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار الموازنة الاتحادية.
عجز الموازنة لا يهدد الدين العام
وطبقا لوزيرة المالية طيف سامي، فإن الاقتصاد العراقي حقق نموًا بنسبة 5 في المائة في الناتج المحلي غير النفطي خلال عام 2024، متوقعة استمرار هذا الاتجاه التصاعدي خلال عام 2025، رغم التحديات المالية التي تواجهها البلاد.
وذكرت سامي أن "العجز المالي بلغ 5 تريليونات دينار في عام 2024، أي ما يعادل 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بعد استبعاد تسديدات الديون والمستحقات المتأخرة للمشاريع الاستثمارية وقطاع الطاقة".
وعدت هذا المستوى من العجز "منخفضًا، ولا يشكّل تهديدًا".
وكتب الرفيق رائد فهمي على موقعه في الفيسبوك: "فيما يرسم الخطاب الرسمي ومروجوه صورة زاهية عن الاوضاع، يواجه البلد ازمة مالية متزايدة الشدة مع انخفاض اسعار النفط وتضخم الانفاق الحكومي. سد العجز يعني حكما ارتفاع المديونية واجراءات تقشفية ستفاقم الصعوبات المعيشية. الحكومة مطالبة بالشفافية ومصارحة الشعب".
انفاق غير منضبط
واتساقاً مع ما ذهب اليه الرفيق فهمي، قال عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، أن السياسة المالية المعتمدة في إدارة الموازنة الثلاثية أدت إلى دخول العراق في "عجز حقيقي"، نتيجة تراكم مجموعة من العوامل، من بينها تأخر الإنفاق، تراجع أسعار النفط، وعودة آلاف المشاريع المتوقفة.
وقال كوجر أن "العجز المخطط في موازنة عام 2023، والذي بلغ 64 تريليون دينار، لم يتحقق فعليًا بسبب ضعف الصرف، إذ إن بعض المحافظات صرفت فقط بين 38% إلى 70% من مخصصاتها"، مضيفًا أن "العجز المخطط كان يتحول سابقًا إلى وفرة تُرحّل إلى السنوات التالية".
وأشار إلى أن "الموازنة الثلاثية غيّرت هذا النمط، حيث امتد الإنفاق إلى سنوات لاحقة"، موضحًا أن "موازنة 2023 تُصرف في 2023 و2024 وحتى 2025، بينما تصرف موازنة 2024 و2025 تباعًا في سنواتها المحددة، وهو ما فتح الباب أمام الإنفاق غير المنضبط".
وبيّن كوجر أن "الحكومة اضطرت إلى سحب الأمانات لتغطية الإنفاق"، مشيرًا إلى أن "أكثر من 11 تريليون دينار من موازنة 2024 صُرفت لتغطية التزامات مشاريع موازنة 2023".
ونبه إلى أن "الوضع المالي تفاقم بسبب استمرار الفساد المالي، واعتماد الدولة على النفط كمورد شبه وحيد، إلى جانب انخفاض الأسعار، وتفعيل أكثر من 6 آلاف مشروع مجمّد من الأعوام السابقة".
ولفت إلى أن "هذه العوامل، إضافة إلى العقوبات المفروضة على المصارف وبعض الإجراءات الضريبية، تسببت في أزمة سيولة خانقة أدخلت العراق في أزمة مالية مركبة".
الوضع نحو الأسوأ
وحذر الخبير الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي من تدهور الوضع المالي في العراق، خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن ينخفض سعر النفط إلى حدود 50 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع القادم، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.
وقال المرسومي لـ"طريق الشعب" أن العراق "رغم تحقيقه إيرادات نفطية تجاوزت 30 تريليون دينار خلال الربع الأول من عام 2025، بمتوسط سعر للبرميل بلغ نحو 72 دولارًا، إلا أنه اضطر إلى طرح سندات مالية بقيمة تزيد عن 7 تريليونات دينار، واستخدم أكثر من 3 تريليونات دينار من الأمانات الضريبية لتغطية رواتب الموظفين".
وأضاف أن "هذا الإنفاق المرتفع، في ظل التراجع المستمر في أسعار النفط، ينذر بأزمة أعمق، لاسيما إذا ما واصل سعر البرميل الانخفاض نحو الخمسينات كما يُتوقع خلال الأيام المقبلة".
وزاد بالقول أن ما يشهده قطاع النفط من تطورات متسارعة سيؤدي الى انخفاض الأسعار بعد قرار رفع الانتاج وزيادة المعروض في السوق، الامر الذي يُفاقم عجز الموازنة الاتحادية لعام 2025، مشيرًا إلى أن “رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية لوحدها فقط تستهلك نحو 71 في المائة من الإنفاق التشغيلي".
أزمة كبيرة
وتعقيبا على حديث وزيرة المالية بشأن السيطرة على العجز، عدّ الخبير الاقتصادي صالح الهماشي هذه الطروحات "غير دقيقة"، مشيرًا إلى أن العجز قد يصل إلى ما بين 35 إلى 40 في المائة من حجم الموازنة، والتي تبلغ نحو 170 تريليون دينار.
وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، أن الحديث عن أن "العجز طبيعي ولا يؤثر على الدين العام غير دقيق، فعندما يتجاوز العجز 10 في المائة، تبدأ التداعيات بالظهور. ومع بلوغه مستويات أعلى، كـ30 في المائة مثلًا، فإن ذلك سينعكس على الدين الداخلي عبر أدوات مثل السندات، التي تُعد شكلاً من أشكال الدين العام”.
وحذر من ان العراق "يواجه أزمة حقيقية في الإيرادات نتيجة تراجع أسعار النفط، ما سيؤثر بشكل مباشر على إعداد موازنة عام 2025، متوقعًا أن لا تُقرّ الموازنة أصلاً في ظل هذه الظروف".
وأوضح أن "الموازنات العراقية بُنيت على أساس سعر 70 دولارًا للبرميل، ومع انخفاض الأسعار إلى مستويات تتراوح بين 50 و60 دولارًا، فإن العجز سيزداد بشكل كبير، في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى تمويل متزايد لتغطية نفقات الخدمات والمشاريع المتوقفة أو المتعثرة".
وأشار الهماشي إلى أن "انخفاض أسعار النفط بنسبة 30 في المائة، سيفرض على العراق خيارات صعبة، من بينها اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي".
وأكد أن هذا التوجه "سيلقي بظلاله السلبية على مشاريع التنمية والبنية التحتية، بل وحتى على الميزانية التشغيلية"، مبيناً انه "إذا ما استقرت أسعار النفط عند حدود 50 دولارًا للبرميل، فإن العراق سيكون أمام أزمة مالية حادة تؤثر على قدرته على تلبية الاحتياجات الأساسية، سواء التشغيلية أم الاستثمارية”.
وواصل القول إن العراق سيدخل النصف الثاني من العام الحالي من دون ان تُقر موازنة 2025 حتى الآن، مرجحًا أن يتم تجاوزها والبدء بالإعداد لموازنة 2026.
واتم حديثه بالإشارة الى انه "إذا أُقرت الموازنة في هذا التوقيت، فستكون مدفوعة بضغوط سياسية وانتخابية، وهذا سيرفع العجز بشكل أكبر، لا سيما إذا تم احتساب سعر برميل النفط بـ55 دولارًا أو أقل”.
تستغل القوى السياسية المتنفذة، عادة، ملفات الفساد في عملية التخادم في ما بينها؛ فهي بدلاً من أن تقدمها الى القضاء تلوّح بها في وسائل الاعلام، لتبعث إشارات الى الطرف الآخر المقصود: مواجهة الفضائح أو دعم المصالح الحزبية!
وأثار، أخيرا، تصريح لرئيس مجلس النواب محمود المشهداني، في لقاء تلفزيوني، استياء الشارع والمراقبين للشأن السياسي، بسبب حديثه عن "ملف فساد"، يهدد "بانهيار النظام" اذا ما تم كشفه. الامر الذي أثار موجة انتقادات حادة، فضلا عن تساؤلات حول الجدوى من نظام سياسي تتحدث فيه السلطة التنفيذية عن إعادة الثقة للمواطن، بينما تخفي سلطته التشريعية ملفات فساد كبرى.
لم يكن تصريح السيد المشهداني الأول من نوعه، إذ سبقه قيادات سياسية من الصف الأول، بالحديث عن ملفات فساد كبيرة قد تطيح بالنظام في حال كشفها، فيما يحذر آخرون من محاسبة الفاسدين "الكبار" لأن ذلك يشكل "نقطة شروع لانهيار النظام السياسي، وبالتالي يجب الابتعاد عن الخوض فيها".
وفي تصريح للخبير القانوني علي التميمي، قال ان المادة 245 من قانون العقوبات العراقي عاقبت بالحبس لمدة تصل إلى السنة عن أحجام الموظف عن الابلاغ عن الجريمة التي يعرفها. كما عاقبت المادة 247 من قانون العقوبات العراقي ايضا بالحبس اي تصل إلى الخمس سنوات على من يمتنع عن الاخبار عن الجرائم وكان واجبه يلزمه بذلك.
حراسة الفاسدين وحمايتهم!
وقال الرفيق حسين النجار عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ان "هذه المنظومة السياسية الطائفية والفاسدة تعجز حتى عن حماية نفسها من المحاسبة، لذلك هي تحرص على التستر على ملفات الفساد وطمس الحقائق والتغطية على سراق المال العام".
وأضاف النجار ان "القيادات المتنفذة تدعي بأنها تحارب الفساد او هي بعيدة عنه، الا ان الواقع يفضح ممارساتها العملية في حراسة الفاسدين وحمايتهم، وعلى الاغلب ان جزءا كبيرا منهم يستفيد من ذلك، وإلا كيف يمكن تفسير ما يمتلكونه من إمكانيات مادية كبيرة دون ان يكون للفساد يد في ذلك".
وأردف "لقد سمعنا سابقاً من مسؤولين في هذه المنظومة نفس هذا التصريح. وفي الحقيقة ان ادعاء حماية النظام من السقوط فيما لو تم الكشف عن ملفات الفساد ليس صحيحاً، بل الأصح هو التستر على هذه الملفات لحماية المنظومة من محاسبة الجماهير". وتساءل بالقول: "الى متى يمكن ان إخفاء الحقيقة؟".
وتابع عضو المكتب السياسي للحزب "لقد كُشف زيف مدّعي حماية النظام، وبالتالي لم يعد ممكنا استمرار نهج المحاصصة كأسلوب وحيد للحكم، لذا تتصاعد أهمية تغيير هذا الشكل من الحكم عبر المشاركة الواسعة في الانتخابات والتصويت للقوى الحاملة لمشروع التغيير الشامل او الاحتجاج الجماهيري الواسع ورفع شعارات سياسية تطالب ببناء دولة المؤسسات التي تعتمد المواطنة والعدالة كأسلوب جديد في الحكم".
نظام مبني على الفساد!
من جانبه، قال الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي، د. غالب الدعمي، إن "كلام المشهداني ليس جديدا، وهناك شخصيات سياسية من المستوى الأول ذكرت مثل هذا الكلام، وقالت انه لو تمت محاسبة الفاسدين فان النظام السياسي سينهار، أي بمعنى ان هذا النظام السياسي مبني على الفساد".
وأضاف الدعمي، "اعتقد ان المشهداني لم يكن موفقا في كلامه، وتمنيت ان لا يذكر مثل هذا الكلام كونه يرأس المؤسسة التشريعية وهي من تحاسب وتراقب عمل الدولة وتحدد مدركات الفساد، وبالتالي قول هذا الكلام دون الشروع بمحاسبة المتورطين بهذا الملف، يجعلنا نتساءل عمن سيراقب ويحاسب الطبقة الفاسدة في العملية السياسية الحالية".
ولفت الى ان "الحديث عن وجود ملفات فساد دون إعلانها والشروع بها وتقديمها للجهات المختصة يثير تساؤلات عدة، ورسائل مريبة تصل الى الناس".
أطنان من ملفات الفساد!
واتسعت موجة الانتقادات على منصات التواصل لمقطع المشهداني، معربين عن امتعاضهم من إدارة المؤسسة التشريعية بهذه الكيفية، وإعطاء صورة عن إمكانية التستر على الفاسدين من المؤسسة المعنية بمحاسبتهم.
وقال الكاتب فلاح المشعل في تدوينة على صفحته "فيسبوك"، انه "في لقاء تلفزيوني يقول المشهداني: اكو ملف فساد إذا نطلعه ينهار النظام"!.
وأضاف "تخيلوا أن رئيس مجلس النواب يتستر على ملفات الفساد، ويخاف "يطلعه" خشية ان ينهار النظام؟!.. ليش هو أكو نظام بالعراق يا مشهداني؟.. نحن نعلم والشعب العراقي بوجود أطنان من ملفات الفساد، جبال من ملفات الفساد، بل أن قاعدة "النظام" وبناءه الفوقي تشكل هيكلية فساد غير مسبوق في العالم!".
وأردف بالقول "لكن النظام لا ينهار يا رئيس المجلس، لأنه محمي من إيران وأمريكا، وحضرتك تعرف ذلك جيدا!".
وهم إعادة الثقة!
فيما طرح الأكاديمي اياد العنبر، مجموعة من الأسئلة ردا على تصريح المشهداني، مشيرا الى انه "أي نظام سياسي هذا الذي يمكن أن ينهار بفتح ملف فساد؟!".
واكمل العنبر أسئلته هل هذا هو النظام الذي دفع العراقيون دماءهم من أجل المحافظة على مكتسباته؟ هل هذا هو النظام الذي تتفاخر العناوين السياسية بأنهم قادته؟ هل هذا هو النظام الذي نجحت الحكومة الحالية بإعادة ثقة المواطن فيه؟.
وشرع عدد من النواب بجمع تواقيع رسمية لمطالبة رئيس مجلس النواب محمود المشهداني بالإفصاح عن طبيعة ملف الفسـاد الذي تحدث عنه، ودعوا إلى الكشف عن الجهات المتورطة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
تستمر عملية الشد والجذب بين العراق والكويت، بعد أن عادت مشكلة اتفاقية خور عبد الله الى الواجهة مرة أخرى، في ظل تقديم رئيسي الجمهورية والحكومة طعنين أمام المحكمة الاتحادية، بشأن قرارها ضد الاتفاقية التي اعتبرتها "غير دستورية"، كونها لم تحصل على تصويت أغلبية الثلثين من اعضاء مجلس النواب، طبقا للمادة 61 من الدستور العراقي.
وفي 22 نيسان المنصرم، أرجأت المحكمة الاتحادية العليا في العراق البت في هذين الطعنين.
ويعد ملف خور عبد الله أحد أبرز الملفات المتعلقة بقضية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وشهدت الأيام الماضية تصاعدًا في التوتر الدبلوماسي بين العراق والكويت على خلفية ملف ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162، وهو الامتداد البحري الذي لم يُستكمل ترسيمه بين البلدين منذ صدور قرار مجلس الأمن 833 في العام 1993.
ونظم عشرات من الناشطين وأعضاء في البرلمان، السبت الماضي، وقفة احتجاجية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، دعما لقرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان اتفاقية تقاسم ممر خور عبد الله المائي بين العراق والكويت، مطالبين المحكمة بتوثيق قرارها لدى الأمم المتحدة.
وقدم رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مؤخرا، طعنا بقرار المحكمة الاتحادية بشأن اتفاقية خور عبد الله، "في إطار سعي الحكومة للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الكويت وتجنب أي توترات قد تنجم عن هذا القرار القضائي".
وجدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حرص بغداد على تجاوز الخلاف مع الكويت بشأن قضية تنظيم الملاحة بخور عبد الله.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر في عام 1993 القرار رقم 833 الذي ينص على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، بعد الغزو العراقي للكويت سنة 1990. وتم توقيع اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في ممر خور عبد الله بين العراق والكويت عام 2012، وصادق عليها البرلمان عام 2013.
وقسمت الاتفاقية ميناء خور عبد الله بين العراق والكويت، ويقع في أقصى شمال الخليج العربي بين كل من جزيرتي وربة وبوبيان وشبه جزيرة الفاو، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية مشكلا خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر في محافظة البصرة جنوبي العراق.
شريان سيادي حيوي
وفي وقت تتصاعد فيه التحذيرات من تداعيات التنازل عن خور عبد الله، يجمع مختصون في شؤون الحدود والمياه الدولية على أن هذا الممر البحري ليس مجرد شريط مائي ضيّق، بل هو شريان سيادي حيوي، يمتد أثره إلى عمق الأمن الوطني والاقتصاد العراقي، لاسيما مشروعي ميناء الفاو وطريق التنمية.
ويرى الخبراء، أن أي تراجع في هذا الملف لا يعني فقط خسارة منفذ استراتيجي فقط، بل يُمهّد لحصار بحري محتمل، وتحكّم كويتي بحركة السفن، ما يعرض سيادة العراق للتهديد المباشر.
ورغم امتلاك العراق لوثائق وخرائط تاريخية تثبت أحقيته الكاملة في الخور، إلا أن غياب الإرادة السياسية، ما تزال تعرقل حسم هذا الملف لصالح العراق.
"خيانة للأمانة وحنث باليمين"
من جهته، عدّ رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية العراقية، النائب ياسر الحسيني، أن ما جرى في اتفاقية خور عبد الله "خيانة للأمانة وحنث باليمين".
وقال الحسيني في تصريح صحفي، تابعته "طريق الشعب"، إن "ما حدث في اتفاقية خور عبد الله لا يمكن تفسيره إلا بأنه خيانة للأمانة وحنث باليمين، فكلنا أقسمنا اليمن".
وتابع "نريد توضيحا من رئيس مجلس الوزراء عن أسباب ذهابه إلى المحكمة الاتحادية، مطالبًا المحكمة بإلغاء قرارها السابق، وما مصلحة العراق من ذلك؟".
التحكيم الدولي ممكن.. ولكن!
في هذا الصدد، أكد خبير الحدود الدولية اللواء الركن د. جمال الحلبوسي، أن أهمية خور عبد الله تكمن في كونه المنفذ البحري الوحيد الذي يربط العراق بالعالم عبر البحار والمحيطات، مشيراً إلى أن المساحة التي يُطل منها العراق لا تتجاوز 58 كيلومتراً، وهي مساحة ضيّقة جداً مقارنة بجيرانه؛ فالكويت تمتلك ساحلاً بطول 499 كم، فيما يبلغ طول الساحل الإيراني 2850 كم.
وأوضح الحلبوسي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن هذه الواجهة البحرية "على الرغم من ضيقها، تُعد ذات أهمية استراتيجية بالغة للعراق، إلا أنها محدودة من حيث القدرة على إنشاء موانئ جديدة أو توسيع الموانئ القائمة؛ ومع ذلك، فإن بالإمكان استثمارها في الجوانب الاقتصادية والتجارية والعسكرية، لا سيما في حماية البنية التحتية البحرية للبلاد".
وشدّد الحلبوسي على أن "لا الحكومة ولا أي طرف آخر يملك الحق، تحت أي ذريعة، في التنازل عن شبر واحد من أرض العراق"، مؤكداً أن المسؤولين أقسموا على الحفاظ على سيادة البلاد براً وبحراً وجواً، والدستور العراقي يُلزمهم بعدم التفريط بسيادة الدولة تحت أي ظرف أو ضغط.
وأضاف أن الكويت "دأبت على استغلال الظروف الصعبة التي مرّ بها العراق"، مشيراً إلى أنها "تستخدم أدوات ضغط متعددة، وتستقوي بدول أوروبية، بهدف التمدد على حساب الأراضي العراقية، كما حدث مع جزيرتي بوبيان ووربة، التي تعد اراضي عراقية".
وأشار اللواء الحلبوسي إلى أن العراق يمتلك كامل الوثائق والخرائط التربيعية التي تُثبت أحقيته في خور عبد الله، وهي مثبتة لدى جهات رسمية عراقية وأطراف دولية، داعيا إلى استخدامها في المحافل الدولية، وفي مقدمتها محكمة البحار، من أجل تعزيز الموقف العراقي.
ووصف الحلبوسي خور عبد الله بأنه "أحد المقومات الأساسية في ميزان القوى الإقليمي"، لافتاً إلى أن هذه المساحة المطلة على منطقة اقتصادية بحرية تحمل أهمية استراتيجية وأمنية كبرى.
ونبه إلى أن "العراق يستطيع اللجوء إلى التحكيم الدولي، بما في ذلك محكمة العدل الدولية ومحكمة البحار"، لكنه يرهن ذلك بـ"توفّر الإرادة السياسية وجمع الوثائق وإعداد موقف قانوني قوي بمساعدة خبراء قانونيين وقضائيين".
وحذّر الحلبوسي من أن تراجع من المحكمة الاتحادية أو تنازل من الحكومة عن الخور سيؤدي إلى خسارة نصف الواجهة البحرية العراقية، ونصف البحر الإقليمي، والمنطقة الاقتصادية بالكامل. كما سيمنح الكويت القدرة على فرض سيطرتها على مرور السفن والناقلات النفطية، ما يعني “خنق العراق بحرياً وخسارة الحق التاريخي بشكل لا يمكن استرجاعه”.
التنازل يجهض طريق التنمية
من جهته، حذّر الخبير المائي د. رمضان حمزة من أن خور عبد الله يُمثل المساحة البحرية الوحيدة للعراق، التي تؤدي إلى منطقته الاقتصادية البحرية قبل ميناء الفاو، مشيراً إلى أن هذا الممر الحيوي يمثل الامتداد الطبيعي للسيادة العراقية في الخليج.
وقال حمزة في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "الخور كان، تاريخياً، جزءاً لا يتجزأ من محافظة البصرة، وكان تحت سيطرة عشيرة بني تميم في ذلك الوقت. ولا تملك الكويت أي حقوق قانونية أو تاريخية فيه"، لافتاً إلى أن التنازلات التي أعقبت عام 2003، واتفاقية آذار تحديداً، هي التي فتحت الباب أمام الطموحات الكويتية في هذه المنطقة.
وأكد حمزة أن "أي تنازل من الحكومة عن حقوق العراق في خور عبد الله لصالح الكويت، سيؤدي إلى إجهاض مشروع طريق التنمية بالكامل، كما ستتأثر سلباً فاعلية ميناء الفاو، الذي يعتمد على هذا الممر البحري كرافد استراتيجي".
وزاد بالقول: ان "أهمية خور عبد الله تكمن في كونه امتدادا طبيعيا لميناء الفاو، ومساحة مائية تكمل السيادة البحرية العراقية، لكن الخطر الأكبر أن الكويت ستتحكم بالكامل بحركة السفن الداخلة والخارجة، ما يمنحها ورقة ضغط دائمة على العراق".
وعدّ حمزة ان "التنازل عن خور عبد الله ليس من صلاحية أي جهة، انما ذلك يمثل استخفافا صارخا بحقوق العراق البحرية؛ فمجرد التفريط بهذا الممر يعني تسليم مفاتيح الملاحة البحرية للكويت. وسيبقى العراق حينها متفرجاً عاجزاً، خاضعاً للضغط متى ما أراد الطرف الآخر".
مجلس التعاون الخليجي يندد..
وشدد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال اجتماعه الاستثنائي الـ47 في دولة الكويت، لمناقشة مستجدات ملف ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت لما بعد العلامة (162)، شدد على وجوب احترام العراق لسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بكافة المعاهدات والقرارات الدولية، وخصوصًا قرار مجلس الأمن رقم (833) لعام 1993.
وكان الحزب الشيوعي العراقي، قد شدد على ضرورة الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية بشأن اتفاقية خور عبد الله، مؤكداً أن الاتفاقية تنطوي على غبن واضح للعراق في استخدام ممراته المائية، ما ينعكس سلباً على مستقبل الموانئ العراقية، وفي مقدمتها ميناء الفاو الكبير.
وأوضح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في بيان، أن "اتفاقية خور عبد الله تضر بالمصلحة الوطنية العراقية، وتؤثر على السيادة البحرية للعراق"، مشدداً على "أهمية التمسك بقرار المحكمة الاتحادية باعتباره مستنداً إلى أحكام الدستور، وضرورة عدم الرضوخ لأي ضغوط تؤدي إلى التفريط بحقوق العراق التاريخية".
وأكد الحزب أن حماية الممرات المائية العراقية وضمان استخدامها الكامل تمثلان أولوية وطنية ينبغي على جميع القوى السياسية والحكومية الالتزام بها، داعياً إلى موقف موحد يصون المصالح السيادية للبلاد.
تشكو أحزاب وحركات سياسية تعتزم المشاركة في الانتخابات من فوضى خلفتها الأنظمة الانتخابية في العراق، وبسببها تجاوزت أعداد الأحزاب المسجلة في دائرة الأحزاب التابعة للمفوضية العليا المستقل للانتخابات، حاجز الـ 300 حزب، وهو ما يضطر الأحزاب والتحالفات للبحث عن عناوين انتخابية قد لا تعكس توجهاتها وبرامجها الانتخابية بسبب استخدامها من أطراف أخرى.
وتقوم أحزاب متنفذة في السلطة باستخدام عناوين لتحالفات رديفة لاسيما (المدنية، الديمقراطية)، فضلا عن عنوانها الصريح، ومن خلال هذا الاسلوب تعمد الى تشتيت أصوات القوى المنافسة من خلال ايهام الناخبين بهذه العناوين، وحجزها مسبقا، ما يضطر الأحزاب ذات التوجه المدني والديمقراطي الحقيقي لاستخدام عناوين أخرى.
حزب بـ10 أحزاب!
رئيس حركة نازل اخذ حقي الديمقراطية، مشرق الفريجي، يعزو كثرة الأحزاب الى طبيعة الأنظمة الانتخابية، مشيرا الى ان لدى كل حزب متنفذ قرابة 10 عناوين، يشارك من خلالها في الانتخابات، بهدف مضايقة المنافسين.
وقال الفريجي لـ"طريق الشعب"، إن "اعداد الأحزاب المسجلة لدى مفوضية الانتخابات سببها طبيعة الأنظمة الانتخابية في العراق. ففي كل انتخابات يتم تسجيل أحزاب سياسية مختلفة لكنها تابعة لنفس الشخصيات والقوى التقليدية".
وشدّد الفريجي على أن "زخم هذه الأحزاب واعدادها هي نتيجة للأنظمة الانتخابية والتحالفات والراغبة بإجراء تغيير على الأسماء والهويات والمشاريع الانتخابية".
رقابة حقيقية
وأضاف أنّ "الخلل يكمن في عدم طي صفحة هذه الأحزاب، كونها ما زالت تمتلك شهادات تأسيس برغم هيكلتها وتوقفها عن أي نشاط"، لافتاً الى أن "الرقابة على هذه الأحزاب ونشاطاتها تحتاج لبعض التدقيق في فترات ما بعد الانتخابات وقبلها أيضا".
ونوه الى ان "هناك ضرورة للرقابة والتدقيق من قبل المفوضية على هذه الأحزاب، إضافة الى ان هناك أحزابا تخالف قانونها اذ لديها اجنحة مسلحة، وبالتالي فإنها مستعدة لاستغلال نفوذها".
ولادات مشوهة
الكاتب والناشط السياسي، شمخي جبر، يقول ان كثرة الاحزاب لا يعني بالضرورة شيئا إيجابيا في الحياة الديمقراطية.
ويضيف جبر في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "كثرة الأحزاب هي ظاهرة سلبية مادامت هذه العملية لا تتجاوز الانشطار، فهي ولادات مشوهة لأحزاب افتقدت تأثيرها او فقدته ولم تعد ذات تأثير في الاوساط الشعبية، لأنها لم تلب حاجات الناخبين وتطلعاتهم".
ويواصل جبر ان "هذه الأحزاب سعت الى التناسل والتفريخ لإيجاد واجهات جديدة الهدف منها خداع الجمهور من جهة، ومن جهة اخرى تشتيت توجهات الناخبين".
ويشير إلى ان "بعض الاحزاب عملت على دفع مرشحين تحت تسمية مستقلين او الظهور بأسماء جديدة بهدف خداع الناخبين" معتبرا ذلك "افلاسا شعبيا".
اسم الحزب والقانون
من جانبه، قال معاون مدير دائرة شؤون الأحزاب في مفوضية الانتخابات، احمد اياد، ان "دائرة شؤون الأحزاب تعمل وفق قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 والأحزاب التي كانت موجودة قبل نفاذ القانون أعطاها هذا القانون مدة سنة واحدة لتكييف وضعها القانوني".
وأضاف، ان "القانون والتعليمات الساندة للقانون نصت على ان اسم الحزب لابد ان لا يكون مشابها ولا مطابقا لأي حزب مسجلا كان او قيد التسجيل، والذي حصل بعد ذلك ان بعض الأحزاب لجأت للقضاء بسبب تشابه الأسماء مع بعض الأحزاب الأخرى، والقضاء افتى بان الأحقية تكون للحزب الذي سجل مسبقا واخذ الاسم، الامر الذي اضطر البقية لتغيير أسمائهم".
وتابع اياد، ان "المفوضية ودائرة شؤون الأحزاب تضعان هذا الامر لمصلحة الأحزاب، ناهيك عن ان الناخب لا يستطيع التفريق بين هذا الحزب او ذاك في موضوع الأسماء، وباقي الإجراءات في المفوضية تسير بصورة سلسة".
وبيّن ان "دائرة شؤون الأحزاب رفعت مقترحا الى مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات بعملية تجزئة الاسم، وصار الاتفاق بان الاسم في بدايته (حزب أو حركة أو تجمع أو تيار) هذا متاح للكل، ونهاية الاسم الذي هو الجزء الثالث (الوطني أو العراقي أو الإسلامي أو العلماني) أيضا متاح للكل، وبقيت فقط المفردة الوسطية التي يجب ان لا تتشابه ولا تتطابق مع أسماء الأحزاب الأخرى المسجلة".
وخلص بالقول الى ان "دائرة شؤون الاحزاب تمنح الاحزاب التي قدمت طلبات تسجل مهلة شهر وأحيانا شهرين، لاستكمال باقي الإجراءات، وفي حال عدم اكتمال هذه الاجراءات ترفع الدائرة طلبا الى مجلس المفوضين لإلغاء طلبات هذه الاحزاب، كون هناك طلبات كثيرة لدى الدائرة، وقبل شهرين تم الغاء أكثر من 50 حزبا لعدم اكمال الإجراءات".
عدد الأحزاب والتحالفات
كشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، عن عدد التحالفات والأحزاب الراغبة بالمشاركة بانتخابات مجلس النواب، المؤمل ان تجري نهاية العام الحالي.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، ان "التحالفات المسجلة لدى دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية منذ سنة 2018 ولغاية الآن هي 66 تحالفاً، وخلال المدة الأخيرة منذ منتصف الشهر الماضي، تم تسجيل 5 تحالفات انتخابية جديدة".
وبينت، أن "التحالفات القديمة الـ(66) يمكن لها المشاركة دون أي تسجيل جديد، لكن يجب عليها تحديث بياناتها اذا ما كان هناك أي تعديل في التحالف من خروج أي حزب أو دخول أي حزب جديد بأي من التحالفات السابقة".
وأضافت أن "الأحزاب السياسية المسجلة هي 331 حزباً منذ عام 2015 ولغاية الان"، مبينة أن "80 حزباً من هذه الأحزاب أبدت الرغبة في المشاركة في انتخابات مجلس النواب المقبلة حتى الآن، فضلا عن وجود 70 حزباً قيد التأسيس حالياً".
ومن المفترض أن تجرى الانتخابات في 11 من تشرين الثاني المقبل، حسب قرار مجلس الوزراء العراقي.
وكانت مفوضية الانتخابات، قد أعلنت أمس الأحد، أن مجلس المفوضين قرر تمديد فترة تسجيل التحالفات لغاية نهاية الدوام الرسمي من يوم 14 أيار الجاري.
شهدت العاصمة بغداد الخميس الماضي، مسيرة جماهيرية حاشدة انطلقت من ساحة الفردوس وانتهت في ساحة التحرير، إحياءً لعيد العمال العالمي في الأول من أيار، بمشاركة واسعة من العمال والناشطين وأعضاء النقابات العمالية.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بتطبيق قانون الخدمة المدنية، وتفعيل سلم رواتب عادل، إلى جانب توفير نظام ضمان اجتماعي وصحي يحمي حقوق العمال ويوفر لهم حياة كريمة.
المسيرة التي طغت عليها أجواء الحماسة والهتافات العمالية، عبّرت عن امتداد نضالات الطبقة العاملة في العراق، وسط تأكيدات نقابية على ضرورة اسراع الحكومة في تفعيل القوانين المنصفة للعمال، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتزايد العمالة غير المنتظمة.
وأوضح عدد من المشاركين أن هذه الفعالية ليست احتفالاً تقليدياً فحسب، بل أيضاً رسالة تضامن متجددة مع الطبقة العاملة التي لا تزال تعاني من قوانين مجحفة وظروف معيشية قاسية، في ظل غياب الضمانات الاجتماعية والصحية. وطالب المتظاهرون برفع أجور العمال، وضمان حقوقهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، داعين الحكومة والبرلمان إلى الإسراع في تشريع قوانين عادلة تنصف هذه الشريحة الأساسية.
محطة نضالية ضد الظلم والاستغلال
وفي كلمة أُلقيت باسم اللجنة المنظمة، تم التأكيد على أن الأول من أيار يمثل محطة نضالية لتجديد المطالب، وتأكيد استمرارية نضال الطبقة العاملة ضد الاستغلال والتمييز الطبقي. وذكّرت الكلمة بجذور هذا اليوم الذي ارتبط بنضالات العمال في الولايات المتحدة الأمريكية وسفك الدماء الذي أدى إلى إقرار حقوق أساسية، من بينها تحديد ساعات العمل.
وأشارت الكلمة إلى اتساع رقعة الحركات المطلبية في العراق، وتزايد الاحتجاجات في قطاعات مختلفة كالصناعة والتعليم والصحة، إضافة إلى العقود والأجور اليومية والمحاضرين المجانيين والفلاحين. وأكدت أن هذه الحركات باتت واقعاً ملموساً لا يمكن تجاهله.
كما وجّهت الكلمة انتقادات حادة لما وصفته بـ"النهج النيوليبرالي" الذي تتبناه الحكومة من خلال خصخصة الشركات العامة، وبيع ممتلكات الدولة، وهو ما يُعد، بحسب المنظمين، تهديداً للاقتصاد الوطني ومعيشة الملايين. ولفتت إلى أن هذه السياسات تعمّق الفقر وتزيد من التفاوت الطبقي، بينما تستمر معاناة الموظفين من التمييز والإفقار.
مطالبات بالإصلاح الشامل ووقف الخصخصة
ودعت الكلمة إلى سن قانون جديد يضمن حق التنظيم النقابي في القطاعين العام والخاص، وتنفيذ قوانين الضمان الاجتماعي والعمل بصورة فعّالة. كما طالبت بوقف الخصخصة فوراً، ودعم الزراعة المحلية، وتوفير فرص عمل عادلة، وتحقيق المساواة في الأجور وفرص التوظيف بين الجنسين، مع توفير بيئة آمنة للمرأة العاملة.
وطالب المشاركون بإعادة النظر في سلم الرواتب في القطاع العام من خلال تشريع قانون خدمة مدنية جديد ينصف العاملين بالعقود والأجور اليومية، إلى جانب توفير دعم حقيقي للفلاحين والعمال الزراعيين، ومنع التمييز ضد العمال الأجانب، واعتبارهم جزءاً من سوق العمل العراقي.
واختُتمت الكلمة بالتأكيد على أن مشاركة مختلف الفئات في فعاليات الأول من أيار تعبّر عن وحدة مصالح الطبقات الكادحة، ورسالة واضحة للحكومة برفض السياسات الاقتصادية الحالية، والتشبث بالنضال العمالي حتى تحقيق العدالة الاجتماعية، واستعادة مكانة الصناعة والزراعة الوطنية، ووقف الاستيراد العشوائي.
"صناعتنا هويتنا وفخرنا"
وفي السياق، أصدرت اللجنة التنسيقية للعاملين في قطاع الصناعة والمعادن بياناً خلال المسيرة، وجهت فيه تحية تضامن إلى الطبقة العاملة، خاصة العاملين في شركات الصناعة الوطنية، الذين قالت إنهم "عانوا طويلاً من التهميش بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة ووزراء المحاصصة".
وأشار البيان إلى أن الشركات والمصانع العراقية تعرّضت منذ عام 2003 إلى عمليات تعطيل ممنهجة دمّرت خطوط الإنتاج وأضعفت الكوادر، محمّلاً الوزير الحالي لوزارة الصناعة والمعادن مسؤولية ما وصفه بـ"أسوأ فترة تمر بها الصناعة الوطنية"، بسبب ممارسات الترهيب والتقاعد الإجباري بحق الموظفين، بهدف تصفية الكوادر تمهيداً للخصخصة وتحويل المصانع إلى مشاريع سكنية.
واتهم البيان "لجاناً اقتصادية حزبية وأبناء شخصيات سياسية" بالسعي للاستيلاء على المصانع وتحويلها عن طابعها الصناعي، ما يهدد بمحو الهوية الصناعية للعراق بالكامل.
مطالب عاجلة من العاملين
وأكدت اللجنة التنسيقية على عدد من المطالب العاجلة، منها: إلغاء سياسة دمج الشركات وعقود الشراكة التي ثبت فشلها، تعديل سلم الرواتب لضمان العدالة، مكافحة الفساد، وتمكين المدراء من تقديم حلول لتشغيل المصانع اعتماداً على الكوادر الوطنية.
كما دعت إلى وقف الخصخصة وهيكلة الشركات، ومراجعة عقود الشراكة وتفعيل قوانين حماية المنتج الوطني والمستهلك، وفرض تعرفة كمركية فعالة تحمي الصناعة المحلية. وأشارت إلى أن العديد من خطوط الإنتاج تم تحديثها بين عامي 2009 و2015 بكلف استثمارية ضخمة، ويجب الاستفادة منها.
وشدد البيان على ضرورة إلغاء العقوبات التعسفية بحق الموظفين، وتشريع قانون ينظم العمل النقابي في القطاع الصناعي، بما يضمن حق العمال في المطالبة بحقوقهم.
واختتمت اللجنة بيانها بالتأكيد على أن الأول من أيار سيبقى "مناسبة للنضال والدفاع عن الصناعة العراقية"، مشددة على أن "الصناعة هي هويتنا وفخرنا، ولن نتخلى عنها مهما اشتدّت التحديات".