بدأت الخلافات بين الكتل المتنفذة تتصاعد بشكل ملحوظ وتؤثر على أداء البرلمان في السنة التشريعية الأخيرة من عمر الدورة النيابية الحالية، والتي بدأت بتعثر انعقاد الجلسات البرلمانية، برغم ادعاء تلك الكتل وجود اتفاقات وتوافقات في ما بينها على إقرار بعض القوانين، وعلى رأسها قانونا العفو العام والتقاعد.
وأمس الاربعاء قاطعت غالبية الكتل السياسية جلسة المجلس، ما اضطر رئاسة المجلس "إلى تأجيل انعقاد الجلسة لعدم اكتمال النصاب القانوني".
وكانت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب قد نشرت جدول أعمال الجلسة التي كان مقرراً عقدها أمس الأربعاء، والذي تضمن التصويت على عدد من مشاريع القوانين المهمة، أبرزها قانون جهاز المخابرات، فضلاً عن قراءة مقترح تعديل قانون التقاعد.
وفي بلد يواجه أزمات سياسية واقتصادية، بات مجلس النواب، محور انتقادات لاذعة بسبب تراجع دوره التشريعي والرقابي؛ فبدلًا من أن يمارس النواب مسؤولياتهم الدستورية في سنّ القوانين ومراقبة أداء الحكومة، انحرفت بوصلة الأداء نحو مصالح حزبية وشخصية، ما عمّق حالة عدم الثقة بالعملية السياسية بنمطها القائم على المحاصصة والتخادم المكوناتي.
هذا التراجع ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج نظام سياسي مأزوم وهجين يتداخل فيه التشريع بالتنفيذ، ما أدى إلى غياب المعارضة الحقيقية وتراجع أداء المجلس إلى حدّ خطير. ، حيث يقف البرلمان عاجزًا عن تقديم أية حلول ناجعة.
فشل وانعدام ثقة
وفي هذا الشأن قال عضو مجلس النواب جياي تيمور: إن "عقد الجلسات بصيغتها الحالية غير ملائم ولا يبشر بالخير، فما فشلنا في تحقيقه خلال الفصل التشريعي السابق، وما فشلت فيه الدورات البرلمانية السابقة، يعود إلى بقاء الأسباب نفسها، ولذلك لا نتوقع نتائج مختلفة".
وشدد في حديث صحافي تابعته "طريق الشعب"، على أهمية أن "يدرك جميع أعضاء مجلس النواب أنهم أولًا عراقيون، قبل أن يتبنوا انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو القومية، لكن للأسف هذا ما لا نراه على أرض الواقع، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه الخاصة، ما أدى إلى انعدام الثقة بشكل كبير".
وأضاف تيمور قائلاً إنه "نظراً لانعدام الثقة، نشهد محاولة تمرير القوانين الجدلية في سلة واحدة، لأنهم يخشون أن يتم تأجيل التصويت أو تعطيله إذا تم إدراجها بشكل منفصل. فعندما يكون قانونٌ ما في ذيل قائمة التصويت، يتوجس الداعمون له من مغادرة النواب قاعة الجلسة قبل التصويت، ما يؤدي إلى عدم إقراره. لذلك يلجؤون إلى جمع القوانين الجدلية في سلة واحدة لضمان التصويت عليها".
ودعا الى تأجيل القوانين المثيرة للجدل و"التفرغ لإقرار تشريعات أخرى تمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر. كما دعا رئاسة المجلس إلى عدم إدراج القوانين الجدلية في جدول الأعمال، وبدلًا من ذلك التركيز على القوانين ذات الأولوية للمواطنين".
برلمان عاجز
من جهته، قال المحلل السياسي داوود سلمان إنه يفترض بمجلس النواب أن يكون مؤسسة تشريعية ورقابية، هدفها الأول خدمة المواطن وتشريع القوانين التي تمس حياته بشكل مباشر، بالإضافة إلى مراقبة أداء الحكومة لضمان سير العمل بما يخدم المصلحة العامة. ولكن، للأسف، ما نشهده اليوم هو غياب هذا الدور بشكل شبه كامل.
وأضاف سلمان، أن "مجلس النواب فقد هويته التشريعية والرقابية وأصبح أداة بيد رؤساء الكتل السياسية. بدلاً من العمل لصالح الشعب، يتم توظيفه لتحقيق مصالح شخصية وسياسية، مما أدى إلى تفشي الابتزاز والمساومات على حساب المواطن وحقوقه".
وواصل القول في حديث مع "طريق الشعب"، إنه في الآونة الأخيرة، "لاحظنا أن بعض النواب يتخلون عن أدوارهم الرئيسية ويتحولون إلى ما يشبه موظفي البلديات، حيث ينشغلون بمتابعة قضايا ثانوية مثل تعبيد الشوارع واستقبال الناس الباحثين عن رواتب الرعاية الاجتماعية، بينما يغيب دورهم الحقيقي في الرقابة والتشريع. هذا التراجع في الأداء يشكل انعكاساً لغياب الإرادة الحقيقية للإصلاح داخل المؤسسة التشريعية".
وتابع قائلاً: إن "ما يزيد الطين بلة هو القرارات التي تُتخذ بعيدًا عن مصالح الشعب، مثل الموافقة بالإجماع على استيراد سيارات بمليارات الدنانير قبل أيام، في وقت تعاني فيه الدولة من عجز مالي قد يؤثر حتى على رواتب الموظفين والمتقاعدين. هذه المفارقة تعكس حالة الانفصام التام بين مجلس النواب والمواطنين، وتساهم في تعزيز فقدان الثقة بالنظام الديمقراطي ككل".
وأردف سلمان بالقول: إن "البيئة السياسية التي نتجت بعد 2003 أفرزت برلمانات ضعيفة وغير قادرة على تلبية تطلعات الشعب خلال عقدين. مجلس النواب الحالي، على غرار الدورات السابقة، عجز عن تقديم أي حلول حقيقية لأزمات البلاد، سواء كانت تتعلق بالكهرباء، أزمة السكن، أو تقلبات سعر الدولار".
وخلص إلى القول: إن "غياب الدور الحقيقي للبرلمان يعني غياب حقوق المواطن، وتكرار المشهد نفسه مع كل دورة انتخابية حيث يتم التأكيد أن الإصلاح الحقيقي يتطلب إعادة هيكلة شاملة للنظام السياسي، وإحلال قيادات تمتلك غيرة وطنية وتضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار".
ما سبب هذا الانحراف؟
إلى ذلك قال المراقب للشأن السياسي جعفر الكعبي، إن من أهم واجبات مجلس النواب الاهتمام بمصالح الناس من خلال تشريع القوانين التي تخدمهم، بالإضافة إلى دوره الرقابي على مختلف السلطات، بما في ذلك السلطة التنفيذية، لضمان تنفيذ التشريعات بشكل سليم.
وأضاف الكعبي في حديث مع "طريق الشعب"، أن "روح النظام البرلماني تكمن في الفصل بين السلطات، لكن في العراق، تحول هذا النظام إلى نموذج هجين بعيد عن أسسه الحقيقية".
وزاد ان "عضو مجلس النواب أصبح يمارس أدوارًا خارجة عن مهامه الدستورية، حيث تحول إلى معقب للمعاملات ومنفذ للمقاولات، بل وأداة للضغط على الحكومة ـ كما شهدنا سابقاً ـ وابتزازها لتحقيق مكاسب حزبية أو شخصية. هذا الأمر أدى إلى إضاعة البوصلة الأساسية لعمله الرقابي والتشريعي".
وأشار إلى أن "السبب الرئيس لهذا الانحراف، يعود إلى اشتراك جميع الأحزاب والائتلافات في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما ألغى وجود معارضة حقيقية".
وأكد في الختام، أن "غياب المعارضة الفاعلة أدى إلى ضعف الرقابة على أداء الحكومة وترك الساحة مفتوحة أمام التجاوزات والانحرافات التي تضر بمصلحة الشعب".
أعلن مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية والمجلس النقابي العمالي العراقي رفضهم القاطع لمسودة مقترح قانون "التنظيم النقابي للعمال والموظفين"، الذي تم عرضه للقراءة الثانية في مجلس النواب يوم الاثنين 13 كانون الثاني 2025. وقد برر الطرفان رفضهم للمقترح بوجود عيوب واضحة وقيود جائرة، تؤثر بشكل مباشر على حقوق العمال في تنظيم أنفسهم بشكل مستقل وحر، ما يثير القلق بشأن تأثير القانون على الحركة النقابية في البلاد.
مسودة تهدد حقوق العمال
في جلسته الأولى من الفصل الأول للسنة التشريعية الرابعة من الدورة الانتخابية الخامسة، انتهى مجلس النواب العراقي من القراءة الثانية لمقترح قانون التنظيم النقابي للعمال والموظفين الحرفيين، الذي قدمته لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني. إلا أن البيان الصادر عن مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية والمجلس النقابي العمالي، والذي طالعته "طريق الشعب"، أشار إلى أن المشروع يتضمن تمييزًا ضد الطبقة العاملة، حيث يحرم الموظفين في القطاع العام من حقهم في التنظيم النقابي.
وأضاف البيان، أن مضامين القانون المقترح لا تتماشى مع اتفاقيتي العمل الدوليتين رقم 87 لعام 1948 و98 لعام 1949، مشيرًا إلى أن لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية أكدت في مراجعتها للمسودة في جنيف في أيلول 2024 أن المشروع لا يلتزم بالمعايير الدولية المطلوبة.
غياب الحوار الاجتماعي
وأشار البيان إلى أن مسودة القانون تمت صياغتها دون الاستناد إلى آليات الحوار الاجتماعي أو إشراك أصحاب المصلحة في العملية التشريعية، ما أدى إلى تشريع لا يعكس مصلحة الطبقة العاملة، ولا يتوافق مع التزامات العراق الدولية في مجال حقوق العمال. ودعا البيان إلى ضرورة تغيير نهج التشريع، وتوجيه الدعوة إلى أصحاب الاختصاص للمشاركة الفعالة في صياغة القوانين المتعلقة بحقوقهم.
وأكد أهمية العودة إلى آليات التشاور مع أطراف الحوار الاجتماعي، وضرورة أن تشارك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في صياغة قانون جديد للتنظيم النقابي بما يتماشى مع المعايير الدولية.
كما شدد المؤتمر النقابي العمالي في بيانه على ضرورة سحب المسودة الحالية من مجلس النواب، مطالبًا الحكومة العراقية بتوجيه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للعمل على صياغة قانون جديد يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق العمال. ودعا البيان جميع العمال في مختلف القطاعات إلى الوقوف بحزم للدفاع عن حقهم في تنظيم نقابي حر ومستقل.
الاتحاد الدولي يدعم موقف العمال
من جهته، عبّر الاتحاد الدولي لعمال النقل، الذي يمثل حوالي 20 مليون عامل من 154 دولة حول العالم، عن قلقه العميق حيال مشروع القانون المقترح.
وقال الاتحاد في بيان طالعته "طريق الشعب" أن مشروع القانون يتعارض بشكل كبير مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك الاتفاقيات التي صادقت عليها العراق. ولفت الاتحاد إلى ضرورة التشاور مع ممثلي العمال في العراق لضمان توافق القانون مع المعايير الدولية. كما أكد الاتحاد دعمه الكامل لمطالب العمال العراقيين في ضرورة الالتزام بالاتفاقية 87 التي وقعتها الحكومة العراقية.
تجاهل للشركاء
وفي حديث خصّ به "طريق الشعب"، أعرب الرفيق عدنان الصفار، سكرتير مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية العراقية، عن استنكاره الشديد لمسودة مقترح قانون التنظيم النقابي للعمال والموظفين الحرفيين.
وقال الصفار، إن عرض هذه المسودة للقراءة الثانية دون إجراء أي مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين أو التنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يعد تنصلًا من التزامات لجنة العمل أمام لجنة المعايير الدولية.
وأضاف، أن هذا التصرف يمثل تجاوزًا للمعايير الدولية وإهمالًا لأهمية التزام العراق بالاتفاقيات الدولية. وأكد أن المؤتمر سيواصل اتخاذ خطوات سلمية للدفاع عن حقوق الحركة النقابية العمالية العراقية، مشددًا على أن هذا الإجراء لا يستند إلى الدستور العراقي ولا ينسجم مع التزامات العراق الدولية.
رفض تام لمسودة القانون
وتابع الصفار بالقول: إن "مؤتمر الاتحادات والنقابات العمالية العراقية والمجلس النقابي العمالي، الذي يضم عشرة اتحادات، يرفض بالكامل مسودة القانون". كما دان الصفار إصرار لجنة العمل البرلمانية على موقفها المناهض للحركة النقابية، مؤكدًا أن هذا الموقف يعكس تهديدًا لحقوق العمال في العراق، وهو ما يتطلب تغييرات جذرية في آلية التشريع لضمان حقوق العمال.
برغم مرور سنوات على الإبادة الجماعية التي طالت الايزيديين في العراق على يد تنظيم “داعش”، والتي خلفت جراحاً عميقة ومآسي لا تُنسى، لا تزال العدالة بعيدة المنال.
مسودة مقترح قانون حول "إبادة الايزيديين" التي تم الاعلان عن ادراجها للتصويت في لجنة حقوق الانسان النيابية، أثارت غضب المجتمع الايزيدي، الذي وصفها بأنها "خيانة للعدالة".
الانتقادات ركزت على عدم إشراك الضحايا ومن يمثلهم والمختصون والمنظمات المعنية، في صياغة هذا القانون، ما يثير تساؤلات حول نوايا السلطات في معالجة هذا الملف ومعالجة جذور الإبادة بشكل عادل ومنصف. فيما يؤكد معنيون ان هذه المواقف تُلقي بظلال من الشك على التزام الحكومة العراقية بتحقيق العدالة الشاملة ومحاسبة الجناة وإنصاف الضحايا.
وقد اعلنت منظمة بتريكور لحقوق الإنسان، عن إدانتها الشديدة وقلقها البالغ إزاء الأسلوب المتبع في إعداد مسودة قانون الإبادة الجماعية للأيزيديين، والذي تم دون علم الضحايا وذويهم أو المجتمع الايزيدي ومنظماته الحقوقية والمدنية.
وقالت المنظمة في بيان تلقت "طريق الشعب"، نسخة منه إن: "عدم الكشف عن محتوى القانون وعدم إشراك الضحايا في صياغته يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ العدالة الإنسانية ويُضعف من شرعية أي قانون يُصاغ بهذه الطريقة".
وأكد البيان أن "الجرائم المروعة التي تعرض لها الايزيديون، والتي تصنف كإبادة جماعية وفق القوانين الدولية، تستوجب أن تكون معالجتها القانونية والإنسانية مبنية على الشفافية التامة والإشراك الفعلي للضحايا والناجين والمجتمع الايزيدي ككل. ومع ذلك، فإن ما نشهده اليوم هو محاولة لتمرير قانون بمعزل عن أصحاب القضية الحقيقيين، ما يمثل تهميشاً ممنهجاً للضحايا وتجاهلاً لمطالبهم وآمالهم"، محذرة "من العواقب القانونية والأخلاقية لهذا النهج، إذ إن أي قانون يُصاغ دون استشارة الضحايا أو اطلاعهم على مواده لن يُحقق العدالة ولن يُعيد الثقة بين الضحايا والدولة".
ودعت منظمة بتريكور لحقوق الإنسان إلى "اتخاذ الخطوات التالية بشكل فوري، والكشف العلني عن مسودة القانون، وإتاحتها للرأي العام، خصوصاً للمجتمع الايزيدي ومنظماته الحقوقية والمدنية، لضمان دراستها بشكل دقيق ومراجعتها بما يعكس احتياجات الضحايا وتطلعاتهم، وإشراك الضحايا والناجين وأسرهم بصورة مباشرة في النقاشات المتعلقة بالقانون، باعتبارهم الأطراف الأكثر تضرراً والمعنيين الأساسيين بتحديد ملامح العدالة المطلوبة".
كما طالبت بـ"ضمان مشاركة المجتمع الايزيدي بممثليه القانونيين ومنظماته المدنية في صياغة النصوص النهائية، بحيث تُبنى على أساس من العدالة والإنصاف، مع الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، و توفير ضمانات قانونية شاملة تشمل التعويضات المالية والمعنوية، وضمان إعادة بناء المجتمعات المتضررة، وتقديم الجناة إلى العدالة، مع اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً، والالتزام بالشفافية الكاملة في مراحل مناقشة وإقرار القانون، مع السماح للضحايا والمجتمع المدني بدراسة أي تعديلات و إبداء ملاحظاتهم عليها".
وأكدت المنظمة أن "تجاهل الضحايا والمجتمع الايزيدي في صياغة هذا القانون يمثل استخفافاً بمعاناتهم وخيانة للعدالة التي يسعى الجميع لتحقيقها، فالإبادة الجماعية ليست مجرد قضية قانونية، بل جرح مفتوح في جسد الإنسانية لا يمكن علاجه إلا بعدالة شاملة تضع الضحايا في صميم العملية".
وحمّلت المنظمة في بيانها، "الجهات التشريعية المسؤولية الكاملة عن الالتزام بالمبادئ القانونية والإنسانية"، مطالب بـ"التوقف فوراً عن اتباع نهج الإقصاء والتهميش، وإن غياب الشفافية وإقصاء أصحاب القضية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الشعور بالظلم والإحباط، وسيُفقد القانون أي مصداقية على الصعيدين الوطني والدولي".
لمَ الاعتراض؟
وتعقيباً على البيان، قال رئيس منظمة بتريكور لحقوق الإنسان، خيري علي، ان "الناشطين والفاعلين اجتماعياً والمنظمات الحقوقية والحقوقيين في المجتمع ليس لديهم اي علم بخصوص محتوى مقترح قانون الابادة الايزيدية"، مؤكداً أن "المسودة لم تطرح للنقاش مع المجتمع الايزيدي وخصوصاً الضحايا وذويهم، وحتى الان لا يوجد شيء واضح بخصوص مسودة القانون المقترح".
وتابع قائلاً في حديثه مع "طريق الشعب"، انه كان يفترض ان تكون هناك "مشاركة مجتمعية والاخذ بآراء الضحايا وذوي الضحايا المتضررين من الابادة"، مشيراً الى ان "العدالة التي يبحث عنها الايزيديون لن يحققها قانون مبهم لم يأخذ برأي المستفيدين منه حتى".
وزاد على حديثه بالقول: ان "العدالة التي نبحث عنها، لا تتعلق بإصدار قانون فقط، بل محاسبة المقصرين والمتسببين بما حدث والارهابيين الذين ارتكبوا هذه الجريمة، وتحقيق العدالة الانتقالية والتعويضات كذلك"، مؤكدا أن "القانون يجب ان يغطي كل هذه المسائل، والقانون غير واضح للمجتمع الايزيدي بشكل عام. وهذا ما اثار مخاوفنا ودفعنا لاتخاذ هذا الموقف، بعد التشاور والتواصل مع ممثلين ذوي الضحايا والضحايا نفسهم وذويهم".
ونوه علي الى ان "غياب الوضوح في المقترح اثار المخاوف لدينا من تكرار تجربة تشريع قانون الناجيات الايزيديات"، موضحاً انه "لم يتم حينها التواصل والنقاش حول مسودة القانون وقتها، وحول المواد الموجودة بالقانون، وبالنتيجة القانون الذي شرع منقوص وفيه خلل، إذ لم يغطِ الكثير من التفاصيل المهمة، حتى بتنا نخشى ان نطالب بتعديله خوفاً من ان تُقضم المزيد من الحقوق".
وواصل القول: ان ما يثير مخاوفهم ايضاً هو ان "تكون هناك جهات سياسية تدفع بهذه المشاريع لاستثمارها سياسياً او ان تصاغ مواد القانون على هوى جهات سياسية تستفيد منه".
وزاد على حديثه بالقول انه تم "التواصل مع عدد من اعضاء البرلمان، حيث اكدوا وجود مسودة قانون ستتم قراءتها قراءة أولى، لكن حتى الآن لم تصل المسودة لأي جهة ايزيدية، وبموازاة ذلك تواصلنا مع المفوضية العليا لحقوق الانسان من اجل الحصول على المسودة والاطلاع عليها، لكن حتى الان لم يصلنا شيء".
واختتم حديثه بالقول: ان "اي محاولة لتشريع قوانين من هذا النوع، يجب ان تتم باشراك الضحايا وذويهم والمجتمع والنخب بعد نقاشات واسعة ومستفيضة ومراعاة كافة الجوانب التي شُرع القانون من اجلها".
مخاوف كبيرة
من جهته، قال الصحافي الايزيدي ذياب غانم ان "المكون الايزيدي كان له حصة الأسد من اضرار هجوم تنظيم داعش الارهابي على العراق بشكل عام ونينوى بشكل خاص، ولكن من المؤسف ان يكون الاعتراف بهذه الابادة الجماعية بعد مرور 10 سنوات وبهذا الشكل المعيب، بينما البرلمانات الاوربية على اختلاف مسمياتها والامم المتحدة واليونيتاد اعترفوا بالإبادة التي جرت بحق الايزيديين العراقيين قبل العراق".
وأضاف غانم في حديثه مع "طريق الشعب"، ان "البرلمان العراقي يعتزم بعد مرور 10 سنوات التصويت على مقترح قانون لم يناقش عند صياغته مع الايزيديين، ولم يأخذ برأيهم، ولم يطلعهم عليه وهم لا يعرفون عنه شيئاً".
وأشّر المتحدث في سياق الحديث "عدة علامات استفهام على المقترح نفسه، ولعل اهمها ان المقترح غير شفاف ولا يعلم الايزيديون بما يحتويه من مواد، في وقت نحمل مخاوف من تدخلات محتملة في القانون، كما حدث سابقاً مع قانون الناجيات، وتضمين مكونات اخرى بقانون خاص بالايزيديين، ويفترض ان يعالج مشاكلهم".
واكد ان "اكثر ما نخشاه هو التدخلات السياسية والمصالح الحزبية التي يمكن ان تؤثر على القانون"، مشيرا الى أن "مطالب الايزيديين واضحة والحكومة العراقية عاجزة عن تلبية هذه المطالب، او على اقل تقدير ايوائهم، او توفير الخدمات الاساسية في سنجار. مللنا من كثرة الوعود الفارغة التي لا تغني ولا تسمن".
ودعا غانم الى إشراك كافة شرائح المجتمع الايزيدي وخصوصا الضحايا وذويهم والناشطين والصحافيين وذوي الاختصاص، في صياغة القانون، بما يجعله قانونا حقيقيا يعالج مشاكلنا، لا ان يتم طرح مسودة قانون اعدّها شخص واحد، بناءً على رأيه هو لا مجتمعه.
وخلص الى ان "الاعتراض ليس على القانون، بل على طريقة إعداده وصياغته. وكون تفاصيله ومواده مبهمة ولم تطرح للرأي العام".
تواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في ظل زيادة الإنفاق، وتحول العجز التخميني إلى فعلي في موازنة العام الماضي؛ إذ تشير الأرقام إلى أن الفارق بين الإيرادات والمصروفات تجاوز 19 تريليون دينار.
وبرغم الدعوات والنصائح المتكررة لإعداد موازنة مبنية على أسس مالية واقعية بعيدًا عن المبالغات، إلا أن القوى السياسية الحاكمة مضت كعادتها في إقرار موازنة ثلاثية بمبالغ خيالية تتجاوز الإيرادات المالية المتاحة للعراق. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الإنفاق المالي، ما رفع سقف الدين الداخلي إلى 80 تريليون دينار.
وضع صعب
وفي هذا السياق، قال مصدر مطلع لـ"طريق الشعب"، إنّ "الوضع المالي في البلاد شديد الصعوبة؛ فالإيرادات النفطية بالكاد تغطي الرواتب، إذ تصل شهريا في أفضل الأحوال إلى 9 تريليونات دينار، وأحيانًا تنخفض إلى 8 تريليونات، وهو المبلغ نفسه الذي تحتاجه الحكومة لتمويل الرواتب".
وأضاف المصدر، أنّ "أي انخفاض في أسعار النفط سيدفع الحكومة إلى خيارين: إما اللجوء إلى الاقتراض الداخلي، وهو ما يتطلب منها سداد 28 تريليون دينار، أو ترحيل هذا العجز إلى الحكومة المقبلة. وهذا سيضع الأخيرة في مأزق كبير نتيجة الإنفاق الحكومي غير المدروس".
قرار من المالية
وقررت وزارة المالية إيقاف نقل خدمات الموظفين بين الوزارات والجهات غير المرتبطة بالوزارات، والترفيعات وعلاوات الموظفين، بسبب عدم معرفة سقف الإنفاق المالي للسنة الحالية.
وأظهرت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة المالية قرارًا يقضي بإيقاف نقل خدمات الموظفين بين الوزارات والجهات غير المرتبطة بالوزارات، سواء كان النقل مركزيًا أو محليًا. ويشمل القرار أيضًا نقل الخدمات بين الشركات العامة والهيئات والمديريات الممولة ذاتيًا أو تمويلًا مركزيًا.
وأشارت الوثيقة التي حملت توقيع وزير المالية طيف سامي إلى أن هذا القرار يأتي استنادًا إلى أحكام المادة (12- أولاً) من قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم (6) لسنة 2019 المعدل.
كما جاء القرار بسبب عدم وضوح سقف الإنفاق المالي لعام 2025، حيث سيسري تنفيذه اعتبارًا من 12 كانون الثاني 2025.
وتضمن القرار أيضا منع دعم الشركات العامة بالرواتب والنفقات التشغيلية من قبل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات، إلا في حال إدراجها ضمن مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2025.
خطأ الموازنة الثلاثية
من جانبه، كشف عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر عن المصروفات الفعلية للعام الماضي وقيمة العجز الحقيقي فيها، مشيراً إلى خطأ إقرار موازنة ثلاثية.
وأشار كوجر إلى أن "إقرار الموازنة الثلاثية كان خطأً، حيث إن المبالغ التي لم تُصرف في نهاية السنة تُضاف إلى موارد الدولة للسنة التالية".
وأوضح أن "مبالغ كبيرة لم تُصرف في عام 2023، ولكنها استمرت في عام 2024، مما أدى إلى صرف مبالغ من موارد 2024 على موازنة 2023 بما لا يقل عن 9 تريليونات دينار، وقد زادت إلى 11 تريليون دينار فيما بعد".
وأضاف، أن "المصروفات في عام 2024 بلغت 156 تريليون دينار، في حين أن الموارد كانت 137 تريليون دينار، مما يعني وجود عجز حقيقي يبلغ حوالي 19 إلى 20 تريليون دينار".
وحول تعديل سلّم الرواتب، أكد كوجر أن "الحكومة لم تقدم أي تعديل لسلم الرواتب إلى البرلمان، وأن هذا الموضوع غير مطروح حالياً"، مبينا أنه "لا يمكن زيادة 10 آلاف دينار على رواتب الموظفين"، مشيراً إلى أن "الوضع الحالي للحكومة لا يسمح بتعديل سلم الرواتب".
وفي ما يتعلق برواتب الموظفين، أكد كوجر أنها "مؤمنة بنسبة 100% ولا يوجد أي خطر عليها"، مبيناً أن "الحكومة لديها سبل عديدة للاقتراض واحتياطي في البنك المركزي يؤمن الرواتب بشكل كامل".
حيز أكبر من القدرة
وفي هذا الشأن، أوضح الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان، أن إقرار الموازنة الثلاثية سيكون منطقياً لو كان الوضع المالي والاقتصادي في البلد مستقراً، مشيراً إلى أن الوضع العام الاقتصادي والمالي قلق وغير مستقر.
وأضاف، أن سبب هذا القلق يعود إلى أسعار النفط وعدم استقرار الإيرادات الأخرى غير النفطية، حيث لا يزال الاعتماد على الريع النفطي مستمراً منذ أكثر من عشرين سنة.
وأشار أنطوان في حديثه مع "طريق الشعب" إلى أن الحكومة دخلت في صرفيات أكبر من طاقتها والواردات، ما أدى إلى تحول العجز الافتراضي إلى حقيقي وتراكمه، مشيراً إلى أن هذا الإنفاق الكبير لم ينعكس على أرض الواقع ولم يحقق أموراً ملموسة، حيث لا تزال نسب البطالة والفقر مرتفعة.
وأكد، أن الحكومة تتكلم أكثر مما تفعل، وأن الموازنة الثلاثية هي موازنة سياسية للترضية ولم تعالج المشاكل الاقتصادية. وأوضح أن رئيس الوزراء عندما أراد إجراء تغيير للطاقم الوزاري اصطدم بواقع مختلف، مما جعله يتحمل عبء وزراء غير كفوئين في إدارة وزاراتهم وأداء مهامهم.
وشدد أنطوان على الحاجة إلى موازنة احترافية ومهنية تعالج المشاكل والمعوقات ولديها أهداف، مشيراً إلى أن هذا غير ممكن في ظل الاعتماد على مصدر تمويل واحد وغياب التنويع، ومعاناة قطاع الصناعة والزراعة والقطاع الخاص.
وخلص إلى أن حديث الإطار التنسيقي عن ضمان العدالة الاجتماعية وتحقيقها في الموازنة بعيد عن الدقة، نظراً للعيوب التي نراها وعدم امتلاك الأدوات التي تعالج المشاكل والكفاءات التي تمارس دورها.
هدف الموازنة
وأوضح المتخصص في الشأن الاقتصادي همام الشماع أن الهدف الأساسي من إقرار موازنة ثلاثية هو البقاء في السلطة وتجنب ضغط الأطراف السياسية الأخرى على الحكومة في ما يخص الجانب المالي، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء ووزير المالية والخبراء الذين يستعين بهم لا يفهمون القضايا الاقتصادية والتوقعات المستقبلية كما يفهمها الخبراء الحقيقيون.
وأضاف الشماع، أن الموازنة الثلاثية مخالفة لكل القيم والمبادئ المالية التي تشدد على أن تكون الموازنة سنوية، حيث يتم إعدادها بناءً على تقديرات لمدة معقولة، وتوقع الإيرادات المحتملة والنفقات الأساسية في ضوء الإيرادات المتوقعة، وربط النفقات بأهداف محددة.
وأشار الشماع في حديثه لـ"طريق الشعب" إلى أن الموازنة الثلاثية وضعت لأغراض سياسية وانتخابية وليست فقط اقتصادية، بهدف البقاء في السلطة وزيادة عدد المؤيدين للانتخابات، مشيراً إلى إطلاق التعيينات وتوظيف أعداد كبيرة جداً.
وأكد، أن الوضع المالي حرج، حيث أن الإيرادات التي جاءت مقابل 156 تريليون دينار نفقات لا تغطي هذا المبلغ، وأن العجز بحجم 19 تريليون دينار كان يفترض أن يكون أكبر لو طبقت الموازنة كما وضعت بـ216 تريليون دينار، ولكن تم اختصار النفقات نظراً لعدم وجود موارد كافية لتوفير السيولة العراقية لتغطية هذه النفقات.
وفي حديثه، أشار الشماع إلى أن اللجنة المالية النيابية هي جزء من التحالف السياسي المشكل للحكومة، وأن ما يريده الإطار التنسيقي وضعه السوداني على شكل موازنة، واختصرها حين شعر بعدم القدرة على تطبيقها.
وأوضح، أن اللجنة المالية حين تقر بخطأ إقرار موازنة ثلاثية، تحاول تبرئة نفسها من المسؤولية، ولكنها في الواقع هي الأساس وهي من أقرت ووافقت على الموازنة بهذا الشكل.
بادرت لجنة العلاقات الوطنية للحزب الشيوعي العراقي، إلى اللقاء والاتصال بعدد من القوى والشخصيات المدنية الديمقراطية والوطنية، بهدف التأكيد على أهمية توحيد المبادرات الوطنية التي أطلقت أخيراً، عبر حوار وطني واسع يضع برنامجا وطنيا للعمل في مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد العراق. ودعت اللجنة في جولاتها السياسية، إلى اتخاذ خطوات عملية وجدية لتجنيب العراق مزيداً من التداعيات، وتعزيز قدراته على مواجهة المخاطر والتحديات المتزايدة، مشددة على ان هذا الهدف يتحقق من خلال العمل على خلق فضاء وطني واسع؛ بمعنى بيئة سياسية ومجتمعية، مدركة للأهداف الوطنية واجبة التحقق بعيداً عن أية مصالح وأجندات فئوية ضيقة. وأشارت اللجنة إلى أن (الفضاء الوطني) يجب ان يرتكز على قاعدة سياسية وشعبية متطلعة للتغيير الحقيقي المنشود، والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، وإعادة النظر بالعملية السياسية، مع التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة. والتقت اللجنة اخيراً، بقيادات التيار الاجتماعي والتيار الديمقراطي وحزب البيت الوطني وتيار الخط الوطني وحزب أهالي الشركاط وحزب شمس العراقي، وعدد من النواب المستقلين والنخب السياسية الفاعلة. فضلاً عن توجيه عشرات الرسائل في ذات المضمون، إلى قوى وشخصيات أخرى. كما التقت اللجنة بتنسيقية "اللجنة المركزية للاحتجاج"، وبقيادة مبادرة "مؤتمر المعارضة الوطنية" التي أطلقت أخيرا في محافظة واسط، وفاعلين اجتماعيين في عدد من المحافظات.