في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتفاقم تداعيات الأزمة السورية، طرحت "طريق الشعب" تساؤلاً مع مجموعة من المختصين في الشأن السياسي والأمني حول الإجراءات اللازمة لحماية العراق من الأخطار المحتملة، وسبل تعزيز الأمن الوطني.
واتفق المشاركون على أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لتعزيز الأمن الوطني، وحفظ السيادة، ومكافحة الفساد، ووضع حد لنهج السلطات في التضييق على الحريات.
لجنة للتنسيق والتحليل
وفي هذا الشأن، أكد المفكر غالب الشابندر ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لدرء المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن التطورات المتسارعة في سوريا وتأثيرها على الوضع الأمني في العراق، مشدداً على أهمية تشكيل لجنة تعمل على التنسيق الأمني وتحليل التهديدات.
وقال الشابندر في حديث لـ"طريق الشعب" إن "رئيس الوزراء مطالب بتشكيل لجنة تضم وزارتي الدفاع والداخلية، وجهاز مكافحة الإرهاب، وهيئة الحشد الشعبي، بالإضافة إلى الصنوف الأخرى للقوات الأمنية. تكون مهمتها جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لرئيس الوزراء لاتخاذ الاحتياطات والإجراءات المناسبة".
وأضاف، أن "هذه الإجراءات ضرورية ويجب أن تُتخذ وفق ما هو معمول به في الدول التي تحترم سيادتها"، مشيراً إلى أن "التحرك الأمني ينبغي أن يكون مبنياً على التوصيات والمعلومات التي تقدمها تلك اللجنة".
وأوضح الشابندر، أن "العراق، وفق المعطيات الحالية، قد يكون في مأمن إلى حد ما من الفوضى السائدة في سوريا"، مرجعاً ذلك إلى "المصالح الكبيرة للدول الكبرى ودول الجوار داخل العراق، بما في ذلك إيران وتركيا".
وأشار إلى أن "هذه القوى والدول ليست لها مصلحة في حدوث اضطرابات داخلية في العراق، ما يقلل من احتمالية انتقال الفوضى السورية إلى الداخل العراقي".
واختتم الشابندر حديثه بالتأكيد على "أهمية التعامل مع هذه التطورات بحذر ودقة"، معتبراً أن "تعزيز السيادة الوطنية واتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة يمثلان السبيل الوحيد لحماية العراق من تداعيات الأزمة السورية".
دعوة لتعزيز السيادة الوطنية
من جهته، أكد نائب الأمين العام لحزب التيار الاجتماعي العراقي، د. أحمد إبراهيم، أن العراق بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة ومصالحة مجتمعية حقيقية، مع تعزيز سيادته لحمايته من تداعيات الصراعات الإقليمية، محذراً من خطورة الوضع الراهن في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة.
وأوضح إبراهيم في حديث لـ"طريق الشعب" أن "إسرائيل تعتمد في تحركاتها العسكرية على تحييد الجبهات الأخرى والتفرغ لجبهة واحدة، كما حدث سابقاً في لبنان. وعلى الرغم من فشلها في القضاء على حزب الله، إلا أنها لجأت إلى وقف إطلاق النار. في ذات الوقت، استفادت قوات المعارضة السورية من هذا الوضع، وحققت مكاسب ضد النظام السوري في ظل توافق روسي-تركي-إيراني".
وأضاف ان "الأجواء الحالية تشير إلى احتمال تنفيذ هجوم واسع يستهدف لبنان بعد انهيار ما يُعرف بوحدة الساحات، بهدف إخراج حزب الله من المعادلة العسكرية وحصر نشاطه في الجانب السياسي، وهو ما حذّر منه الأمين العام السابق للحزب، الراحل حسن نصر الله، بقوله إن السيطرة على سوريا ستؤدي إلى الإطاحة بحزب الله".
العراق في مرمى الصراعات الإقليمية
وأشار إبراهيم إلى أن "العراق قد لن يكون بمنأى عن هذه التطورات"، مشيراً إلى "استمرار التهديدات بضرب الفصائل المسلحة العراقية ضمن استراتيجية تصفية الحسابات مع إيران".
ونوه إلى أن "الدور التركي في شمال العراق لا يمكن تجاهله، حيث تحتفظ تركيا بأكثر من أربعين قاعدة عسكرية، قد تُستخدم لتحركات مستقبلية"، منوهًا الى ان "الوجود العسكري يحمل أبعاداً أوسع من مجرد مواجهة حزب العمال الكردستاني".
وأكد إبراهيم، أن "إيران تتبنى سياسة أكثر براغماتية حالياً، كما ظهر في تصريحات مسؤوليها، وهو ما قد يعقد الوضع العراقي، إذا ما تحولت الصراعات الإقليمية إلى عدوان مباشر ضد العراق".
تجنب مخاطر الصراعات
وفي ختام حديثه، قدم إبراهيم جملة من المقترحات لتجنيب العراق مخاطر الصراعات الإقليمية، قائلاً: "يجب أن يتحرك العراق بشكل عاجل نحو تحقيق مصالحة مجتمعية حقيقية، بعيداً عن نظام المحاصصة الذي يعمّق الانقسامات، مع حصر السلاح بيد الدولة، ووضع استراتيجية وطنية لتعزيز السيادة وتقوية الدولة بعيداً عن أي تدخل خارجي".
كما دعا إلى "تأجيل المطالبة بسحب القواعد الأميركية إلى ما بعد إنهاء الاحتلال التركي للأراضي العراقية"، مشدداً على "ضرورة بناء قوة ردع عراقية تستند إلى القانون والسيادة، دون تكرار أخطاء الماضي عندما كانت القوة أداة عدوان على الجيران".
وختم إبراهيم حديثه قائلاً: ان "العراق اليوم أمام مفترق طرق، وإذا لم يتحرك بسرعة لتقوية مؤسساته وحماية سيادته، فقد يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع تداعيات الصراعات الإقليمية".
الحاجة إلى إجراءات أمنية عاجلة
بدوره، أكد رئيس مركز التفكير السياسي، د.إحسان الشمري، أن العراق بحاجة إلى اتخاذ إجراءات أمنية عاجلة لدرء المخاطر المحيطة به، مشدداً على أهمية تعزيز التواجد الأمني على الحدود وتكثيف التعاون الاستخباراتي مع التحالف الدولي لضمان السيطرة عليها.
وقال الشمري في حديث لـ"طريق الشعب" إن "الإجراءات المطلوبة تتمثل بالدرجة الأولى في تعزيز التواجد على الحدود العراقية من خلال قوات حرس الحدود والقوى الساندة، إضافة إلى التعاون الاستخباراتي مع التحالف الدولي لتحقيق ضبط أكبر للحدود".
ودعا إلى اعتماد "ضربات استباقية استخباراتية داخل العراق لملاحقة الجماعات المتطرفة، كتنظيم داعش وغيره، لإحباط أية محاولات لإحداث اضطرابات في هذا التوقيت الحساس".
وأشار الشمري إلى ضرورة "التواصل مع الحكومة الانتقالية في سوريا، سواء بشكل مباشر أو عبر طرف ثالث"، موضحاً أن "هذا التنسيق ضروري لتجنب المخاطر التي قد تنعكس على العراق".
وأوضح، أن "التواصل مع سوريا يكتسب أهمية خاصة في ظل مباركة رئيس الوزراء العراقي لعملية التغيير هناك، ما يعزز فرص التنسيق الأمني والسياسي بين البلدين".
دعوة للإصلاح وإنهاء السلاح المنفلت
وشدد الشمري على "ضرورة أن تتجه الطبقة السياسية العراقية نحو عملية إصلاح حقيقي لمعالجة هشاشة الوضع الداخلي الذي يعاني من الفساد، وانتشار السلاح، والتضييق على الحريات، وغياب المشاركة السياسية".
وقال إن "إنهاء حالة السلاح المنفلت والولاءات الخارجية يجب أن يكون له الأولوية"، محذراً من أن "العراق قد يصبح ضمن مخطط لتغيير الشرق الأوسط، مما يعرضه لسيناريوهات خطيرة يصعب التنبؤ بنتائجها".
واختتم الشمري حديثه قائلاً: "إن الطبقة السياسية الحاكمة فقدت فرصة إجراء تغيير حقيقي في العراق"، مشيراً إلى أن الوضع الراهن يتطلب عقداً سياسياً جديداً يعالج التحديات المتراكمة، ويضع البلاد على مسار أكثر استقراراً وأمناً".
شروط العراق للتعاون
من جانب آخر، أكد الخبير الأمني والاستراتيجي فاضل أبو رغيف أن تعامل الحكومة العراقية مع الوضع الجديد في سوريا يعتمد على طبيعة الحكومة المقبلة هناك، مشيراً إلى أن الشرط الأساسي لهذا التعاون هو أن تكون الحكومة ديمقراطية ونزيهة وتحظى بموافقة الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
وقال أبو رغيف في حديث لـ"طريق الشعب"، إن "العراق سيتعاطى مع الحكومة السورية المقبلة إذا كانت ناتجة عن انتخابات حرة ونزيهة ومقرة دولياً، بما يضمن عدم المساس بأمن البلاد".
وأضاف، أن "الحكومة العراقية سترهن تعاونها مع الحكومة السورية المستقبلية بمستوى الديمقراطية والنزاهة، وستعتمد مبدأ التعاون الأمني، مع تعزيز احترام السيادة وتطوير التعاون الإقليمي من أجل تحقيق أمن قومي مشترك بين العراق وسوريا، يمتد إلى محيط العراق الإقليمي".
الأمن السوري بوابة
لأمن العراق والمنطقة
وأوضح أبو رغيف، أن "أمن سوريا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن العراق والمنطقة ككل"، مشدداً على أن "العراق لا يجد مشكلة في التعامل مع أي حكومة سورية قادرة على بناء دولة ذات سيادة أمنية، طالما تحقق التعاون المثمر لتعزيز الأمن الإقليمي والدولي".
وأشار أبو رغيف إلى أن هذا التعاون مرهون بـ"توافق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الإقليمية، بالإضافة إلى العراق وسوريا، على تشكيل حكومة ديمقراطية بعيدة عن الإرهاب وسفك الدماء".
وبيّن أن "العراق لن يتعاون أو يقيم علاقات مع أي حكومة تصل إلى السلطة عبر العنف أو الإرهاب"، مؤكداً أن "أي مجموعة سيطرت على الحكم بالدم والقتال لن تحظى بدعم أو تعاون من العراق".
وختم أبو رغيف حديثه بالتأكيد على أن "العراق يسعى إلى ترسيخ أواصر الأمن القومي والدولي، من خلال تبني سياسات قائمة على التعاون المثمر واحترام السيادة، بما يحقق استقراراً إقليمياً شاملاً".
دعا المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي العراقي، إلى احترام إرادة الشعب السوري وتوفير الظروف المناسبة، لتحقيق انتقال سياسي آمن وسلمي، يقوم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، محذرا من الحلول المستوردة أو المفروضة، التي تؤدي إلى تعميق الأزمات.
وقال التيار الديمقراطي العراقي، امس في بيان، انه "مع سقوط النظام الاستبدادي في سوريا، تدخل البلاد مرحلة تاريخية بالغة الأهمية، تتطلب إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة حقيقية لجميع مكونات المجتمع السوري".
وأضاف، أن التحول السياسي الذي شهدته سوريا باسقاط نظام بشار الأسد "يعكس إرادة شعب عانى طويلًا من القمع والتهميش، ويؤكد حقه الطبيعي في تقرير مصيره، بعيدًا عن التدخلات الخارجية وأجندات القوى الإقليمية والدولية".
ونصح المكتب التنفيذي للتيار بضرورة "أن تُدار العملية السياسية في سوريا من خلال حوار وطني شامل، يعتمد على نبذ العنف والسلاح كأسلوب لحل الخلافات، ويكرس مبدأ السيادة الوطنية كقاعدة لاستعادة القرار السياسي المستقل".
واشار إلى أن "التحدي الأكبر أمام السوريين اليوم يكمن في تجاوز الانقسامات وبناء دولة المواطنة التي تُعلي من شأن الهوية الوطنية الجامعة، بعيدًا عن النزعات الطائفية أو العرقية التي غذتها قوى لا تريد للمنطقة الاستقرار"، داعيا "جميع الأطراف المعنية إلى احترام إرادة الشعب السوري وتوفير الظروف المناسبة لتحقيق انتقال سياسي آمن وسلمي، يقوم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان. كما نؤكد أن الحلول المستوردة أو المفروضة لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمات، وأن الحل الأمثل ينبع من الداخل، بمشاركة كل القوى الوطنية المخلصة".
واعرب التيار، في بيانه، عن أمله في "تشكيل حكومة تدير المرحلة الانتقالية تمثل مختلف أطياف المجتمع السوري، وأن تضع خارطة طريق واضحة للانتقال السياسي. نتطلع ان يكون لمبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا دور محوري، مع تعزيز مشاركة المجتمع الدولي والجامعة العربية لضمان عملية انتقالية سلمية وسلسة تأخذ بعين الاعتبار التعددية السياسية والفكرية والقومية والإثنية، كما نشدد على أهمية التهيئة لإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة وعادلة لجمعية وطنية تضطلع بمهمة صياغة دستور دائم للبلاد، يخضع للاستفتاء العام، بما يضمن مشاركة كل السوريين في تحديد مستقبلهم وبناء دولتهم على أسس الحرية والديمقراطية والتعددية".
واكد، ان "بناء دولة مدنية عصرية يتمتع مواطنوها بالمساواة بالحقوق والواجبات دون أي تمييز، هو الحصانة التي تُوصد الأبواب امام الفساد والطائفية والتدخلات الأجنبية".
وخلص الى أن "الشعب السوري اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء دولته على أسس الحرية والديمقراطية والتعددية، ونحن نثق بأن وعيه السياسي وإرادته الصلبة كفيلة بتحقيق هذا الهدف، مهما كانت التحديات".
انصرف مجلس النواب إلى عطلته التشريعية بعد فشل ذريع في أداء مهامه، وعجزه عن تعديل جداول قانون الموازنة العامة، برغم تمديد الفصل التشريعي المنقضي لشهر كامل.
وفي ظل صراع سياسي مستمر وغياب الثقة بين الكتل السياسية، تركزت الجهود على تمرير قوانين تعزز الطائفية والانقسام في المجتمع العراقي، أثارت الكثير من الجدل، ما دفع الكتل المتنفذة إلى تبني أسلوب "السلة الواحدة" في محاولة تمريرها.
وقد وجّه نواب ومراقبون انتقادات لاذعة لأداء المجلس، محملين رؤساء الكتل السياسية، المسؤولية عن تعثر البرلمان في أداء مهامه. هذا الفشل يعكس تدهورًا في القدرة على تشريع القوانين الضرورية لمصلحة الوطن والمواطن، ويزيد من تعقيد الوضع السياسي الذي يعاني من التفكك والانقسام.
نتاج سيطرة القوى الطائفية
ووصف حسين النجار، عضو تحالف 188، عجز مجلس النواب عن أداء مهامه بـ"الطبيعي"، كون القوى المتنفذة الطائفية التي تسطير على السلطة التشريعية لا "تمثل سوى مصالحها الخاصة والجمهور المحيط بها"، مشدداً على ان "الاوليغارشية السياسية التي تسيطر على البرلمان تحاول تعطيل أداء المجلس من اجل البقاء في السلطة".
وأضاف النجار في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "القوى المتنفذة حاولت تمرير ثلاثة قوانين مختلف عليها من خلال مهزلة ما سمي السلة الواحدة"، مردفا "لكن عدم ثقة هذه القوى ببضعها قادها الى الفشل في ذلك".
واكد، ان "الاعتراضات الواسعة على تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ لم تجد آذانا صاغية"، وهذا ما يدل على محاولة الانفراد والهيمنة على الدولة، مشددا على ضرورة إرسال مقترحات هذه القوانين الى الحكومة من اجل إشباعها دراسة ونقاشا، خصوصاً تعديل قانون الأحوال الشخصية.
وتابع بالقول: ان القوى السياسية المتنفذة والفاسدة، لا تريد ان ينافسها أحد على السلطة، لذلك تستخدم مختلف الأساليب لتعطيل عمل المؤسسة التشريعية، وبذلك تضمن عدم المشاركة الواسعة في الانتخابات، وحينها يمكن ان تحرك جمهورها بأساليب مجربة، وشراء الذمم لتتمكن من السيطرة من جديد على مقاعد مجلس النواب، وتديم حكمها الفاشل.
حل البرلمان
وكشف عضو مجلس النواب، محمد الزيادي، عن استمرار تعثر البرلمان في تحقيق النصاب اللازم لجلساته السابعة والثامنة، ما حال دون تمرير قوانين مهمة، مؤكداً أن إدارة رؤساء الكتل النيابية السيئة وغياب التوافق السياسي تسببا في تعثر جلسات المجلس.
وأوضح الزيادي، أن استمرار هذا التعثر يهدد بمزيد من الإخفاقات داخل مجلس النواب، مشدداً على أنه في حال بقاء الوضع على ما هو عليه بعد العطلة التشريعية، فإنه سيكون من أوائل المطالبين بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وأضاف النائب، أن مجلس النواب لم يناقش القضايا الأمنية الحرجة أو يضع استراتيجيات لمعالجة الأوضاع غير المستقرة في البلاد، ما يعكس عجزا عن تقديم أية حلول تخدم البلد والمواطن على حد سواء.
انتقادات للسلة الواحدة
بدورها، انتقدت النائبة زهرة البجاري أسلوب ربط القوانين مع بعضها في سلة واحدة، معتبرةً أن هذا النهج خطأ كبير.
وقالت البجاري، إن تمرير مجموعة من القوانين في وقت واحد، بعيد عن مبدأ الديمقراطية، انما يجب أن تكون القوانين ناضجة وجاهزة للمصادقة عليها بشكل منفصل، منوهة إلى أن هذا الربط يعطل العملية التشريعية، ويؤدي إلى عدم توافق النواب حول تلك القوانين.
وأكدت البجاري، أن الجدل الدائر حول القوانين المرتبطة ببعضها، يجعل من المستحيل تمريرها بالشكل الحالي، موضحة أن هذه الطريقة تؤدي إلى إخفاق الجلسات وعدم إقرار القوانين في الوقت المناسب.
ضعف في الأداء
من جهته، أكد الأكاديمي مهند الجنابي أن البرلمان العراقي يعاني من ضعف في أدائه التشريعي والرقابي بسبب عدم تنفيذ العديد من محاور ورقة الاتفاق السياسي التي تم التوصل إليها عند تشكيل حكومة السوداني.
وقال الجنابي في حديث لـ"طريق الشعب"، إن الورقة، التي تضمنت محاور تشريعية وتنفيذية، لم يتم الالتزام بها، ما أثر سلبا على سلوك البرلمان وصلاحياته الرقابية في مسألة السلطة التنفيذية.
وأضاف الجنابي، أن مسألة ربط القوانين مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون العفو العام في "سلة واحدة" للتصويت عليها في جلسة واحدة، تعكس حالة انعدام الثقة بين الأطراف السياسية في البرلمان.
وتساءل الجنابي عن قدرة البرلمان على إنجاز التشريعات المطلوبة في ظل التحديات السياسية الحالية؟
مع تصاعد عمليات جماعات المعارضة المسلحة في سوريا، وتقدمها في اتجاه مناطق عديدة، بدأ العراق حراكاً دبلوماسياً لإيقاف تمدد تلك الجماعات من جهة، ومنع تأثير ذلك على الحالة العراقية من جهة أخرى، وسط تحذيرات من خطط دولية تؤسس لنظام إقليمي جديد يوفر حماية كافية للكيان الصهيوني.
وتتضارب الأنباء حول تقدم مجاميع ارهابية صوب مناطق سيطرة الحكومة السورية، وسط تكذيب رسمي سوري لمقاطع فيديو بثتها منصات تابعة للجماعات المسلحة تظهر سيطرة عناصرها على مناطق في ريف العاصمة السورية دمشق.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استمرار بلاده في تقديم الدعم العسكري لسوريا من خلال قاعدة حميميم، مؤكدا أن موسكو وطهران وأنقرة اتفقت على تسهيل وقف الأعمال القتالية في سوريا.
وجاءت تصريحات لافروف بعد اجتماع صيغة أستانا الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة حول التسوية السورية، حيث التقى مع نظيريه التركي هاكان فيدان، والإيراني عباس عراقجي.
وقال لافروف أمس السبت، إن "روسيا ستواصل محاربة الجماعات الإرهابية في سوريا حتى لو ادعى هؤلاء أنهم لم يعودوا إرهابيين"، مضيفا أنّ "عملنا ليس التنبؤ بما سيحدث، بل عدم السماح للإرهابيين بالسيطرة والانتصار".
وأكد، أنّ الشعب السوري أصبح هدفا لتجربة جيوسياسية، مشددا على أنّ استخدام الإرهابيين في أغراض جيوسياسية هو أمر "غير مقبول".
ويوم الجمعة الماضي، جدّد وزراء خارجية العراق وسوريا وإيـران، رفضهم لتواجد التنظيمات الإرهابية في سوريا، فيما اكدوا ضرورة حفظ سيادة البلد من التهديدات الخارجية.
وذكر بيان مشترك (عراقي – سوري – إيراني) أن "الاجتماع تطرق إلى التحديات التي تواجهها المنطقة بشكل عام والتطورات الأمنية الأخيرة في سوريا"، مبيناً أنّ "وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران الذين اجتمعوا في بغداد تشاركوا وجهات النظر التي ركزت على خطورة الأحداث في سوريا وحساسيتها لجميع الأطراف في المنطقة، واحتماليات توسع أبعادها التي ستشكل خطراً شديداً على الدول الثلاث، وتهدد أمن شعوبها والمنطقة برمتها".
وجدد الوزراء بحسب البيان، "إدانة المشاركين للإرهاب بكافة أشكاله وصوره المصنفة من قبل مجلس الأمن، وأكدوا على العمل الجماعي للتصدي له"، فيما دانوا الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا وكذلك على غزة ولبنان.
وأشار الوزراء بحسب البيان الى أن "تهديد أمن سوريا يشكل خطراً عاماً على استقرار المنطقة برمتها، ولا خيار سوى التنسيق والتعاون والتشاور الدبلوماسي المستمر لإبعاد جميع مخاطر التصعيد في المنطقة".
وأكد البيان أنه "تم التأكيد على حشد جميع الجهود العربية والإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى حلول سلمية للتحديات التي تواجه المنطقة عموماً وسوريا على وجه الخصوص".
قوات الأمن في حالة تأهب
وعلى صعيد الاستنفار الأمني، زار رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، ونائب قائد العمليات المشتركة، الفريق أول الركن قيس المحمداوي، منفذ القائم الحدودي، وتفقدا الشريط الحدودي بين العراق وسوريا.
وذكرت قيادة العمليات المشتركة في بيان أن "هذه الزيارة تأتي في إطار إكمال خطط المناورة والانفتاح وتفقد القطعات لمجابهة جميع التحديات الأمنية".
ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن مصدر أمني رفيع، بأن العراق استقبل امس أكثر من ألف جندي من الجيش السوري عبر معبر القائم في محافظة الأنبار.
فيما أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الشمري، أن "الحدود العراقية السورية مؤمّنة بشكل كبير، حيث اتخذت القوات العراقية خطوات عسكرية وأمنية عديدة لضمان السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي"، مضيفاً أن "العراق يراقب الحدود على مدار الساعة لضمان عدم تسلل أي عناصر إرهابية".
واردف الشمري بأنه "رغم تأمين الحدود، فإن العراق يتأثر بالأحداث داخل العمق السوري، مما دفعه لرفع جاهزيته للتعامل مع أي طارئ".
هل تتحرك الخلايا النائمة؟
بدوره، تحدث الخبير الأمني أحمد الشريفي، عن احتمالية أن يحفز ما يجري في سوريا الخلايا النائمة في العراق على شن هجمات، قائلا: اذا قرر العراق الانخراط في الصراع السوري، فإن "الخلايا النائمة قد تُحرَّك"، موضحًا أن "النأي بالنفس" والتعامل بحذر مع المعطيات السياسية سيحافظ على استقرار الجبهة الداخلية.
وقال الشريفي لمراسل "طريق الشعب"، أن "الحصانة الفعلية للجبهة الداخلية لا يمكن أن تتحقق دون تأمين الجبهة الخارجية"، مشيرًا إلى أن "هذه الأخيرة تتعرض لصراع إرادات وتقاطع مصالح إقليمية وليس لتهديد تقليدي".
وأضاف الشريفي، ان "الأزمة السورية تحتاج لحلول سياسية أولًا، يليها جهد أمني وعسكري كداعم لهذا النهج".
وبحسب الشريفي، أنّ "اللقاءات الجارية في قطر تسهم في تأسيس نظام إقليمي جديد، موضحا أن صانع القرار السياسي الحكومي يجب أن يعي التوازنات الإقليمية والدولية بشكل دقيق ويستشرف المستقبل السياسي والعسكري للعراق".
وأشار إلى أن "التوازنات الإقليمية الدولية تؤثر بشكل كبير على الوضع في العراق، مؤكداً أن النصر والهزيمة مرتبطان بالقرار السياسي".
وبيّن الشريفي، أن "الوضع في سوريا يشير إلى اتجاه نحو "أقلمة سوريا" في إطار نظام فيدرالي، وهو مشروع يحظى بدعم إقليمي ودولي"، مشيرا إلى أن "تقسيم سوريا ليس خيارًا مطروحًا، بل هناك توجه نحو توسيع الإدارة الذاتية ضمن إطار فيدرالي".
إضعاف دول المنطقة
فيما أكد السياسي والقاضي المتقاعد وائل عبد اللطيف، أن ما يحدث في سوريا هو "جزء من مشروع أوسع يهدف إلى إضعاف المنطقة وتقسيمها، وذلك في إطار السعي للهيمنة على مقدراتها".
وأضاف عبد اللطيف في تصريح خاص لـ"طريق الشعب"، أن "العراق ليس بعيدًا عن تطورات الوضع في سوريا"، مشيرًا إلى أن "أي تأثير يحدث في سوريا سيطال العراق بشكل أو بآخر، وخاصة إذا سقطت سوريا بالكامل في يد الجماعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح عبد اللطيف، أن "الدعم الذي تقدمه القوى الدولية لهذه الجماعات يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وخلق أزمات تؤدي إلى إضعاف دول المنطقة"، محذرا من أن "هذا الدعم قد يجعل الإرهاب أقرب إلى الحدود العراقية، ما يهدد الأمن القومي".
وأشار إلى أن "مشروع تقسيم المنطقة يهدف إلى ضمان حماية الكيان الصهيوني وتعزيز أمنه في ظل التهديدات المتزايدة من عمليات طوفان الأقصى والمعارك في لبنان".
قمة بغداد الطارئة
أما رئيس مركز التفكير السياسي د. إحسان الشمري، فقد رأى أن انعقاد القمة الطارئة في بغداد بين وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا يعكس حسابات استراتيجية عراقية، يهدف إلى تعزيز محور ثلاثي دبلوماسي بين الدول الثلاث
وقال الشمري، إنّ "القمة جاءت في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية على الأراضي السورية"، مشيراً إلى أن "العراق اتخذ موقفاً واضحاً بالاصطفاف إلى جانب سوريا في مواجهة هذه التحديات"، مضيفا أن "الاجتماع ركز على محاولات الضغط على أطراف فاعلة في الأزمة السورية، خاصة أن العراق يحتفظ بعلاقة مميزة مع الولايات المتحدة، ما قد يتيح فرصة لدفع نحو تسوية مقبولة لدى سوريا وإيران".
وأضاف الشمري، أن "العراق سيعمل على تفعيل مستويات التعاون مع سوريا وإيران، بما يتجاوز التصريحات الدبلوماسية التي طُرحت في المؤتمر الصحفي المشترك"، مؤكدا أن هذا "التعاون قد يشمل تقديم دعم أمني واستخباراتي، أو إنشاء منطقة عازلة لمنع تسلل التنظيمات المسلحة، وحتى توجيه ضربات جوية إذا استشعر العراق تهديداً على حدوده".
وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، أشار الشمري إلى أن "الولايات المتحدة تضغط على العراق لعدم التدخل في الشأن السوري"، معتبراً أن "أي طلب عراقي للتوسط في حل الأزمة قد يُقابل باستغراب أمريكي!".
واختتم الشمري حديثه بالتأكيد على أن العراق لن يقبل بتنفيذ أي شروط أمريكية، وسيواصل سياسته المستقلة في التعامل مع الملف السوري بما يحقق مصالحه الاستراتيجية.
سمح أسلوب السلة الواحدة - وهي بدعة كوميدية لا أساس قانوني لها - للكتل الطائفية المتنفذة في مجلس النواب العراقي، بتمرير الجزء الأهم في التعديل غير الدستوري واللا إنساني لقانون الأحوال الشخصية، بعد ربطه بقانونين جدليين، هما تعديل قانون العفو العام ومشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل.
ففي حين أن القوانين ومنها قانون العفو العام يجب أن تخدم قضايا الناس الملحة، وتنقذ الأبرياء منهم، يراد بها هنا - عبر صفقات سياسية فاسدة ومساومات بائسة - إنقاذ عدد من الإرهابيين وسارقي المال العام.
وسادت أجواء من الفوضى والتراشق الكلامي وعدم الشفافية جلسة مجلس النواب ليوم أمس، اذ غابت التصريحات الرسمية حول هل تم التصويت على هذه القوانين فعلاً مثل ما ظهر في أحد الفيديوهات، أم رفعت الجلسة حقاً للتداول. في مشهد يدل على دهاء المتنفذين المهيمنين على مقاعد مجلس النواب. وحصل بسبب ذلك إرباك للرأي العام قبل أن تقرر رئاسة البرلمان رفع الجلسة رسمياً. وهذا يؤكد حالة الخراب التي تمر بها الدورة النيابية الحالية.
ليس غريباً التراجع عن التصريحات التي جرى فيها رفض العودة إلى أسلوب السلة الواحدة، وان تشبع القوانين المختلف عليها نقاشاً، وصولاً إلى مرحلة التصويت دون عوائق، إذ شهدنا جلسات وجلسات يُغّيب فيها النظام الداخلي واحترام الدستور والقانون، وتشترى فيها الذمم ويُراقب فيها صوت النائب في مسـألة اختياره ممثله في هيئة الرئاسة.
فيما غاب تماماً دور هذا المجلس الفاقد للشريعة الشعبية في مراقبة الأداء الحكومي وتشريع القوانين التي تهم الناس وقضاياهم الملحة.
ألا يعلم النواب الذين يفترض بهم معرفة مهامهم الدستورية، بحجم خطورة الأوضاع التي تجري في سوريا، أم أن مصالحهم الذاتية هي الأساس، وما تبقى ثانوي، اذ تؤكد هذه الأساليب حجم أزمة الثقة بين القوى المهيمنة على القرار النيابي، ومساعي تكريس مصالحها البعيدة عن حاجات الناس وتطلعها إلى العيش الكريم، من خلال وضع العديد من القوانين المختلف عليها في جلسة واحدة، لضمان تمريرها بصفقة نهج المحاصصة الطائفية المقيتة سيئة الصيت، فيما يُبقي المتنفذون على الأزمات ويرحلونها إلى استعصاء آخر، بغية البقاء في السلطة ليس إلا.
ويبدو أن الحراك النيابي والسياسي والاجتماعي والشعبي الذي قاده تحالف 188 الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية في المدة الماضية، والملاحظات الجدية التي قدمت على مشروع قانون الأحوال الشخصية، لم تجد طريقها في التعديلات، ما يفند ادعاء الكتل المتنفذة بالاستماع إلى الرأي الآخر من خلال جلسات الاستماع المزعومة.
لذا نخاطب باسم النساء، الأمهات المتضررات من هذا القانون، خصوصاً فقرة الأثر الرجعي، وباسم الإنسانية وحقوق الانسان، باسم العراق وشعبه الكريم، نخاطب ما تبقى من الضمير الانساني، في عدم التصويت بشكل نهائي على هذا التعديل، كونه سيسلبهن حق الأمومة، وأن يسحب القانون من مجلس النواب فوراً.
كما نؤكد على أننا ماضون في جميع الإجراءات الدستورية والقانونية حالياً ولاحقاً من أجل إحقاق الحق للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي للشعب العراقي وعدم تفرقته طائفياً واثنياً، رغماً عن محاولات المتنفذين في مجلس النواب في تكريس ذلك، عبر وضع صياغات طائفية وعنصرية، في التعديل المطروح.
أخيراً، نقول إن تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية بمثابة صفقة عار، مقابل إطلاق سراح سجناء بتهمة الإرهاب والفساد، وإدخال النساء والقاصرات في سجن العبودية الذكوري!