أقامت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، أمس الأول، المهرجان الخامس للشهيد الخالد الرفيق حسين أحمد الموسوي (سلام عادل). وفي أجواء احتفائية وبحضور سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي وعدد من الرفاق في قيادة الحزب وضيوف من الشخصيات السياسية والاجتماعية والفنية وجمع غفير من الرفاق والاصدقاء، انطلقت فعاليات المهرجان الخطابي الفني على قاعة نقابة المعلمين العراقيين في النجف التي اكتظت بالحاضرين.
تحية الى أرواح الشهداء
وبدأ المهرجان بالاستماع الى النشيد الوطني العراقي ومن ثم الوقوف دقيقة صمت تكريما لأرواح شهداء العراق والحركة الوطنية.
وتحدث عريف الحفل الرفيق عبد السادة البصري عن الجريمة التي ارتكبها المجرمون قبل واحد وستين عاما عندما عذبوا الرفيق سلام عادل، وقتلوه وارتكبوا افظع الأعمال الوحشية بحق المناضلين واختطفوا الوطن والقوا باحقادهم على ثورة 14 تموز الفتية التي قدمت الكثير من المنجزات، وكانت بداية الطريق نحو الازدهار لولا انهار الدماء التي سفكت من أجل إجهاضها وتدمير البلاد.
ووجه البصري التحايا وكلمات الشكر والتقدير الى نساء العالم والعراقيات على وجه الخصوص، بمناسبة الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة، مبينا دور النساء الثمين وكفاحهن وسعيهن الى ايجاد وطن آمن ومستقبل مزدهر وحياة كريمة.
كلمة الحزب الشيوعي
وبعد كلمة الحزب التي القاها الرفيق فاروق فياض عضو المكتب السياسي، قدّم الاستاذ نجاح سميسم التهنئة الى الشيوعيين بمناسبة اقامة المهرجان الخامس للشهيد الأسطورة سلام عادل، والقى كلمة اللجنة العليا للتيار الديمقراطي والأمانة العامة للتيار الديمقراطي الاجتماعي، والمنشورة في مكان آخر على هذه الصفحة.
قصائد عن بطولات الشهيد
وبعد الكلمات الخطابية بدأت فقرة الشعر مع قصيدة الشاعر عام الوطيفي ألقاها على مسامع الحاضرين، أعقبتها اجواء احتفائية واهازيج وتصفيق حار من الحاضرين.
ومن محافظة البصرة، ألقى الشاعر بلال عباس قصيدة عن المناسبة.
كلمة عن حياة الاسطورة سلام عادل
من جانبه، قدّم الدكتور باقر الكرباسي، كلمة عن حياة الشهيد الاسطورة سلام عادل، سلّط فيها الضوء على محطات هامة من حياة الشهيد على المستوى الاجتماعي والسياسي.
وتناول الكرباسي العديد من التفاصيل خلال كلمته المنشورة في مكان آخر على هذه الصفحة.
فقرات فنية متنوعة
واستمر الحفل في فقراته المتعددة، حيث اعتلى المنصة الرحالة البصري عبد المنعم الديراوي، ليتحدث إلى الحاضرين عن رحلاته حول العالم وزيارته الى القبائل والمناطق التي لم يصلها غيره من قبل، مبينا مجموعة من القيم الانسانية التي وجدها لدى أمم وشعوب وقبائل أخرى بعيدة، والمعاناة التي تلحق بالإنسانية، والتي تستحق الوقوف عندها وتسليط الضوء عليها.
وفي فقرة الرسم الحر قام الفنان الشاب محمد الرسام برسم صورة الرفيق الشهيد سلام عادل، فيما أهداها عند اكتمال الى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وسط تصفيق حار واعجاب من الحاضرين بجمالية اللوحة وروعة تنفيذها.
وفي آخر الفقرات الفنية، قدّم الفنان جعفر حمزة، وصلات غنائية لتأتي بعدها في الختام كلمة قدمتها الرفيقة ملاذ الخطيب، حيّت فيها النساء بيومهن العالمي 8 آذار.
هذا وحضر المهرجان الى جانب الرفيق رائد فهمي اعضاء قيادة الحزب الرفاق: بسام محي، د. صبحي الجميلي، فاروق فياض، سهاد الخطيب، حجاز بهية، بهجت الجنابي ومحمود سعدون وميعاد القصير.
قال نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بسام محيي، إن « السلطة السياسية تتمركز بيد حفنة قليلة من القوى المتنفذة التي تحتكر المال والنفوذ وتهيمن على مؤسسات الدولة، مقابل أغلبية كبيرة من الطبقات والشرائح الاجتماعية التي تمثل الفقراء والمعدمين والمتضررين من الطائفية السياسية التي أوصلت البلاد إلى مزالق خطرة»
جاء ذلك في ندوة نظمتها منظمة الحزب في غوتنبرغ السويدية يوم 13 كانون الثاني الحالي، وتحدث فيها الرفيق لمجموعة من الشيوعيين وأصدقائهم عن الاوضاع السائدة في العراق.
وأشار محيي إلى، «مظاهر عدم الاستقرار حول الدولة ومؤسساتها إلى اقطاعيات للأحزاب المتنفذة، فضلا عن الدور المتنامي للجماعات المسلحة وخلق سلطات فرعية متنفذة تعيق عمليا تطبيق القوانين وتعميق العمل المؤسساتي وحتى تعريض سيادة البلاد إلى مخاطر جدية»، مبيناً أن «من مؤشرات عدم الاستقرار فشل الحكومة الحالية التي شكلها تحالف الإطار التنسيقي وعجزها عن تحقيق اي تقدم لإنهاء الازمات العالقة ومنها تلك المتعلقة بالعلاقة مع إقليم كردستان أو تلبية مطالب الجماهير في تحسين ظروفهم المعاشية والاقتصادية».
وتحدث الرفيق عن «معاناة البلد بسبب حالة الفوضى التي يعيشها جراء استمرار الاعتماد على الاقتصاد الريعي المرتبط بواردات النفط وانعدام الاستراتيجيات الاقتصادية على صعيد الصناعة والزراعة والخدمات، بالرغم من تشريع قانون الموازنة الذي ينبغي أن يحقق نقلة في الحياة الاقتصادية والمعاشية للمواطنين إلا ان معدلات التضخم تصاعدت مقرونة بارتفاع الاسعار وتذبذب سعر الدولار مما خلق مظاهر من الفوضى أثرت بشكل كبير ليس فقط على القدرة الشرائية للمواطنين بل على الفئات الاجتماعية الفقيرة ومحدودة الدخل وحتى على الفئات الوسطى، وكما أشرت المصادر الرسمية لوزارة التخطيط فان معدلات الفقر قد ارتفعت وزادت نسبة معدلات تحت خط الفقر لأكثر من 23 بالمائة من السكان».
وتطرق نائب سكرتير الحزب إلى بعض إجراءات السلطات التي لعبت دورا في حالة عدم الاستقرار، منها قضية انتخاب رئيس لمجلس النواب التي تحولت إلى سوق لشراء الذمم وصورة كبيرة لصفقات الفساد السياسي التي تعكس مستوى ضعف الأداء لمجلس النواب البعيد عن مصالح الجماهير وترسيخ قيم لا أخلاقية في الممارسة السياسية.
رفض وسخط
منوها إلى أنه على الرغم حالة اليأس والإحباط التي أصابت الناس جراء أداء المنظومة الفاسدة في الحكم إلا ان هذه المعاناة الكبيرة للجماهير تتحول إلى عملية رفض وسخط كبيرين وترفع من قدرات الحراك الاحتجاجي والشعبي الرافض لمنظومة الحكم ويتجلى ذلك في الحركات الاخيرة للمحاضرين وتظاهرات المتقاعدين والاحتجاجات بشأن سلم الرواتب وغيرها.
وأشار الرفيق محيي إلى، أن «أمام هذه الازمات واحتكار السلطة ومظاهر تقويض الحريات ومعاناة جماهير شعبنا العراقي باتت عملية التغيير اي الخلاص من منظومة الطائفية السياسية أمرا ملحا لإعادة بناء الدولة على أساس المواطنة الحقيقية وترسيخ مبادئ حقوق الانسان وضمان الحريات والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية».
وتناول الرفيق خلال الندوة بشكل واسع مساهمة الحزب الشيوعي العراقي وقوى التغيير الديمقراطية في انتخابات مجالس المحافظات في كانون الاول 2023 وتشكيل تحالف قيم المدني وقوائم اخرى باعتبار الانتخابات إحدى ميادين الصراع السياسي والاجتماعي، واضعين أمامهم أهدافا عبر عنها في شعار «لا للمحاصصة.. لا للفساد.. لا للسلاح المنفلت وشعار تحالف قيم « جايين نغير».
وبيّن الرفيق موقف الحزب الشيوعي من دور وأهمية تشكيل مجالس المحافظات والاشتراك في منابرها لإيصال صوت الجماهير في المحافظات والدفاع عن مصالحها ومواجهة الفساد واحتكار السلطة وممارسة الدور الرقابي عليها، وتعتبر مساهمة الحزب في الانتخابات إحدى وسائل او رافعات التغيير، موضحا ان الانتخابات تبقى إحدى تكتيكاته السياسية في خوض نضاله ومعارك السياسية، دون التخلي عن اسلوبه الكفاحي الرئيسي في الضغط الجماهيري والتعبير عن مصالح الطبقية للجماهير المتضررة من منظومة المحاصصة والفساد.
كما بين الرفيق أهداف الحزب في المشاركة في الانتخابات، وقراره جاء مختلفا عن ظروف مقاطعته للانتخابات البرلمانية السابقة، موضحا التباين بين انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، كما كان للحزب اهداف سياسية وتنظيمية وتعبوية وإعلامية وجماهيرية تهدف إلى الترويج إلى مشروع التغيير وتعبئة الجماهير.
دور الشيوعيين
وأشاد الرفيق بسام بجهود رفيقات ورفاق منظمات الحزب الذين دشنوا حملة انتخابية واسعة شارك فيها المئات من المناضلين متحدين المصاعب والظروف المحييطة بالانتخابات من احتكار للسلطة وتسخير موارد الدولة واستخدام المال السياسي والمليشيات والضغوط على الدعايات الانتخابية والضغوطات الخارجية، فضلا عن طبيعة القانون الانتخابي والاشكاليات التي واجهت العملية الانتخابية، ومظاهر العزوف الكبيرة في عدم المشاركة في الانتخابات التي شكلت نسبة قليلة ممن يحق لهم المشاركة وهو تعبير عن حالة الرفض لمنهج الحكم وممثليه.
وأشار إلى، أن «نتائج الانتخابات تحولت إلى ساحات للصراع على تشكيل الحكومات المحلية وخاصة لتلك القوى المتنفذة بعيدا عن مصالح الجماهير وحاجاتها إلى تحسين أوضاعها الخدمية أو المعاشية. وأن ما حققه تحالف قيم المدني من مقاعد في مجالس المحافظات إنما يعبر عن امكانيات غير قليلة تمتلكها القوى المدنية والديمقراطية التي ينبغي مراكمتها بغض النظر عن حجم الواقع المرير والضغوطات الكبيرة التي تواجهها قوى التغيير».
وبيّن ان «نتائج الانتخابات لم تكن مرضية للحزب الشيوعي العراقي حيث لم يتمكن من الحصول على مقاعد في مجالس المحافظات و ستخضع هذه التجربة إلى الدراسة والبحث والتحليل وتقديم تقييم شامل ذي أبعاد فكرية وسياسية وتنظيمية ارتباطا بالظروف الموضوعية المحييطة بالحملة الانتخابية والتي من الضروري التركيز على تنظيم مراجعة نقدية شاملة لها دون اي تردد، بل من منطلق الحرص والمسؤولية اتجاه الحزب وسياسته، كما أن من اهداف هذا التقييم استخلاص الدروس والعبر لهذه التجربة والعمل على تجاوز النواقص والثغرات، وأشار أيضا أن قيادة الحزب ومنظماته تتحمل المسؤولية في خوض الانتخابات وجميع القرارات المتخذة على الصعيد السياسي والتنظيمي، وهذا ما تقوم به الآن منظمات حزبنا وأعضائها في دراسة الاسباب والخروج بخلاصات تهدف إلى تحسين الأداء الحزبي على الصعد السياسية والتنظيمية والجماهيرية والتعبوية، مؤكدا على قوة وتضامن الشيوعيين وتمسكهم بوحدة حزبهم الشيوعي وإصراره على مواصلة الكفاح في الاستمرار في معارضة المنظومة الحاكمة والفاسدة للدفاع عن مصالح جميع الطبقات والفئات الاجتماعية لشعبنا لإحداث التغيير الحقيقي».
وفي نهاية اللقاء تمت الاجابة والتوضيح على استفسارات الحاضرين.
قال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، ان عدم اهتمام الناخبين بالعملية الانتخابية “أمر مبرر” في ظل وجود المال السياسي والسلاح المنفلت واساليب تقييد الثقاقة، مردفا أن الخطورة لا تكمن في فقدان الثقة بالعملية الانتخابية انما بالاحباط الذي يتولد عند القطاع الأوسع من العراقيين.
جاء ذلك في جلسة أقامها اتحاد الادباء والكتاب العراقيين، أمس الاربعاء، بعنوان “المثقف والعملية الانتخابية”، حاضر فيها الرفيق فهمي، فيما ادارها رئيس الاتحاد الناقد علي الفواز، ناقشت أهمية الجدل الثقافي والسياسي، والقضايا الاشكالية المتعلقة بالدولة والديمقراطية والحرية والحقوق والمشاركة والتنوع وغيرها، لأجل تأسيس مسارات راشدة لبناء الدولة.
أهمية الجدل الثقافي والسياسي
وبعد أن رحّب مدير الجلسة بالرفيق رائد فهمي والحاضرين، بيّن ان هذه الفعالية تهدف لمناقشة أهمية الجدل الثقافي والسياسي.
ولفت الى ان استضافة رائد فهمي، كسياسي عراقي معروف، تنطلق من امتلاكه والحزب الشيوعي العراقي مشروعا كبيرا، وان الديمقراطية تقتضي وجود المشاريع، مؤكدا على أن العملية السياسية معقدة جدا، وتتطلب وجود فضاء عام وفاعلين وصناع اسئلة حقيقيين، يمكن لهم المشاركة بوعي وبمسؤولية في التعاطي مع هذه الاشكاليات.
وفي بداية حديثه، اكد الرفيق فهمي، ان دور الثقافة والمثقفين، يشكل جزءا من صراع الافكار والوعي، وأن المثقفين بجميع تخصصاتهم لا بدّ لهم من العمل على خلق فضاء فكري عام لمواجهة الافكار غير البناءة، التي تتضمن ابعادا تمييزية وعصبوية تعيق التطور وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي.
ولفت الى أن السلطات تحاول التضييق على المثقف وسلبه ادواته الفنية والادبية والابداعية، مشيرا الى أن تعثر عملية الانتقال من النظام الديكتاتوري الى الديمقراطي، يكمن في افتقادها الأدوات الاساسية بعد العام 2003 وما رافق ذلك من احتلال وعوامل خارجية عقّدت المشهد، حيث ما زالت قضية الدولة وبناؤها وشكلها محل صراع لم ينقطع.
ورأى الرفيق فهمي، ان منظومة القوى المتنفذة تحاول الاكتفاء بالنظرة الضيّقة للديمقراطية واختزالها بعملية التصويت الانتخابي، بينما تسعى البلدان المتقدمة الى تعميق الديمقراطية وتقريب المواطن بشكل اكبر من صناعة القرار وتوسيع مشاركته السياسية والاجتماعية.
وشدد على أهمية ايجاد مساحة دائمة من الحريات والمؤسسات القادرة على ضبط هذا الصراع، ضمن الاشكال السلمية وان لا تكون السلطة وعمليات اعادة انتاجها مغلقة كما يجري الآن، الامر الذي أفرز إحباطا كبيرا لدى الناس والناخبين من جدوى التصويت، وتحويله الى عنصر لاضفاء الشرعية على ما يجري من خراب.
تركة ثقيلة وانتقال لم يتكمل
وقال فهمي، أن البلاد ما زالت ومنذ سنوات في حالة انتقالية من النظام الاستبدادي الذي دمر البنية المؤسسية والاجتماعية والفاعلين الحقيقيين الذين يمكن ان يسهموا في اي عملية تقدم من خلال الثقافة، وبالتالي فانها لم تصل الى المرحلة الديمقراطية المطلوبة.
وبيّن أن تعثر عملية الانتقال يكمن في افتقادها الأدوات الاساسية بعد عام 2003 وما رافقها من وجود احتلال وعوامل خارجية عقّدت المشهد، وما زالت قضية الدولة وبناؤها وشكلها محل صراع لم ينقطع، مشيرا الى أن العملية السياسية التي يفترض ان تقود الانتقال، بُنيت على أسس خاطئة بنيويا، وهي تتعارض مع مقومات الدولة الديمقراطية بأركانها السليمة التي تتضمن المؤسسات والانتخابات وغيرها.
وأردف فهمي، ان ما تمت صياغته هو الاكتفاء بالنظرة الضيقة للديمقراطية واختزالها بعملية التصويت، في الوقت الذي تسعى فيه حتى البلدان المتقدمة الى تعميق الديمقراطية وتقريب المواطن بشكل اكبر من صناعة القرار وتوسيع مشاركته السياسية والاجتماعية.
صراع فكري وثقافي وسلطوي
ومضى فهمي في حديثه قائلا: أن الصراع في العراق يتضمن ابعادا فكرية وثقافية وسلطوية حول كيفية تحديد مسار بناء الدولة، من حيث الشكل والمحتوى، وما نطمح اليه هو ان تكون خادمة بالدرجة الاساس للمواطنين وليست حكرا على جماعات سياسية معينة تراعي مصالحها الضيقة، انما يجري السعي الى تحقيق درجة معقولة من العدالة الاجتماعية والتوازن.
واشار الى أن هذا الصراع يتضمن بعدا اجتماعيا كبيرا، ولا نريده ان يكون خارج الاجواء السليمة البعيدة عن الحريات، وضمن المؤسسات الديقراطية، وان لا يصل الى مرحلة الاحتدام والعنف، ورهن ذلك بـ”وجود مساحة دائمة من الحريات والمؤسسات القادرة على ضبط هذا الصراع ضمن الاشكال السلمية، وان لا تكون السلطة وعمليات اعادة انتاجها مغلقة، كما تجري المحاولة الآن، وما انتجته من احباط للناس والناخبين من جدوى التصويت واحتمالية تحويله الى عنصر لاضفاء الشرعية على ما يجري من خراب”. ونبه سكرتير اللجنة المركزية الى ان الخطورة الكبيرة لا تكمن في اختزال العملية الديمقراطية في الممارسة الانتخابية فقط، بل في الاحباط الذي يتولد عند القطاع الاوسع وفقدان الامل من امكانية تحقيق التغيير او الاصلاح، في ظل وجود المال السياسي والسلاح المنفلت واساليب تقييد الثقاقة ووضع المحددات على الحريات.
ما هو دور الثقافة والمثقفين؟
ونوّه فهمي بان نسبة المقاطعة للانتخابات الحالية والماضية تتراوح ما بين 70 – 80 في المائة، وهناك غضب على اداء المنظومة الحاكمة، معتبرا عدم مبالاة الناس بالتصويت “امرا مبررا، ولكن عند الحديث عن دور المثقف في هذا المشهد، يجب ان نأخذه من جوانب عديدة، لان للمثقف دورا كبيرا في عملية صناعة الرأي المجتمعي والتأثير فيه”.
وربط الرفيق فهمي “أسباب عزوف الناس عن الانتخابات بشكل عام ـ ونحن نطرحها هنا كمثال لا للحصر عن ازمات النظام الحالية ـ بجوانب عديدة منها قناعة قطاعات واسعة بعدم الجدوى من التصويت في ظل ما يجري، وآخرون يرفضون المنظومة الانتخابية بمؤسساتها من مفوضية وقانون انتخابات وغيرها. بينما يصل غيرهم الى حد رفض العملية السياسية والنظام السياسي بأكمله. ومن هنا يقاطع الانتخابات”، متسائلا “لكن ما هو البديل لهذه الآراء، خصوصا وأن هذا الاحباط لا يقابله فعل احتجاجي على ارض الواقع؟”.
وفي ما يخص دور الثقافة والمثقفين، ذكر فهمي أنه “جزء من صراع الافكار والوعي، وأن المثقفين بجميع تخصصاتهم لا بد لهم من العمل من اجل محاولة خلق فضاء فكري عام لمواجهة الافكار غير البناءة، والتي تتضمن ابعادا تمييزية وعصبوية معوقة امام التطور وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي”.
واوضح أن السلطات تحاول التضييق على المثقف وسلبه ادواته الفنية والادبية والابداعية، ونحن لا نتوقع منها افضل من ذلك وهذا يتقاطع مع مصلحتها، وهي تنظر بخشية الى اي تطور او نشاط ثقافي ابداعي.
وتساءل فهمي، “اذا كانت العملية الانتخابية غير مجدية بنظر المثقفين او غيرهم، فما هو البديل لتغيير حالة الفشل والتعثر بالانتقال الى الديمقراطية سوى الاحتجاج والعمل على خلق البديل المطلوب؟”، معتبرا ان “المشاركة في الانتخابات وممارسات الفعل الاحتجاجي هي عوامل غير متناقضة، ولا يمكن فصلها او جعلها بين نقيضين.
عقدت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية (الحزب الشيوعي الأردني، الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الشيوعي اللبناني، حزب الشعب الفلسطيني، الحزب الشيوعي المصري، الحزب الشيوعي السوري الموحد، الحزب الشيوعي السوداني، الحركة التقدمية الكويتية، حزب التقدم والاشتراكية المغربي، المنبر التقدمي البحريني) اجتماعاَ استثنائياَ يوم الأربعاء الموافق 20 كانون الأول 2023.
تناول الاجتماع استمرار العدوان الصّهيونيّ الدموي والشامل على الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصاً جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة المحاصر، وأهداف هذا العدوان ومِنْ ضمنها، مخططات تهجير الفلسطينيين ومساعي تصفية قضيتهم الوطنية، وتحديد مهمات العمل المشترك لهذه الأحزاب، من أجل استمرار التصدي للمخاطر الجدية الراهنة لتصفية القضية الفلسطينية، وتهديد أمن وسلامة المنطقة وشعوبنا العربية، والتحديات الكبيرة القائمة جراء ذلك.
وقد وجه اجتماع الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية، التحية والتقدير العاليين للمقاومة البطولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، وللصمود الأسطوري لقطاع غزة في وجه العدوان وحرب الإبادة غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وراح ضحيتها حتى الآن أكثر من (20) ألف شهيد وشهيدة، جلّهم من الاطفال والنساء.
وأكد الاجتماع مجدداَ على الحق المشروع للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال وعصابات المستوطنين، وفي اللجوء إلى أشكال النضال كافة، بما في ذلك المقاومة الشعبية والمسلحة، للجم العدوان، وإنهاء الاحتلال، وانتزاع الحقوق الوطنية والإنسانية كاملةً، وفي مقدمتها، الحقّ في تحرير وطنه، والعودة، وتقرير المصير، وإقامة الدَّولة الوطنيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس.
كما حيا الاجتماع، التحركات والأنشطة الاحتجاجية الحاشدة، العربية والدولية، والغضب الشعبي العارم على عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني البشعة، والتضامن غير المسبوق في جميع أنحاء العالم مع نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية والوطنية المشروعة والعادلة. كما حيا دور القوى الشيوعية واليسارية والتقدمية في تلك التحركات الاحتجاجية والتضامنية.
وبعد نقاش موسع ومعمق، أجمعت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية المشاركة في هذا الاجتماع، التأكيد مجدداَ على الآتي:
إن حالة الصمت للمجتمع الدولي إزاء العدوان الصّهيونيّ - الأميركي على الشعب الفلسطيني، وما ارتكبه ولا يزال يرتكبه مِنْ إبادة جماعيَّة وجرائم حرب أخرى مختلفة، وعجزه الكامل عن تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات عملية وملموسة للجم هذا العدوان وممارساته التي تشكل انتهاكاَ جسيماَ وصارخاَ للقوانين والمواثيق الدولية كافة، والتقاعس عن مساعدة وانقاذ المدنيين الفلسطينيين، شكّل على الدوام وما زال عامل تشجيع لأميركا وحليفها الاحتلال الصهيوني - الاستيطاني الإحلاليّ والعنصري - على مواصلة عدوانهما وجرائمهما الفظيعة، بل وشكل غطاء لكل ذلك.
هذا إلى جانب استمرار حالة العجز (والتواطؤ) العربي الرسمي الذي حال دون اتخاذ موقف عربي موحد، يرتقي إلى مستوى التعامل المفترض مع حجم العدوان والمجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمخاطر على قضيته الوطنية، وعلى أمن وسيادة الدول العربية، ولو حتى بحدود تقديم العون الإنساني الكافي لضحايا العدوان في قطاع غزة وضمان إيصاله لهم.
وفي هذا السياق، عبر الاجتماع عن إدانته لتماهي بعض الأنظمة السياسية مع قوى العدوان الصهيوني – الأميركي، والتعاون مع أحلافه العسكرية في المنطقة.
إنَّ استمرار الاحتلال الصّهيونيّ، ومواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، بدعم من الامبريالية الأميركيَّة وحلف شمال الأطلسي والقوى الرجعية العربية، هو جذر معاناة الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ومشكلاتها، ومصدر انعدام الأمن والاستقرار فيها. ومِنْ جرَّاء ذلك، تستمرّ الصراعات، وتُحرم الشعوب من العيش بسلام، وسوف تبقى في خطر الوقوع في دوامة حرب شاملة.
إن على المجتمع الدولي (ممثلا بمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها) تحمل مسؤولياته الفعلية بصورة ملموسة لإلزام الاحتلال الصّهيونيّ بالقوانين والمواثيق العالمية، وفي المقدمة منها “اتفاقيات جنيف الرابعة لحماية المدنيين في المناطق المحتلة وفي أوقات الحرب والنزاعات المسلحة”، وكذلك ضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
كما إن بعض الدول من أصدقائنا التاريخيين، مطالب بتقديم المزيد من الاستخدام الفعال لمكانته الإقليمية والدولية للتدخل وممارسة أقصى أنواع الضغط الدولي للجم ممارسات الاحتلال الصهيونيّ، ومساندة الحقوق الوطنيَّة والإنسانيَّة المشروعة للشَّعب الفلسطينيّ.
وعليه، فإن الاجتماع الاستثنائي للأحزاب الشيوعية في البلدان العربية، يطالب مجلس الأمن الدولي، وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية كافة، وكذلك جميع الدول من أصدقاء شعوبنا والداعمين للأمن والسلام الدوليين، للتدخل العاجل والشروع باستخدام مكانتها الإقليمية والدولية وقدراتها كافة، من أجل سرعة التحرك والضغط للجم العدوان الصّهيونيّ الفاشي على الشعب الفلسطيني، والوقف الشامل والدائم لإطلاق النار، وفك الحصار كلياَ عن قطاع غزة، وضمان وصول الامدادات والاحتياجات والمساعدات الإغاثية له. وكذلك وضع حد نهائي للممارسات الإرهابية والعنصرية للاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، ولأطماعه التوسعية وتهديداته المستمرة لأمن شعوب ودول المنطقة العربية ومقدراتها وسيادتها الوطنية، بما في ذلك الاعتداءات العسكرية المتكررة على سوريا ولبنان.
كما يتوجه الاجتماع إلى عموم الأحزاب الشيوعية واليسارية والقوى التقدمية والديمقراطية، وإلى الشعوب والحركات التضامنية وأنصار التحرر الوطني، وإلى كل المؤمنين بقيم الحرية والعدالة والأحرار في العالم أجمع، بالدعوة إلى ضرورة مواصلة النزول للشوارع والميادين وتوسيع وتصعيد التحركات الاحتجاجية عبر كل الوسائل الممكنة، للضغط على حكومات بلدانها والمجتمع الدولي، وتنظيم التعبئة الشعبية للنضال ضد الاحتلال والعدوان الصّهيونيّ.
وانطلاقا من كل ذلك، أكدت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية المشاركة في الاجتماع، على المهمات الملحة لعملها ونضالها المشترك، وفق الأولويات الراهنة التالية:
أولاَ: العمل على توسيع التحرك السياسي والكفاحي وتكثيفه، رسمياَ وشعبياَ وبكافة الوسائل والأشكال الممكنة، للضغط على الصعد كافة – في المنطقة وفي كلّ بلد مِنْ بلدان العالم - من أجل سرعة:
أ) مواجهة ولجم العدوان الحربي الصّهيونيّ - الأميركي على الشعب الفلسطيني وحملة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها وإفشال أهدافها، وإلزام الاحتلال الصّهيونيّ بوقف إطلاق النار بشكل دائم وشامل.
ب) كسر الحصار المفروض على الشَّعب الفلسطينيّ، وفي مقدمة ذلك قطاع غزة، وتأمين دخول جميع الامدادات الإنسانية والمساعدات والاحتياجات الأساسية للقطاع ومؤسساته كافة، ولعموم الفلسطينيين المحاصرين.
ج) التحرك عالميا لفضح جرائم الاحتلال الصهيوني التي ترتقي إلى مصاف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإنهاء إفلاته من العقاب، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق فوريّ في هذه الجرائم، وملاحقة ومحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني وقادة الدول الداعم لجرائمه.
ثانياَ: تقديم كل أنواع الدعم الملموس للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، سياسياَ ومعنوياَ ومادياَ وإعلامياَ وثقافياَ وسوى ذلك مِنْ أنواع الدعم الممكنة، وتعزيز الرواية الوطنية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونيةَ وماكينة التضليل الاعلامي - للتحالف الأميركي الصهيوني الغربي - في جميع أنحاء العالم... الخ. إضافة إلى اختراق الأوساط السياسية المضللة أو الملتبسة المواقف، خصوصاً في أوروبا الغربية وأمريكا.
ثالثاَ: توسيع وتصعيد كل أشكال التضامن الرسمي والشعبي والمؤسساتي مع الشعب الفلسطيني في كل بلد من البلدان العربية، وعلى صعيد المنطقة والعالم، والسعي الدائم لوضع القضية الفلسطينية وتحصيل الحقوق الوطنيَّة والإنسانيَّة للشَّعب الفلسطينيّ، على رأس جدول أعمال اللقاءات التنسيقية واجتماعات الاحزاب الشيوعية واليسارية والتقدمية على كل مستوياتها في العالم.
رابعاَ: بذل كل جهد ممكن للضغط بلا كلل أو ملل من أجل دعم تحقيق الوحدة الوطنيّة الفلسطينية وتعزيزها، على أساس وحدة الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته للاحتلال، والالتزام بالدفاع عن حقوقه الوطنية والإنسانية كاملة.
خامساَ: التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتحرير وطنه، والحصول على حقوقه الوطنية كافة، وفي مقدمتها: حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، والعودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار هيئة الأمم المتحدة 194 الصادر في العام 1948.
سادساَ: الشروع في تنظيم مختلف الأنشطة والفعاليات الضاغطة لتوسيع وتعزيز المقاطعة الشاملة لكيان الاحتلال الصّهيونيّ وجميع منتجاته ومؤسساته ووسائل إعلامه على المستويات كافة، وسحب الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه، ككيان احتلال واستيطان وإرهاب.
سابعاَ: مقاومة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، والمطالبة بإلغاء اتفاقات التطبيع المذلة معه، بصورة دائمة وليس بالارتباط بقضية العدوان ووقف إطلاق النار فقط.
ثامناً: يدين الاجتماع توسّع العدوان الصهيوني ضد لبنان وسوريا واستهداف أراضيهما، ويؤكد على حقهما بتحرير الأراضي المحتلة في شمال وشرق سوريا وفي الجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في لبنان، ويدين الاجتماع كذلك استمرار العقوبات الاقتصادية والحصار الظالم على الشعب السوري. كما يدين كل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر والأردن، ويدعو للتصدي لهذا المشروع الإجرامي الخطير.
تاسعاَ: أكد الاجتماع على ضرورة متابعة مخرجاته، ووضعها موضع التنفيذ، ومواصلة التنسيق بين أطرافه، ومتابعة مهمات العمل الملحة على صعيد القضايا المشتركة ذات الأولوية الواردة في هذا البيان.
منذ سنين يدور الحديث عن إنهاء إدارة مؤسسات الدولة الوكالة، وقد ضُمّن ذلك في قانون موازنة عام 2021، وعاد مجلس النواب ليضمّنه في قانون الموازنة للعام الحالي، مع تحديد 30 من تشرين الثاني الماضي كآخر يوم لاستمرار الصلاحيات القانونية والمالية المناطة بأكثر من 5 الاف درجة خاصة في مختلف مؤسسات الدولة، تدار عبر الوكالة.
وبرغم أن حكومة السيد محمد شياع السوداني تعهدت في منهاجها الحكومي بإنهاء هذا الملف من خلال إعادة تقييم عمل اصحاب تلك المواقع الوظيفية، إلا انها بدلا من ذلك ذهبت باتجاه المحكمة الاتحادية لاصدار امر ولائي بإيقاف تنفيذ المادة 71 من الموازنة، وحصلت على مرادها بعد ان أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، الاحد الماضي، أمراً ولائياً باستمرار الصلاحيات المالية والإدارية لمؤسسات الدولة التي تدار بالوكالة “لحين حسم الدعوى”، التي تقدمت بها الحكومة.
وجاء في الأمر الولائي للمحكمة الاتحادية العليا، “إيقاف تنفيذ عبارة (تقوم الدوائر المعنية بإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات الإدارية في حالة استمرارها بعد التاريخ المذكور) في المادة (71) من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (13) لسنة 2023 مع بقاء التزام الحكومة بتنفيذ ما ورد في المادة المذكورة بخصوص إنهاء العمل بالوكالة ولحين حسم الدعوى المقامة أمام هذه المحكمة بالعدد (223/اتحادية/2023) للطعن بدستورية المادة آنفة الذكر وذلك لضمان استمرار عمل المرافق العامة وعدم تعطيلها”.
الحكومة تريد حسم الملف؟
مصدر حكومي قال ان “مجلس الوزراء صوت على المناصب في ثلاث وجبات منهم 442 من المديرين العامين الذين تم تقييمهم في الوجبتين الأولى والثانية، وأضيف لهم 12 في الوجبة الثالثة التي تم التصويت عليها في جلسة مجلس الوزراء قبل أيام، من اصل اكثر من 5 الاف من شاغلي هذه المناصب”.
وأضاف المصدر، الذي رفض كشف هويته للاعلام، أن “الحكومة لديها رغبة في حسم هذا الملف، لكن الموضوع لا يسير بالسهولة التي يتصورها البعض، إذ أن عملية تقييم أصحاب هذه الدرجات تواجه تحديات كبيرة وتحتاج الى مزيد من الوقت من أجل حسمها”، موضحا أن “الحكومة تريد إسناد هذه المناصب لأصحاب الكفاءة والمهنية، وفي نفس الوقت هناك استحقاقات للكتل السياسية عليها مراعاتها، وبالتالي لا بد من خلق حالة من التوزان وعدم تعطيل مؤسسات الدولة، كما ورد في قانون الموازنة الذي طعنت الحكومة ببعض مواده من بينها المادة (71)”.
يشار الى ان العمل بالوكالة بدأ منذ العام 2006.
الإقالة تهدد أصحابها دوما
من جهته، انتقد عضو مجلس النواب هادي السلامي، استمرار العمل بإدارة المناصب بالوكالة، مؤكدا أن الكثير من المواقع لا تشغل أصالة وإنما بالوكالة وتسيير الأعمال مما يؤثر على مستويات وجودة الأداء.
وقال السلامي ان “المناصب بالوكالة دائما ما تتعرض لابتزاز أما الإقالة وأما تمرير قضايا مخالفة للقوانين”، معتبرا ان “استمرار إدارة المناصب بالوكالة خطر يهدد الدولة العراقية”.
«الكتل تنتظر صفقات تبادل الكراسي»
يقول الدكتور اياد العنبر الاكاديمي، أكاديمي ومراقب للشأن السياسي، ان “حسم الدرجات الخاصة لا يتعلق بالجانب القانوني، انما هو خاضع لوجهة نظر رئيس الحكومة الذي يدرك ان فتح هذا الملف يعني فتح المجال امام الكتل السياسية لعقد صفقات لتبادل المناصب في ما بينها وحدوث سجالات سياسية وسيكون للمحاباة دور كبير على حساب التقييم الحقيقي للعمل”، معتقدا ان “الموضوع لا يحتل أولوية لدى السوداني الان”.
ويضيف العنبر في حديث مع “طريق الشعب”، ان “المناصب العليا لا يمكن ان تدار بالوكالة، لانها استغلت من قبل رؤساء الحكومات المتعاقبين في لعبة التدوير والتغيير من دون العودة الى مجلس النواب”، مؤكدا ان “السوداني يحاول أيضا استثمار هذا الامر”.
ويشير الى ان “القوى السياسية تحاول جهد الامكان الحصول على المناصب العليا في الدولة وتقاسمها”، مردفا “اذا ما رهن هذا الموضوع بشرط الاصالة فإن هذه المناصب ستصبح مقاطعة حصرية لهم”.
و”لأن الموضوع يخلق إشكالية كبيرة لرئيس الحكومة، فان موضوعة الانتخابات صارت شماعة لتعليق حسم هذا الملف”، وفقاً للعنبر.
ويخمّن المتحدث بأن فتح الباب أمام الكتل السياسية للصراع على هذه المناصب “يجعل الحكومة في حرج كبير، وربما يجبرها على القبول بشخصيات لا تمتلك أي مؤهل لإدارة المناصب، مثلما حدث في موضوع تشكيل الحكومة وعملية فرض بعض الوزراء، وهذا ما سيزيد من حالة الإرباك في عمل الحكومة”.
ويخلص العنبر الى أن “القوى المتنفذة فشلت في تقدم رجالات دولة حقيقيين للمناصب العليا في الدولة”.
إصرار على المحاصصة
المحلل السياسي وسام المالكي، يذكّر بالمنهاج الحكومي للسيد السوداني الذي تضمن فقرة تخص إنهاء العمل بالوكالات، خلال مدة زمنية محددة، وقد صوت مجلس الوزراء على بعض المناصب في ثلاث وجبات، مردفا ان “تأخر حسم الموضوع مرتبط بضغوطات وتدخلات القوى السياسية المتنفذة، وإصرارها على مواصلة اعتماد نهج المحاصصة”.
ويقول المالكي لـ”طريق الشعب”، ان تشبث القوى المتنفذة بالمحاصصة في اختيار أصحاب الدرجات الخاصة “يسهم بشكل مباشر في وصول شخصيات لا تتمتع بالكفاءة والنزاهة والمهنية الى أعلى المناصب في الدولة، وبالتالي إدامة التجربة المريرة المستمرة منذ 20 عاما”.
ويشير المالكي الى ان “الدستور العراقي لم يتطرق للمحاصصة في إدارة الدولة، انما الكتل السياسية المتنفذة اعتادت على توزيع هذه المناصب وفقا للعرف السياسي”، مبينا ان “الاحزاب السياسية المشتركة في تشكيل الحكومة منشغلة بقضية انتخابات مجالس المحافظات، وربما تعود الى توزيع وتقاسم المناصب في مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية”.
ويختتم المتحدث كلامه بان “إدارة المناصب بالوكالة تجعل المؤسسات ضعيفة امام المنعطفات والازمات السياسية والاقتصادية والامنية، لكونها لا تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وتفتح بابا اوسع لاستشراء الفساد، وتعزل الاشخاص المهنيين والكفوئين ومن يتمتعون بالنزاهة، لذا ليس امام الحكومة خيار غير مراعاة اختيار الأشخاص المناسبين وفق رؤية منهجية، وانهاء ملف الادارة بالوكالة في أقرب وقت”.