أدان الحزب الشيوعي العراقي جريمة اغتيال القائد الوطني الفلسطيني صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وعدد من قادتها إثر اعتداء دولة الاحتلال الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم امس الثلاثاء (٢-١-٢٠٢٤).
وفي تصريح ادلى به للمركز الاعلامي للحزب ،قال الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن «الاحتلال الصهيوني يسعى بتنفيذ هذه الجريمة وانتهاكه الصارخ لسيادة لبنان إلى توسيع نطاق حرب الإبادة الغاشمة على غزة والضفة بعد فشله في تحقيق أهدافه وكسر الصمود البطولي للشعب الفلسطيني».
وأضاف فهمي إن «هذه الجريمة، التي تضاف إلى جرائم الإبادة الجماعية لدولة الاحتلال في غزة وما تنفذه عصابات المستوطنين الصهاينة في الضفة، لن تنال من عزيمة الشعب الفلسطيني وصموده. كما انها تؤكد مجددا ضرورة توحيد القوى الوطنية الفلسطينية باعتبارها شرطا حاسما لدحر العدوان الغاشم وإنهاء الاحتلال الصهيوني».
وندد فهمي بـ«الجريمة النكراء واستمرار الدعم، الأمريكي خاصة، للعدوان البربري المتواصل»، مطالبا برفع «الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل ، شعبيا ورسميا، وعلى مستوى الدول العربية والإسلامية، وفي العالم»
وعبر الرفيق رائد فهمي عن «الثقة بانتصار قضية الشعب الفلسطيني ودحر المخططات الإسرائيلية». وجدد موقف الحزب المطالب «بإيقاف حرب الإبادة الجماعية فورا ومن دون شروط وضمان حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس».
في باكورة نشاطات مهرجان “طريق الشعب” الثامن، استضافت خيمة الندوات الرفيق ياسر السالم، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، للحديث عن “الإعلام ونزاهة الانتخابات” والدور الذي ينبغي أن يلعبه الإعلام الوطني في إنجاز عملية التغيير المنشودة، قدمه فيها الرفيق سيف زهير.
اشار الرفيق السالم في حديثه الى أن “جانبًا كبيرًا من العملية الانتخابية يرتكز على الإعلام. وكما هو الحال في كل دول العالم وعلى مر التاريخ، فإن الطبقة المهيمنة هي التي تتحكم بالمؤسسات الإعلامية، وتحولها أداة تنفيذ لأجندتها ولتوجيه الرأي العام لصالحها، حتى لو عمدت لتزييف الحقائق. ومن البديهي أن تلعب الإمكانيات المادية لهذه الفئات المتنفذة دوراً في سيطرتها على صناعة الإعلام بمختلف أشكاله”.
حيادية الاعلام في العراق
وقال السالم بانه لا يوجد إعلام محايد وموضوعي في العراق في الوقت الحالي الا ما ندر، فما هو موجود مرتبط بالطبقة المهيمنة، بالبرجوازية الطفيلية والبيروقراطية، التي تعتاش على ثروات البلد، وتستغل الأموال في استخدام أدوات التأثير وفي مقدمتها وسائل الإعلام، بغية إدامة هيمنتها على السلطة والثروة.
وأكد السالم أن “مجمل القنوات الإعلامية ووكالات الأنباء والصحف هي في الغالب مرتبطة بأحزاب وشخصيات سياسية موجودة في السلطة، وحتى تلك التي تدّعي الإستقلالية، فهي في حقيقة الأمر مرتبطة بهذا الشكل أو ذاك بأجندة ما وتخدم اتجاهًا سياسيًا معينًا، وهناك العديد من الأمثلة المتعلقة بما يخوضه المتنفذون من صراعات سياسية واجتماعية خلال السنوات الماضية عبر وسائل الإعلام”. وأضاف بأن “لا أحد ينتظر من الفاسدين التعامل بأخلاقيات العمل السياسي، لأنهم فاقدون اساساً للمنظومة الأخلاقية، وبالتالي هم يفعلون كل شيء لتزييف الحقائق والوعي، و من أجل صناعة أوهام. وخير مثال على ذلك وجود بعض الشخصيات السياسية والاعلامية التي تظهر في الإعلام لتتحدث عن الاستقرار وكأنه حقيقة قائمة، فيما يفند الواقع ذلك”.
منظومة مأزومة
وبيّن الرفيق ياسر السالم بأن “البلد يواجه أزمات عديدة، وتسودة حالة من عدم الاستقرار، جراء نهج المحاصصة الطائفية والإثنية، وتغول الفساد وانتشار السلاح المنفلت، وما تواصل أزمة سعر صرف العملة الوطنية وتأثيرها القاسي على الواقع المعاشي للمواطنين والكادحين منهم بشكل خاص، وأزمة المياه والجفاف الذي يعاني منه العراق، والتي سببت حسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط بنزوح 126 ألف عائلة من مناطقها الريفية خلال عام 2023 فقط، الاّ أمثلة صارخة على ذلك. وهناك أيضاً صراع الإرادات والعصابات التي تحاول فرض سيطرتها على أموال الدولة. من هنا تكتسب الهيمنة على وسائل الإعلام وتجنيدها لتغييب وعي الناس وخلق حالة من الوهم لديهم، أهمية كبيرة عند الفاسدين والمتنفذين”.
الإعلام والإنتخابات
وأكد السالم على أن لوسائل الإعلام تأثيرات كبيرة على الإنتخابات، “من خلال توجيه خطاب محدد للجمهور يدعم شخصيات وقوى محددة، غالباً ما تكون إما من قادة الكتل السياسية المتنفذة والمشاركة في الانتخابات أو من المرشحين، بحيث يصبح ظهورهم في الإعلام ووصولهم الى الناس متاحًا دوماً، فيما لا يتمكن المرشحون ممن لا يمتلكون مؤسسة إعلامية أو مالاً يدفعوه لهذه المؤسسات، من الحصول على فرص متشابهة أو حتى متقاربة مع فرص هؤلاء، ويصبح وصول خطابهم ورؤيتهم للجمهور أصعب، وبالتالي يصعب على الناخبين التعرف على هؤلاء المرشحين وعلى برامجهم، بغية التصويت للأفضل”، موضحًا أن “المحرك الأساسي للإعلام الأن هو المال والمال السياسي بالتحديد، وما يُدفع كفيل بتوفير المساحة الإعلامية للظهور، وغير ذلك يعني الاعتماد على النفس وعلى الصلة المباشرة مع الناس والسمعة وثقة الناس بك”.
وسائل التواصل
وبيّن أن “وسائل التواصل الاجتماعي لها عدة استخدامات، ونحن نعرف أن هذه الوسائل متاحة للناس، وبإمكان أي شخص أن يعبر عن رأيه من خلالها، ومع ذلك، لا يتم التعامل فيها بشكل عادلٍ، بمعنى أن من لا يملك المال في وسائل التواصل لا يتساوى أيضا مع الآخرين الذين يمتلكونه”، مشيرًا إلى أن “المساحة التي نعتقد أنها متاحة للجميع هي بالأساس غير متاحة، وتحتاج إلى أموال طائلة من أجل الترويج والوصول إلى الجمهور، وخير مثال على ذلك ما شهدناه في حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني، فقد كان التقييد على هذه الحملة دليل أخر على زيف الادعاء بأن وسائل التواصل هي إعلام الشعب ومتاحة للجميع”.
تقصير المفوضية
وانتقد السالم “عدم وضع قواعد إعلامية متكاملة من قبل مفوضية الانتخابات واقتصار الأمر على بعض التعليمات والأطر العامة”، مؤكدا على أن “عدم وجود تعليمات وضوابط تحقق مستوىً من العدالة لظهور كافة المرشحين بشكل متساوٍ أمام الجمهور، يعّد خللاً كبيراً، يضاف الى عدم قيام المفوضية نفسها بحملة إعلامية دعائية لحث الناس على المشاركة في الانتخابات، رغم قيامنا بتنبيهها على ذلك قبل أشهر من الآن”. وأشار إلى أن “ملايين العراقيين لم يستلموا بطاقاتهم حتى الأن، رغم انهم قاموا بتجديدها، كما لم نرَ فِرقًا جوالة من المفوضية أو حملة لحث الناس على المشاركة الفاعلة في الانتخابات”.
الصلة بالناس هي الأقوى
ونوه الرفيق ياسر السالم إلى أن “عدم توفر المال للدعاية يجعل الأصوات التي يحصل عليها المرشح غالية جدًا، لأنها أصوات لم تتأثر بكل حملات التزييف والتضليل وحملات التلميع التي تقودها المؤسسات الإعلامية المدفوعة الثمن”، كاشفًا على سبيل المثال، عن حصول إحدى المؤسسات الإعلامية على 5 ملايين دولار من أجل تغطية حملة تحالف واحد فقط!.
وأوضح السالم أن “من يعمل من أجل البقاء في السلطة، وليس خدمة الناس، فاقد للقدرة على التنافس الإنتخابي النزيه، لذلك يستخدم كل الأساليب غير الحميدة لتحقيق غايته، بمعنى أنه لا يكتفي فقط بالترويج لحملته الانتخابية ولقائمته، بل هو أيضًا يستخدم ويدفع الأموال من أجل تسقيط الآخرين وما حدث مع “تحالف قيم المدني” وشخوصه من تشويه، دليل دامغ على أن هذه حملات مدفوعة الثمن، وإنها ربما ستشتد في الفترات القادمة، لاعتبارات عديدة، من أبرزها خوف المتنفذين الفاسدين من الخطر الكبير الذي يمثله هذا التحالف على سلطتهم وإمكانياته في استقطاب جمهور واسع”.
وأكد السالم على “وجود حملة كبيرة لتشويه صورة مرشحي “تحالف قيم المدني” وترويج ادعاءات بوجود تحالفات مدنية وديمقراطية منافسة له، رغم ما يلقاه هذا الترويج المضلل من صعوبات”، مشيرًا إلى “حصولنا على قائمة بأسماء مدونين مؤثرين، تم التعاقد معهم لكي يشنوا حملات لهذا الطرف أو ذاك مقابل رواتب شهرية، نعم لقد وصلت الأساليب والممارسات غير الشريفة للترويج والدعاية لبعض الأطراف السياسية، الى هذا الحد من الإسفاف للأسف”.
واستغرب السالم من “ارتباط بعض الأسماء الكبيرة بمثل هذه المشاريع المشبوهة، حيث إن مستوى كتاباتهم ومواقفهم يثير الدهشة من انخراطهم في مثل هذه المشاريع، ويرينا مدى التأثير الكبير للمال السياسي على الحملة الانتخابية، ومدى الحاجة لفضح هذه الممارسات التي تحاول تزييف الوعي وطمس الحقائق، في كل المنابر الإعلامية المتاحة”.
وأشار إلى أن “مستوى الوعي تغير ومساحته اتسعت في الوقت الحالي داخل المجتمع العراقي، رغم أن فيه جانبان، أحدهما سلبي ومحبط ويرفض العملية السياسية، والأخر ايجابي وهو الذي يقاوم هذه المنظومة ويسعى إلى التغيير”.
جايين نغيّر
وأشار السالم إلى أن “الأحزاب والقوى المدنية قررت المشاركة في الانتخابات المحلية لأنها تعتقد بوجود إمكانية وفرصة جيدة لتحشيد الجمهور باتجاه مشروعها الوطني الذي يقف في الضفة المقابلة لمنظومة المحاصصة والفساد، ويمكن تعبئته في هذه المرحلة الحرجة والحساسة”.
وذكر بأن “كل ذلك يعتمد على الخطاب السياسي والقدرة على تقديم خطاب مقنع، وامتلاك أدوات هذا الخطاب و رؤيةً وموقفًا سليمين، وأحيانًا امتلاك لغة سليمة، يمكن من خلالها أن تتم مخاطبة مستويات عديدة من الوعي وبأشكال مختلفة”.
وشدد على أن “التواصل المباشر هو أفضل الطرق للتأثير في مزاج الناخب العراقي ووعيه، دون أن يعني ذلك التقليل من قيمة بقية وسائل الاتصال سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي أو الفضائيات أو الإذاعات أو وكالات الأنباء وحتى الصحف، ولكن إذا كان تأثير تلك المواقع هو 50 في المائة على الناس، فالصلة المباشرة وحدها توازي تلك الوسائل مجتمعة”.
وأكد “نحن نخوض هذه الحملة سياسيًا وإعلاميًا، ومن الجيد أن نرصد المخالفات التي تقع، وأن نطرح الخطاب بعدة طرق، فمهما جرى الحديث عن نزاهة الانتخابات يبقى الأمر نسبيًا لأن المال السياسي يبقى مؤثرًا في العملية الدعائية وبطبيعة الحال من يمتلك الأدوات والمال سيصل إلى أكبر مستوى من الجمهور في مقابل طرف آخر من الصعوبة ان يصل، ولكن هذه العملية ليست دائمًا وثيقة الصلة بتحقيق الفوز”.
وتابع أن “كل الانتخابات ترافقها قفزات في الوعي وتظهر نتائجها بشكل يخالف استطلاعات الرأي الرصينة التي كانت تجري في وقتها، وهنالك أمثلة عديدة في أمريكا اللاتينية وغيرها، حيث الأحزاب اليسارية تصدرت المشهد خلافاً للتوقعات السائدة آنذاك”.
وسط حضور جماهيري حاشد، ضيف مهرجان طريق الشعب الثامن في يومه الثاني (27 تشرين الاول 2023)، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، الذي تحدث عن التطورات السياسية في العراق والمنطقة وموقف الشيوعيين منها.
وقد حاوره في اللقاء الإعلامي علاء الحطاب.
المحور الأول: غزة والقضية الفلسطينية
علاء الحطاب: ما موقف الحزب الشيوعي العراقي تجاه ما يجري في غزة؟
رائد فهمي: موقفنا لا يقتصر على الإدانة والاستنكار للجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين. موقفنا ثابت في دعم حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية المستقلة، ونحن الآن نعبر عن التضامن الكامل وفقًا للإمكانيات المتاحة.
لقد قدمت عملية طوفان الأقصى معطيات جديدة وهي تعتبر نقطة تحول في القضية الفلسطينية، حيث هزّت اسطورة جيش العدوان الصهيوني القوي ومنظومته الاستخباراتية المتميزة، وأكدت أن إرادة الشعوب لا تتراجع ومطالبها المشروعة لا يمكن الا ان تستمر.
وأثبتت تداعيات العملية أن السلام والأمان في المنطقة لا يمكن أن يتحققا، إلا من خلال سلام دائم في المنطقة، والسلام الدائم لا يمكن تحقيقه إلا بإقرار حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وحقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة. وعليه لا بد من تطبيق القرارات الدولية وضمان حقوق الفلسطينيين.
الكيان الصهيوني وحلفاؤه يريدون تصفية القضية الفلسطينية من خلال مواصلة القصف الوحشي لغزة، بهدف إفراغها من سكانها وتهجيرهم من القطاع. وهذا الأمر لا شك فيه، ويؤكده قتل الآلاف من المدنيين وتدمير المستشفيات والمنازل والبنى التحتية .
علاء الحطاب: هل تؤيدون حل الدولتين؟
رائد فهمي: نحن مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة والقابلة للحياة على ارضه، وفي ظل الظروف الحالية والتوازنات القائمة هناك شبه اجماع دولي على قبول حل الدولتبن ، وهو مقبول من منظمة التحرير ايضا وقد دعت له «المبادرة العربية»، ولاشك ان تحقيقه يعد مكسبا كبيرا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة .
علاء الحطاب: الحزب الشيوعي العراقي سبّاق في التعبير عن مواقفه، وهذا الأمر معروف تاريخياً. كيف تظهرون رفضكم لما يحدث الآن في غزة؟
رائد فهمي: عبرنا عن مواقفنا من خلال بياناتنا وتنظيم التظاهرات التي جرت في إطار أوسع مع تحالف قوى التغيير، حيث نظمت فعاليتان دعما لغزة، احداها فعالية يوم 25 تشرين الأول في ذكرى انتفاضة تشرين 2019.
وفي المهرجان الثامن لجريدتنا «طريق الشعب» احتلت القضية الفلسطينية مكانة كبيرة ومهمة. وإضافة إلى ذلك وجهنا للرئاسات الثلاث رسالة تفصيلية تتضمن مقترحات، حددنا فيها ما يستطيع العراق فعله من ناحية الموقف السياسي، كذلك من ناحية الدعم المادي سواءً في الغذاء أو غيره، وموقفه على الصعيد الإقليمي والدولي في اتجاه الإيقاف الفوري للمجزرة التي ترتكب حاليا، والتحرك عربياً بشكل خاص ومن ثم إسلامياً نحو تبني موقف محدد تستغل من خلاله الإمكانيات المتاحة التي ينبغي الاستفادة منها بشكل جيد.
علاء الحطاب: الأنظمة الغربية التي تدعي احترام حقوق الإنسان وتتبناه كمنهج أساسي في نظام حكمها، كان واضحًا انحيازها للكيان الصهيوني. بالتالي، ما الذي يمكن أن ننتظره من القوى السياسية والحكومة العراقية؟ ومن ثم ما الذي يمكن أن ننتظره من الجامعة العربية أو الأنظمة العربية في ظل الانحياز التام للكيان الصهيوني؟
رائد فهمي: الموقف الرسمي للعديد من الدول العربية يعتبر أن ٩٩ في المائة من أوراق الحرب هي في يد الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا موقف يسقط من الحساب السياسي وزن وتأثير الرأي العام العالمي وحركة التضامن العالمية، وأهمية تعزيز القدرات الذاتية الفلسطينية والعربية، وكسب الدعم الدولي، والتأثير التراكمي لكل ذلك على تغيير موازين القوى لصالح إحراز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وإذا أردنا التأثير على الموقف الأمريكي والأوروبي فعلينا استغلال وسائل الضغط المتاحة لدينا ، ويأتي على رأسها النفط ، وموقع دول المنطقة العربية والعراق الاستراتيجي، والأسواق وما نستورده وما نملكه من علاقات.
المهم هو كيفية استخدام هذه العوامل وغيرها دبلوماسياً وسياسياً ، وأيضا التحرك في الميدان الاقتصادي بشكل مناسب ، مع توفر الضغط الشعبي والإرادة السياسية الوطنية ، وتوظيف كل هذه العوامل لدعم الشعب الفلسطيني. فعملية التمكين على المستوى الرسمي والشعبي يمكن أن تكون عنصراً فعالاً في الضغط، ويمكن أن تتبلور في موقف قوي، يستخدم فيه النفط وجميع الموارد الأخرى كعناصر قوة وضغط على الدول الداعمة لإسرائيل المعتدية، من اجل الزامها بالتقيّد بالشرعية الدولية .
علاء الحطاب: لماذا تناقض الأنظمة الغربية نفسها؟ فنراها من جانب تتبني حقوق الإنسان، ومن ناحية أخرى تغض النظر عما يحدث في غزة من جرائم، وتدعم الكيان الصهيوني؟
رائد فهمي: هذا التناقض بين ادعاءاتها وممارساتها ليس بالأمر الجديد، ولكن هذه المرة ظهر بشكل صارخ جدًا. فانتهاكات حقوق الإنسان دائمًا ما تبرر وتغلّف بشكل معين، أما الآن فأصبحت واضحة جدًا، وأقول إنهم يراهنون أيضا على تفرق شعوب المنطقة وضعف دولها وانقسامها، ومن ثم الدفع في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني كنتيجة نهائية.
علاء الحطاب: الشارع العربي ليس ربما كما كان سابقًا في نظرته الى القضية الفلسطينية؟
رائد فهمي: نعم، ليس كما في السابق، لكن الجماهير استعادت انفاسها تدريجياً، والعراق هو نموذج لذلك. وهذا الأمر واضح من خلال تفاعل الشعب العراقي اليوم، وهو ليس كما كان في السنوات العشر الأخيرة، فيما تظل القضية الفلسطينية تحتل موقعا محوريا رئيسيا لدى الشعوب العربية وتحظى بتضامنها واسنادها.
وعلى المستوى العالمي يزداد التفاعل، ونلاحظ ذلك في التظاهرات الجارية في بريطانيا وفرنسا ومختلف مدن أوروبا وفي الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية. ولكن هناك في الدول العربية العديد من الأنظمة، التي تعيق هذا التفاعل الشعبي. ومع ذلك يظل التفاعل الشعبي قادرًا على التأثير، وفي العراق هناك تفاعل شعبي ولكنه مشتت لحد الان .
أما بالنسبة للكفاح المسلح في فلسطين، فهو حاليًا يقتصر على منطقة واحدة بالأساس، وقد يكون ذلك مخلخلًا للأوضاع، لكنه غير قادر لوحده على الحسم النهائي. والكفاح المسلح فيه ايجابيات عديدة، اذ يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني في رفض الاحتلال ومقاومته، ويبقي القضية حاضرة دوليا على رأس القضايا واجبة الحل. ولكن إذا اصبح حسم المسألة عسكريًا أمرا محتما، بعد قضاء دولة الاحتلال على فرص الحل السياسي السلمي، فيجب أن تتسع الساحة وتتدخل الجيوش وحركات المقاومة في الدول المجاورة لفلسطين. لذلك أقول أن المقاومة ليست خاصة بطرف أو طيف سياسي او ديني أو مذهبي معين، بل هي مقاومة وطنية للشعوب والبلدان.
وإذا أردنا أن تكون المقاومة فعالة، فيجب تحويلها إلى مقاومة وطنية، أما إذا بقيت متبناة من طرف سياسي واحد، فستكون ممكنة التطويق وقد ينحسر تأثيرها.
المحور الثاني: الشأن الداخلي وانتخابات مجالس المحافظات
علاء الحطاب: هل ستجري الانتخابات في موعدها المحدد؟
رائد فهمي: حتى الآن تشير المعطيات إلى أن الانتخابات ستقام في وقتها المحدد. ومع ذلك، إذا كانت هناك معوقات خارجية وتدخلات سياسية، فقد يحدث تأجيل، خاصة إذا تطورت الأحداث بشكل غير متوقع. باستثناء ذلك أعتقد أنها ستجرى في الوقت المحدد.
علاء الحطاب: لماذا قرر الحزب الشيوعي العراقي المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، وهو الذي رفض المشاركة في الانتخابات النيابية السابقة؟
رائد فهمي: قرار عدم مشاركتنا في انتخابات عام 2021 لم يكن رفضا لمبدأ الانتخابات، بل كانت مقاطعتنا في تلك اللحظة بسبب القناعة بعدم إمكانية تحقيق الهدف المنشود منها، وهو أن تكون رافعة لعملية التغيير بالصورة التي عبر عنها طيف واسع من العراقيين خلال انتفاضة تشرين 2019.
وكان المطلب حينها إجراء انتخابات مبكرة، لكن القوى المتنفذة ماطلت في إجرائها وأجلتها حتى نهاية عام 2021. وخلال ذلك اتخذت إجراءات عديدة بحق الناشطين، وجرى تفكيك الاحتجاجات بشكل ممنهج.
اتخذنا قرار المقاطعة آنذاك بناءً على استفتاء داخل الحزب، أتت حصيلته بأغلبية كبيرة لصالح المقاطعة. وكان الهدف من ذلك وقتها هو المحافظة على وهج الانتفاضة، وكنا نعتبر ان الانتخابات، بعد كل ما فرض عليها من قيود، لن تخرج بنتائج ايجابية. فالمقاطعة كانت عملًا احتجاجيًا قريبًا من المزاج الشعبي. وقد لاحظنا أن نسبة المقاطعة لانتخابات 2021 كانت جداً مرتفعة.
علاء الحطاب: لماذا تشاركون في انتخابات مجالس المحافظات، وأنتم تعلمون أن الأحزاب ذاتها ستهيمن عليها مستقبلاً؟
رائد فهمي: لا نعتقد أن نتائج انتخابات معينة كافية لتغيير الأوضاع، لأن السلطة ليست حصيلة انتخابات. فعملية بناء الدولة وأجهزتها بمفاصلها المختلفة قد ترسخت في يد المنظومة الحاكمة. نحن نعتقد إن أزمة البلد بنيوية واساسها في نهج المحاصصة ، ولكن كيف نواجهها؟
نحن نواجهها في صراع على عدة ساحات، الساحة السياسية والساحات الاحتجاجية المطلبية الجماهيرية، وأيضًا الانتخابات، لأننا نعتبر الانتخابات ساحة من ساحات الصراع، لذلك سنخوض هذا الصراع ونحن نعلم أنها ليست ساحة متكافئة، ولكن هل يمكن ان يتوقع أحد أن المنظومة الحاكمة ستتنازل بدون ضغط؟
حتى البلدان الغربية الديمقراطية لم تصل فيها الديمقراطية إلى ما وصلت إليه إلا بفعل نضالات متوالية، لذلك فالمشاركة في الانتخابات او عدمها هو شكل من أشكال الصراع.
عدم المشاركة في الانتخابات يخدم المتحاصصين
علاء الحطاب: وفقًا لمؤشراتكم اليوم، هل المزاج الشعبي يميل الى المشاركة؟
رائد فهمي: نعم. هناك مؤشرات تقول ان المزاج الشعبي ليس مع المشاركة، ونحن نرى ان البعض محق في مواقفه. وهناك من يقول أن مجالس المحافظات حلقة زائدة ومرتع للفساد.
لكن هذا ينطبق على هيئات ومؤسسات الدولة المختلفة، فهي أيضا مرتع للفساد ، فهل يعني هذا وجوب الغائها؟
مجالس المحافظات هي شكل من أشكال المشاركة، وهي صيغة رقابية مطلوبة في الأنظمة اللامركزية. وان السعي لإعطاء المركزية للمحافظ في ظروفنا الحالية ستمكن الفساد ولن تمنعه، ونحن كحزب شيوعي مع وجود مجالس المحافظات.
ان للقرار المركزي المتفرد سلبيات وإيجابيات، ولكن مخاطر غياب الرقابة فيه تحمل أنواعًا من السلبيات. لذلك نحن مع مجالس المحافظات، لكنها يجب أن تكون نشيطة ورشيقة بدون ترهل. ثانيًا يجب أن تكون متمكنة من ممارسة دورها الرقابي ودورها التشريعي المحلي، وان مجالس المحافظات حملت ثمن فساد المنظومة الحاكمة، وهي ذاتها الحاكمة الان ومن المفترض إزاحتها.
علاء الحطاب: ما هو مشروعكم الانتخابي اليوم؟
رائد فهمي: ندخل الانتخابات تحت عنوان «التغيير»، وما نقصده بالتغيير هو تغيير منظومة المحاصصة. ويعتمد هذا المشروع على تغيير موازيين القوى، حيث ان أحد عناصره هو توحيد القوى التي تؤمن بدولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
وهذا جزء من الخطة التي اعتمدناها، وتوصلنا عمليًا إلى صيغة تحالفية للمشاركة في الانتخابات، وفي حال فوز هذا التحالف، فانه لن يدخل في مساومات مع منظومة المحاصصة، وهذا تعهد كامل.
وسيكون لنا صوتٌ ونهجٌ وممارسةٌ وبديلٌ بكل المعايير، ولن نتحالف مع منظومة تدعو إلى المحاصصة. كما اننا نعتبر معركة الانتخابات إحدى المحطات في صراعنا الأكبر من أجل دولة المواطنة، وخلال هذه العملية سننشر مشروع التغيير. في مجرى ذلك نامل ان يتصلب هذا التحالف ويثبت جدارته، وقدرته على الصمود أمام شتى أشكال الضغوط.
علاء الحطاب: تشرين بكل قوتها لم تتمكن من تغيير نظام المحاصصة، هل يمكن لتحالف قيم أن يغير هذه النظام من خلال مجموعة متفرقة قليلة من المقاعد في المحافظات؟
رائد فهمي: نحن ننظر إلى التغيير كعملية تتم عبر حلقات ومحطات مختلفة، وقد أشرت إلى أن هذه الانتخابات هي حلقة من هذه الحلقات ومحطة من هذه المحطات وميدان من هذه الميادين.
تحالف قيم وأيّ قوى سياسية، لن تستطيع تحقيق التغيير بشكل كامل دفعة واحدة، لكنه يشكل محفزًا ومنظمًا ويبث الوعي في الجمهور الواسع. ونحن نعلم ان احد المصاعب التي واجهت تشرين في سعيها لتحقيق أهدافها، هو ضعف التنظيم وغياب البرنامج الموحد.
نعتقد أنه في مجرى هذه العملية هناك دروس استخلصت ليس فقط من قبلنا، ولكن أيضًا من الحركات التشرينية والأحزاب الناشئة، حيث تم ادراك أهمية التنظيم والبرنامج الموحد والمثابرة، وأصبح العمل تراكميًا.
علاء الحطاب: هل مشاركة الحزب في الانتخابات القادمة تهدف الى ان يكون ضمن المعارضة ام مشاركا في الحكم؟
رائد فهمي: نحن نقف ضد نهج المحاصصة وكل تداعياته، وبهذا المعنى فنحن معارضون له.
علاء الحطاب: من هي القوى الأساسية المؤتلفة معكم في تحالف قيم؟
رائد فهمي: هناك قوى مدنية منها حزب التيار الاجتماعي والحركة المدنية الوطنية والحزب الجمهوري، الى جانب أحزاب ناشئة مثل نازل اخذ حقي والبيت الوطني وحركة المثقف وحزب الريادة، وهناك حركات لم تتبلور كأحزاب، لكنها حركات اجتماعية وجماعات مهمة، وهي من الجماعات التي شاركت في الانتفاضة. وهناك أيضا عدد كبير من الناشطين موجودون ضمن التحالف.
علاء الحطاب: هل يأخذ الحزب الشيوعي في اعتباره أن هذا التحالف قد ينهار بعد إعلان نتائج الانتخابات؟ ومن أين جاءت الثقة في استقراره وبقائه حتى بعد إعلان النتائج؟
رائد فهمي: يتكون هذا التحالف من قوى التغيير الديمقراطية وهي 9 أحزاب، بالإضافة إلى مجموعة من النواب ضمن حزب «تنوير».
هذا التحالف لديه سنة كاملة من الخبرة في خوض الصراع، ومثل هذه الصراعات تقوي التحالفات وتظهر الاختلافات أيضًا. لكن هذه القوى لديها نواة قوية، وأعتقد أن هذه النواة ستنمو من خلال العمل المثابر. لذلك عندما أتحدث عن الثقة، فنحن نتعامل بموقف مبدئي وبممارسة سياسية ناضجة، ونقدم اقتراحات واقعية وعملية لمعالجة مشاكل الناس، ونرشح شخصيات غير مثيرة للجدل وخالية من العيوب. لذا نعتبر هذه عوامل القوة.
علاء الحطاب: كم مقعد تتوقعون الحصول في مجالس المحافظات؟
رائد فهمي: نعتقد اننا سيكون لنا حضور في المحافظات وحضور اكبر في بغداد، وان الاستعداد للانتخابات في طور التكامل. ماليا ليست لدينا مصادر تمويل خارجية، لذلك نعمل اعتمادا على المبالغ المتوفرة التي نسعى الى زيادتها من خلال حملات التبرع. لكن نقول اننا على صعيد الماكنة الانتخابية والماكنة الإعلامية قطعنا شوط جيدا جدا.
علاء الحطاب: هل ستحثون الجمهور على المشاركة في الانتخابات أم ستتركون الخيار للجمهور؟
رائد فهمي: يفترض أن يتوجه جمهورنا الحزبي إلى صناديق الانتخابات، وليس هو وحده بل معه العوائل والأصدقاء ومن له عليهم تأثير. وبالنسبة للجمهور الأوسع وبشكل خاص أولئك الذين قاطعوا سابقا وعزفوا عن المشاركة، نحثهم على المشاركة ونقول لهم أن لديهم خيارات، ومن خلال مشاركتهم يمكن أن يؤثروا على هذه الخيارات ويأخذوا الاتجاه الذي يسعون إليه. نحن نعتقد أن الإحباط يخدم المنظومة الحاكمة ولا يخدم عملية التغيير.
علاء الحطاب: هل تعتقد أن وجود ائتلافات مدنية سيأخذ من نصيبكم الانتخابي؟
رائد فهمي: نحن لا نمنع أحدا من المشاركة في الانتخابات، ولا نعتقد أننا نحتكر الحقيقة. وأود أن أقول بالنسبة الى المنهج المدني بكل أركانه، ان تحالف قيم هو من وجهة نظرنا الأفضل تعبيرا عنه والأقرب إلى الصيغة المثلى للمشروع المدني الديمقراطي.
نحن لا نشجع على الصراعات بين القوى التي تحمل عناوين مدنية، ولكن من حقنا أن نوضح مزايانا وان نشير إلى أن المنظومة المتنفذة حاولت وتحاول تشتيت التيار المدني.
علاء الحطاب: كيف ستواجهون مرشحين يبلطون الشوارع ويأتون بالماء والكهرباء، وربما يوزعون مظاريف أموال. كيف ستقنعون الناخب بأفضليتكم؟
رائد فهمي: نحن في هذا الميدان لا ننافس فهو ليس ميداننا، ونقول لهذا الناخب ان المرشح الذي يبلط الشارع هو نفسه موجود في الحكم منذ اربع دورات او خمسة، وان هذا «السُبيس» الذي يفرشه في الشارع ملك للدولة والشعب، ولم يدفع هو تكاليفه من جيبه الخاص. نحن نقول للناخب اننا خيار آخر. نقول له اننا نقدم بديلا لممارسة ونهج وإدارة وحكم آخر.
المحور الثالث: العملية السياسية بشكل عام
علاء الحطاب: في غياب المعارضة السياسية داخل مجلس النواب العراقي، هل تعتقد أن النظام السياسي بدأ بتفعيل نفسه بشكل أفضل ؟
رائد فهمي: عندما تغيب المعارضة لا يمكن أن نذهب خطوة إلى الأمام. اليوم مجلس النواب لا يقوم بدوره الرقابي، وعملياً الحكومة والأحزاب المتنفذة تفعل ما تريد، وهي تقدم مسكنات لبعض الأزمات الراهنة الضاغطة، سواء الاحتجاجات أو غيرها. لكن هذه المسكنات ستتحول في المستقبل إلى مصدر خلل كبير، مثل إثقال الموازنة بكثير من المصاريف التشغيلية، فتكون عبئاً كبيراً إذا ما تقلصت الموارد الأخرى.
إن من العيوب الأساسية للمحاصصة هي أنها لا تبني مؤسسات، من المؤسسة العسكرية إلى المؤسسة المدنية، وفي ما يخص المؤسسة العسكرية نتحدث عن وجود فصائل مهما كان نوعها واسمها، تعطي لنفسها الحق في ممارسة عمل مسلح وتحمّل الدولة العراقية والشعب العراقي نتائج هذه الممارسة، فهذا يعتبر تهديدا ونسفا لركن أساسي من أركان الدولة.
الدولة العراقية الآن لا تمتلك قرار احتكار الحرب والسلام، وهذا ينعكس على الحكومة. إذن المؤسسة الأمنية والعسكرية حتى هذا اليوم تعاني من خلل حقيقي، والدولة العراقية تفتقد أحد أركانها الرئيسية .
أما بالنسبة للمؤسسة البرلمانية، فأصحاب القرار في الأحزاب القوية، وهم الافراد القادة الكبار، غير موجودين داخل البرلمان. هم قادة أحزاب الإطار لكنهم أصحاب القرار. بالتالي أنت صاحب القرار، لكنك لا تخضع للمساءلة، وضمنيًا هذا استصغار للبرلمان. وهؤلاء عندما كانوا أعضاء في البرلمان، كانت نسبة غياباتهم تزيد على ٩٠ في المائة . إذن هناك خلل بنيوي في البرلمان كمؤسسة، وهذا يؤثر على أدائه .
وفي ما يخص إصلاح الدولة، قاموا باجراء تقييم للمدراء العامين والوكلاء، وخرجت قوائم بالتغيير، وهذا أمر جيد. لكن هؤلاء عندما يتم استبدالهم، هل سيتم ذلك وفق نفس المعايير المعتمدة؟ حسب المعطيات المعروفة يأتي البديل من نفس الحزب. وهذه القضية نقول إنها أزمة بنيوية، لأن رئيس مجلس الوزراء، سواء الحالي او الذي قبله او من سيأتي بعده، لن يستطيعوا إجراء تغيير، لأنهم محكومون بمنهج الحكم .
أما في الجوانب الخدمية وفك الازدحامات مثلا، فنعتقد أن الازدحامات ازدادت في الوقت الحالي، وان عملية المعالجة متفاوتة، بعضها يتم بشكل جيد وبعضها متلكئ. وبالنسبة للخدمات، لاحظت مثلا أنه خلال سنة تعاقبت ثلاث شركات على مشروع في المنطقة التي أسكن فيها. كان من المفترض أن ينتهي في ثلاثة أشهر والآن مضت عليه سنة وثلاثة أشهر. وفي منطقتنا هذه يسكن وزراء ومدراء عامون وتوجد سفارات، فكيف يكون الحال في المناطق الأخرى؟
المحور الرابع: تطور الحزب الشيوعي العراقي ووجوده
علاء الحطاب: أين الحزب الشيوعي العراقي، جماهيرياً وسياسياً، بمقياس العدد اليوم؟ هل الحزب الشيوعي يتقدم أم يتراجع؟
رائد فهمي: بالمقارنة مع عام 2003، نحن في زيادة كبيرة جدًا. بشكل عام يتذبذب العدد لكنه ليس كبيرا جدًا. هناك درجة من الاستقرار والقابلية للزيادة. أما بالنسبة للتأثير، فكما قال الرفيق الراحل عزيز محمد، كنا قبل عام 1958 بضعة مئات ولكن تأثيرنا كان هائلاً جدًا. هناك فرق بين العدد والتأثير، أعتقد أن تأثيرنا متزايد. كنا نتفرد برفع بعض الشعارات، وها قد أصبحت اليوم شعارات عامة.
في الماضي، كنا نحن وبعض الأحزاب المدنية ندافع عن موقفنا ضد المحاصصة، ولكن اليوم ليس هناك من يجرؤ على الدفاع عن المحاصصة. نحن كنا أول من رفع شعار الدولة المدنية الديمقراطية، واليوم أصبح هذا شعارًا واسعًا. نحن كحزب لدينا تأثير متزايد فكريًا، ونرى ان الكثير من تحليلاتنا تجد طريقها حتى الى الخطاب الرسمي.
هل هذا منعكس عدديًا وجماهيريًا؟ أنا أقول لا، والسبب لا يعزى للعامل الموضوعي فقط. من الممكن أن تكون هناك مجالات مفتوحة لنا لم نقم بتفعيلها، وهذا تحدٍ أمام الحزب. ولكنه تحدٍ إيجابي. لقد تحولنا من عملية الدفاع والحفاظ على النفس إلى مرحلة التقدم واشغال ساحات مفتوحة. وهذا أيضًا بحاجة إلى تهيئة إضافية واستعداد جيد، وذلك ما نعمل عليه. أقول إن التحديات أمامنا تتسع.
الآن نحن فكريًا وسياسيًا في تقدم، وإلا كيف تحقق التحالف؟ على سبيل المثال، في عام 2019 كان البعض يتبنى موقفًا متشنجا من الحزب الشيوعي، ولكن اليوم هذا الأمر زال تماما. زالت كل التحفظات بفضل المواقف. وليس عبثًا ان جزءا من المتحفظين انضم إلينا في التحالف، ولدينا علاقات جيدة مع الجزء الآخر، وجزء ثالث نحن في حوارات معهم.
الآن ليست هناك منطقة لا يستطيع الحزب الشيوعي العمل فيها. رفاقنا اليوم يخرجون في جولات في الشوارع والأسواق في محافظات مختلفة.
علاء الحطاب: ما هو تأثير غيابكم عن السلطة والبرلمان وعن صناعة القرار السياسي الداخلي؟ ما هو تأثيره جماهيريا على الحزب الشيوعي؟
رائد فهمي: ربما هناك تأثير في بعض الأوساط. ولكن جذبت مواقفنا بعض الناس، لأنها كانت مواقف مبدأية فرّطت بالامتيازات لصالح المبدأ.
وهذا أيضًا جذب لنا جهات كانت في السابق مبتعدة، والان حراكنا السياسي سلس ونحظى بتجاوب أفضل من السابق.
علاء الحطاب: هل الحركات الشيوعية في العالم قادرة على المحافظة على وجودها في برلمانات العالم بشكل عام؟
رائد فهمي: عموما تناقص هذا الوجود في بعضها، ولكن عددا منها استمر في أوروبا، حيث الأحزاب في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وبلدان أخرى لديها حضور في البرلمان، والحال في أمريكا اللاتينية أفضل.
أما في البلدان العربية، فتعرضوا لضغط مركب، حيث تمت مطاردتهم من قبل الأنظمة في معظم البلدان، وكان لانهيار الاتحاد السوفييتي تأثير كبير. ورغم ذلك فإن الأحزاب الشيوعية ما زالت موجودة في جميع البلدان العربية ولها نشاط كبير. وفي الوقت الحالي، يشهد العالم تحولًا بعد أن أعلن «فوكوياما» عن نهاية التاريخ، ثم تراجع عن هذا القول. اليوم، تشهد أمريكا، التي تعد مقرًا وعرينًا للرأسمالية الدولية، انتعاشًا للحركات اليسارية، وفي الجامعات هناك حديث واسع عن الاشتراكية، وهذا شيء لم يكن موجودًا حتى في السبعينيات.
علاء الحطاب: في ظل أزمة الأيديولوجيات، هل تعتقد أن الحزب الشيوعي العراقي قادر على الاستمرار، خصوصاً وأنه أقدم حزب في العراق؟
رائد فهمي: خلال أشهر سنحتفل بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، وستكون هناك فعاليات كثيرة وواسعة بالمناسبة. ثانياً، الحزب لم يقف ساكناً على ما هو عليه، فقد تابع وراقب وواكب المتغيرات على المستوى الفكري والأيديولوجي، وطرح منذ مؤتمره الخامس (1993) موضوعة «الديمقراطية والتجديد»، وطور الديمقراطية الداخلية إلى مستوى عالٍ. ولا يوجد اليوم حزب عراقي يضاهي الحزب الشيوعي العراقي في ديمقراطيته الداخلية. وقد شمل التجديد فيه الفكر والسياسة والممارسة والخطاب والأفراد أيضاً من خلال الإدارة الداخلية، فيما حضور الشباب في اللجنة المركزية أو في المكتب السياسي اكثر من السابق .
ثمة أيضاً من يعتبر أن هناك انهيارا للأيديولوجيا، لكن الايديولوجيا باقية. وحتى العدوان حاليا على غزة والمجازر المرتكبة في سياقه، أليست قضية أيديولوجية؟ هناك من يعتبر حماس إرهابية، أليس هذا خطاباً أيديولوجياً؟
الايديولوجية ربما غابت عن الواجهة، لكنها لا تزال موجودة، نحن من جهتنا نولي اهتماما كبيرا لحركة الواقع العراقي، خاصةً تحولاته الاجتماعية وبنيته الاجتماعية.
هناك فئات مهمشة لم تشارك في العملية الإنتاجية ولا في الحياة السياسية، وتشكل الآن حوالي 40 في المائة من المجتمع العراقي، ولها خصائص وخصوصيات معينة. المجتمع الاستهلاكي والمجتمع الريعي يتطلب منا أن نجد حلولًا لها، وهذا تحدٍ ليس لنا فقط، وإنما يشكل تحديًا ثقافيًا عامًا.
ونود أن نقول أن كل ذلك لا يجعلنا نشك، ولو للحظة واحدة، في جدوى وجود حزب شيوعي متطور ومواكب للحياة. فهذا هو نهجنا، والتجديد ليست له مناسبات محددة أو اوقات محددة، بل هو جزء من حياتنا السياسية ونشاطنا اليومي، ويجب أن يشمل جميع مجالات الحياة مثلما يتطلب يقظة فكرية وسياسية، وهذا ما نسعى إليه.
ارتكبت الحكومة اليمينية الفاشية في إسرائيل وعصاباتها الصهيونية المجرمة مساء الثلاثاء الماضي، عدوانا غاشما بقصفها المستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة، مرتكبة جريمة حرب مروعة، ذهب ضحيتها المئات من الفلسطينيين بين شهيد ومصاب.
وقال الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في تصريح للمركز الإعلامي للحزب “في هذه اللحظات العصيبة والمؤلمة والمحزنة نتقدم بخالص التعازي والمواساة الى الشعب الفلسطيني وعوائل الشهداء البررة، متمنين الشفاء العاجل للمصابين والجرحى”.
وأشار الى “ان ما حصل أمر مشين وجريمة إبادة، وفعل فاشٍ بامتياز وخرق فاضح لكل الأعراف والقوانين الدولية”.
وشدد على ان “من يساند هذا العدوان هو مشارك فيه مهما كانت الاعذار والتبريرات التي مزقتها أشلاء الأطفال والنساء، ضحايا هذه الوحشية غير المسبوقة”.
واكد الرفيق فهمي انه “يتوجب على شعوب البلدان العربية اخذ زمام المبادرة والضغط لطرد سفراء الاحتلال الصهيوني من عدد من العواصم العربية، ووقف عمليات التطبيع المشينة”، وان تضغط “على حكوماتها للتحرك على مختلف المستويات لوقف حرب الانتقام والمجازر وحرب الإبادة الصهيونية، ولحشد التضامن والدعم والاسناد للشعب الفلسطيني وسكان قطاع غزة، ورفع الحصار الجائر عنه”.
وبين سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي “ان التطورات تؤكد من جديد ان لا امان ولا استقرار في المنطقة من دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني وفي المقدمة حقه في الحياة، وإقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس”.
انتقد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، استمرار تقديم التبريرات غير المقنعة من قبل الحكومة والبرلمان، في القضية المرفوعة أمام المحكمة الاتحادية العليا والتي تتعلق بإنجاز الحسابات الختامية، داعيا المحكمة الى الزام الحكومة باحترام المواعيد الدستورية.
وقال الرفيق رائد فهمي في تصريح للمركز الاعلامي للحزب، انه “سبق وان قدمنا دعوى أمام المحكمة الاتحادية، تتعلق بعدم انجاز الحسابات الختامية وعدم تقديمها مع مشروع قانون الموازنة كما يقضي الدستور. لكن الدعوى تم رفضها بصيغتها الاولى وفقا لتبرير مفاده بأنني سكرتير للحزب الشيوعي ولست بصاحب مصلحة في هذه القضية”.
واضاف ان “المحكمة طلبت مني تقديم الدعوى بصفتي الشخصية، وعلى هذا الاساس تم تحديد موعد جديد للنظر بالقضية، وكانت الدعوى ضد رئيسي مجلس الوزراء ومجلس النواب إضافة الى صفتهما الوظيفية، فضلا عن قيام رئيس المحكمة باشراك وزارة المالية طرفا في القضية”.
واوضح الرفيق فهمي ان “هذه الدعوى لها آثار ايجابية، كون الضغط على المعنيين في ملف الحسابات الختامية يخص مصلحة العراقيين جميعا، وهذا ما جعلنا نصر على المضي بالدعوى”.
ولفت فهمي الى ان “ممثلين عن رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزارة المالية، حضروا الى المحكمة، أمس الأول، لغرض تقديم دفوعاتهم بناءً على طلب المحكمة”، مبينا ان “ممثل مجلس الوزراء اوضح انهم ماضون في انجاز هذه القضية بشكل جاد”.
واوضح ان “الاجوبة والمبررات التي قدمها ممثل وزارة المالية، على اسئلة رئيس المحكمة بخصوص ضرورة ارسال الحسابات مع نسخ الموازنات، تركزت على حجم العمل والظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد، فضلا عن ان السلف وتدقيقها امر يتطلب الكثير من الوقت”، مبينا انه “جرت الاشارة الى تقديم حسابات سنوات 2015 و16 و17 و18، لكنها ما زالت لدى ديوان الرقابة المالية وتنتظر ايضا ملاحظات مجلس النواب”.
وأكد فهمي، انه “عند النظر في موازنتنا الحالية لا نجد ارقاما منجزة رسمية للحسابات الختامية للسنوات الماضية”، لافتا الى ان “العراق ليس البلد الوحيد المطالب بتقديم الحسابات، بل جميع الانظمة الديمقراطية تقوم بذلك”.
وبين ان “التبرير الذي يساق بخصوص كثرة العمل، هو اقرار واضح بتقصير الدولة، واذا كان الكادر الحكومي غير كاف، فمن الضروري ان تتم معالجة الامر مع الاخذ بنظر الاعتبار الدرجات الوظيفية الكثيرة التي يعلن عنها، ويفترض الا يبقى معها اي عجز او تقصير بالعمل”، موضحا ان “التبريرات تدلل على سوء التنظيم والتلكؤ”.
وطالب الرفيق رائد فهمي على ضوء هذه المعطيات، ان “تقوم المحكمة بالزام الحكومة بشكل خاص بمعالجة هذه الثغرات، وان تعمل بشكل جدي في حال وجود نقص حقيقي في الكادر على سد الثغرة”، داعيا الى “احترام المواعيد الدستورية، وعدم تبرير عدم احترامها بمثل هذه المبررات”.
وقال فهمي انه “ما كان على رئيس مجلس النواب القبول بتمرير الموازنات من دون حسابات ختامية، وكان عليه حتى عند تمريرها، ان يطالب او يشير الى النقص والخلل والى ضرورة تقديمها في وقت محدد”، لافتا الى ان “ترحيل الحسابات جعل البرلمان لا يؤدي دوره بشكل حقيقي، ولا فائدة كبيرة من تقديم الحسابات بعد سنوات من موعدها”.
وقررت المحكمة الاتحادية النظر في الدعوى مجددا في 2023/11/1، داعية ممثل مجلس النواب للتأكد من وصول الحسابات الختامية الى مجلس النواب.
وبهذا الخصوص قال فهمي: “ننتظر موعد المحكمة وسنرى لاحقا كيف يتعامل رئيسها مع هذه الملاحظات او المبررات التي قدمت، علما انه وجه اسئلة مباشرة ودقيقة لممثلي الجهات الثلاث بخصوص هذا التلكؤ”.