تهافت المسؤولون والمؤسسات الرسمية والخاصة في اليومين الماضيين على البطلة البارالمبية نجلة عماد، متسابقين على الإشادة بها وبمنجزها وعلى تكريمها. وبادرت وزارة التربية إلى إدراج قصة نجاح البطلة الذهبية في المناهج الدراسية، فيما قررت وزارة التعليم قبولها في كلية التربية البدنية.
لا شك أن نجلة ورفاقها الأبطال قد رفعوا اسم العراق عاليًا خلال مشاركتهم في بارالمبياد باريس، وهم يستحقون كل الدعم والتكريم، خصوصا وان النجاح الذي احرزوه هو ثمرة لتعبهم وكدّهم هم، وسط اهمال وتجاهل تامين من الوزارات والجهات الرسمية والمسؤولين "الاشاوس" المذكورين.
لكم يثير الاستهجان هذا التكالب من جانب المسؤولين على كل إنجاز يحققه عراقي بجهده الشخصي المجرد، متطفلين وجاهدين للاستحواذ عليه. فهم بفشلهم التام في كل ما يفعلون، وعجزهم عن تحقيق أي منجز حقيقي يخدم البلد والمجتمع، يلجأون الى الركض وراء كل من يحرز نجاحا، مصفقين له ومهللين كذبا، وبأمل اقتطاع شيء من كعكة نجاحه لا غير!
وهم أيضا لا يبتعدون بذلك كثيرا عن موروث "القائد الضرورة" و"مكرماته"، رغم كل ادعاءاتهم العمل على بناء دولة مؤسسات تحترم الانسان وحقوقه.
نشرت الزميلة "الصباح" تحذيرًا من لجنة النقل والاتصالات البرلمانية، بشأن استمرار الحظر البحري على العراق ودوره الممكن في تصنيف ميناء الفاو الكبير كـ "غير آمن" من قبل المنظمة البحرية الدولية، التي يُنتظر ان يزور وفد منها العراق الشهر المقبل، لتقييم امتثال هيئتنا البحرية العليا لمتطلباتها.
اللجنة أفادت – بين أمور أخرى - أن العديد من الاتفاقيات البحرية المبرمة مع المنظمات العالمية لم تُعتمد بعد، وأن القطاعات البحرية التي يجب أن تكون تحت إشراف الهيئة البحرية العليا عندنا، تُدار جزئيًا من قبل الشركة العامة للموانئ.
اللجنة أشارت أيضا إلى زيارة وفد المنظمة الى العراق عام 2013، والذي ثبّت عدة ملاحظات سلبية، لم يُعالج معظمها للآن. ولا أحد يدري لماذا؟
علما ان التصديق على الاتفاقات البحرية لا يتطلب سوى دراستها ثم عرضها على البرلمان للإقرار. لكن غالبية النواب منصرفة كما يبدو عن هذه القضايا.
يبقى ان توضح الحكومة إجراءاتها بهذا الشأن، خاصة وهي تتحدث منذ عامين عن مشروع طريق التنمية، الذي يرتكز أساسًا على ميناء الفاو الكبير؟ أم أنها تنوي الاعتماد على ميناء آخر تابع لدولة أخرى؟!
كشف النائب هادي السلامي، عضو لجنة النزاهة، عن وجود عصابات مسلحة في بادية النجف وكربلاء، تقوم بالسيطرة على الأراضي الحكومية وعرضها للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحا أن عملية الاستيلاء على هذه الأراضي والحفر فيها تمت علنًا، أمام أنظار الأجهزة الأمنية ووزارة الزراعة.
وأضاف النائب أن أنشطة هذه العصابات أسفرت عن حوادث دامية، حيث قُتل أشخاص في منطقة الحيدرية، وفي منطقة شبجة، بعد مشاجرات عشائرية نشبت باستخدام الأسلحة الثقيلة بعد السيطرة على الأراضي.
ويأتي تصريح السلامي متماشيًا مع معلومات حصلت عليها "طريق الشعب"، وتفيد بقيام مجموعة مسلحة بقتل مواطن في منطقة الحسينية شمال شرقي بغداد، حاول حماية مدير البلدية من مجموعة مسلحة تهيأت للاستيلاء على أراضٍ تعود للدولة. ورغم مرور أكثر من اسبوعين على الحادثة، لم تتمكن الأجهزة الأمنية من اعتقال أفراد المجموعة.
هذا كله يؤشر فشلاً حكومياً ذريعاً في السيطرة على السلاح المنفلت، وفي ضبط المجاميع المسلحة وحماية أراضي الدولة والمواطنين.
ويحق لنا هنا التساؤل: أين ذهبت الوعود الحكومية بالحد من تأثير السلاح المنفلت ومالكيه، الذين يبدو أنهم باتوا الآن أقوى وأشد تمردا وتمترسا ضد الدولة ومؤسساتها!
قالت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان لا أموال في موازنة العام الحالي لتوسيع الشمول بالإعانات الاجتماعية، وأن الموضوع أُرجئ إلى العام المقبل، بانتظار تخصيصات مالية جديدة لتوسيع دائرة المشمولين.
وهناك اليوم حسب الوزارة أكثر من مليوني إعانة اجتماعية تُصرف للمشمولين بها، ويستفيد منها كما تقول اكثر من سبعة ملايين مواطن. وليس واضحا ماذا أعدت الحكومة في موازنتها الثلاثية الانفجارية، لتخفيف الفقر المنتشر والمتفشي في البلاد؟
ومعلوم ان تخصيص مبالغ إضافية في موازنة العام المقبل لتوسيع شمول المواطنين بشبكة الحماية الاجتماعية، أمر يثير الشكوك في النوايا الحقيقية الكامنة وراء صرف هذه التخصيصات، وما اذا كانت لها علاقة بموعد الانتخابات؟ ففي العام الماضي، شهدنا توسيعا للشمول مع حلول موسم انتخابات مجالس المحافظات، والآن يتم الحديث عن توسعة جديدة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.
ويفهم من هذا أن الهدف ليس تحسين أوضاع الفقراء والمحتاجين، بل هو شراء أصوات المواطنين بأسلوب اصبح مفضوحا تماما.
فمتى تتوقف المتاجرة بقوت الناس، وتتم معالجات حقيقية للفقر في بلد النفط والخيرات ؟!
اتخذ مجلس الوزراء في آذار الماضي قرارا مفاجئا برفع سعر ليتر البنزين المحسن الى 850 دينارا، وبيّنت شركة توزيع المنتجات النفطية حينها انه ستجري إعادة النظر في القرار بعد 3 اشهر من تنفيذه في الأول من أيار 2024.
وجرى تبرير القرار آنئذ بالقول أنه سوف يخفض مبالغ استيراد البنزين المحسن، ويزيد موارد الموازنة، وان هذا البنزين يستخدمه الأغنياء فقط، كونهم يمتلكون سيارات فارهة. لكن القرار قوبل وقتها برفض شعبي واسع.
وبعد انتهاء المدة المحددة ومرور شهر اضافي، صرح رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة بغداد قائلا ان "أغلب الأسر محدودة الدخل غير قادرة على تجهيز مركباتها به، وتلجأ لاستخدام الوقود العادي الذي يؤدي إلى أعطال في المركبات". لكن المراجعة الموعودة للقرار لم تتم، وتبيّن ان الجهات المعنية لا تنفذ ما تقرر.
لم يكن لذريعة استخدام الأغنياء فقط للبنزين المحسن اساس واقعي. وبحسب مراقبين زاد الاجراء من صعوبات حياة الناس، ومعاناتهم المعيشية.
ويبقى مستهجنا ان تسعى الحكومة الى زيادة موارد الدولة عبر اجراءات تنفذ على حساب المواطنين، بينما يُترك الفاسدون وداعموهم ينهبون خيرات البلاد!