258 يوماً مضت على قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب السابق. ومنذ ذلك الحين والمجلس يفشل في اختيار خليفة له رغم الحديث المستمر عن اقتراب المتنفذين فيه من بلوغ اتفاق سياسي ينهي الأزمة العالقة.
هذا المجلس الذي لا يختلف اثنان على أن تركيبته تعجز عن إنتاج حلول، لأنه اقرب الى تجمع للقوى الخاسرة في الانتخابات وقد قادت الصدفة جُلَ أعضائه إلى كراسيه في عملية اقتراع شهدت عزوفاً عن المشاركة، واستقالات للفائزين منه بالجملة، وانسحابات من المرشحين.
ورغم كل ما تقدم، انفرد مجلس النواب في دورته التشريعية الخامسة هذه بتشريع قوانين مثيرة للجدل، تسعي إلى سلب العراقيين مكتسباتهم التي جاءت ثمارا لعقود من النضال في وجه الرجعية والاستعمار والدكتاتورية.
لقد قزمت الكتل المتنفذة دور أعلى سلطة تشريعية في البلد، واستغلته استغلالاً بشعاً لتنفيذ أجنداتها الحزبية الضيقة، بدلاً من العمل على إقرار قوانين يمكن أن تسهم في بناء حياة أفضل للعراقيين.
ويبقى قائما السؤال الملح عن مدى شرعية هذا البرلمان التمثيلية، ومدى انسجام القوانين والقرارات الصادرة عنه مع الإرادة الجمعية للعراقيين؟
تظهر نسب الرسوب المرتفعة في نتائج امتحانات السادس الإعدادي شدة الحاجة الى مراجعة جذرية في منظومة التربية والتعليم، توقف انحدارها الكبير.
وتؤكد مصادر عديدة، في الداخل والخارج، أهمية هذه المراجعة وضرورتها الماسة.
ويعلم المتنفذون طبعا بمشكلة هذا القطاع الحيوي، ويدركون أن العلاج ممكن ومتاح، لكنهم لا يريدونه فيما غايتهم هي دفع المواطنين نحو التعليم الأهلي، وتخلي الدولة تدريجيا عن قطاع التعليم.
والمعالجة هنا تبدأ برفع أيدي المتحاصصين والفاسدين عن القطاع، وبإطلاق حملة كبرى لبناء المدارس، وفك الدوام الثنائي والثلاثي، وسد النقص في أعداد المدرسين، وتحديث المناهج بطرق علمية واعتمادا على أساليب تدريس متقدمة بعيدة عن التلقين.
كما أن على الدولة إطلاق استراتيجية حقيقية مدروسة جيدا، قائمة على الحاجات الفعلية الى المختصين من خريجي الجامعات، وعلى تحديد الاولويات.
وفي النهاية لن يجد الخريجون فرص العمل الكافية والمناسبة الا من خلال السير على طريق التنمية الحقيقي. فالترقيعات لن تزيد الأمور الا سوءا.
ويبقى القول ان ما يصح بالنسبة لقطاع التعليم، ينطبق في خطوطه الاساسية على قطاع الصحة كذلك.
انقضت 8 أشهر على إعلان نتائج الانتخابات في المحافظتين، وما زالت الكتل السياسية الحاصلة على مقاعد في مجلسيهما عاجزة عن تشكيل الحكومتين المحليتين، في تجلٍّ واضح لفشل نهج المحاصصة في إيجاد حل للأزمات، حتى بين المتحاصصين أنفسهم.
وبجانب تأكيد عضو في مجلس النواب على وصول سعر منصب المحافظ في ديالى إلى 100 مليون دولار، تبقى الصراعات تعصف بالقوى السياسية المتنفذة في كركوك، ما حال دون التوصل إلى صيغة مناسبة لتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة، رغم تدخل رئيس الحكومة بنفسه!
وجليّة هي الآثار السلبية لعدم تشكيل الحكومات المحلية، وانعكاساته على المواطنين، وارتداداته الأمنية والاجتماعية، وبضمنها الخروقات الأمنية خلال الفترة الماضية.
وهذا يؤشر فشل المتحاصصين أنفسهم في حل أزماتهم السياسية، حيث بات خرق الدستور والقانون عندهم أمراً اعتيادياً، ما دام الأمر يتعلق بحفظ مكتسباتهم.
هذا علما أن تشكيل الحكومات المحلية هو استحقاق قانوني، وفي المحافظتين يكتسب أهمية استثنائية.
أن تعنت الكتل المتنفذة يبيّن بشكل قاطع أن المناصب هنا تُجَيَّر وتُستغل لاكتناز الثروات وتنميتها، لصالح المتنفذين وأحزابهم ومجاميع السلاح .. وليذهب المواطن وأمنه واستقراره الى الجحيم!
غدا الجمعة تفتتح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، بمشاركة عالمية واسعة للرياضيين من كلا الجنسين، في مختلف الألعاب والرياضات. وستقتصر مشاركة العراق على الرياضيين الذكور في ألعاب كرة القدم ورفع الأثقال وألعاب القوى والجودو والسباحة، فيما تغيب الرياضة النسوية تماما وبشكلٍ مؤلم.
ويُثير هذا الغياب للرياضيات العراقيات عن الاولمبياد تساؤلات عديدة، خاصةً في ظلّ حملة التضييق الشديد التي تشنها القوى المتنفذة في مفاصل حياتنا كافة.
فلو ان النساء تمتعن بالرعاية الكافية، لكان بمستطاعهن ربما تحقيق إنجازات رياضية، وحتى نيل ميداليات كالتي أحرزها الرباع الراحل عبد الواحد عزيز، صاحب الميدالية الأولمبية الوحيدة للعراق.
ولا يكمن سبب عدم تأهّل الرياضيات العراقيات في ضعف مهاراتهن أو قلة اهتمامهن، بل يرتبط أساسا بتوجهات الماسكين بالسلطة، ومحاولاتهم فرض نوع من الوصاية على النساء، فضلاً عن غياب الدعم للرياضة النسوية وعدم توفر البيئة المناسبة لممارستهن الرياضة، بضمنها القاعات الضرورية.
ان بوسع المرأة العراقية تحقيق الكثير لو وُفرت لها الظروف الملائمة، وكفّ التمييز ضدها. ولنا في المغربية نوال المتوكل مثلا او السورية غادة شعاع، صاحبتي الذهبيتين لبلديهما، خير مثال.
ينفرد البرلمان الحالي بميزة غريبة، مقارنة ببرلمانات الدورات السابقة، تتجلى في سعيه لتشريع أو تعديل بعض القوانين دون مناقشتها بالمدى الواسع الضروري، والاكتفاء بسماع نائب واحد يقترح تشريعًا او تعديلا لتشريع
ولعل أحدث مسعى للمجلس من هذا النوع هو محاولته تعديل قانون ،الأحوال الشخصية، دون الإعلان عن تفاصيل التعديل وماهيته وأسبابه والحاجة الاجتماعية لإجراء مثل هذا التعديل!.
والحال إن تعديلا لقانون مهم مثل قانون الأحوال الشخصية، لا بد ان يسبقه إعلان واضح للبنود والفقرات المراد تعديلها، وان يرافقه اطلاق نقاش حول التعديل المقترح، لا أن يتم تقديمه خلسة في الغرف المظلمة.
واذا صح ما يقال عن ان المراد من التعديل هو اضافة إشارات للطوائف والقوميات، فمن الواضح ان قوى متنفذة معينة تريد دق إسفين فُرقة عبر إبراز الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
ومن المعروف ان تعديل القوانين او تشريع بدائل لها يتم عند الحاجة واذا وجدت نصوص أفضل ترتقي بها. لكن التجربة تبين للأسف أن هذا يجري في البرلمان الحالي من منطلقات ضيقة، ودون النظر ابعد من أرنبة الأنف.