تابعنا في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمرضى ومراجعين، يستخدمون مراوح شحن داخل طوارئ مستشفى الصدر بمدينة النجف، بسبب تعطل سبالت التبريد في المستشفى.
وفي مشهد لا يقل اثارة للغضب، رصدنا احتجاج عشرات من أهالي المناذرة أمام مستشفى مدينتهم وهم بطالبون بإعادة افتتاح صالة العمليات المغلقة منذ عام ويزيد، دون تأمين بديل!
وفي مدينة الطب ببغداد عجزت صالة العلاج البيولوجي لمرضى المناعة عن استيعاب أعدادهم المتزايدة، ما اضطر بعض المرضى الى تلقي العلاج جالسين على كراسي عادية!
هذه المناظر المؤلمة رُصدت خلال يومين فقط من عمر "حكومة الخدمات"، التي رفعت شعار الرعاية والتطوير وأطلقت سيلا من الوعود إبان زيارة رئيس الوزراء مستشفى بغداديا مع بداية ولايته، ابدى خلالها امتعاضه من ضعف الخدمات ووعد بالإصلاح!
فماذا تغير؟ المستشفيات الحكومية تتراجع، وعلل الفقراء تتزايد، فيما تنتشر المستشفيات الخاصة! وهذه مفتوحة.. نعم، لكن لمن يملك المال فقط! أما آلاف المرضى العاجزين عن تسديد أجورها العالية، فمصيرهم الانتظار في أجواء الحر اللاهب، أو العلاج جالسين على كراسي، أو الموت بصمت!
وعجيب أمر المسؤولين الذين يبصرون كل هذا الانهيار، ويواصلون الحديث عن "الخدمات"!
منذ عامين ونصف العام ووزارة التعليم العالي تواصل توجهها نحو التضييق على الحريات في الجامعات الحكومية والأهلية. وفي الوقت ذاته تفسح في المجال وتوسعه امام تمددات سياسية ودينية محددة، إضافة الى إدخالها مناهج دراسية تدعم هذا التوجه.
وفي هذا السياق وجهت الوزارة في ١٤ أيار الجاري إعماما الى الجامعات المختلفة، قالت فيه: "يرجى بذل اقصى الجهود في حث المدرسين والموظفين والطلبة، على تحديث بطاقاتهم الانتخابية "
ولو اقتصر الامر على هذا لكان من الممكن النظر الى الإعمام والتعامل معه بحسن نية، ضمن الجهد الوطني العام للتشجيع على المشاركة الواسعة في الانتخابات. لكن الإعمام ألزم "عمداء الكليات كافة في متابعة عمليات التحديث داخل الجامعات، وارسال نسب التحديث بشكل يومي الى الوزارة".
نعم هناك ضرورة للتحديث والحصول على بطاقة الناخب الباروميترية، لكن ما يثير الاستغراب هو انفراد وزارة التعليم العالي باطلاق هذا التعميم، مثلما يثير التساؤلات مدى أحقية الوزارة في إلزام منتسبيها بذلك، فيما الانتخاب أساسا حق لمن يريد ان يمارسه، وليس "خدمة الزامية ".
في فترة النضال والجهاد ضد النظام الدكتاتوري المباد، كانت اصوات المعارضين تستنكر جريمة تجفيف الأهوار المروعة عقب انتفاضة آذار 1991. وآنذاك لم يخطر في بال أحد، أن يأتي يوم يُسجَّل فيه لعراقي دور في تجفيف الأهوار بعد تخلّص البلد من نظامٍ خرّب الأرض والإنسان معًا.
لكن ما يحدث اليوم في هور الحويزة الميساني، يعيد المشهد السابق ذاته. فالأهالي هناك يكررون اعتراضهم الشديد على التجفيف المتعمّد للهور، الذي يُنفَّذ لأجل مصالح شركات أجنبية، باشرت فيه استكشاف رقع نفطية جديدة.
وكأن العراق استثمر واستنزف جميع أراضيه، ولم يبقَّ سوى هذا الموقع البيئي الفريد، الذي مُنح ضمن جولة التراخيص الخامسة، وادعت الحكومة حينها أنها فعلت ذلك وفق معايير بيئية تراعي خصوصية المنطقة، لكن الواقع يناقض ذلك الادعاء.
فنحن اليوم أمام تجفيف متعمّد جديد، يهدد حياة آلاف البشر وماشيتهم، ويقوّض النظام البيئي الحساس في الأهوار، وهي من رموز التنوع الحيوي في البلاد والمنطقة.
انه تواطؤ مع شركات لا ترى في الأرض سوى منجم للربح، حتى على حساب تهجير السكان، وإبادة الحياة البرية، وطمس معالم هوية حضارية تعود الى آلاف السنين.
لم تمضِ أيام على الإعلان عن وضع مديرية الدفاع المدني خطة شاملة لتأمين موسم حصاد الحنطة، والحد من اندلاع الحرائق في الحقول خلال الموسم، حتى جاءت الوقائع لتتقاطع مع الخطة، التي لم تُسفر كما يبدو عن نتيجة تُذكر. فقد تحدثت وكالات أنباء عن اندلاع حرائق في حقول الحنطة بقرى الناعمة، قرب مدينة تكريت، كذلك عن تضرر مساحات مزروعة بمحصول الحنطة في قضاء الشامية.
الوزارة سبق ان بيّنت أن "الحرائق الناتجة عن عوادم الحافلات والشاحنات المستخدمة في النقل تُعد من أبرز مسببات حرائق الحقول، ما يتطلب استجابة سريعة"، وأكدت أن "توفير عجلات الإطفاء بالقرب من مواقع الحصاد قد يُسهم في السيطرة على أي حادث طارئ، وإنقاذ الموقف في اللحظة الحاسمة".
لكن واقع الحال مختلف تمامًا. فحرائق الحنطة في مواسم الحصاد باتت مشهدًا متكررًا، تارةً يُعزى لفاعلٍ مجهول، وتارةً أخرى للإهمال. وفي كل مرة نُغرَق في أحاديث رسمية عن خطط مكافحة الحرائق، دون أن نلمس أي أثر لها. وبسبب الحرائق هذه تضيع اثمان واتعاب عام كامل بطوله.
يرى حميد حسيني، عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية العراقية، ان التهريب من إيران إلى العراق "ليس بالمهمة الصعبة في بعض النقاط الحدودية دون رقابة كمركية"، ويضيف "أن إخفاء البضائع داخل الشحنات الرسمية بات أمرًا شائعًا جدًا، فلا تُسجل هذه البضائع لدى الكمارك".
هذا التصريح يكشف واقع المنافذ الحدودية، واضعا علامات استفهام كبرى بشأن دور الدولة وهيبتها، ويظهر أن التهريب يجري علناً بغطاء رسمي، وأن الفساد في المعابر صار قاعدة في العمل اليومي لشبكات متنفذين مع حماياتهم السياسية والعشائرية.
واللافت أن هذا الكشف جاء على لسان مسؤول اقتصادي إيراني، فيما الجهات العراقية تفتقد الجرأة على الاعتراف بحجم الانهيار الإداري والأمني عند بوابات البلاد. والأكثر اثارة للسخرية أن أموال التهريب التي تُسرق من جيب المواطن، تُودع أرباحا في خزائن المنتفعين، البعيدين عن يد القانون ولجان التحقيق.
حين يصبح التهريب “مألوفًا” والفساد “محميًا” ويأتي الاعتراف به من خارج الحدود، فلا عجب أن تغدو الدولة بوابة مفتوحة لمن هبّ ودبّ، شرط أن يمر عبر “سادة المنافذ” و”شيوخ الصفقات” الذين جعلوا العراق سوقًا بلا أبواب وحكومة بلا مفاتيح!